عرض مشاركة واحدة
قديم 18 / 04 / 2010, 18 : 04 PM   رقم المشاركة : [8]
رأفت العزي
كاتب نور أدبي متألق بالنور فضي الأشعة ( عضوية فضية )

 الصورة الرمزية رأفت العزي
 





رأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond repute

رد: يوم الأسير .. طائر بحجم وطن

الأخ الحبيب طلعت شكرا لك بحجم الوطن أثرت فيّ الذاكرة
قد يظن البعض ان بعض المشاهد المتلفزة التي تخرج إلى دائرة الضوء - وبتصوير إسرائيلي -
والتي من خلالها نشاهد سجون الأسرى سجونا مريحة تقدم فيها بعض الخدمات وأن حجز الحرية
فقط هو ما يعنيه المعتقل ولا اقول اسيرا .. لأن الأسرى هم قلة مقارنة بالمعتقلين ..! فالأسير
هو الشخص الذي يُلقى القبض عليه في ساحة المعركة زمن الحرب اما المعتقلون في سجون العدو فهم من
يُلقى عليهم القبض لمجرد انهم يفلحون ، ويزرعون ، يكتبون الشعر غزلا بالأوطان ، يرضعون الأطفال حب
فلسطين ، يسطرون صفحات التاريخ كما كتب على الصخر لأول مرة ، الطفل الذي يرسم جمال قريته على الجدران
وأولئك الذين يحرسون الأغنام من سطوة الذئاب .. وأكثر .
اما ما يسبق تلك الصورة المتلفزة اياها فشيء آخر فالقوا نظرة على هذه الصورة حيث عشتها كما غيري
وهم بالآلاف : حوالي 300 رجل ، والساحة هي ملعب كرة الطائرة .. سيّجه جنود العدو
بشريط شائك كانوا يدخلوننا ضمن دائرته الضيقة .. وكلما تزايد عددنا كانوا
يدفعوننا للوقوف ليضموننا الى بعضنا البعض مثل رزم الحطب ثم يضيقوا
علينا ذلك الشريط مجددا ويأمروننا بالجلوس .. !!
كان يجري كل ذلك تحت الضرب وأطلاق الرصاص فوق رؤسنا
ولكم ان تتخيلوا كيف نجلس ...
ما زلنا مقيدي الأيدي الى خلف ظهورنا ومعصوبي الأعين ..!
كنا مثل سمك السردين في علبة ولكن بغير " ترتيب " !
ذلك الذي انكسرت رجله .. لقد اكب عليها رجلانكب فوقه رجلا آخر ...
وآخر فوق الآخر ، .. هناك بعض الجرى الغير مضمضدة جروحهم
يئنون من الألم .. ومن سعد حظي اني كنت على طرف " العلبة " قرب
الشريط رغم انني اتلقى معظم الضرب مثل الذين كانوا في موقعي .. !
وفي احدى " وجبات " الصراخ والضرب ثم الوقوف والتضييق مجددا
ثم الجلوس القسري بدأت تلك " العصبات" تنفك عن اعين البعض منا
وبدأنا بإنتزاعها من فوق الأعين الى فوق الرؤوس فتكشف لي منظر
جدا في غاية الغرابة ... !
بدا لي ان عددنا حوالي 300 رجل ضمن تلك الدائرة ..
الملعب ضيق وليس كبيرا فأنا اعرفه ولكن .. كيف استطاع
جنود العدو ادخال اربع ناقلات مدرعة للجنود كانت تحيط بنا من كل جانب ..؟
وبدا لي ان جنود العدو في حال من التوتر الشديد يقفون حولنا بحذر
شديد ... وفوهات بنادقهم مصوبة نحونا اضافة الى تلك الرشاشات
الثقيلة التي كانت مثبة فوق المدرعات والتي كانت اضواءه الكاشفة
مسلطة علينا ..
قال احد ظباط العدو في مذكراته ( كنا نخشى ان يطعننا احدهم ) !!
ولكن كيف .. وبماذا .. لقد كانوا جبناء في كل تصرفاتهم .. والجبان
ان " تملك " يتصرف اقسى من الحيوانات ,, لقد كانوا كذلك حقا .

بعد اقل من ساعة وتقريبا عند الثانية بعد منصف الليل هدأ الوضع
قليلا .. يبدو ان جنود العدو قد تعبوا ... سحبت يدي من ذلك القيد
وبدأت بمساعدة بعض الذين كانوا بقربي للتخلص من ذلك ...
الذي ساعده الحظ كان من ربطت يداه بحبل حيث استطعت فك
وثاقه اما الذين كانت ربطة البلاستك اللعينة توثقهم فلا مجال
ابد إلا بقطعها ولن يستطيعوا الإفلات ... ( وكم هم الأفراد الذين
تقرحت معاصم اياديهم وعانوا من ذلك لأسابيع عديدة سببت
لهم آلآما مبرحة وما زالت اثارها حتى اليوم

التاريخ : 11-6 – 1982

قبل بزوغ الشمس ، كانت حالة من الهدوء التام يخيم على المكان
وكان يبدو على وجوه جنود العدو التعب والنعاس البادي على اعينهم
التي كانت تُغمض للحظات سرعان ما تعود الى التيقظ وهي لا تتجه
بالنظر الى اي مكان غيرنا ... فطلقات المدافع الثقيلة لم تسكت طول
تلك الليلة لأن قرارا اسرائيليا كان قد اتخذ بتدمير " عين الحلوة "
تدميرا كاملا ... وكانت اصوات تلك المدافع المتقطعة هي التي لا تترك
لجنود العدو فرصة الهدوء والراحة بعد ان " اتعبناهم " نحن طوال الليل ..!
ويبدو ان جنود العدو كانوا لا يسمعون صوت انين الجرحى بيننا فهذا
امر كما بدا " يطربهم " ويتلذذون لعذابنا ..!

وما ان اشرقت الشمس حتى تم تبديل الجنود بجنود آخرين اكثر
نشاطا واكثر " حيوية " وبالتالي اكثر عدوانة واكثر بطشا ...!
ولكن القاسم المشترك ما بين الذين ذهبوا وهؤلاء هو حالة الصراخ
الى الحد "الهستيري " فهم لا يكفون عن الصراخ ابدا و على ما يبدو
ان تلك كانت هوايتهم ...
هؤلاء مرتاحون .. !!
: كله يوقف على رجليك ولكم يا ".... " شتيمة كبيره ..!

الأمر ياتي للمجموع ، ثم نقف جميعا ... وجميعا هم ايضا ،
يعرفون الدرس جيدا ..!

يضمونا الى بعضنا البعض مجددا ، ثم يأمرونا بالجلوس بعد تضييق
هؤلاء يتلذذون اكثر في تعذيبنا جماعيا حين نسقط فوق بعضنا البعض .

مضى ذلك اليوم على نفس الحال .. صراخ وضرب واطلاق رصاص ...
بدأ العرق يتصبب من اجسامنا المتراكمة فوق بعضها البعض ...
صرخ احدنا قائلا :
نريد شربة ماء .. ثم تبعه آخر .. وآخر !
ا سكت انت وياه يا " ..." .
عرفت في ذلك النهار قيمة الصوم ... علمنا على الصبر .. ولكن ...
نحن 300 رجل ... وبيننا اولاد لا يتجاوزون الرابعة عشر من اعمارهم ..
وبيننا المريض .. وبيننا المصاب الذي فقد من جسمه دما كثيرا ...
وبيننا الذي لا يصبر ولا يستطيع ...
اسكت يا " .......... "
شخص آخر بيننا يطلب ان يقضي حاجته ...!

هم لا تعنيهم كل تلك هذه الأمور ... ولم يُسمح فيه لأحد بشربة
ماء او لقضاء حاجة .
ومضى ذلك اليوم .. ومضت تلك الليلة كسابقتها ..!


اليوم التالي : الساعة التاسعة من صباح.

حرارة الشمس في هذا النهار حادة جدا والعطش الى الماء يزداد الحاحا ..
ولا فائدة من تكرار السؤال .. فالضرب المبرح يكون من نصيب من يطلب
ومن لا يطلب ..!
الساعة الواحدة ظهرا :
ينهار عدد كبير من الرجال .. ويصبح طلب الماء مطلبا جماعيا .
والرد يأتي كالعادة ، مزيد من الصراخ واطلاق النار ومزيد من القهر والضرب

مرت علينا اكثر من ثلاثين ساعة بلا ماء واصبح أكثر من 250 من اصل
300 فردا يصرخون بصوت تتردد اصداءه بين جدران تلك المرسة :
ماء ، ماء ، ماء ... !
كلما تذكرت ذلك المشهد الذي ترددت في كتابته مرات نتيجة لإنفعالي
كلما حاولت التعبير تدمع عيناي من ذلك الصوت الذي كنا نبدو فيه
كقطيع من الماعز او الأغنام نردد بشكل دائم ونحن في يأس شديد
ماء .. ماء .. ماء ..!!
الصراخ لا يتوقف ... وبدا ان ذلك قد اثر على نفسية الجنود فأزدادوا
عصبية وازدادوا وحشية وعدوانية ...

- وقف رجل معاق .. كنت اعرفه جيدا .. هو من مدينة عكا من ال
" الحلس " كانت عمته العجوز الوحيدة تسكن بالقرب منا ..
وكان يأتي لها بالطعام من بيت ابيه كل يوم ... وقف يصرخ وينادي
على امه وهو يبكي بأعلى صوته ... فما كان من الجنود إلا ان اخرجوه
من بيننا .. و لم تمضي إلا بضع دقائق حتى كان قد قتل من الضرب .

فتلاه رجل آخر .. وهو ايضا معاق عقليا الى حد ما .. اعرفه هو الآخر
هو من مدينة صيدا من ال " الصباغ " وكان يعمل في تصليح السيارات
عند اخويه ... وكنت اصلح سيارتي عندهم في كثير من الأوقات ..
لم يتمالك نفسه رغم ان بعض الرجال كانوا يهدئونه الا انه وقف وشتم
احد الجنود ثم تقدم من احدهم و قام بضربه بين رجليه فأقعده ارضا
الأمر الذي دعاهم الى قتله " برحمة " ...! لقد اطلقوا النار على صدره .

مضى اليوم على ذلك الحال .. وجاء الليل الذي كان يمدنا ببعض
قطرات الندي لتبلل اجسامنا المتعبة ..!
كنت افكر بإستمرار .. من الذي يظبط هؤلاء الجنود ومن يحاسبهم
على تلك الجرائم ...؟
من الذي بإستطاعتة ومهما بلغت فيه الجرأة ان يُقدم على عمل انتحاري..؟
كان الأمر في غاية الخطورة حقا .. كنت اقرأء عن تلك الجرائم المرتكبة
من قبل العدو عبر تاريخ الصراع .. ولكنني الآن اشهدها .

اليوم الثالث ... الساعة السابعة صباحا .

زاد عدد المنهارين بيننا من العطش . هب بيننا رجل يتحدث بلهجة
مصرية وقال بصوت عال : انا ححتج للسفارة المصرية ...
احنا مش مخربين ، ده احنا بينا معاهدة ..!
هذا هو ... نعم ،
انه هو الشاب المصري الذي كنت قد حرضته على قول
تلك الجملة عندما كان في التجمع الكبير ... انه هو .. وهو الآن يتجرأ
على قول تلك الجملة : " احنا بينا معاهدة " !!

صرخ عليه احدى الجنود ثم اخرجه من بيننا وقال له :
مش قادر تقاتلنا في سيناء ، جئت الى هنا ... يا " .... "
وبدأ يُضرب من واحد .. اثنان .. ثلاثة ... الى ان وصل عدد الجنود
الى اكثر من سبعة يتناوبون عليه ركلا وضربا في كل الأمكنة من جسمه
ثم بدأ شخص آخر يصرخ بشكل هستيري :
لا ضرب .. لا ضرب .. !
فسُحب هو الآخر ولم تمر بضع دقائق الا وكان صاحبنا قد مات ... !
ثم تبعه الثاني ومات هو الآخر ...!
ما هذا النهار الجهنمي فعلا ... قد لا ابالغ ان قلت لكم ان صراخنا
وصراخ الجنود كان يطغى على صوت القذائف ...!
وكلما تقدمت الساعة في ذلك النهار انهار عدد اكبر من الرجال ..

وهذا رجل آخر ... كان قد انهار كليا .. كان رجلا في العقد الثالث من عمره
طويل القامة ضخم الجثة .... يصرخ بإستمرا :
هات مي بارد للشباب يابا ... !
ثلاثة من الجنود جروه من بيننا .. يبدو انه كان يضحك بعض الجنود ..!
فقاموا بربطه على عامود " السلة " خوفا منه لأنهم كانوا معه في غاية الحذر ..!
عامود السلة لا يبعد عني اكثر من مترين فقط ... لا استطيع فعل اي شيئ
غير الإشاحة بوجهي جانبا كلما كان جنود العدو يمعنوا في تعذيبة وذلك عبر
اطفاء السجائر في وجهه وانحاء اخرى من جسمه ... وهو لا يكف عن ترديد
جمل كانت تدخل في كل واحدة منها كلمتي " الماء البارد " .
لم يمر وقت طويل حتى فارق الحياة وقتل على ايدي هؤلاء السفاحين ...!

ما ان اصبح الوقت حوالي الثانية بعد الظهر حتى كان 13 عشر من الرجال
من بيننا مقتولين وبنفس تلك الطرق : ضربا ، وركلا ، والتفنن في لعب
" الكاراتيه " إذ ان اثنين من الجنود لا يتجاوز وزن الواحد فيهم اكثر من
خمسين كيلوغرام يتناوبان على الركض من بعد عدة امتار ثم يقفزان في
الفضاء ضاربين بأقدامهم وجوه وصدور من يكن عليه الدور ...
يبدو انهما كانا يعانيان عقدا نفسية من قصر قامتهما وضعف جسميهما
ولم يجدوا حلا إلا تلك الأجساد التي كان يهدها القيد والتعب والعطش
والخوف والذين لا ذنب لهم إلا انهم طلبوا شربة ماء فقط ... !


هدأ الوضع فجأة عند الثانية ظهرا تقريبا ودخلت سيارة جيب عسكرية
فيها على ما يبدو احد الظباط " الكبار " وكان في الخمسين من عمره
تقريبا .. اقترب منا ثم استدار فجأة وهرول مسرعا ولم نعد نراه ..!
وبعد لحظات عاد بعد ان وضع على انفه كمامة بيضاء خاطبنا دون
ان ينزعها عن فمه وانفه وقال :
اهدؤا .. اهدؤا سنأتيكم بالمياه .. وسندعكم تقضون حاجاتكم ...!!

كنا مثل الحيوانات في زريبة ارضها رطبة تتفاعل فيها الجراثيم ...
لم يبقى واحد منا الا وتبول في ثيابه .. رائحتنا كانت كريهة جدا ..
ولا اعلم كيف ولماذا انفجر معظم المعتقلين بتوجيه التحية لهذا
الجنرال " الرحيم " ..! الأمر الذي اعجبه جدا وبدأ يتلو علينا " ثقافة "
جديدة ويردد : تعيش اسرائيل ... ..!
وكان في غاية السعادة عندما يرى الأغلبية منا تبتسم له وتردد خلفه بقوة :
تعيش اسرائيل .. تعيش اسرائيل ..!!
ولم يكن مطلب هؤلاء غلا الحصول على الماء .
تمنيت لو ان الله يخسف السماء فوقنا او يدفع بالبحر ليغرقنا جميعا وبكيت .


- في الرابعة بعد الظهر احضروا ناقله ماء تابعة لأطفائية صيدا ،
وقاموا بفك ايدي اربعة من الرجال الذين كانت مهمتهم تقديم الماء الينا
فيملؤون سطلا قذرا يستخدم لرمي النفايات في المدرسة وبعض العلب
الفارغة مثل علب السردين او علب الطعام الجاهز الذي كان يتناوله الجنود .
فيدار علينا بتلك العلب من " المتطوعين " الأربعة الذين اضيفت اليهم
مهمة جديدة لم يشهد التاريخ مثلها اجزم بذلك ... وهي مهمة تتعلق " بمساعدتنا "
على التبول ...!!
كل فرد من هؤلاء الأربعة يأخذ فردا منا ( بعد ان يسمح له طبعا " الى جدار سور
المدرسة ثم يقوم بفك زرار سروالة ويخرج ذكر الآخر للتبول ... ثم يقوم بإعادته
الى وضعه " الطبيعي " الله اكبر .. الله اكبر على كل من يضع يده بيد العدو
والله اني اكتب هذه الجمل والدموع تتساقط من عيناي ...

كم كان المنظر مذلا ... وكم كان ذلك صعبا وغير انساني على كثير من
الرجال الذين فضلوا قضاء حاجتهم في سراويلهم على ان يدعوا احدا
بالكشف عن عورتهم .


**
الذين كانوا هناك وشهدوا ما زال معظمهم احياء مثلي يعانون كابوس
ذلك الظلم اليهودي المتأصل في تربيتهم وعقيدتهم ..
لعنهم ربي وأذاقهم ذلك الذل.. لكن ليس على ايدينا ...
قد نقتلهم ولكن لا نفعل ما لا يفعله حيوانات مثلهم .

فذلك كان عارا على على جبين الأنسان والإنسانية .

( جميع جثث القتلى كانت تُأخذ وترمى امام باب مقبرة صيدا )
( الإسرائيليون اعترفوا بمقتل سبعة افراد في ذلك المكان )
( التبرير : اننا حاولنا اثارة الشغب وحاولنا الهروب ) !!!!

انهم عار على جبين الإنسانية

هذه واحدة من تلك الصور التي تسبق الوصول الى السجون والتي فيها
يبدأ مسلسل تعذيب مختلف .
رأفت العزي غير متصل   رد مع اقتباس