عرض مشاركة واحدة
قديم 18 / 10 / 2009, 08 : 11 PM   رقم المشاركة : [2]
هزار الدويرى
كاتب نور أدبي
 





هزار الدويرى is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: لبنان

رد: أشياء لا تعرف الرحيل

اقتباس
 مشاهدة المشاركة المشاركة الأصلية كتبت بواسطة طلعت سقيرق
[align=center][table1="width:95%;background-image:url('http://www.nooreladab.com/vb/mwaextraedit2/backgrounds/18.gif');border:4px outset green;"][cell="filter:;"][align=justify]
كان الرصيف مضاء بما تبقى من قناديل صغيرة توزعت هنا وهناك.. شعر وهو يزرع خطواته ببطء أن الأشياء تنزرع في الرأس تماماً.. كان في المدة الأخيرة كثير الذهول والتفكير بما مضى.. طبيعة عمله كمحرر في صحيفة يومية فرضت عليه أن يقلب كل ما يمت إلى النظام الحياتي بصلة.. ينام خلال النهار.. يتقلب في فراشه.. يصحو أحياناً على صراخ الأولاد.. يغمض عينيه محاولاً استحضار النوم من جديد.. يلمح بعض الظلال.. تطن الأخبار في رأسه.. الصفحة الأولى.. البقية على الصفحة كذا.. يقرأ.. يعيد صياغة الخبر.. يخرج من باب المبنى مرهقاً.. يبحث عن سائق.. عن سيارة.. لا فائدة.. في كثير من الأحيان يسحب خطاه ويمضي.. الوجوه القليلة في الطرقات تبدو مرهقة.. العيون ذابلة ناعسة.. يعرف أن الزوجة تغط في نوم عميق.. الأطفال يطوون الكتب ويندسون في الفراش.. كل واحد منهم يعيش في دوامته الصغيرة.. أسئلة.. دروس.. مذاكرات.. وظائف.. وتكرّ الأيام بسرعة غريبة.. كأنما السنوات ما عادت مثل سابقاتها.. وقع الزمن تغير.. طعم الأيام لم يعد كما كان..
أحياناً، وقليلاً ما يحدث ذلك، يلتف الأولاد حوله، يسألون ويسألون.. يحدثهم عن طعم البرتقال اليافاوي.. عن والده الذي حكى كثيراً عن بيت مزروع في البال.. ثم يروي لهم كيف مات الوالد وفي عينيه وميض غريب من الشوق والحنين إلى وطن لا يمكن أن يسقط من تلافيف الذاكرة.. الأولاد يراقبون والدهم وتدمع عيونهم.. يلمحون ظلال دموع في عينيه.. يرفع كفه ويعصر وجهه.. يتنهد.. يترحم على الوالد.. تتجمع في رقبته تشنجات تكاد أن تعتصر الكلمات.. يدّعي أحياناً أنه متعب.. يحدثهم عن الكتابة.. عن عمله الصحفي.. عن دوامة الأيام.. ويهرب إلى الفراش.. وهناك تنفلت كل صنابير الشوق والحنين.. يبكي بحرقة وألم.. وحدها الزوجة تعرف، فتمد كفها وتحاول قدر المستطاع أن تمسح عن الوجنتين شيئاً من نار لا تعرف الخمود.
حاول بعض الأصدقاء أن يخرجوه من دائرة صمته.. كان يمسك القلم بتشنج.. أصابعه تضغط على أطراف القلم فتكاد الورقة أن تذوب.. يصيح بانفعال “لا يمكن أن يحدث كل هذا.. البرتقال اليافاوي أطيب برتقال”.. يجتمع الأصدقاء.. يتساءلون.. نظراتهم تقول أشياء كثيرة.. يقول: “كان الوالد عاشقاً لكل زاوية في البيت هناك”.. يتذكر كيف أغمض عينيه بألم ورحل.. كثيراً ما تمنى أن يعود إلى بيته.. انتظر سنوات وسنوات.. الأخبار لا تريد أن تتوقف.. البرتقال اليافاوي يسقط ذبيحاً في الشوارع.. البيت الذي حدثه الوالد عنه يغطيه الضباب.. يركض القلم في الشوارع والبيارات والشبابيك.. تضغط أصابعه أكثر على القلم.. الورقة تذوب.. البرتقال اليافاوي يبكي.. الأشياء الحبيبة الدافئة تتجول في الذاكرة.. يصرخ.. وينطوي فوق الكرسي منخلع الضلوع..
لا يدري كم من الوقت مرّ.. الزوجة تجلس على طرف السرير.. الأولاد يرسمون على الشفاه ظلال ابتسامات.. الأصدقاء يهزون رؤوسهم ويحكون عن أشياء كثيرة.. الطبيب يعد النبض.. تغيم الصور من جديد.. يغمض عينيه.. يعود الوالد من البعيد.. يحكي عن برتقال يافاوي.. عن بيت وشارع وشباك.. عن أشياء لا تعرف الرحيل.. يضمه الوالد، فتنفلت كل صنابير الشوق ويذهب في بكاء طويل.. طويل..

[/align]
[/cell][/table1][/align]

المقدمه اكثر تعبير عما ساكتبه نتمنى ونسعى لكى نمسح عن عيون الا هل ونطفا حراره الشوق للا رض اهلنا فى فلسطين لكم من دعاء فى كل صلا ه
هزار الدويرى غير متصل   رد مع اقتباس