رد: رسالة إلى صديقة
نصيرة
أنا يا حبيبة أبحث عن الفرح وعن قوس قزح في كل شبر يمتد من حولي وأجده ..
أنا لا أنكر أن الفرح موجود والحب موجود والسعادة موجودة .. لكني أنا التي لا تستشعر هذا المذاق ..
مذاق الفرح .. مذاق الحب .. مذاق السعادة ..
أشعر أنني بحالة خواء ..
حالة من الخواء الفظيع تحتلني ..
الأجواء من حولي رمادية .. ربما زاد من رماديتها أنني لم أعد أستشعر إشراقها ودفئها ..
غريبة أنا ..
غريبة على صفحات أوراقي ..
غريبة بين حروفي ..
كل الوجوه من حولي غريبة جدا ً .
في الماضي حين كنا صغارا ً كنا نركض نحو الحياة .. نحو الحب .. نحو الفرح ..
كنا نصنع أحلاما ً جميلة من لا شيء ..
كانت أحلامنا ذات ألوان أجمل من ألوان قوس قزح ..
كانت الفرحة تتراقص بين طياتها ..
وكنا نلقي بهذه الأحلام الجميلة الملونة المتراقصة الشفافة إلى الآخر فيرتديها ونراه جميلا ً بها ..
كنا نقتنع ..
كنا نرضى ..
كنا نفرح ..
أما اليوم .. بعد أن كبرنا ..
أصبحت أحلامنا أكبر وأنضج ..
ربما ليست بألوان قوس قزح لكنها بألوان أجمل ..
ألوان النضوج .. ألوان الوعي ألوان الإدراك .. الألوان التي كانت تفتقد لها أحلام الماضي ..
اليوم هذه الأحلام الجميلة نحتفظ بها لأنفسنا ..لا نلقي بها إلى الآخر مع أن الآخر بحاجتها .. بحاجة ماسة لها ..
لكنّ لماذا لم نعد نلقي بأحلامنا إلى الآخر ؟
هذا السؤال يؤرقني يا نصيرة ..
أصبحنا نحتكر الأحلام ونضن بها على الآخر وأصبحت هذه الأحلام حتى في فصل الربيع لا تزهر ..
أحلامنا اصبحت تعاني من الإكتئاب في هذه الأجواء الرمادية التي غلفناها بها ..
كيف أخرج نفسي وأحلامي من هذه الرمادية الموغلة في أعماقي ؟
متى أفتح عينيّ على الآخر وألقي إليه بأحلامي ؟
متى ألون حياتي بألوان قوس قزح وأميط كل هذه الرمادية التي تلف أفقي وتحاصرني ؟
متى .. وأنا بكل هذا الخواء وهذه الغربة أمد يدي للآخر وأدعه يرتدي بعضا ً من أحلامي ؟
|