27 / 12 / 2009, 32 : 02 PM
|
رقم المشاركة : [10]
|
المدير العام وعميد نور الأدب- شاعر أديب وقاص وناقد وصحفي
|
رد: محرقة غزة ونهاية الأسطورة .. كتاب من تأليف د. يوسف جاد الحق
[align=justify] <H1 dir=rtl style="MARGIN: 5pt 0cm">جبهة عمل سياسية وإعلامية
لكي تكون هناك جدوى لما بذل شعبنا الفلسطيني من تضحيات على مدى ثمانية عقود أوتزيد، آخرها ما جرى في غزة بالأمس، ولكي يواصل صموده أمام أعتى وأشرس مجموعة عصبة عدوانية ـ إسرائيل ومن معها ـ إلى أن تتهيأ له الظروف في المستقبل لتحرير أرضه والعودة إليها، بفعل متغيرات إقليمية وعالمية، لابد قادمة، ونحن نشهد مقدماتها في أيامنا هذه، لأجل هذا كله ينبغي العمل على قيام جبهة عمل سياسية وإعلامية تحشد لها كفاءات بشرية ومالية، فلسطينياً وعربياً، تتولى الإشراف والتوجيه لإعلام نشطٍ فاعل يكشف الحقائق أمام العالم كله، ويحشد الأنصار لقضية الشعب الفلسطيني العادلة. كما يتوجب عليها العمل على تصحيح المسار السياسي الراهن، بتوحيد الرؤية السياسية، ليكون منطلقها العودة إلى المطالبة بالحق الفلسطيني الأساس، وهو تحرير الأرض كاملة، وإلغاء كل ما سبق أن قدمه العرب، والفلسطينيون من تنازلات حتى الآن، بداعي تحقيق سلام مع عدو لا يريد سلاماً ولا وئاماً أبداً كما أثبتت وقائع العقود الماضية منذ عام 1977 وحتى اليوم. دعوى السلام الكاذب المخادع لم تكن سوى حيلة بارعة ماكرة أخرى صنعها أمريكي مخلص ليهوديته وصهيونيته هو (هنري كيسنجر) ([1]) إثر حرب عام 1973 التي استطاع إجهاض نتائجها، وتحويلها من نصر عسكري عربي، حققته سوريا ومصر، إلى هزيمة منكرة على صعيد السياسة في مصر. ثم مضت تداعياتها على المنطقة، بعد خروج مصر على الإجماع العربي بمعاهدة كامب ديفيد، سيئة الذكر، المدمرة لوحدة الرأي والموقف والصف والنهج العربي، وتشتيته ودفعه نحو قطرية بغيضه، بحيث أصبح كل قطر ينادي بقطره (أولاً) وهو ما لا يستقيم مع حقيقة وحدة المصير العربي، فما يحدث لأي قطر منها يصيب سائر الأقطار، على نحو أو آخر، سلباً أو إيجاباً، بحسب الحالات والأحوال المختلفة. كما إن المذكور تمكن من سحب البساط من تحت أقدام القضية الأساس إذ استطاع تحويل المطالب العربية من مبدأ التحرير (الشامل الكامل) للأرض الفلسطينية كلها بمساحتها البالغة (27000كم2) وهو ما كانت تحمله القيادات العربية منذ عام 1948 إلى ما أسماه (السلام الشامل العادل).. والعادل الأخيرة هذه للتمويه ليس إلا. و(السلام مقابل الأرض)، وما إلى ذلك من مصطلحات ومقولات تصرف الفكر والعمل عن الأصل. حدث هذا بعد أن كانت القاعدة هي (التحرير الكامل) وقد أقرته وثبتته (لاءات) الخرطوم الثلاثة: لا صلح، لا سلام، لا مفاوضات مع العدو.
جاء (كيسنجر) اليهودي الأمريكي، الألماني الأصل، فغيَّر هذا كله إثر حرب عام 1973 فعزل القضية الفلسطينية عن الإجماع العربي بدعوى كانت من قبيل (الحق الذي يراد به باطل) بإطلاق شعار (استقلالية القرار الفلسطيني). وقد كانت آثار هذا الشعار فيما بعد بمثابة الكارثة على القضية الفلسطينية إذ حمَّلت مسؤوليتها الفلسطينيبن وحدهم. وبديهي أن الفلسطينيين وحدهم أضعف ـ مقارنة بقوى الأعداء ـ من أن يستطيعوا تحرير أرضهم. هذا أولاً، وثانياً لأنها ليست قضيتهم وحدهم فعلاً، وإنما هي قضية العرب أجمعين والمسلمين أيضاً.
ولم يعد خافياً أن هذه المقولة تلقفها بعض العرب كطوق نجاة إذ خلصتهم من عبء ينغص عليهم أفراحهم، وقد يقض مضاجعهم أحياناً أمام شعوبهم. وما إن أطلق (كسينجر) دعوى (السلام) الزائفة حتى أصبحت شعاراً تتمسك به الأنظمة، وكأن السلام هو القضية وليست الأرض. وكأن سائر التضحيات السابقة على هذه الدعوى لا قيمة لها، وقد ذهبت أدراج الرياح. وليس أدل على زيف هذه الدعوى ـ وكونها مجرد حيلة كيسنجرية ـ حولت مسار القضية عن غاياته الحقيقية الأصلية، ليس أدل على ذلك سوى ما وصلنا إليه حتى الآن. (أين هو السلام؟) اللهم إلا إذا كان ما يجري منذ ذلك الحين من تشابكات وتعقيدات ومناورات وألاعيب ومسلسل يومي للموت متصل لا ينقطع، واتصالات وانقطاعات، وحروب واعتداءات هو هذا (السلام) المعني عند كيسنجر وحلفائه وأبناء جلدته في إسرائيل وأمريكا.
تحققت لإسرائيل أمور كثيرة في ظل دعوة السلام (الشامل العادل([2])) التمويهية، مقابل ما تحقق من كوارث على الصعيد الفلسطيني والعربي. ففيما يتعلق بالفلسطيني أقام العدو المستوطنات فعمت سائر ما تبقى من الأرض الفلسطينية، وانتشرت كالفطر في الضفة خاصة، وحول غزة والقطاع. جيء بأوسلو (1993) وما أدراك ما جلبت أوسلو من ويلات على الفلسطينيين.
قتل من الفلسطينيين عشرات من الآلاف، واعتقلت أعداد هائلة من الرجال والنساء والأطفال. أقيمت الحواجز والجدران العازلة وتمزق شمل الأسر، والأرض تشظت وأصبحت جزراً معزولة لتجمعات أكثر عزلة. ودمرت المباني في المدن والقرى، وتحولت إلى ركام، حتى الشجر لم يسلم من الاجتثاث والإبادة وتحولت الأرض الخضراء إلى صحراء قاحلة نتيجة لحجب المياه عنها تسرقها إسرائيل لمزارعها ومسابحها ومنتجعاتها، فإصبح الفلسطيني بالكاد يحصل على ماء الشرب.
وعلى الصعيد العربي أقر العرب واعترفوا بقراري 242/ 338 اللذين كان من شأنهما تكريس التوجه الكيسنجري الذي حصر المطالبة (مجرد مطالبة لا تحقق شيئاً) بما احتلته إسرائيل عام 1967 و(سامحناكم يا جماعة) بما استوليتم عليه قبل ذلك التاريخ، مع أن ذلك الذي استولوا عليه كان هو محور الصراع منذ عام 1948 حتى عام1967. ولم تقم حرب 67 نفسها إلا من أجل تحرير ما احتُلَّ قبل ذلك.
كان مبدأ تحرير كامل الأرض الفلسطينية التي اغتصبت هو الأصل، وبذلك تمكن (كيسنجر) من صرف الأنظار عن قرار حق العودة الصادر عن الأمم المتحدة برقم (194) وأصبحت المطالبة بتنفيذه، من قبل أي جهة فلسطينية، بمثابة المغالاة والتطرف واللاموضوعية واللاواقعية، وما إلى ذلك من أوصاف وصفات.. بل إن من يطالب به ربما اتهم (بالجنون) نظراً لاستحالة تطبيقه بعد كل ما جرى على أرض الواقع. وسياسة إسرائيل قامت دائماً على فرض الأمر الواقع على الجميع دولاً وشعوباً ومحافل دولية ثم التذرع باستحالة تغيير الواقع الذي أصبح حقيقة قائمة.
سادت هذه المصطلحات التي اختلقها، في ظل هذه الظروف العدو، ومروجو التطبيع، والدعوة إلى الاستسلام قبولاً بشروطه. كما سادت نغمة (ما هو البديل)؟ وكأن هؤلاء المتسائلين يستنكرون فكرة النضال من أساسها، ومبدأ تحرير الأرض وعودة أصحابها إليها. كما حوَّل بعضهم مبدأ (الصراع) إلى مجرد (نزاع) بيننا وبين العدو.!
ومما تحقق للعدو تبعاً (للمؤامرة الكيسنجرية) فضلاً عن إخراج مصر من الصراع العربي الإسرائيلي، إقرار معظم الأنظمة لما هو قائم كأمر واقع. بل إن من الأنظمة ما بلغ به الأمر حد التعاون مع العدو والتنسيق معه (أمنياً)، والتنسيق (اقتصادياً) لصالح العدو وضد مصالح بلده وشعبه وو.. الكثير مما يضيق المقام عن التوسع في تفاصيله وعرض خفاياه.
وها نحن نرى كيف تمكن العدو من تمزيق مدينة القدس إلى أشلاء، وهدم أحياء بكاملها فيها، كحي المغاربة على سبيل المثال. وإزالة الطابع التاريخي العربي عنها، وتقويض أسس المسجد الأقصى بالحفريات والأنفاق التي شقها من تحته ومن حوله، واستيلاء المستوطنين على المنازل العربية سرقة، قوة واقتداراً، وطرد أهلها منها ليقيموا في العراء، تؤيد تلك الإجراءات وتقرها محاكم صورية، تقيمها إسرائيل، وتضع لها القوانين، وتملي عليها القرارات الجائرة بحجة مخالفة القوانين التي وضعتها هي في الأصل لهذه الغايات.
ومما تحقق للعدو كذلك، وبفضل المؤامرة الكيسنجرية، التي حولت مجرى التاريخ في المنطقة، أنه أصبح يمارس عدوانه على أي قطر عربي يشاء دون أن تهب الأقطار العربية الأخرى إلى الوقوف في وجهه، كما كان يحدث فيما مضى، فاجتاح لبنان مرات عديدة، وصل في إحداها إلى العاصمة بيروت ذاتها، وشرَّد المقاومة الفلسطينية من أكثر من مكان، وقذف بها وبمنظمة التحرير الفلسطينية بعيداً إلى أقصى الأرض في تونس. ولمصلحة إسرائيل جرى كل الذي رأينا في العراق، وحتى في أفغانستان، وأمام ذلك يقف العرب الآخرون يتفرجون، وكأن شعار كل نظام (اللهم نفسي)، وقطري (أولاً...) هو السائد المعتمد. وأصبح الصمت التام هو سيد الأحكام.
بل إن هذا الوضع المزري من جانب، والخطير إلى درجة الانتحار من جانب، وصل إلى الفلسطينيين فتحقق للعدو ما سعى إليه طويلاً من شق الصف الفلسطيني تطبيقاً للمبدأ السياسي البريطاني "فرق تسد"، وهو ما نراه ونعيشه اليوم واقعاً ملموساً، فرأينا من بين هؤلاء دعاة للتطبيع مع العدو، وسعاة لقبول وجهات نظره، والإقرار بحقه فيما استولى عليه اغتصاباً وعدواناً. أصبح هؤلاء دعاة للرضوخ لمطالبه وتقديم مزيد من التنازلات (من أجل سراب السلام..!) ابتغاء مرضاته والتزلف إليه. ولو كان ذلك حتى آخر طفل فلسطيني وامرأة ورجل. بلى يجب أن ندفع له الثمن وجودنا ذاته.!
فعندما نغيب عن هذا الوجود يتحقق له ولهم السلام (الهادئ الشامل) بالفعل..!
إزاء هذا كله، وبعد الذي جرى في غزة، ومن قبله في لبنان، يتبين لكل ذي عقل وعينين، وأهم من ذلك كل ذي ضمير وطني وقومي، أن المقاومة هي السبيل الأوحد لعودة الحق إلى أصحابه ونصابه. فالمقاومة هي القوة التي من دونها لا يسترد ما سبق أن أخذ بالقوة.
من هنا وجبت الدعوة إلى العمل على قيام جبهة شعارها (العودة إلى الأصل في معركة الصراع مع العدو) أي المطالبة، والعمل على مبدأ تحرير (كامل التراب الفلسطيني) فالتقسيم كان ظلماً وافتئاتاً على الحق أصلاً، وهذا العدو مازال ماضياً في سياساته، مقيماً على ممارساته التي اعتمدها طوال العقود الماضية، سواء ما قبل 1967 أو ما بعدها في ظل دعاوى السلام، والمفاوضات، والمباحثات وما إليها من تسميات عديدة لعناوين بلا مضامين حقيقية على الإطلاق.
هذا النهج السقيم أثبت عدم جدواه، بل إنه لم يثبت سوى خطره الماحق على الحاضر والمستقبل للفلسطينيين وللعرب. هذا النهج لم يعد صالحاً لمزيد من العبث بالقضية المقدسة تلهياً بالقشور، وقتلاً للوقت وإضاعة للفرص.
المقاومة هي السبيل الوحيد الناجع لتحقيق النصر في النهاية، طال الزمن أو قصر. والزمن لن يطول كثيراً، فعنجهية العدو تكسَّرت أو كادت. وأمريكا الداعمة له، بغير حدود، لن تظل القوة الأكبر المهيمنة في عالم الغد، كما إنها لن تظل خاضعة ليهود متآمرين عليها هي نفسها. لقد زج هؤلاء بأمريكا في حروب دموية في أماكن كثيرة من العالم. من أكبرها وأشدها فداحة وأخطرها عليها حربي أفغانستان والعراق. كما أشركوها، على نحو أو آخر، في تشابكات وحروب أخرى معقدة في مناطق يسمونها هم بالشرق الأوسط، هادفين إلى إلغاء صفتها العربية. وقد أسفر هذا عن تدمير الاقتصاد الأمريكي، وإيجاد أزمة مالية على نحو لم يحدث له مثيل من قبل، حتى أزمة 1929 كانت أخف وطأة مما تعانيه أمريكا اليوم والعالم معها وبجريرتها. ثم انعكست آثار هذه الأزمة ونتائجها على معظم دول العالم، إن لم نقل سائرها.
هذا التراجع الأمريكي على أصعدة (القوة)، و(السياسة)، (والاقتصاد والمال) مرجعه التأثير اليهودي على الإدارة الأمريكية لحقبة طويلة من الزمن كان آخرها وأخطرها عهد الرئيس (جورج دبليو بوش) وعصابة (المحافظين الجدد) إياها.
وقد ترافق هذا التراجع مع بروز قوى عالمية جديدة، في روسيا والصين، وأوربا (كمجموعة)، وغيرها لم يتبلور دورها بعد.
إن شيئاً قائماً في العالم اليوم لن يبقى على ما هو عليه إلى ما لا نهاية. ونهاية الزمن اليهودي وشيكة بعد انكشاف حقيقتهم ومؤامراتهم وألاعيبهم في عالم (القرية الصغيرة). بل لعلها أضحت قاب قوسين أو أدنى، وأقرب مما يتصور الكثيرون. رحم الله نزاراً إذ قال:
إن هذا العصر اليهودي وهمّ
سوف ينهار لو بلغنا اليقينا
هذا اليقين عند المقاومة والشعوب العربية، والإسلامية (كتركيا وإيران) أمسى عقيدة راسخة لا تتزعزع، الأمر الذي سيفضي في نهاية المطاف إلى نصر مؤزر على العدو الذي يؤذن مشروعه باقتراب نهايته بالفعل، ليرحل هذا العدو عندئذ عن ديارنا مذموماً مدحوراً. نهاية توقعها العالم آنشتاين بقوله: (إني أخاف على إسرائيل أن تهزم نفسها بحماقات قادتها)([3])
من المهام التي ينبغي للجبهة المرجوة التي ندعو إليها، هي نفسها التي ينبغي أن تلقى على عاتق المثقف، والإعلامي، والسياسي، الفلسطيني والعربي حيثما كان، منها ما سنشير إليه في إيجاز بما يلي بداية:
*السعي والعمل لإعادة اللحمة إلى الشعب الفلسطيني، مقاوميه ومسؤوليه أمام عدو لا يفرق بين أحد منهم.
*دعوة الأنظمة التي تقيم علاقات واتفاقات مع العدو إلى وقف تعاملها معه، وإلغاء الاتفاقيات، سرية كانت أو علنية، الموقعة معه. لاسيما بعد أن ثبت لها ما انطوت عليه تلك الاتفاقيات من أضرار على بلادها وشعوبها.
*توعية سائر قطاعات الشعب العربي بالحقائق القديمة، والجديدة، والمستجدة في شأن الصراع مع العدو، وتعبئته للمقاومة، والاستعداد لمواجهة الأخطار القادمة والتي ستظل قائمة وقادمة مادام له وجود على أرضنا.
*مخاطبة الشعب الأمريكي، والشعوب الأوروبية باللغة التي تفهمها، لتعريفها وتوعيتها على الحقائق في هذا الصراع، بعد أن شاهدت الممارسات العدوانية الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة.
*العمل على الإفادة من المتغيرات الدولية، وبخاصة على صعيد الإدارة الأمريكية بعد التراجع الأمريكي عالمياً. لقد فقدت أمريكا الكثير من عناصر القوة التي أهَّلتها لفرض هيمنتها الظالمة المتجبرة على العالم حتى وقت قريب.
*العمل على خلق (عقدة الذنب) لدى شعوب الغرب لما قدَّم سياسيوهم للصهيونية من دعم وعون، على سائر الصعد، المادية والاقتصادية والتسليحية والسياسية، وفي المحافل الدولية، مما مكَّنها من إيقاع ظلم فادح على الفلسطينيين الذين لم يكن لهم (ناقة ولا جمل) فيما وقع في أوروبا في الحرب العالمية الثانية.
وليكن قوام ذلك سؤال كبير ينبغي إعلانه بأعلى صوت وأوضح صورة هو:
ـ هل من العدل في شيء تعويض يهود كانوا عندكم عن مظالم وقعت عليهم منكم بإيقاع ظلم على أبرياء لا يدلهم فيما حدث..؟ وهل يريح ضمائركم الحساسة نحو (الهولوكست) أن تحمِّلوا غيركم وزر ما صنعتم، هرباً من المسؤولية التي تقع على عواتقكم، إذا كان ذلك صحيحاً..؟ وأنتم من يعرف مدى صحته من عدمها..
*العمل على كشف أدوات الإعلام المغرض ـ أجنبياً وعربياً ـ والتنبيه لمحاذيره بمواجهته بإعلام قوي يعرض الحقائق ويدحض الأباطيل، ويتصدى للمفتريات والأضاليل.
*تعريف الساسة العرب ـ وما نخالهم إلاَّ يعرفون ـ بأن مستقبلهم مع شعوبهم وأمتهم، وأن مصالحهم ـ حتى الشخصية منها ـ على المدى القريب والبعيد، مع انتصار القضية الأم، وليس التواطؤ مع الخصوم، مسايرة أو تحسباً لعواقب محتملة، أو طمعاً في تحقيق مكاسب منتظرة، فالأعداء هم الأعداء لنا جميعاً، أياً كانت مواقفنا وانتماءاتنا. وليتذكروا كم خذل الغربيون من ساسة قدموا لهم خدمات جلّى على حساب أوطانهم، ولكنهم سرعان ما تخلى (السادة) عنهم عندما فقدوا أدوارهم كالبضاعة فاقدة الصلاحية. وليحذر كل منهم أن يأتي يوم يضطره إلى القول: (إنما أكلت يوم أكل الثور الأبيض..!)
* اتهام الغرب ــ من أجل حفزه على إعادة النظر في مواقفه، لعل وعسى ــ بمعاداة السامية متمثلة في العرب، هذه المرة، فالعرب ساميون. فهل من مسوِّغ للتمييز العنصري بين (سامي عربي) و(سامي يهودي) على فرض صحة دعوى هذا الأخير؟ جريمة العصر، بل سائر العصور التي حلت بالفلسطينيين على يد الغرب لا نظير لها على الإطلاق.
* التوجه إلى العالم الإسلامي لتنوير جمهرة المسلمين بأن القدس كعبتهم، وان مناصرة أهل فلسطين من أجل بيت المقدس وأكنافه واجب ديني، وفرض يقتضيهم إياه دينهم، ولا خيار لهم في ذلك.
ـ لماذا العالم الإسلامي:
ذلك العالم الإسلامي يمتد على رقعة شاسعة جداً من العالم في قارتي آسيا وأفريقيا كغالبية عظمى، ثم انتشار الإسلام في القارات الأخرى، أوروبا والأمريكيتين وأستراليا بأعداد كبيرة، لاسيما في الحقبة الأخيرة من الزمن. أي أنه يكاد يشغل جلَّ أرجاء الكرة الأرضية.. والكثيرون ـ في كل مكان ـ يدخلون في الإسلام وجلُّهم من المتنورين والمثقفين، بمعنى أنهم يدخلونه عن قناعة و وعي، وليس نتيجة لدعاية مقتدرة أو تأثراً بإعلام قوي. ربما لأن مزاياه التي اكتشفوها عن طريق الدراسة والإطلاع والبحث، مقارنة بما اكتشفوا أيضاً من ضعف النظريات والأيديولوجيات التي كانت سائدة حتى وقت قريب، كالشيوعية والرأسمالية وما إليها من نظريات مادية صرف، لم تجلب على العالم سوى المآسي والويلات، سواء على الصعيد الأخلاقي أو الاقتصادي أو الإنساني. وليس لنا أن نغفل عن أن دول العالم الإسلامي تزخر بالثروات الطبيعية ــ فضلاً عن الطاقات البشرية ــ التي لا غنى لأحد عنها في عالم اليوم، بدءاً من النفط حتى اليورانيوم، مروراً بسائر المواد والعناصر الضرورية للحياة الإنسانية المعاصرة. ما من أحد، إذاً، في مكنته تجاهل دور المسلمين بوزنهم وإمكاناتهم غير المحدودة في عالم اليوم على الإطلاق.
من ثم كان حرياً بنا أن نتوجه إلى عامة المسلمين في أرجاء العالم كافة، سعياً إلى استقطابهم لتبني قضيتنا، وإشعارهم بأنها قضيتهم هم أيضاً من الناحية العقائدية، وبالتالي اتخاذهم المواقف السياسية التي تتفق مع معتقدهم الديني. فالإسراء ورد في القرآن الكريم الذي هو كتابهم أيضاً، مؤكداً على أن الرسول u أسري به من المسجد الحرام في مكة المكرمة إلى المسجد الأقصى في القدس، وأنه من هناك عرج إلى السماء من جوار حائط البراق القائم حتى اليوم في مكانه في القدس الشريف.
يقول تعالى في كتابه الكريم:
]سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير[ [الإسراء،الآية 1 ].
لمزيد من التوضيح، نضرب مثلاً مما يفعل اليهود لاستقطاب من يستطيعون من يهود العالم حول قضيتهم الباطلة، ولو كان ذلك من أجل إضافة إلى العدد وحسب لصالح المسألة الديمغرافية التي تؤرقهم. يحدث هذا في الوقت الذي نُغفل نحن الإفادة من مليار ونصف المليار من المسلمين لجمعهم حول قضيتنا المحقة والشرعية والطاهرة.
لقد جاءوا بيهود (الفلاشا) من أثيوبيا ـ سبعة عشر ألفاً ـ الذين لا يكنون لهم احتراماً، ولا يضمرون لهم ودّاً، ولا يخفون استعلاءهم عليهم. ناهيك عمن جاءوا بهم من روسيا، ومن دول شرق أوربا، ودول شرق آسيا. وهم يستدعون هؤلاء باسم الديانة اليهودية... وحكاياها الخرافية.. أرض الميعاد.. وشعب الله المختار.. والتلمود.. والتوراة المكتوبة بأيدي أحبارهم ودجاليهم، في حين يخشى كثير منا استنفار المسلمين باسم الإسلام، خشية اتهامهم بالتخلف والتعصب والتشدد.. الخ هم يستنفرون أولئك بالباطل لإعانتهم على الظلم والعدوان والاغتصاب والسرقة والزيف، ونحن لا نستنفر إخوتنا في المعتقد على الحق والعدل والصدق.
وهكذا نرى العدو لا يكف عن جلب المهاجرين من كل مكان. فالعنصر البشري الذي يفتقر إليه هو هاجس الإسرائيليين الكبير. من ثم فهم يسعون إلى تلافي هذا النقص باستخدام شتى الأساليب ــ أياً كان نصيبها من الحقارة واللا أخلاق ــ ما دامت الوسيلة عندهم تبررها الغاية الميكيافيلية ــ إذ يلجأون إلى عوامل الإغراء حيناً ــ على أنهم سيجدون المن والسلوى في فلسطين. وإلى الترهيب حيناً كبث الشائعات عن أخطار تحيق باليهودي حينما كان، وأنه لا مكان آمن له سوى (إسرائيل) القادرة القوية ذات (الجيش الذي لا يقهر)...!
جدير بنا هنا التنويه بأن هذا التوجه لا شأن له بالمذاهب المختلفة أو بالممارسات المختلفة للشعائر الدينية بين بلد إسلامي وآخر، أو في قناعاتهم ورؤاهم. أي أنها ليست دعوة دينية إلى فئة أو مذهب أو جماعة، إنما هي دعوة خالصة، أساسها الانتماء إلى المشترك بيننا وبينهم. هي استدعاء للتراث والتاريخ لنصرتنا سياسياً على أساس من العقيدة المشتركة، حول القدس والأرض المباركة المقدسة.
لقد رأينا موقف إيران من القضية، وما كان لوقوفها كدولة ذات عقيدة إسلامية، ونظام إسلامي، من أثر بالغ وعظيم في صمود المقاومة وانتصارها في كل من فلسطين ولبنان. ولقد تحملت في سبيل موقفها المبدئي المخلص هذا لعقيدتها ما تحملت منذ قيام الثورة الإسلامية فيها عام 1979، ولم يثنها عن ذلك ترهيب ولا ترغيب. وما برحت تدفع الثمن وتتعرض لضغوط هائلة من قبل أنصار اليهودية العالمية، أعداء الإسلام والمسلمين منذ فجر تاريخهم، بلغت ـ فضلاً عن الحصار الاقتصادي القديم ـ حدّ التهديد بحرب ذرية، وما أدراك ما الحرب الذرية..!
ولعل المثل الإيراني هذا يبين لنا أن الثبات على المبدأ هو السلاح الأشد مضاء في هذا العصر الشقي من حياة البشر.
ولقد رأينا أيضاً ما كان لموقف تركيا من أحداث غزة، فلقد غيرت تركيا ــ نسبياً ــ مواقفها السابقة الممالئة للعدو بسبب من حكامها العسكريين، من وراء الستار. ونأمل منذ الآن في تغيير على نطاق أوسع وأشمل.
ورأينا كذلك التظاهرات الجماهيرية العارمة في شتى أرجاء العالم الإسلامي، من أندونيسيا وماليزيا إلى الباكستان وغيرها في كل مكان في الأرض.
إذن هذا الجانب ــ مصدر دعم هام وهائل لقضايانا ــ الذي أغفلناه طويلاً، والبالغ تعداده ــ كما ذكرنا من قبل ــ ملياراً ونصف المليار من البشر، الذين هم أنصار لنا بالطبيعة لو أننا أحسنا التوجه إليهم إعلامياً، والتعامل معهم، سياسياً واقتصادياً وثقافياً، لأصبنا الكثير من الغنم والجدوى والفائدة على أكثر من صعيد وأكثر من وجه.
وماذا عن أمريكا اللاتينية وأحرار العالم؟
هنالك كذلك، مواقف دول في أمريكا اللاتينية، كفنزويلا وكوبا وبوليفيا ونيكاراغوا، وشعوب تلك الدول، إضافة إلى شعوب أخرى في البرازيل وتشيلي، كلها كانت إلى جانب الفلسطينيين، شعباً ومقاومة، إبَّان العدوان الأخير على غزة. وعلى الذين مازالوا يخشون الجبروت الأمريكي ـ برغم تراجعه وتضعضعه ـ أن ينظروا إلى تحديات قادة دول في أمريكا اللاتينية لأمريكا نفسها، دول كانوا يطلقون عليها تسمية (حديقة أمريكا الخلفية) ليروا كيف يقف هؤلاء القادة تشافيز، وموراليس، وكاسترو، من قبل. فماذا استطاعت أمريكا أن تفعل إزاء تحديات هؤلاء، وبلادهم على (مرمى حجر) من أمريكا (قطب العصر) أو هكذا كانت..!؟
كما أن شعوب معظم الدول الأوروبية والآسيوية قامت بمظاهرات حاشدة تندد بالكيان الإسرائيلي، وبأمريكا المشاركة له في عدوانه، وبقادة دولهم الضالعين في المؤامرة، كبريطانيا وفرنسا.
أليس حريَّاً بنا ــ فلسطيين وعرباً ــ أن نتوجه إلى هؤلاء بحملات إعلامية متصلة، لا تتوقف مع انتهاء الأحداث الطارئة.. لأن العدو يعيد الكرة دائماً تلو الكرة، ولا يتوقف من جانبه عن عدوانه أبداً. أي أننا لا ينبغي لنا أن نبتهج لهذه الظواهر العاطفية، في حينها، ثم نتركها عقب انتهاء الحدث لتذهب نتائجها أدراج الرياح، وهو ما بدأنا نلحظه الآن عقب توقف إطلاق النار هناك. هذا، إذن، هو الوقت الملائم لتحرك فاعل في هذا الاتجاه، وهذه فرصة سانحة، ينبغي عدم إضاعتها لتذهب في غياهب الإهمال والنسيان. يمكننا الآن ــ إذا ما توفرت الرغبة والإرادة والإيمان ــ مخاطبة العالم بالصوت والصورة والفكر، لعرض قضيتنا عليه، لاسيما بعد أن عرف ــ المحايد منه والمنحاز ــ بالرؤية العيانية والمشاهدة الحسية حقيقة أولئك الصهاينة كعنصريين دمويين، معادين للإنسانية لكي يرى ويقرر، عن قناعة ويقين، ما إذا كان هؤلاء حقاً ضحايا (هولوكست) قديم أكل الدهر عليه، أم أنهم (إرهابيون) بامتياز صانعو (هولوكست) حقيقي نعيشه اليوم وفي هذه الساعة، صارخاً ملموساً لا وهماً وخيالاً، ومجرد ــ ذكريات ــ تملأ الآفاق رائحة دماء ضحاياه، ودخان حريق أجسادهم وديارهم، بأسلحة لم يتعرض لمثلها (ضحاياهم) أولئك. هم صانعو (هولوكست) واقع على الفلسطينيين منذ ما ينوف على سبعة عقود، والعالم إبان ذلك إما جاهل غافل عما يصنعون ــ نتيجة تعتيم شامل مدروس ــ أو هو صامت، نتيجة تواطؤ وضلوع ومشاركة عند فريق، أو هو غير مكترث، فالمسألة لا تمسُّه من قريب أو بعيد، عند فريق.
من عجائب الأمور ـ كأنموذج صارخ على تقصيرنا ـ أن أعداءنا عملوا دائماً، وما انفكوا يعملون على تصويرنا على غير ما نحن عليه، ملصقين بنا صفات هي أبعد ما تكون عن حقيقتنا التي نحن عليها، معتمدين الكذب والافتراء والزيف، فيما نحن نتهاون، بل نغفل العمل على التعريف بهم، وبما هم عليه من إجرام وتخلف إنساني وانحطاط أخلاقي، وهذا الذي نقوله فيهم ما هو إلا الحقيقة الدامغة عينها.
صمتنا الذي امتد طويلاً ــ كعرب وليس كفلسطين فقط ــ أسهم في الكثير مما أصابنا وما حلَّ بنا، وهو الغني عن كل بيان. وعلى الرغم من إدراكنا لهذه الحقيقة الصارخة نستمر فيما نحن فيه وعليه، لا نسعى إلى تغييره، وكأنه قدرنا الذي لا فكاك لنا منه. ثم نعتب على الآخرين، فكأننا ننتظر من الآخرين هؤلاء اللجوء إلى التنجيم لاكتشاف الحقيقة عنا وعن عدونا الأزلي.
حكومتهم الجديدة ـ القديمة ومعطيات الراهن.
الآن...
هاهي حكومتهم الجديدة تشكيلاً من حيث الزمن، القديمة في عدد من عناصرها ـ باراك ونتنياهو ـ وفي توجهاتها العدوانية المعهودة، وتسابق أعضائها في إطلاق التهديد والوعيد، والنظريات والتنظيرات العنصرية الإرهابية، التي تكشف مدى تخبطهم وارتباكهم وعجزهم عن دفع الشعب الفلسطيني للرضوخ إلى مشيئتهم، وبالتالي تحقيق أهدافهم وأحلامهم. وها هو ذا أحد أقطابها يعلن عن مبدأ (السلام مقابل السلام)..! ما شاء الله... أي الزموا الصمت والهدوء واقبلوا بالوضع القائم، ومزيد منه في المستقبل، أيها الفلسطينيون ـ ومعكم عربكم ـ اقبلوا التسليم والاستسلام لكل ما يمكن أن نمليه عليكم مقابل: (سلام) نمنحكم إياه بتخفيف الحصار عنكم مثلاً، وبالإقلال من عمليات القتل والاغتيال الجارية عليكم. سوف نتصدق عليكم بهذا (السلام) الذي يُبقي عليكم أحياء على الأكثر. سنعمل على (عدم الإفراط) في استخدام القوة تبعاً للنصائح التي تقدم إلينا عادة من الأصدقاء والمحافل الدولية...! ونصائحهم إليكم بـ (التحلي بضبط النفس..!).
وهكذا ينتهي كل شيء فلا عودة للاجئين، ولا أرض عائدة، ولا قدس باقية، ولا أقصى يظل قائماً. هذه مقولة (نتنياهو) رئيس وزرائهم الجديد والأسبق. ولم ينس الرجل أن يؤكد، بالمناسبة، بأنه ليس هناك أي احتمال لقيام دولة، أو حتى شبه دولة فلسطينية.. ولا ما يحزنون.
أما ذلك (المحترم) القادم من ليتوانيا.. الزاعم، عقب لجوئه إلى ديارنا بأنها (بيته) فقد أعلن، مستنسراً كالبغاث، عن عدم اعترافه بأي اتفاق سبق، فلا اعتراف بما أسموه (أنا بوليس) أو (بلاي ووتر) أو (خريطة الطريق) أو أي من أخواتها ـ برغم أنه لم يكن فيها شيء لصالح الفلسطينيين قط ـ ومن لا يعجبه ذلك من هؤلاء فلنلق به في البحر الميت...! هذه هي الأقوال الحرفية لحارس المقهى الليلي في بلدة (مندوفيا بليتوانيا) المدعو (افيغدور ليبرمان)(([4]..أليس من نكد الدنيا أن يرى الفلسطينيون أمثال هذا الأفّاق يتحدث في مصيرهم كشعب وعن بلادهم كوطن..؟
أما (الجنرال) ـ الفيلدمارشال ـ باراك، فهو منذ الآن يشمّر عن ساعديه استعداداً للذهاب بجحافل جيشه (المهزوم) إلى غزة من جديد، لتخليص تلك الحشرة الفريدة (في عظمتها وأهميتها) المدعو (جلعاد شاليط) من الأسر..! ولكن ألم يحاول (باراك) ذلك بالأمس وكان حليفه الفشل الذريع؟.
ولم ينسوا ــ في غمار الهستيريا المهيمنة اليوم على تفكيرهم ــ تهديد المقاومة اللبنانية. كما إنهم لم يغفلوا الإعلان ــ للعالم كله ــ بأن إيران تمثل (الخطر الحقيقي) على ذلك العالم وأمنه وسلامته. يسعون من وراء ذلك إلى حشد القوى الغربية الضالعة معهم دوماً، وراء نوايا عدوانية ما زالوا، وسيظلون يبيتونها نحو إيران، بسبب دعمها للمقاومة العربية والإسلامية، في أي مكان وجدت. إزاء هذا كلّه هل سيكف المنادون ــ كذباً ونفاقاً أو حفاظاً على المكاسب والمنافع ــ عن التشدّق بما أسموه طويلاً بـ(السلام)..؟
ولكن من جهة ثانية ــ وعلى ضوء ما هو قائم واحتمالات ما هو قادم ــ ومع بوادر التراجع الإعلامي، وتخافت الحماس الجماهيري العاطفي، التي أخذت تلوح في الأفق في ظل الهدوء النسبي الخادع راهناً، هل ترانا سوف نعتمد نهجاً مغايراً لما كان يجري من مراوغات ومفاوضات ومداولات وطروحات، بدعاوى كاذبة خادعة حول (سلام) و(تسوية) و(هدنة) وما إليها، وليس لها جميعاً من هدف سوى إضاعة الوقت في جانبنا وكسبهم إياه لجانبهم، للمضي في مخططاتهم وممارساتهم لتثبيت كيانهم بخلق الظروف التي تمكنهم من تحقيق أهدافهم؟ نقول هل ترانا سنعمد إلى الانقلاب على كل ما كان سائداً استعداداً لمعركة التحرير القادمة، اعتماداً على المقاومة، والمقاومة دون غيرها أم تُرانا عائدون إلى طبيعتنا المعهودة، فنستنيم مطمئنين إلى النتائج الأولية لانتصار المقاومة في غزة، لندع الأمور تسيِّرها المقادير والظروف التي يخلقها العدو، ليكون هو المقرر والمبادر لفرض الوقائع وتسيير الأحداث، فارضاً علينا رد الفعل ـ المرتجل غالباً ـ حيال كل حدث على حدة، لتصدق علينا نظرية ابن خلدون في مقدمته القائلة (بأن من صفات العرب النفسية ــ السيكولوجية ــ أن لهم في كل أمر من حياتهم هجمة، ثم تراهم مع الزمن يتراخون ويملُّون ثم ينسون..)..!
إنا لنربأ بشعبنا ومقاومتنا أن يكونوا كذلك، هم ومن معهم من العرب الممانعين والمتصدين للعدو، ومن مسلمين مدافعين مخلصين للقضية المقدسة، ومن أحرار العالم في كل مكان. كما إن لنا الأمل الوطيد في مواصلة المسيرة على طريق النضال في سبيل إحقاق الحق وانتصار الحقيقة، فالحق لابد منتصر في نهاية المطاف.
([1]) هنري كيسنجر يهودي ألماني الأصل. وزير الخارجية الأمريكية في هد الرئيس ليندون جونسون.
([2])كيف يكون السلام (عادلاً) و(شاملاً) إذا لم تعد فلسطين بكاملها لأهلها وحقهم في العودة إليها. ولكن المنادين بهذا الشعار لا يعنون هذا بالطبع. هم يعنون ما حدث بعد عام 1967 فقط وهو ما وصفوه تحت شعار (إزالة آثار العدوان) وكأن ما سبق هذا العام كالتقسيم وما أعقبه من ضياع معظم الأرض الفلسطينية واحتلالها من قبل العدو لم يكن عدواناً.
([3])ألبرت أينشتاين عالم يهودي وهو مكتشف نظرية النسبية التي غيرت الكثير من نظريات الفيزياء والفلك وصولاً إلى اكتشافات الذرة وطاقاتها الرهيبة في الحرب والسلم على السواء.
([4])ذكرت الصحف الإسرائيلية أن المذكور (ليبرمان) يخضع للتحقيق في مئات من قضايا الفساد والسرقة. أما نصيبه مما سرق من بلادنا فلن يحاكمه عليه أحد بطبيعة الحال.
[/align]</H1>
|
|
|
|