عرض مشاركة واحدة
قديم 27 / 12 / 2009, 14 : 02 AM   رقم المشاركة : [2]
طلعت سقيرق
المدير العام وعميد نور الأدب- شاعر أديب وقاص وناقد وصحفي


 الصورة الرمزية طلعت سقيرق
 





طلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: مدينة حيفا - فلسطين

رد: محرقة غزة ونهاية الأسطورة .. كتاب من تأليف د. يوسف جاد الحق

كلمة أولى



[align=justify]
لم ينْجلِ الغبار، ولم تجف الدماء بعد. ما حدث حتى الآن هو أن السماء أقلعت عن مطر كالجحيم انهال على الأرض والبشر في غزة، وأن العاصفة الهوجاء خفتت، وهدير المدافع نأى وابتعد، وإن لم يتوقف القتل ولم ينقطع النزف.
كنا نؤثر التريث إلى أن ينجلي الموقف تماماً، ولكننا، بما يعتلج في القلب من نار تستعر، وما نحسُّ به من واجب نحو الأهل هناك، ومن واجب كشف الحقيقة عارية، في حدود ما يُعلم وما يستطاع، وما ألقته الأحداث على عواتقنا جميعاً من مسؤوليات، ذلك كله يدفعنا إلى المبادرة لكشف ما شهدنا وقرأنا وعرفنا من الظاهر المعلن، والخفي المستتر وراء حجب يراد بها التعتيم على الحقائق. ليست الأسباب المعلنة من قبل العدو، والتي قدمها إلى العالم كمسوِّغ للجريمة ـــ المحرقة التي خطط لها وأعدَّ جيداً قبل أن يقدم على تنفيذها بزمن، ليست تلك الأسباب المعلنة هي الحقيقة. من ثم رأينا أن نعرض للأسباب الحقيقية، بعد أن نمر بالأسباب المعلنة التي تهدف إلى تضليل الرأي العام وصرفه عن معرفة ما يدور في الخفاء وراء الكواليس والحجب. ثم نمضي إلى عرض النتائج التي ترتبت عليها راهناً، والتي سوف تسفر عنها في قادم الأيام. ولكل من الخفي والمعلن من الأسباب نتائجه، وتلك النتائج تتعلق بجهات عدة تتأثر بها سلباً أو إيجاباً، تبعاً لاختلاف أطرافها في مواقعها المختلفة، ونصيبها من التبعة والمسؤولية، وحسابات الربح والخسارة لدى الفرقاء المعنيين.
هنالك نتائج أولية آنية ولفترة قريبة من الزمن، وهذه قد يتيسر علاجها على نحو ما، ولكن النتائج بعيدة المدى تقتضي الروية والتدبر، ودراسة الاحتمالات المتوقعة لناحيتي:
(أ) تلافي أخطار قد تجيء إذا ما أسيء التفسير والتقدير.
(ب) الإفادة مما حدث مما يستدعي الإعداد والتحضير لما هو قادم. لعلنا لا نذهب بعيداً ــ كعرب وفلسطينيين ـ إذا ما قلنا أننا على مفترق حاد، أو إننا عند منعطف شديد الخطر من شأنه تغيير المشهد كله. ذلك أن الطريق الذي سوف يُسلك بعد هذا المنعطف سوف يختلف عن كل ما سبق أن مرَّ بنا في معركتنا الطويلة مع العدو بأطرافه جميعاً، (إسرائيل) وأمريكا، وبعض دول الغرب، والضالعون مع هؤلاء من الأعراب. بإيجاز يمكننا القول بأن ما بعد محرقة غزة لن يكون أبداً كما كان عليه قبلها.
إن التلكؤ أو التباطؤ أو التراخي، في هذه المرحلة الحرجة للغاية من قبل المهتمين بالشأن الوطني والقومي، من كتَّاب وسياسيين وإعلاميين وبحَّاثة، هو بمثابة تقاعس لا يغتفر عن القيام بالمهمة التي هي مسؤولية هؤلاء جميعاً.
إن ما حدث يقتضينا التصدي للمسألة دراسة وتحليلاً ابتغاء الوصول إلى رؤية واضحة تلقي الأضواء الكاشفة على معالم الطريق الذي سوف نسلكه فيما نحن متوجهين إلى الهدف المنشود.
***
من ثم رأينا أن علينا القيام بهذا الجهد، على تواضعه، منذ الآن، ومع توقف العمليات العدوانية الإجرامية، عقب ثلاثة وعشرين يوماً، كل يوم منها بطول دهر على أهلنا هناك، كما هو علينا نحن، عرباً ومسلمين، في كل مكان لإحساسنا بالعجز عن مشاركتهم ما يتعرضون له من آلام، والوقوف معهم في معركتهم المحتدمة الأوار مع العدو.
المنهج الذي سنتبعه في عرضنا لمحرقة غزة ــ خلفياتها وأسبابها والنتائج المترتبة عليها ــ لن يكون سجلاً تاريخياً، إلا في حدود ما يقتضيه البحث. كما إننا لن نذهب إلى إسهاب في الوصف لما حدث كوقائع، ذلك أن ما حدث شاهده الناس على الشاشات الفضائية بأم أعينهم، على مدار الساعة من كل يوم من أيام المحرقة، إلا أن عرضاً مكثَّفاً لا بد منه تقتضيه بنية العمل، هذا من جهة، ولأن هذا الذي شاهده الناس، من جهة ثانية، ليس في وسع كاتب أن يصفه بالكلمات دون أن يفقده الكثير من حقيقته وواقعه.
إذن سوف نعمد إلى (تفسيرٍ) لما حدث وليس إلى توصيفٍ له. والتفسير قد يتفق عليه بعضهم ويختلف آخرون. قد تختلف التحليلات والتفاسير الصادرة عن أكثر من جهة للمعطيات الواحدة باختلاف الرؤى والمواقع، لا سيما إذا كانت الوقائع موضع البحث ذات خلفيات وجذور عميقة الغور، بعيدة في الزمن أسَّست لما هو جارٍ الآن، فهذا هو حال قضيتنا الفلسطينية العربية منذ بداياتها.
[/align]

د. يوسف جاد الحق
طلعت سقيرق غير متصل