[خالد حسون]

في ليلة زمهريرية باردة جدا، خرجت من منزلي أتجول في الشارع لأبحث عن راحة البال التي أفتقدها، حيث كان الشارع ساكنا لا ضجيج فيه، الا قليلا من الكلاب التي كسرت بنباحها هذا الهدوء المخيف.كانت الثلوج تغطي معظم الطريق، و كنت تحت مظلتي أحتمي من المطر، و أفكر فيما علي فعله كي أرتاح ويطمئن بالي. اشتد الضباب وتكاثر هطول المطر، فقررت الرجوع الى منزلي. بينما أنا في طريق العودة اذا بي أفاجأ بنور قوي يتجه نحوي ويزداد توهجا حتى أغشي على بصري و لم أعد أرى شيئا فصعقت وفقدت وعيي. فلما استيقظت من غيبوبتي التي لم تدم الا بضع دقائق، وجدت شخصا واقفا أمامي يرتدي جلبابة بيضاء تغطيه كاملا الا وجهه ويديه ورجليه، حيث كان وجهه مستديرا ليس عليه علامات تدل أنه من البشر وأظافره طويلة أكثر من اللازم فنظرت الى رجليه وفوجئت بإحدى قدميه التي كانت قدم معزة والأخرى قدم ثور بالتحديد، فتيقنت أنه ليس من البشر فخاطبني: السلام عليكم
ذهلت وقلت في نفسي: كيف يعرف الاسلام وهو ليس من البشر?فأجبته بصوت متقطع: وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته.
فقال: أنا من عالم الجن أتيتك وأرسلت خصيصا لك فاطلب ما أنت بحاجة اليه.
راودتني كثير من الأفكار المخيفة عندما علمت أنه من الجن، خصوصا أنني أهاب الجان و ما أسمع عنهم من خرافات و ما يلحقون ببعض البشر من سوء.
فقلت له: وهل الجن يعرف الاسلام والقران?
أجابني بصوت عال ومخيف: نعم أنا جن مسلم وأومن بالقران...ألم تسنع قول الله تعالى: (قل أوحي الي أنه استمع نفر من الجن فقالوا انا سمعنا قرانا عجبا يهدي الى الرشد فامنا به ولن نشرك بربنا أحدا).
أجبته:نعم..لكن نسيت.
اشتد غضبه وارتفع صوته: يجب على المؤمن ألا ينسى ذكر الله في أي وقت وزمان.
أجبته وأنا خائف: نعم..صحيح.لقد أصبت.
قال لي: و الان وقد تعرفت الي أطلب ما تريد وما شئت.
قلت له وما زالت علامات الخوف ضاهرة علي:أطلب منك راحت البال و النوم الهادئ.
فقال بثقة كبيرة: اذهب فلك ما شئت ورحل.
تبخر هذا الجني في الجو كأن شيئا لم يكن.
ذعرت و هرعت الى منزلي مسرعا خائفا ومضطربا...