[د. ناصر شافعي]

الفرار إلى الله .. عمرة رمضانية رائعة
د. ناصر شافعي

أمضيت ليالي طويلة قبل أداء مناسك العمرة الرمضانية أتأمل وأفكر .. وأضيف عالماً روحانياً جميلاً لحياتي .. ماذا سأفعل ؟ .. ماذا سأقول و أنا في رحاب رب لعالمين ؟ هل تكفي التوبة ؟ .. هل تُقبل المغفرة ؟ .. هل يشملني الله برحمته ؟ .. كفى صراعات و مشقة ومشاغل و متاعب دنيوية شغلتنا عن ذكر الله وأبعدتنا عن طاعة الله و تسبيحه و شكره على نِعمه وفضله و عنايته ..

حان الوقت للفرار إلى الله .. لبيك الله اللهم لبيك .. لبيك لا شريك لك لبيك .. إن الحمد والنعمة لك و الشكر .. لا شريك لك .. دعاء و دعوة تتكرر و يتردد صداها في صحوي و منامي .. إنه الإشتياق لبيت الله الحرام و رؤية الكعبة والصلاة و الدعاء في المسجد الحرام .. و الصلاة في مسجد الرسول الكريم صلى الله عليه و سلم . لقد أنعم الله علىّ بأداء فريضة الحج عدة مرات .. وأداء مناسك العمرة مراراً و تكراراً .. ولكن النفس لا تمل و لا تشبع من زيارة الأرض المقدسة و الصلاة في المسجد الحرام و مسجد الرسول ، و الأمل الذي لا ينتهي في رحمة الله ومغفرته.

أمام الكعبة أسلمت وجهي إلى الله , وإنهمرت الدموع من عيني كالطوفان , كشلال جارف .. لم أتذكر الدنيا و مشاغلها .. وإنما تذكرت الآخرة .. وكيف يكون حالي ..وأين يكون مقامي .. وكيف يكون حسابي !! .. لم أهتم بالزحام الرهيب من حولي .. ولا العرق الغزير الذي يتصبب من جسمي .. ولا الأنفاس الخانقة من حولي .. كل إهتمامي كان بالطواف و الدعاء من القلب للنفس و الأهل و الأحبة و لكافة المسلمين . ثم كان السعي بين الصفا و المروة ومتعة أن أسير وأهرول على خطى السابقين الأولين المؤمنين . لا يشغلني سوى الصلاة و الدعاء المستمر و قراءة القرآن .. أداء الصلاوات المفروضة في الحرم المكي و النبوي و السنن و صلاة التراويح ( عشرون ركعة ) ، ثم الشفع و الوتر .. ويتخلل صلاة الوتر دعاء التراويح الرائع البديع .. عشرة أيام من أحلى أيام العمر .. مرت كلمح البصر .

ما أشد إحتياج الإنسان للإبتعاد عن قصة الحياة ومشاكل الدنيا التي لا تنتهي مهما صغرت أو كبرت .. لابد من يرمي الإنسان كل همومه خلف ظهره و يفر إلى الله .. طلباً للتوبة والرحمة و المغفرة.
تحياتي . د. ناصر شافعي