[نصيرة تختوخ]

[align=center][table1="width:95%;"][cell="filter:;"][align=center]التطهير العرقي لحيفا والتواطؤ البريطاني اللاإنساني
جانب آخر من جوانب ظلم القرار الأممي 181للفلسطينيين هو جعل حيفا ضمن المنطقة اليهودية وبذلك منح اليهود الميناء الكبير و الوحيد في فلسطين و إخضاعه لرقابتهم .كان الصهاينة بدورهم يريدون حيفا بمينائها لكن بدون ال 75000فلسطينيا الذين يسكنونها.غادر عدد من أغنياء و نخبة حيفا إلى بلدان مجاورة في انتظار أن تهدأ الأوضاع تاركين خلفهم 60000فلسطينيا دون زعامة أو قيادة حقيقية وكان البريطانيون رغم تعجيلهم لموعد رحيلهم وتغييره من أغسطس لماي لازالوا متواجدين بأعداد كبيرة بحيفا في أبريل 1948 مما يفرض عليهم نظريا ضرورة حماية سكان حيفا ويضع مسؤولية أمن الحيفاويين الفلسطينيين على عاتقهم ما لم يقوموا به، بل وبقي تصرفهم السلبي ،كما وصفه ساسة بريطانيون، أكبر وصمة عار في تاريخ بريطانيا الشرق الأوسط .
الهجمات والتفجيرات التي كانت قد بدأت في الشهور الأولى من 1948إستمرت و تكثفت في بداية أبريل 1948.
في 18من أبريل حين تم ترحيل أهالي طبريا استدعى اللواء البريطاني هوغ ستوكويل ،السلطات اليهودية في حيفا في مكتبه و أخبرهم أنهم بعد يومين سينسحبون من المقرات التي خدموا فيها كمَصَدَّاتٍ بين العرب واليهود والتي كانت حاجزا يمنع القوات الصهيونية من الهجوم على المناطق الفلسطينية التي كان يسكنها ما يزيد عن خمسين/50000ألف فلسطيني.
صار طريق للتطهير العرقي لحيفا مفتوحا وأوكلت المهمة لدورية الكرمل الصهيونية وكانت واحدة من أقوى الدوريات حيث ضمت ألفي/2000عنصر.
تحولت ما سميت في البداية بعملية المقصMisparayim إلى عملية 'التخلص من العجين المخمر ' Biúr hametzو رمز هذا الإسم لما يقوم به اليهود في الليلة التي تسبق عيد الفصح من التخلص من أي أثر للخميرة والخبز في البيت ،لأنها محرمة في أيام عيدهم ذاك، لكن الإسم دل على التطهير العرقي الشامل لحيفا.
كان فلسطينيو حيفا الخبز و الخميرة التي يجب التخلص منهما في ليلة 21أبريل/نيسان.
كان ستوكويل يعلم بالهجوم الصهيوني فاستدعى إلى مكتبه أربعة من القادة الفلسطينيين وأخبرهم أنه من مصلحة سكان حيفا أن يغادروها الشيء الذي جعل ثقتهم فيه تنهار وجعلهم يتوقعون الأسوء وبينما هم يناقشون ذلك سمعوا مكبرات الصوت تنصح النساء و الأطفال بمغادرة المدينة قبل أن يفوت الأوان.
في الجهة الأخرى من المدينة إرتفعت أصوات مكبرات أخرى تابعة لعمدة المدينة شبتاي ليفي ،الرجل الذي أثبت أنه متحضر بكل ما تحمله الكلمة من معنى ، تطلب من الناس أن يبقوا في مدينتهم ويعدهم بأن لاشيء سيحدث لهم.
لكن مردخاي ماكلف قائد دورية الكرمل الصهيونية هو من قرر في النهاية ماسيحدث و ليس شبتاي ليفي.
كانت أوامر ماكلف لجنوده واضحة:'أقتلوا كل عربي تصادفونه، أشعلوا النار في أي شيء قابل للاحتراق وفجروا الأبواب '.(مردخاي ماكلف صار لاحقا واحدا من رؤساء قوات الدفاع الإسرائيلية).
دب الهلع في حيفا وركض السكان العزل تاركين خلفهم كل ممتلكاتهم ,أغلبهم توجهوا إلى الميناء لعلهم يجدون مركبا يأخذهم إلى بر آمن أما بيوتهم المهجورة فكانت تقتحم من طرف المقاتلين الصهاينة خلفهم لتنهب و تسرق.
عندما دخلت غولدا مائير حيفا وجدت صعوبة في إخفاء إحساسها بالتأثر برعب ماحدث ، عند دخولها للمنازل كان الأكل المطبوخ لازال على الموائد وألعاب الأطفال والكتب مرمية على الأرض، كانت الحياة وكأنها تجمدت للحظات.مائير كانت قد قدمت من أمريكا حيث هاجرت أسرتها من روسيا إبان المذبحة المدبرة وفي ذلك اليوم ذكرها مارأت بماحكته أسرتها لها وماوقع لليهود منذ عشرات السنين؛ لكن يبدو أن هذا وإن أثر فيها للحظات لم يثنها عن مواصلة التطهير العرقي هي وزملائها لكل فلسطين.
في صباح 22أبريل بدأ الناس يتدفقون على الميناء وبينما حاول زعماء فلسطينيون إرشاد الناس و تنظيمهم بمكبرات الصوت للوصول بأمان إلى الميناء فقالوا لهم مثلا بأن يتجمعوا في ساحة السوق القديم بجوار الميناء، أعطى ضباط دورية الكرمل الأمر لرجالهم بتثبيت مدافع الهاون في أعالي المرتفعات المطلة على السوق ذاته وإطلاق النار على التجمعات الفلسطينية.
لم يكن السوق يبعد عن الميناء حتى بمائة متر لكن الصهاينة أرادوا أن يعجلوا برحيل الحيفاويين وأن يدفعوهم إن لم يموتوا لاتجاه واحد هو خارج فلسطين.
تدافع الناس في هلع نحو القوارب يملؤونها لدرجة جعلت بعضها يغرق بما فيه من شدة الثقل و كان ماحدث مهولا ومرعبا لدرجة أن التقارير التي وصلت لندن جعلت وزير الخارجية إرنست بيفين يغضب بشدة من تصرف ستوكويل لكن رئيس هذاالأخير المباشر حماه ودافع عنه .
جاءت آخر رسالة من ستوكويل إلى الزعماء الفلسطينيين بحيفا بمايلي:
'نحن نشعر ببالغ الأسف و عميق الألم لعدم التفهم من جانب السلطات البريطانية لمد العون للجرحى رغم مطالبتنا لهم بذلك '.[/align][/cell][/table1][/align]