الموضوع: سماحة السيد؟؟؟
عرض مشاركة واحدة
قديم 03 / 02 / 2008, 25 : 09 PM   رقم المشاركة : [1]
هشام البرجاوي
ضيف
 


سماحة السيد؟؟؟

[align=right]

سماحة السيد...؟
نشرت لجنة فينوغراد المتخصصة في دراسة الحرب 2006 في لبنان، تقريرها النهائي حول مأساة يوليو، التي يعتبرها محللون و ملاحظون كثر مكسبا بارزا للإصطفاف العربي، بل وصلت "اجتهاداتهم" إلى وصف ثلاثين يوما من القصف و الأهوال المتتابعة على الشعب اللبناني بالنصر الالهي. و في تعليقه على التقرير، اتهم حزب الله اللجنة باخفاء حقائق كثيرة و أضاف التنظيم الراعي لمصالح ثورة الملالي المصممين أيديولوجيا في دهاليز المخابرات الغربية و لحظات الألتهاب الذاتي الإسلامي و لصوص ثورة الشعب الإيراني ذات المنطلق الشيوعي، أن معطيات التقرير لا توضح معالم النصر الإلهي المهيب، حتى أن أحد شيوخ الشيعة التابعين لإيران، أكد لمقلديه أن الملائكة التي يشرف عليها الإمام المنتظر أسهمت في تحقيق الفوز و سحق الجيش الإسرائيلي؟ و زعم هذا الإمام المرشد أنه تلقى هذه الأخبار الغيبية خلال لقائه مع الإمام الحجة، المعروف بصاحب الزمان و المهدي و أسماء حسنى أخرى لدى معتنقي المذهب الإثنا العشري في الفكر الشيعي. و يشهد حاليا كل من العراق و لبنان، إثر تراجع الفعل القومي التنويري التقدمي، استشراء مثل هذه الأباطيل المفترسة لإنسانية المواطن العربي، رغم أن لبنان احتضن الشرارة الأولى لليقظة العربية و رغم أن العراق مهد الحضارات و أحد المراكز الرئيسية لانطلاق الفكر القومي التقدمي فاتحا للعقل العربي و محررا إياه من أصفاد الرجعية و الظلامية، رغم كل هذا التاريخ العريق و الرائد في المعرفة الإنسانية، فإن بغداد حاضرة العرب الثوار تتعرض لمسلسل تخريب منظم، يتزعمه اكليروس جديد، يستهدف قيم الشعب العراقي و المفاهيم التنويرية التي ترسخت في أذهان المواطنين العراقيين منذ ما يقارب المائة عام هي عمر الدولة العراقية العصرية بعد طرد الإحتلال البريطاني.
لقد استمتع خطاب حزب الله بغطاء إعلامي واسع، إذ أطلقت الفضائيات العربية و الكتابات السياسية القارئة لحرب2006 مصطلح:"الحرب السادسة" على جريمة سافرة بحق السلام الأهلي و السياسي و الإستقرار الاقتصادي في لبنان، و هو المصطلح البريء لو اقتصر على الترتيب الزمني للإحتكاكات العسكرية بين العرب و اسرائيل لأجل استقلال فلسطين، لكنه يتضمن قراءة مغرضة و تزييفية لمسيرة ملأتها دماء الشهداء و شابتها هزات تراجع و تصدع. و صورت حرب تحوم حولها تساؤلات نوعية في خطورتها، على أنها منعطف تاريخي في الصراع العربي-الاسرائيلي. و بينما تعالى التطبيل الإعلامي الممتزج بالهرج و المرج الجماهيريين، دحرت أصوات خافتة تدعو الشعب العربي و الخبراء و المحللين الباحثين عن الموضوعية و الإنصاف، إلى التدقيق في معطيات و بيئة كارثة2006. لبنان أصبح عراقا آخر: ساحة مفتوحة لكل أشكال الصراع و الإحتراب المتكثفة في منطقة الشرق الأوسط، و في مقدمتها الصراع الهزلي الإيراني-الغربي، حيث تذرع معممو طهران بالإعانات الإنسانية و حزب الله ،تابعهم التاريخي و الأيديولوجي البار، للزيادة من حجم الخلاف الداخلي اللبناني الذي لا ننفي دور دول غربية في تأجيجه أو على الأقل الحفاظ عليه.
ماضي حزب الله و مقاصده مشهورة، و لا يوجد ما يستوجب اجترارها. ما كان مهما و دالا في تعقيب حزب الله على تقرير فينوغراد مفردة:"حقائق كثيرة". ما من شك أن واضع البيان الجوابي لحزب الله مقتنع بنجاعة التحريف الذي خصص للحرب، و تعريفها على المستوى الجماهيري بكونها فترة مضيئة في مسيرة القضية الفلسطينية(أصبحت فلسطين الجدار الواطي لكل متسلق مارق). السؤال الذي يفرض نفسه: ما هي الحقائق الكثيرة التي تغاضى عنها فينوغراد و خليته؟. تتصدر الحقائق الكارثة الوخيمة التي حلت باللبنانيين، فقد دفعوا الاقتصاد و التوازن السياسي ثمنا باهظا لوجود فصيلين مسلحين متباينا التوجه: هما المؤسسة العسكرية أي الجيش و مقاتلو حسن نصرالله، فالجيش النظامي لن يقدم على عملية أسر جنديين تابعين لدولة تمتلك التفوق التقني و تأييد كل القوى العظمى في العالم، و الجيش لن يتسبب في تحويل بلد لقب في الماضي القريب بسويسرا العرب إلى مستجد للمساعدات الخارجية، التي تنصل منها العرب و تركوها منفذا مزدوجا يسمح من جهة بتدفق التسربات الأجنبية على المسائل الداخلية اللبنانية، و من جهة ثانية أتاح لنصرالله أن يجدد تمويل مجنديه و ينعش منظمته بعد شهر من الإستنزاف. مع العلم أن تفوق نصرالله على باقي عرب ايران في تقديم الطاعة والولاء للإيرانيين جعل علي خميني ينتقيه وكيلا شرعيا له في لبنان. و الحقيقة الأساسية الأخرى التي أعاد اثباتها تقرير فينوغراد، أن العرب لا يتدخلون إلا بعد أن تنضج الأزمة، أما المحاولات الاستباقية لتفاديها، فترسيخ و توريث السلطة لضمان الخلود السياسي، و نثر قطع الديمقراطية على اللاهثين، و سحل المعارضين، تعد أولويات مقدسة لكل زعيم عربي.
لقد حفض نصر الله كل الأتعاب التحليلية و التأملية، فخلال احدى خطاباته المفعمة بالشعارات، قال إن حزبه يملك صواريخ تستطيع زعزعة العمق الإسرائيلي غير أنه فضل قصف مناطق العرب الفلسطينيين المتحدين للإحتلال في حيفا؟ ما معنى أن يقتصر حزب الله على استهداف الشمال الإسرائيلي حيث يقطن العديد من الفلسطينيين المتشبثين بأراضهم و هو يعترف أن ميليشياته قادرة على ايصال صواريخها إلى العمق الإسرائيلي؟. و بعد الغزو الأمريكي للعراق أصبحت "حزب الله" تسمية مستشرية في الأوساط الشيعية العربية المؤيدة لإيران، فعلاوة على حزب الله اللبناني، تشكل حزب الله آخر دس إلى العراق. و كل البلدان العربية التي تشكل فيها طائفة الشيعة جزءا من المجتمع مرشحة لأن يكون لها حزب الله الخاص بها، و قد نحصل على العديد من أحزاب الله التي ستهيج آلة البطش الإسرائيلية ضد أي دولة عربية تسير نحو الاستقرار و نسف تبعيتها لقوى أجنبية.
لتنظر الشعوب العربية و المثقفون العرب إلى المآسي المتناوبة على الشعب العراقي، ليدركوا أن الديمقراطية لا تأتي من الخارج، و إن أتت، فتكون محملة بالطائفية و التفتيت. و لن أكون أول أو آخر من يناشد المثقفين العرب و الإعلام العربي تحقيق جهود متكاملة لتعريف الشعب العربي بالأخطار الحقيقية التي تهدد هويته و مساعي التنمية البشرية في عالمنا العربي.و ما دام الوضع العربي الراهن يستلزم تعبئة جماهيرية شاملة، فإن مفاهيم المهنية و الموضوعية التي يتذرع بها الإعلام العربي لتقديم الوضع العربي الراهن في صيغة تيارات متناقضة يختار منها الجمهور العربي التي تنسجم مع تطلعاته. إن هذه الرؤية الإعلامية تلائم مجتمعا يعيش الديمقراطية، و يملك قناعة تاريخية واضحة، و إلا فإنها تتغيا الإمعان في التضليل.
[/align]

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
  رد مع اقتباس