حديث ذو عيون ///للشاعر بغداد سايح
حديثٌ ذو عيون
بغداد سايح
لـعـلّ قـلوبنا يـومًا تـعودُ
و يـذرفُ أعذبَ الألحانِ عُودُ
و يُـزهرُ ضاحكاً حجَرُ المراثي
فـتفزعَ مـنْ شذا كفٍّ قُرودُ
تـخيطُ الـقدسُ منْ حلُمٍ ثياباً
بـنا اشتعلتْ فما انطفأ اليهودُ
و تـذبلُ بسمةُ الأقصى فتثوي
أغــانٍ إذْ يُـكَفّنُها رقـودُ
شـوارعُ تـزرعُ الأحزانَ فيها
أيـادٍ مـنْ سخامِ البطشِ سُودُ
و رغـمَ الموتِ فالصلواتُ تحيا
و يـغرسُ نـخل نخوتنا سُجُودُ
صوامعُ منْ زجاجِ الدمعِ تسمو
رؤىً يُـكوى بـلؤلئِها حَسُودُ
و تُـفّاحُ الـطفولةِ حينَ يُغفي
تُـفيقُ الـمجدَ منْ دمها خُدودُ
و لـلزيتونِ فـي رئـةِ الليالي
غـناءٌ لـيسَ يـقتُلُهُ الـجُنودُ
فلسطينُ الدنا شجرُ الوصايا
و موسى و العصا عنها شهودُ
سليمانُ الحكيمُ بها تغنّى
شفيفَ الهمْسِ هيكـَلــُــهُ العمودُ
و منْ ينبوعِ طيبتـــهِ سقاها
زلالَ الخـــــــــــيرِ داوودُ الودودُ
هنا أغصانُ إبراهيـــمَ تنمو
معاولَ تـــحـــتها تـــنــــهــــدُّ هودُ
و إســـماعيلُ ساريةً يــُناغي
فتخفق كــالقــــلــوب لــها البنــــودُ
مـحمّدُ في الدروبِ يسيرُ فجراً
تـناجي دفءَ خطوتهِ وُعودُ
و عيسى في دُجى الآهاتِ يرعى
تـهاليلَ الـمدينةِ بـلْ يـقودُ
تَـهُزُّ الـقلبَ مـريمُ و الحنايا
فيصحو النبضُ و الغدُ و الوجودُ
و ما تسّاقطُ الكلماتُ إلاّ
سِهاماً قوسُها الألِفُ اللــّـــدودُ
و يـسقطُ من جبينِ الصبرِ جمرٌ
بـهِ تـذوي و تـحترقُ القيودُ
عـلى هُدُبِ الثرى نحروا صِبانا
فـكمْ عُـمْرٍ ستنحرُهُ ثمودُ؟؟
لـفي دبّـابةٍ يـخبو مَـداهُمْ
و نـحنُ الشُّهْبُ تحضُننا اللّحودُ
سـنابلُ و الـنُّهى جُـبٌّ بعيدٌ
ألا جُــرحٌ بـيوسُفِنا يـجودُ
لـهُمْ أنْ يـصلبوا صُبحاً جميلاً
و أنْ يَئِدوا الخُطى فلنا الصُّمودُ
لـهمْ أنْ يقطفوا نجماً رضيعاً ..
سـتُنبتُ بـعدهُ قـمراً نُهودُ
لـهمْ أنْ يقلَعُوا الذّكرى جذوراً
فـمِنّا عـطرُ ذاكـرةٍ يسُودُ
لـهمْ أنْ يذبحوا درويشَ فينا..
سـتُنجِبُ غـيرهُ لُـغةٌ وَلُودُ
لـهمْ أنْ يُـحرقوا غاباتِ عِزٍّ
فَـإنْ زَأَرَ الـرّمادُ هيَ الأُسُودُ
لـهُمْ أنْ يـجْلِدوا ظهرَ الحكايا
و تُـشرِقُ في ضُحى ألََمٍ جُلُودُ
لـهمْ أنْ يـبدؤوا شوكاً لعيناً..
لـنا عـبَقُ الـخِتامِ..لنا الخُلودُ
لـهمْ أن يـنتهوا حبراً و تبقى
لـحونُ الـضادِ عنْ أذُنٍ تذودُ
لـهمْ أنْ يـخرجوا قيْحاً و قيْئاً
مـن الطينِ المريضِ و لا يعودوا
لـهُمْ أنْ يـرحلوا عـنْها ذُباباً
فَـهُمْ بـقُمامةِ الـتّاريخِ دودُ
لـهُمْ..و لهُمْ.. وليسَ لهُمْ وجوهٌ
و لا قــدَمٌ فَـهِمَّتُهُمْ قَـعُودُ
تـرى وطَناً بنارِ الصمتِ يلهو
و فـي حَـدقاتهِ القلَقُ الوَقُودُ
و عِجْلاً منْ ضبابِ الكُرهِ يأتي..
يـخورُ..يثورُ..يشتعِلُ الـحَقودُ
هـيَ الأيـامُ تـفتَحُنا جِراحاً
و بـعضُ الـبوحِ تُغْلِقُهُ نُقُودُ
مـبادئُ كـانَ ينسُجُها صلاحٌ
يُـطرِّزُها بِـخُذلانٍ جَـحُودُ
تـرى الـفاروقَ يلْبسُها سماءً
تـسُلُّ الـحُبَّ أنْجُمُها السُّعُودُ
إذا الإمْـلاقُ مـزّقَها تـهادى
غـماماً يَـسْتَظِلُّ بـهِ الشَّرودُ
و رقَّـعَها بـصحراءِ الـرّزايا
قَـنوعاً حـولهُ الرمْلُ الكنُودُ
ترى جُثثَ الكلامِ على رصيفٍ
مـتى صـرخَتْ بأشعارٍ حُدودُ
هناكَ البحرُ بالشُّهداء يزهو
و منْ دُررِ الشــــــــــموخِ لهُ عقودُ
يزينُ بها منَ الأشواقِ جِيداً
أصيلَ الطُّـــــهرِ حِلـــْـــيتـــُهُ الصعودُ
و غـزَّةُ تـغرِسُ الـمعنى بريئاً
تـفوحُ بـه الـمحبّةُ و العهودُ
و ذو القرنينِ ينفخُ في ثراها
فــتُبنى من مدامعـــها سدودُ
هواها كالرصاص جزائريٌّ
عراقيٌّ تُبـــــــاركهُ الزّنودُ
إذا رقـصَتْ لها سُحُبُ الأماني
فـإنّا حـينَ نُـمْطرُها رعُودُ
سـعيدةُ أرضِـها تأوي شموساً
كـأنَّ ضِـياءها حِلْمٌ و جُودُ
عـمامةُ أهلها همَستْ فضاءتْ
عـصا أمـلٍ تـوارثَها الجُدودُ
أيـاديهمْ رُبـى كـرَمٍ تندَّتْ
و إنْ ضَحِكُوا شفاهُهُمُ وُرودُ.
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|