رد: خاطرة - وماذا بعد التيه - لميساء البشيتي في الميزان
وماذا بعد التيه ؟
وماذا بعد التيه ولم يبق َ مني ومنك إلا الظلال ؟
كل هذه الشطآن تستعد لملاقتي ، ومركبي يأبى الرسو إلا على شطآن عينيك ، فهل سأبقى عائمة ً على مرافىء الانتظار ؟
عيناك تتأرجحان بين مد ٍ وجزر ، ترفعهما موجة عابثة وتلقيهما أخرى فتدفنهما في الأعماق ، تنظران إلي نظرة حائرة ولكني للحظة فقدت الجواب ، لا الصمت في عينيك حدثني ولا الصمت على شفتيّ ترجم الكلام .
لوهلة غرّك البريق الساحر في عينيها فتلعثمتَ وتزاحمت في رأسك الأفكار ، رويدا ً رويدا ً ألقت إليك بجدائلها الملفوفة بحبائل السحر فتعلقت فيها تعلق الغريق بقشة تطفو على سطح الماء ، وانتشلتك من يم الهوى الذي أغرقك عمرا ً وثبتتك فانوسا ً وهاجا ً في جبينها وعنوانا ً مضيئا ً على ذلك الباب .
وطال الصمت ، صمتك ، صمتي ، صمت الهوى،
وأُخرست كل الألسن وفُقئت عين الضاد ورُملت الأبجدية في عقر دارها وتاهت كان وأخواتها في ذلك المحراب .
(غريب ) هو اسمك ، هكذا نقشوه بالحروف الأولى على جبهتك ثم فتشوا جيدا ً في صدرك عبثوا فيه لكنهم لم يفهموا أبدا ً من أين يُدق في صدرك صدى تلك الأبواق ؟
لم يلحظوا ترقرق الرفض في عينيك ولا انتفاضة الحروف الساخرة بين شفتيك ولا أنين الضاد المثخنة في حناياك .
اليوم وأنا أدور في مركبي العائم حولك أدركت بأنك تهت بما يكفيك من التيه ، وأنك أبحرت بعيدا ً عن كل الجزر والشطآن ، وأن جدائلها المسحورة و إن طوقتك و أحكمت حول عنقك الوثاق فأنت ما زلت بحرا ً من الوفاء الحرّ لن يمحوه بريق عينيها الأخاذ ، بحرا ً من الحب الخالص لن تغرقه جدائلها الملفوفة بكل بطائن المكر والدهاء .
أنت بحري أنا وشاطئي ومرساي وإن طال صمتك وصمتي وتعطلت لغة الكلام .
|