01 / 12 / 2009, 56 : 04 AM
|
رقم المشاركة : [1]
|
أستاذة وباحثة جامعية - مشرفة على ملف الأدب التونسي
|
بحث / النكبة في الخطاب الثقافي الفلسطيني : الفن التشكيلي نموذجا - مليحة مسلماني
النكبة في الخطاب الثقافي الفلسطيني : الفن التشكيلي نموذجا
مليحة مسلماني
[align=justify] حول هذه الورقة:
" النكبة في الخطاب الثقافي الفلسطيني: الفن التشكيلي نموذجا" للكاتبة و الباحثة مليحة مسلماني هي الورقة البحثية الفائزة بالمرتبة الأولى في جائزة العودة، التي أطلقها بديل/ المركز الفلسطيني لمصادر حقوق المواطنة و اللاجئين، للعام 2007 في حقل الأوراق البحثية.
تهدف هذه الورقة إلى قراءة التحولات التي مر بها الخطاب الثقافي الفلسطيني في معالجته موضوع النكبة من خلال التركيز على الفن التشكيلي الفلسطيني كمادة بحث باعتباره أحد أدوات الخطاب الثقافي الفلسطيني و أحد عناصر الهوية الثقافية. و في الوقت الذي ركزت فيه معظم الدراسات على الأدب و المسرح و دورهما في السياق السياسي، لم ينل الفن التشكيلي رغم بيان تمحوره حول القضية الفلسطينية هذا النصيب من الدراسة و البحث. تستخدم هذه الورقة مدخل التحليل الثقافي الذي يقوم على على دراسة المحيط الثقافي للظواهر الاجتماعية و السياسية، و تقوم بقراءة التحولات التي طرأت على المعالجة التشكيلية لموضوع النكبة من خلال استقراء تمثيلات النكبة في أعمال رواد الفن التشكيلي الفلسطيني أولا، ومن ثم الانتقال إلى قراءة تلك التمثيلات في أعمال الجيل الشاب من الفنانين التشكيليين الفلسطينيين. و تجيب على اسئلة: كيف يعرف الفن التشكيلي مفهوم النكبة؟ ماهي الرموز التي استخدمها هذا الفن في تمثيله قضية النكبة؟ ثم ما الذي طوره هذا الفن في السنوات الأخيرة في معالجته موضوع النكبة؟
حول الكاتبة :
مليحة مسلماني هي كاتبة و باحثة فلسطينية، من مواليد العام 1977، ومن سكان القدس المحتلة. حصلت مسلماني على درجة البكالريوس من جامعة بير زيت في العام 1995، وعلى درجة الماجستير في الدراسات الإسرائيلية من جامعة القدس في العام 2004، و هي مرشحة حاليا لنيل درجة الدكتوراه في معهد البحوث و الدراسات العربية في العاصمة المصرية القاهرة، و موضوع رسالتها: " تمثيلات الهوية في الفن الفلسطيني في المناطق المحتلة في العام 1948". نشرت مسلماني في العام 2005 رواية بعنوان " نيار"، و لها مجموعة قصص قصيرة جدا قيد النشر و الإنتاج.شاركت في العديد من الورش الإبداعية، و لها مساهمات بحثية عديدة في الشؤون الإسرائيلية و الفن التشكيلي.
المحتويات
1. مقدمة نظرية
2. النكبة في مسيرة الفن التشكيلي الفلسطيني
3. النكبة في الفن الفلسطيني منذ بداية التسعينات
4. خلاصة
5. الهوامش
6. نماذج من أعمال الفن التشكيلي
" خُذ المقاومة الفلسطينية كحالة ذات صلة. إنها تضم إطارا كاملا من اشكال التعبير الثقافي، الذي بات يشكل جزءا من تماسك الهوية الفلسطينية و بقائها، فهناك سينما فلسطينية و مسرح فلسطيني و شعر فلسطيني و أدب بكل ضروبه، كما يتوافر خطاب فلسطيني نقدي و سياسي. و عندما يتعلق الأمر بالهوية السياسية، عندما تكون عرضة للتهديد، فإن الثقافة تمثل أداة للمقاومة في مواجهة محاولات الطمس و الإزالة و الإقصاء. إن المقاومة شكل من أشكال الذاكرة مقابل النسيان. و بهذا الفهم أعتقد أن الثقافة تصبح على قدر كبير من الأهمية".
إدوارد سعيد
من حوارات " الثقافة و المقاومة"
1. مقدمة نظرية
تمحور الخطاب الثقافي الفلسطيني منذ عام 1948 حول مركزية القضية الفلسطينية و المأساة الإنسانية المتمثلة بإحتلال الأرض و تهجير الفلسطينيين منذ عام 1948. ووجد هذا الخطاب نفسه، و معناه في نفس الوقت، في معلركة المواجهة ضد سرقة الأرض و التراث و الهوية الفلسطينية، و أخذ على عاتقه مسؤولية توثيق المأساة الفلسطينية المتمثلة في النكبة و ما لحقها من أحداث أخرى لا يزال يمر بها الشعب الفلسطيني. و بعد ما يقارب الستين عاما من هذا التحول في كل من مضمون ووظيفة الخطاب الثقافي الفلسطيني، استطاع هذا الخطاب صياغة هوية ثقافية-سياسية-إنسانية فلسطينية، سواء بأدواته الفكرية، و المتمثلة بأدبيات مفكرين فلسطينيين مثل إدوارد سعيد و غيره، أو الأدبية، خاصة تلك التي تمثلت بأدب المقاومة، أو بأدواته الفنية من مسرح و سينما و موسيقى و فن تشكيلي و غيرهما من أشكال الإبداع الفلسطيني.
تأخذ هذه الدراسة من الفن التشكيلي الفلسطيني، كأحد عناصر الهوية الثقافية و أحد أدوات الخطاب الثقافي الفلسطيني، مادة بحث في السياق السياسي الفلسطيني، من خلال التركيز على تمثيلات النكبة في التشكيل الفلسطيني، و التي عكست مفهوم النكبة في الوعي الثقافي الفلسطيني، الفردي و الجماعي. شكلت النكبة موضوعا رئيسا في الفن التشكيلي الفلسطيني على مدى مراحله المختلفة، و أنتج كل الفنانين الفلسطينيين بلا إستثناء، سواء في الداخل أو في الشتات، أعمالا تشكل النكبة موضوعا رئيسا أحيانا، أو خلفية ينطلق منها الفنان الفلسطيني بمختلف المواضيع التي يطرحها أحيانا أخرى.
تعتبر الفنون، و الفن التشكيلي على وجه الخصوص، مادة بحث غير مألوفة في السياقين الإجتماعي و السياسي. لكننا نشهد اليوم توجهات غير تقليدية، يُعبر عنها بالدراسات الثقافية، و تلك التي تتخذ من التحليل الثقافي منهجية علمية تعتمد على دراسة المحيط الثقافي للظواهر السياسية و الإجتماعية. تتأكد تلك الحاجة لهذا النوع من التحليل في حالة الفن التشكيلي الفلسطيني بشكل خاص، و الحالة الإبداعية الفلسطينية بشكل عام. فالفن التشكيلي الفلسطيني، و رغم وضوح ارتباطه بالقضية الفلسطينية، لم ينل، كما نال أدب المقاومة على سبيل المثال، نصيبا كافيا من البحث و الدراسة في السياقين السياسي و الاجتماعي الفلسطينيين. فقد تمحورت أعمال الفنانين الفلسطينيين حول القضية الفلسطينية بأبعادها و عناصرها المختلفة، ووجد هذا الفن نفسه ممثلا شرعيا للتراث و الثقافة و المأساة الفلسطينية في معركة المواجهة ضد سرقة الأرض و الهوية. و بذلك تحولت الحركة التشكيلية الفلسطينية، كما مجمل الحركة الثقافية الفلسطينية، إلى حركة نضالية يُستهدف منتوجها كما يُستهدف المقاومون، يتم ذلك عبر مضايقة الفنانين و الأدباء و نفيهم و اعتقالهم بل و اغتيالهم. بل إن الفن الفلسطيني ألغى تلك المسافة المعروفة بين الفن و الشعوب، من خلال إنتاجه لوحات شكلت رمزا فلسطينيا محليا و عالميا، كلوحة " المحامل" للفنان سليمان منصور على سبيل المثال لا الحصر.
تنقسم هذه الدراسة، بما فيها تلك المقدمة النظرية، إلى ثلاثة أجزاء، بحيث نقوم في تلك المقدمة بتعريف أهداف الدراسة و فرضياتها و مفاهيمها. يبحث الجزء الثاني في تمثيلات النكبة في الفن التشكيلي الفلسطيني في المراحل السابقة و التي تمتد منذ النكبة حتى بداية التسعينات، بحيث يتم بحث تمثيلات النكبة في بعض أعمال تعود إلى رواد الفن التشكيلي الفلسطيني. أما الجزء الثالث فيتضمن تحليل نماذج من أعمال فنية تعود إلى الجيل الشاب من التشكيليين الفلسطينيين تعالج موضع النكبة. و من ثم نخرج في ختام تلك الدراسة بخلاصة عن تمثيلات النكبة في الفن التشكيلي الفلسطيني و التحولات التي مر بها هذا الفن في خطابه المحلي و العالمي في معالجته لموضوع النكبة.
نفترض أن الخطاب التشكيلي الفلسطيني مازال يتمحور حول القضية الفلسطينية و التي تشكل النكبة بدورها أحد دعاماتها الأساسية، كما أن هذا الخطاب في تحولاته يعكس مجمل الخطاب الثقافي الفلسطيني و الذي بدوره يتواصل و يتحاور و يستند إلى الخطاب السياسي الفلسطيني، مع الأخذ بعين الاعتبار الخصوصية التي تفرضها طبيعة الابداع نفسه، ما بين مسرح و سينما و أدب و موسيقى، مما يحتاج إلى دراسة مقارنة و مفصلة في مختلف عناصر الخطاب الثقافي الفلسطيني و التحولات التي طرأت عليها. و كلا من الخطاب الثقافي و السياسي الفلسطيني، لا يعرف حدودا فاصلة و واضحة المعالم بينه و بين الآخر، ذلك أن الهوية الثقافية الفلسطينية تستمد معنى وجودها من القضية السياسية ارتكازا لها في الهوية الثقافية.
تعتبر الثقافة مفهوما مركبا، شاملا و معقدا. و تلركز بعض التعريفات على الثقافة كسلوك بينما يركز بعضها الآخر على الثقافة كمُثُل و قيم مجردة.1 نرى أن كلا من الإتجاهين يحمل نظرة منقوصة تجاه الثقافة، فالثقافة هي أيضا سيرورة، لما يحويه هذا المفهوم من جدلية بين الثابت و المتغير، عدا عن أن ثقافة مجتمع ما تتأثر بتغيرات داخلية و خارجية يواجهها هذا المجتمع. ومن تعريفات مفهوم الثقافة أنها " ذلك الكل المعقد الذي يتضمن المعرفة و الاعتقاد و الفن و الحقوق و الأخلاق و العادات و كل قدرات و أعراف أخرى اكتسبها الانسان كفرد في مجتمع".2 تتبنى هذه الدراسة تعريف اليونسكو لمفهوم الثقافة، و ينص هذا التعريف على أن الثقافة هي :" جميع السمات الروحية و المادية و الفكرية و العاطفية التي تميز مجتمع بعينه أو فئة إجتماعية بعينها و هي تشمل الفنون و الآداب و طرق الحياة كما تشمل الحقوق الأساسية للإنسان و القيم و التقاليد و المعتقدات".3
و يشير مفهوم الفن التشكيلي الفلسطيني في هذه الدراسة بطبيعة الحال إلى الأعمال الفنية التي تشمل النحت و الرسم و التصوير و فنون الفيديو والإنشاء و الأداء، و التي ينتجها فنانون فلسطينيون في الضفة الغربية و قطاع غزة و القدس و داخل الخط الأخضر و في الشتات. و الفن التشكيلي في فلسطين هو حديث العهد نسبيا كما الحال في معظم الدول العربية، حيث كان الفن يقتصر حتى أوائل القرن العشرين على الزخرفة و المصنوعات اليدوية و هو ما يسمى اليوم بالفن الحرفي أو الفن التطبيقي.4 نهدف من هذه الدراسة إلى بحث الخصوصية التي طورها الفن التشكيلي الفلسطيني لنفسه، من خلال معالجته موضوع النكبة، كقضية تاريخية و معاصرة، سياسية و ثقافية.[/align]
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|
|
|
|