13 / 02 / 2010, 16 : 12 AM
|
رقم المشاركة : [4]
|
مهندس يكتب القصة ، الرواية ، الخاطرة ،والأدب الساخر
|
رد: حلقات مسلسل مذكرات الفتى الطائش
الحـــلقــــة الرابــعة
[align=justify]بلمح البصر خطرت لي فكرة الفرار مرة أخرى ، لكن أين المفر من بطش أبي ، الله يسامح أمي التي لم تستطع الصمود أمام صرخات أبي التي كانت بشكل العاصفة التي تضرب المدينة النائمة في جنح الليل الدامس، أذكر أنه مرة رماها بمفتاح حديدي فقط لأن وجبة العشاء كان ينقصها الملح فأحدث حفرة بترولية لم تنطفئ لعشرات الأيام ، ما بالك بالذي قمت به و بتسترها على هروبي من عرين الأسد .
كان الحائط الفاصل بين منزل خالتي و منزل عمتي" الطاوس" الملقبة "برتشر قلب الأسد" أيامها لا يتعدى ارتفاعه المتر ، بالطبع لدواعي أمنية لم تكن هناك حدود بين الدولتين أي المنزلين لكي يسهل تهريب الغداء و الأخبار و أشياء أخرى ، لذلك سهلت عملية فراري من غير علم خالتي التي وصل صوت صراخها مع أبي الى أذني الصغيرة و انا أهم بالقفز ، من شدة ارتباكي حطمت جرة الماء في طريقي و بعض المعالم التاريخية و التحف المستوردة بالعملة الصعبة، هل تعلمون أن خالتي الطاوس كانت تملك تحف غريبة لم أقدر ثمنها بسبب صغر سني ، لو عرفت لكنت صادرتها لدواعي تأريخية طبعا ، لم يحس بي أحد لأن عمتي الطاوس كان سمعها منخفض ، فقد فقدت جزء منه بسبب انفجار قنبلة يدوية بقربها أيام حرب التحرير ، من ذلك اليوم سميت" برتشر قلب الأسد" لشجاعتها و عدم خوفها .
خرجت إلى الشارع بسرعة الصاروخ ، ما هي إلا لحظات حتى وجدت نفسي أعوم في دمائي بسبب خبطة من سيارة الشرطة ، هل وجدتم مفارقة أكثر من هذا ؟ سيارة الشرطة أوقفت هربي و كأن طيشي لا يوقفه الا رجال البوليس ، حملوني على جناح سيارتهم التي كانت تنفث دخان يقتل حتى الحشرات السامة ، قال لي الشرطي الذي كان يرتعد خشية أن أموت " لماذا يا ناموسة كنت تسرع و تقطع الطريق في استعجال " ؟ قلت له في داخلي " لو عرفت ما قمت به لأخذتني إلى معتقل (قواتنامو) بدل المستشفى " ، فضلت الصمت و أسقطت دمعتين مصطنعتين بينما أكمل هو الطريق نحو مستشفى الاستعجالات .
المبنى كان رائع جدا ، هندسته بمثل هندسة قصور العصور الغابرة و التي أكل عليها التراب و مات ، لونه الخارجي كان أحمر فاقع لونه لا يعجب الناظرين ، بوابته كانت مثل بوابة سجن المجرمين المحكوم عليهم بالشنق، عند دخولنا رحبت بنا مجموعة من القطط المفترسة و كأنها كانت تقول لي " لماذا أتيت ؟ ستنقص علينا الفضلات " ، الفئران المدورة و المكورة فضلت الاختباء لكي ترحب بقدومي ليلا .. على طريقة أفلام رعاة البقر بالتأكيد .
لم أحمل على العربة المجرورة الخاصة بالاستعجالات ، إنما على عربة كانت تستعمل لتشييد جدار فاصل ، لا تخافوا هو ليس الجدار الفاصل الذي في مخيلتكم الآن ، وضعوني في سرير كان صاحبه قد مات بسبب مرض أنفلونزا الجراد و القمل، هكذا سمعت الممرضة تقول للشرطي الذي أحضرني .
أوصى بي المسكين العاملين على الرغم منهم بعد أن قال لي " سأخبر والدك بما حدث " .. قلت في أعماق أعماقي " و الآن الى أين المفر؟ " ... يتبع[/align]
|
|
|
|