[هدى نورالدين الخطيب]

[ALIGN=CENTER][TABLE1="width:100%;"][CELL="filter:;"][ALIGN=justify]

أنا أخوكم المعتصم.. إنسان عربي بسيط أعمل بالفاعل ( عامل بناء) مع أني أكملت تعليمي و عندي إجازة جامعية طفح أبي المرّ حتى نلتها...يا جماعة انتو راضيين؟ بلغ السيل الزُبى.. والله شي بيجنن!! منذ سنوات ينتابني إحساس بأني رجلٌ غبي وبليد و بأن كل شيء من حولي يضاعف من بلادتي و إحساسي بأني لست إنسانا طبيعيا عاقلا!!
كلما دخلت على أبي العجوز المقعد يصبّ جام غضبه عليّ قائلاً: " أنتم لا تستحقون حتى الهواء الذي تتنفسونه : " تريحون ضمائركم العفنة و بلادتكم و هوانكم بانتقادات فارغة.. متى تتحركون؟!! ثوروا على بيع أوطانكم و المتاجرة بمصائركم و استعبادكم فالروح لا تخرج سوى مرة واحدة و بإذن بارئها يخيفونكم لأنهم يخافونكم"..
آه لو تعلمون كم أمقت الدخول إليه..
أعود من عملي و أجلس فوراً أمام شاشة التلفاز فاغراً فمي و لعابي يسيل على جانبيه، شيء لا أفهمه و.. شيء آخر.. أيضاً لا أفهمه!! ألم أقل لكم أني بليد و غبي؟
و مع هذا أحاول أن أفهم ما يقولونه لكن غبائي يقف لي بالمرصاد و أحياناً أخرى أحس بأنهم مثلي لا يفهمون ما يقولون و لا يفقهون ما يتفوهون به!!
بالله عليكم نوروني إن كنتم تفهمون، ماذا يعني "السلام خَيار أو خِيار العرب الاستراتيجي؟!!"
يقولون بأن لديهم اتفاقيات مع الصهاينة أولاد الكلب و أنه لا يجوز محاربتهم على أرض آبائنا التي سرقوها و التي كل ذرة تراب من ترابها و نثرة خشب من أشجارها تحللت من أجساد أجدادنا و أجداد أجدادنا لآلاف الأعوام و أن من يحاربهم يكون خائنا لمصالح العرب و إرهابيا و عميلا للمجوس و أن العرب يحاربون مقاومة الصهاينة (عفوا قصدت محاربة الإرهاب) و الاتفاقات مع الصهاينة من جانب واحد فهم لهم الحق كل يوم أن ينزلوا بنا تقتيلاً و تشريداً ( و بين الصهاينة اليهود و الصهاينة الأميركان و الصهاينة العرب يا قلبي لا تحزن)
يقال أيضاً إنّ العرب لا يناسبهم السكن بلندن في الطوابق المرتفعة و أن شمشون يقذف بهم من عل إن فعلوا..
يا الله لو أن الذي ببالي و خليفته يستجمان بالسكن في أحد طوابق لندن العالية..
والله أنا برأيي أن تستأجر جامعة الدول العربية لقممها العالية جناحاً فخماً في أحد طوابق لندن العالية!!
قيل إن طوني بلير بدو يمسك القضية الفلسطينية!! يا عين و يا ليل..
عباس يعزل حكومة حماس و يصرّ على محاكمتهم أما محاكمة أنطوان لحد فلسطين محمد دحلان أو عزله غير واردة و لا حساب إلاّ حساب رب العالمين و مع أني يا أخوان أصارحكم ..أحلم بمشاهدة دحلان يربط بساق حصان بلدي أجرب مجنون و يسحل في الشوارع، و عباس يرفض رفضاً باتاً لقاء أحد من حماس و الحوار معهم لكنه يرحب و يفرح بلقاء أولمرت رئيس عصابة الصهاينة لأن الصهاينة يخافون على العرب من المجوس ( حناين!) و بينهم و بين العرب اتفاقيات دفاع مشترك!! و يجلس معه بضيافة الحاكم بأمره في مقره الرسمي بالمنتجع السياحي الفخم و الذي سمعت أن الحاكم بأمره يقيم فيه بشكل دائم بعيداً عن العاصمة لأنه حنون و حسّاس جداً و حتى لا تصله أصوات الجياع و المشردين و العاطلين عن العمل و المرضى و أهالي شهداء الأدوية و الأغذية الفاسدة من شعبه، ولكن الحقيقة الجماعة كانوا مبسوطين و يضحكون من صميم قلوبهم على الرغم من أن الخنزير الإسرائيلي و الذي لا أدري من أي بلاد قرعة جدّه، يرسل أوامره من منتجعنا الفخم لقتل المزيد من الشعب الفلسطيني الأعزل و أطفالهم في غزة، لا مشكلة عند ولاة أمورنا ( شوية فقرا و معترين ) ما لهم ثمن فلا هم موردون لجدار الفصل العنصري و لا متاجرون بقوت الشعب، الملك يضحك و الحاكم بأمره يضحك و الرئيس يضحك حتى بدت نواجذه و أولمرت يبتسم منفوخاً كالديك بين دجاجاته، علام يضحكون يا ترى؟!! يا جماعة أكاد أن أجن.. أأنتم مثلي يا ترى؟!!
لقد بلغ السيل الزُبى،ما عاد يجوز فيها السكوت يا معتصم والدك معه حق يجب أن تنتفض و زوجتي الله ينتقم منها لا تستطيع أن تراني جالساً أخطط لتغيير هذه الأوضاع، تزعق: " قم و دبّر لك شغلا ثانيا الراتب لا يكفي " لا أردّ عليها.. أظلّ جالساً فاغراً فمي أحتضن ساقي و ألعب بأصابع قدمي......
يوم الجمعة عطلة.. أستحم و أتعطر مثل الناس الأوادم و أذهب إلى صلاة الجمعة..
بعد الصلاة يحدثنا الإمام عن إباحة تعدد الزوجات ( هو يا شيخ الواحد منّا قادر يطعم واحدة) و يبدأ بإعطائنا نصائح قيّمة، كيف ندخل البيت بالقدم اليمنى و الحمّام باليسرى و نسلّم على أنفسنا إلخ. و يختم بالدعاء للسلطان العظيم أدام الله عزّه ذخراً للعرب و المسلمين و الذي لولاه يا لطيف مما كان يمكن أن يحلّ بنا!! و يعلو الحماس/ اللهم أهلك اليهود الصهاينة و من والاهم ( ما هذا التناقض يا شيخ سلطاننا العظيم أدام الله عزّه موالٍ لهم) اللهمّ شتّت شملهم ( والله عيب يا شيخ هذا تواكل نهى الله عنه)، نحن الذين واجبنا أن نشتت شملهم و نتضرع إليه أن ينصرنا لا في أن يحارب عنّا و نحن ها هنا قاعدون أو بكرة القدم والسوبر ستار مشغولون!!
أسير في الشارع فاغراً فمي من قبح ما أرى من بطون عارية و عيون وقحة إلى أن أصادف بسطة لبيع الكتب، يشدني عنوان كتاب " السحر العظيم في التخفّي الكيميائي و التلبّس الشيطاني و استحضار ملوك الجان " ، الحلّ الوحيد للخروج من المحنة فالشعب العربي لن يتحرك و اعتراضنا مجرد كلام و إلا لماذا فرعن الفراعين و خرج العملاء من جحورهم و سكنوا القصور و نزلوا في فنادق خمس نجوم؟؟!!!
سأشتريه بثمن فنجان الشاي الذي كنت سأحتسيه في المقهى و أعود به إلى البيت.
أجلس أقرأ في الكتاب و ألعب بأصابع قدميّ و كلما جلست أقرأ في هذا الكتاب تتراءى لي أقواس النصر قاب قوسين أو أدنى و أشعر بالمزيد من السعادة و الأمل..
حقيقة يا إخواني إن مفعول هذا الكتاب مثل مفعول المخدرات لكنها تحتاج نقوداً لا أملكها بينما هذا الكتاب تخديره مجاني و ربما من أجل هذا لا تمنع حكوماتنا بيع هذه الكتب، و لم أعد أهتم بأهوال الأخبار، اطمئنوا يا إخوتي المعتصم قادمٌ لنجدتكم و تحرير بلادنا من الطاغوت بسحره العظيم
و عليّ الآن أن أنتقل من حيّز الأحلام إلى حقل التنفيذ، سأذهب إلى العطّار و أشتري المواد التي أحتاجها لتحرير بلادنا..
و الله ثمنهم مرتفع و لكن.. بالناقص.. ليس ضرورياً أن يأكل الأولاد هذا الشهر لحماً.. و زوجتي ترغي و تزبد : " يا امرأة كبّري عقلك اللحم مضر و يجعل الإنسان غضوباً ثائراً "
و تزعق : " إذا لتسحر للشعب العربي لحماً يأكلونه في كل وجباتهم حدّ التخمة عساهم يتحركون من ثباتهم و ينتقلون من التنفيس إلى حيّز التنفيذ و يغضبون بحق فيأكلون لحم الخونة و يطردون المستعمر"
أضحك.. حقاً إن النساء ناقصات عقل
أشعل الفحم و أبدأ في تحضير المواد وترديد أسماء ملوك الجان و قراءة السحر الذي يحضرهم..دقائق و تبدأ عملية تحريرك يا أمتي و أسمع من بعيد أصوات النساء يستنجدن بي: " وامعتصماه ".. و أجيب من صميم أعماق نفسي: " قادم.. قادم لنجدتكنّ يا أخواتي" لكن الصوت يعلو و يشتد.. أكاد أفقد التركيز في استحضار ملوك الجان..
شلشميش.. شنكليش .. برجيس .. يعلو أكثر..و يزعق الصوت هستيرياً فوق رأسي تماماً فتقع المواد و تتبعثر و تختلط فوق الأرض الإسمنتية: " معتـصـم يا معتصم تعال و أنقذ ابنك جرح يده بزجاج موادك و دمّه يكاد يصفّى "
الله ينتقم منك يا امرأة و يأخذك أخذ عزيز مقتدر فلقد أضعت مستقبل الأمّة!!
إخواني الكرام سامحوني و عودوا لثباتكم ترغون و تزبدون و تلعبون بأصابع أقدامكم أمام شاشات التلفاز
أعدكم بأني سأجمع ثمن المواد لاستحضار ملوك الجان و جنودهم لتحرير بلادنا و إلى ذلك الحين ابقوا كما أنتم و لا تتحركوا..
أخوكم معتصم العرب
من موديلات القرن الحادي و العشرين

[/ALIGN][/CELL][/TABLE1][/ALIGN]