أمنيات في الانتظار
ككل عام أنتظرك .. ككل الأعوام أنتظرك .. وعند كل انتظار .. أعصر وجعا ً مضى .. وأرتدي ما خلفته السنين من ضمادات للجرح .. وأرسم على وجهي ما تبقى لي من علامات الفرح .
أقف في الباب منتظرة .. أنا وأيلول الليلة على ميعاد ..
أنا وأنت أيلولي الليلة على ميعاد .
في كل عام يأتيني أيلول .. يصافحني .. ويتمنى لي أحلى وأطيب المنى .. ويعتذر لي بدماثته المعهودة ورقته المتناهية عن كل هبة ريح عصفت بسمائي .. عن كل غيمة سوداء أرخت لها ظلا ً سرمديا ً في أفقي فخلفت وراءها جرحا ً نازفا ً أخذ مني عمرا ً طويلا ً حتى التئم .
أيلول .. هذه الليلة لي عندك رجاء ..
لا تفتح أبواب الماضي على مصراعيها .. لا تقرأ على مسمعي صفحات الحروب الغابرة .. لا تذكرني بتلك العناوين السوداء .. لا تضع على جبيني شارات الخوف والقلق ..
لا تقتل انتظاري لك .. أرجوك .. لا تقتل انتظاري .
أيلول .. في هذه الليلة .. هذه الليلة فقط .. دعنا نضيء بعضا ً من شموع الفرح .. بعضا ً من قناديل الأمل .. بعضا ً من فوانيس الرجاء ..
دعنا أيلول نستنطق حروف الحب .. دعنا نستدرج الفرح إلى أعشاشنا .. دعنا نستحلف الأحلام ألا تذهب على عجل .. دعنا نبقي هذا الصباح في غفوته ردها ً من الزمن ..
كم أتمنى لقاء هذا الليلة على ضوء القمر .. كم أتمناها ليلة منزوعة الكوابيس .. ليلة تستلقي جدائلها على وسادتي بلا هواجس ولا أرق ..
ليلة مباركة يطيب فيها الدعاء .. تكون ثوانيها طويلة بعمر تلك السنين .. تلك السنين التي تاهت منّا على شطآن المنافي .. وما اهتدت .. تلك السنين التي أبحرت مراكبها نحو بحار مجهولة .. لم تجد لها مرسى .. ولم تذق فيها إلا ملح الشتات وماء القهر .
هذه الليلة أيلولي هي ليلة القدر .. هي ليلة للتسبيح .. ليلة للدعاء .. الدعاء لله أن يحفظ لي قدسي من براثن التهويد ويحفظ لي فلسطيني من كل خطب .. وأن يحفظ لي أمي وأبي وأخوتي وخليل عمري وزهرات قلبي .. وأن يحفظ لي كل أحبتي .. وأن يعم السلام والأمن أفئدة البشر .
أيلولي أنا الليلة أنتظرك .. أنا وميلادي ننتظرك .. أنا وأمنياتي في الانتظار .