مرآتي .. لا تكذب
مرآتي تحيا معي منذ ألف عام ..
تنام ليليا ًعلى وسادتي ..
تشرب معي قهوتي ..
وترافقني في تجوالي بين الحروف لأنتقي ما يعجبني منها وأكتب به اسمك .
لم يخطر ببالي يوما ً أن أتصفح مرآتي .. لم يخطر ببالي أن أصافح معالم وجهي هناك ..
على سطحها الناعم الأملس ..
معالم وجهي أعرفها منذ ألف عام .. لم تغب عني في يوم ٍ ..
ومرآتي التي أحبها أكثر من نفسي تفهم جيدا ً أن سندريلا لا ترى شعيرات المشيب ..
ولا تجاعيد العمر الزاحفة على وجنتيها ..
مرآتي تفهم أيضا ً أن سندريلا هي أميرة المساء ..
لكن .. بحلة جديدة ..
حلة مهيبة ..
حلة تليق بها قبل أن تنطوي في ثوب شهرزاد لتصبح هي الحكاية ..
من أين جئت .. أخرجت من كتب الحكايات ؟
لم أرَ في هذا الزمان فارسا ً .. هل أنت ابن هذا الزمان .. فارس هذا الزمان ؟
أتواطأت معك مرآتي كي تدفعني لمصافحة ملامح وجهي التي لم أعد أعرفها ؟
كم مضى قبل أن ألحظ هذا البريق المتوهج بجرأة في بؤبؤ عيني ..
كم مضى على هذه الوجنات قبل أن تتفتح كوردة ربيعية ..
تقطفها أناملك ..
تحتضنها رموشك ..
ترويها أنفاسك ؟
كم مضى على تلك الابتسامة الخبيثة ..
الإبتسامة الشيطانية ..
الغامضة ..
العذبة ..
وهي معتكفة في صومعتها ..
ولم تزرني ..
وآراها اليوم قد هلّت عليّ مع تباشير قدومك ..
وفرشت بساطها الوردي على شفتي ..
وقلبي..
وروحي بأسرها ؟
دون قصد مني تناهت لمسمعي أغنية مهجورة ..
كأيام عمري التي أحكمت عليها الإغلاق قبل دهر من الزمان..
فوجئت بك تراقصني على أنغامها ..
من أين أتتك الجرأة يا هذا ؟
من أنت حتى تراقص السندريلا .. وقبل منتصف الليل ؟
من أنت حتى تدخل كتب الحكايات وتسردك شهرزاد على المسامع ؟
من أنت ؟
لم يعد الزمان ينجب فرسانا ً .. وقلبي هذا لا يحمله بين يديه سوى فارس ؟
هل تراني لم أحكم إغلاق كتاب حكايات المساء جيدا ً ..
أم هي مرآتي من تواطأت معك .. فأخرجتك من ثنايا قلبي كي تراني سندريلا مجددا ً ؟
هل أصافح مرآتي سندريلا أم شهرزاد ؟
لا أعلم .. كل ما أعلمه أن مرآتي .. لا تكذب .. لا تكذب