رد: الركن الهادىء
عزلة مؤقتة
أحيانا تراودني نفسي بشيء من العزلة لكني سرعان ما أقاوم هذا الشعور .
اليوم أرغب فعلياً بشيء من العزلة .. أرغب بالإنغلاق على ذاتي بعض الشيء ..
أحتاج الجلوس وحدي .. بعيداً عن كل المؤثرات الخارجية .. الإيجابية منها والسلبية .
أحياناً أشعر أنني مبهمة جداً .. لا أحد يفهم عليّ ما أود قوله .. أحتاج أن أتكلم كثيرا حتى يفهمني الآخرون .. أن أفصح كثيرا ً .. أن أوضح كثيرا ً ..
ثم أفاجأ أنني بواد .. والآخرون بوادٍ آخر .
متى يفهمنا الآخر ؟
متى نقول أننا نفهم بعضنا ؟
متى يفهم أن هذا الكلام يُغضب ويجرح ولا داعٍ للتفوه به .. متى يفهم أن حضوره ووجوده مهم في هذه اللحظات وعليه ألا يتذرع بحجج واهية للغياب .. متى يفهم أنه بلحظات ما الغياب مرفوض .. مرفوض .. مرفوض ؟
متى يفهم أن الإنسان ليس في كل يوم يكون مستعدا ً كي يبدأ من تحت الصفر .. ليس كل البشر نستطيع أن نبدأ معهم يومياً من تحت الصفر ؟
متى يكون متواجداً على مستوى التواجد ومستوى الألم .. متى يفهم أن الدمعة هو السبب في انحدارها
وليس فقط عليه أن يمسحها بطرف منديله .. متى يفهم أن الضحكة التي يسمع جلجلتها في حضوره ما هي إلا ستار تختفي وراءه حشرجة البكاء ؟
متى يفهم أن حضوره فقط يكفي لتبديد الألم وغيابه هو الألم والعذاب والقهر والسخط ؟
متى يفهم أن عليه أن يفهم ولو لمرة واحدة ان يكون على مستوى الفهم ومستوى الأبجدية التي ألفّنا حروفها سوياً ؟
متى يفهم أنه من الصعب عليّ أن أسرد له كل حروف الأبجدية كي أقول له مرحباً ؟
متى يفهم أنني كائن بشري يتعب .. يغضب .. يثور ..ينفجر .. وأن غباءه ما عاد له من مبرر سوى التجاهل من طرفه وأنه قد فرغت جعبتي من كل الأعذار السخيفة التي لا تنطلي على عقل دجاجة وأنا أقنع نفسي بحجم مشغولياته وأرقه وتشوشه وإنسانيته التي لا تعلوها أية انسانية وهي في الحقيقة .. ما هي إلا أنانية مفرطة .. ودلال على قلب يكن له محبة خالصة .. وطمع بقلب لا ينفد منه الحب ..
ولكن كل شيء في هذا الكون إلى نهاية .. وهذا التلاعب بالحضور والغياب أصبح مقيتاً.. مملاً .. فارغاً
وأنه لم يعد يجدي لا الحضور ولا الغياب .. والعودة للصفر هذه المرة ستبقى صفراً ولن تتعداه منزلة واحدة وأنني سأنغلق على ذاتي .. وسأدخل بعزلة لن أسمح له باختراقها ..
لن أسمع بكائه بعد اليوم لأنني سأضع ضجيج الدنيا في أذني وسأقيم كل الحواجز التي عرفها
والتي لم يعرفها بعد ..سأقبع داخل شرنقة من العزلة لن أخرج منها ..
قد استهلكت في انتظاره كل ساعات الانتظار المقررة لي للبقاء على قيد الحياة .
|