رد: بوح خريفي
إعشق البحر
البحر يناديك .. فنجان القهوة يناديك .. ذلك المركب المتهادي على الشاطىء الأيمن من قلبي يناديك .. كان وعدا ً مني .. لم أخلفه .. ولن أخلفه .. أنا والبحر وفنجان قهوتي المرة نناديك ..
كنتَ تخشى البحر .. أذكر جيدا ً كم كنت تخشاه .. سألتك يوما ً حين كنا أطفالا ً نلعب على أبواب الغد .. لماذا ترتدي عينيّ البحر إن كنت تخشاه لهذا الحد ؟
كأنني كنت ألفت نظرك للمرة الأولى أنك تملك زرقة البحر في عينيك ولكني لم أفصح لك في حينها أنك تخفي غموضه أيضا ً ..
أنت تخاف البحر .. تخاف تمرده وثورته وهيجانه وأنا أخاف عينيك الزرقاوين وما تخفيانه من سحب داكنة من الحزن الصامت رغم جلجلة الضحكات التي تنثرها باقات هنا وهناك ..
ذات مساء أتيتني ترتجف من البرد .. من الحزن .. من السخط .. وكنت أرتشف قهوتي المرة .. كان فنجاني الذي قدمته لك .. بعض القهوة قد تشفيك .. نظرت إليّ بخجل ثم قلت متذرعا ً بحجج واهية .. أكره شرب القهوة ..
ضحكت في سرّي وأيقنت أنك تحتاج من الوقت الكثير كي تبحث في أسرار القهوة والبحر والموج والسحب وأنا ..
وأنا أحتاج الكثير لتفسير هذا الغموض الذي يشتعل في عينيك ولا أفهمه ..
لم يكن أمامي خيار حتى أبحر في عالمك وتبحر في عالمي سوى أن نجتمع أنا وأنت والبحر على فنجان قهوتي المرة ..
ولأول مرة منذ عقود أرى الغموض في عينيك ينجلي وتشرق شمس أرجوانية تضحك بخجل العذارى .. لأول مرة أرى النور ينبعث من ملامح وجهك .. بعد أن كانت تختفي خلف سحابات من الحزن والقهر والسخط ..
هو البحر من يملك سرّ العشق .. إعشق البحر .. هو البحر وحده من استطاع أن يبتلع غموض عينيك .. هي أمواج البحر وحدها من استطاعت أن تدغدغ نبضات قلبك .. هي عروس البحر وحدها من استطاعت أن تدعوك لجولة في عرض البحر ..
وهي رشفة من القهوة .. مجرد رشفة .. سترى بعدها كم هو جميل عالمي .. وكم أصبح بوجودك أجمل ..
أهلا بك في عالمي ..
أنا والبحر وفنجان قهوتي المرة .. نناديك ..
|