رد: نور الذي وهبني النور
سيدتي هدى مساؤك الطهر والخير
قد أخبرك بشيء من الذاكرة لأنهم دمروا الوثائق ..!
إنا عشنا في تقلبات مختلفة على قصر الزمن الذي مررنا فيه
فعندما بدأ نور الدين الخطيب " شاعرا أديبا مسكونا بالحب "
كانت المرحلة تشعّ منها مناخات الأمل بغد " مشرق عزيز "
يطل على أمتنا العربية بالوحدة والتحرر / أو بالتحرير والوحدة
والآمال كبيرة بتحرير فلسطين وما هي إلا جولة صغيرة يعود
فيها الحق إلى أصحابه ... والنظرة في تلك المرحلة بالنسبة إلى الفلسطيني
- بشكل عام - خصوصا في لبنان كانت نظرة تحمل معاني الاحترام والتقدير
باعتبار أن الفلسطينيون متعلمون مثقفون على عكس ما أشيع " تبريرا "
أن الفلسطيني كان " مهانا " ومضطهدا على كل صعيد ؛ على الرغم مما شابّ النظام
اللبناني في مرحلتي كميل شمعون وفؤاد شهاب من عيوب ومرحلة
ساد فيها القلق والحذر حتى ضد اللبنانيين .
فعندما انخرط نور الدين الخطيب في النضال الفلسطيني والعمل الوطني والقومي ،
كان ينطلق مستندا على مجموعة معطيات ومتغيرات دفعت برجالات على هيئته وصفاته
/ المُحبّة أصحاب الخلق الصادقين / نحو خلق أو تأسيس هيئة سياسية تتمتع بتأييد
واسع من الفلسطينيين تمثلهم ، فهيئوا الأرضية لقيام " منظمة التحرير الفلسطينية "
التي عمل لها ومن أجلها المخلصين على رأسهم أحمد الشقيري ومن معه
والتي تبناها العرب في مؤتمر القمة الذي أقرها كهيئة سياسية تمثل مجموع
الفلسطينيين ... فنور الدين الخطيب هو ابن تلك المراحل ، وأحد صنّاعها الفاعلين ..
وعبثا يا ابنتي حصولك على أية وثيقة عن تلك المرحلة .. لأن المرحلة التي تلت
هي مرحلة ساد فيها الخداع ، بل هو عصر الخداع الكبير ؛ عصر الأكاذيب ،
وعصر أحط الرجال .. حيث نُحيّ فيه العلم والعلماء أصحاب المعرفة
وأقلام الحق ، وبرزت على واجهة التسويق المرتبطين بمختلف أجهزة مخابرات العالم
.. وأصحاب الأسماء الوهمية ، وسُرقت حتى دماء الشهداء وجُيّرت للعابثين ،
فكيف بأصحاب الفكر والمعرفة المناضلين الأصلاء ..!
تسألين عن التوثيق يا ابنتي ...! ومنظومة كاملة مترامية الأطراف تبدأ من
أصغر شارع حتى عواصم الدنيا كلها اتفقت على تدمير ذاكرتنا .. دراسات حرقت ،
وأبحاث دُمرت ، وكلمات حب قيلت على لسان شخص لم ينتجها ..! وتسألين .. وتسألين .. ..؟
والتزوير والتشويه تجاوز حتى الرجال إلى الأوطان وباعوا فيها – كما قال نزار –
حتى " أنجم الليل وأوراق الشجر " وتستغربين يا ابنتي كيف أطبق الصمت
على قلب رقيق .. وكيف وافته المنية وكان له أعز صديق ..؟
ربما كانت شهادته رحمة من عند الله الا يعيش وكمن مثله وعلى مثله
حتى لا يرون الزمن القادم بعدهم أصبح فيه " المناضلين "
تجارا للرقيق ..!
رحم الله الأديب والشاعر والمناضل والشهيد
وألف عزاء لشعبنا أن صوت الصدق ، صوت نور ،
صار ضوء ، صار قلم صدق وهدى ، وليعش في
قلبك النور الذي وهبه لك نور الشهيد .
تحية لك واحترامي وخالص مودتي
|