الحلقة السابعة
ارتديت ملابسي بسرعة وحملت أغراضي وخرجت مسرعة من الدار قبل أن تقابلني زميلاتي ويسألنني عن وجهتي ، و توجهت مباشرة ًإلى الكلية فالشوق يسبقني لمقابلة عم عبد السميع،
ولكن
لم أجده حيث يجلس دائماً مما أصابني بالإحباط فجلست انتظره على مقعده الطويل امام باب المشرحة حيث مر الوقت بطيئاً ممل وقلبي وعقلي يتحرقان شوقاً ،عندما دقت الساعة الثامنة ودق جرس المحاضرة الأولى .......لم أجد بدا من ترك المكان والذهاب للمحاضرة ،
توافد الطلبة والطالبات على قاعة المحاضرة فرادى وجماعات حتى اكتظت القاعة عن أخرها ،وجاء االأستاذ المحاضر وأخذ يشرح ويتكلم هنا وهناك وأنا لا أصغى إليه ....كل تفكيري منصب على موضوع واحد وما سيحدث فيه
مر الوقت بالمحاضرة سريعاً وإذا بباب القاعة يُفتح ........يدخل عم عبد السميع ليكلم الاستاذ الدكتور المحاضر بهدوء وبصوت خفيض
وهنا امسك المكبر ونادى على أسمى واننى مطلوبة بإدارة الكلية .
نزلت مسرعة درج القاعة قفزاً لا تلمس قدمي الأرض ،والأعين والفضول وتساؤلات وهمسات تتابعنى لمعرفة السبب الذي تستدعيني من أجله ادارة الكلية
خرجت مع عبد السميع الذي سبقني بالخطى وهو يحدثنى :
= لقد حضر الأستاذ الدكتور النفسي الذي حدثتك عنه وهو ينتظر بحجرة الاداره ...........ومعه سيده أخرى أعتقد إنها في نفس تخصصه لأنها مهتمة جداً بالموضوع ..................
واصل كلامه لاهثاً :
= إذا سألك عن أي شيء جاوبي بصراحة واذكرى أدق التفاصيل ،فهي تفيد.......
انتظرى وتوقفى على مهلك لماذا أنت متوترة هكذا ..............قفي قليلا ً
توقفت لأخذ نفسي بانتظام وأهدأ من فرط إنفعالى وتشوقي ،ثم استكملنا إلى الحجرة
دخلنا مباشرة ً بلا استئذان .........................
رجل في العقد الخامس من العمر ذو شعر أبيض كثيف ،يلبس النظارات الطبية على عينيه وله لحيه متوسطه يتخللها البياض ،متأنق جداً في ملبسه ،وتجلس على مقربة منه سيده في الأربعينات أو أقل ....جميله بعض الشيء ترتدي النظارات الطبية هي الأخرى .....والحجاب الطويل وتبدو عليها الطيبة والرقى في جلستها .
قدمني عبد السميع :
= هذه الطالبة التي كلمتك عنها .
نظر لي بتفحص وقال:
= أهلا وسهلا تفضلي ،أنا د/مصطفى عبد الغفار أستاذ الصحة النفسية وعلم النفس ولى دراسات كثيرة فى هذا المجال ومهتم جداً بالغيبيات ،وهذه الدكتورة سلمى أستاذ الطب الشرعي .
حيتني الدكتورة سلمى بالابتسام والود ثم مدت يدها للمصافحة ...فمددت يدي أنا الأخرى لمصافحتها وجلست فوق كرسي أمامهما .
بدأ الدكتور مصطفى بالكلام :
= اجلس يا عبد السميع لندخل مباشرةً في الموضوع ،
واتجه لي بنظره مستكملا ً كلامه بعد أن فتح مسجل بيده :
= حكى لي عبد السميع عن اعتقاداتك وما رأيتموه وما حدث للجثة رقم 8 في المشرحة والموجات بالمذياع ،أرجو أن تحكى لي انت هذا كله مرة ثانيه .
هنا بدأت بالكلام :
=لقد حدث شيء آخر بالأمس لا يعلمه عبد السميع ولم يحك عنه ،أأذكره الآن أم أتركه للآخر ؟؟؟؟؟؟
= تكلمي كما تحبي .
حكيت له عنما حدث من أول أن سقطت الجثة إلى أن شعرت بروح صاحب الجثة في حجرتي ووجود الأوراق على الأرض وكلامي والشوشرة التي سمعتها بالراديو حتى أصبحت أزيزا ،وسجل الدكتور مصطفى كل كلامي .
سألتني الدكتور سلمى :
=ماهى أنواع القصص التي تقرئنيها؟؟
شعرت بتكذيبي في سؤالها فبادرتها بعصبية :
= إذا كنت لا تصدقين كلامي فلا داعي للموضوع أن يتحرك أكثر من هذا ،أسفه لضياع وقتكم وسأذهب لمحاضراتي .
.....
قلتها وهممت بالوقوف ،فأشارت بيدها لتمنعني من الوقوف ، قائلة :
= آسفة لم أقصد تكذيبك ولكن يمكن أن تكون تلك القصص وهم .
= لست الوحيدة من شعر بهذا الحدث ......فعم عبد السميع سمع معي شوشرة موجات الراديو .لا لست أتوهم اننى اشعر به كما اشعر بوجودك الآن في نفس المكان .
= هل يمكنك استدعاء هذه الروح ،إذا كانت بالفعل روح !!!
= لم أستدعيها أنما هي تباغتني بالشعور بها .
قال الدكتور مصطفى بعد أن كان ينصت لحديثي مع الدكتور سلمى :
= أنتى تشعرين الآن بوجود شيء غريب ، أو هذه الروح ؟؟؟؟؟؟
=لا
= أنتى مستعدة للذهاب للمشرحة الآن ؟؟؟
= لا مانع ،ولكن قد ينتشر الموضوع بين زملائي .
= نعم مفهوم .
وانصرفوا جميعاً إلى حيث المشرحة وتبعتهم بعد قليل إلى هناك .وانتظرونى بالداخل .
ودخلت المشرحة فقال الدكتور مصطفى :
= تعال،اى جثه من هؤلاء تقصديها؟؟؟؟
أشرت على الجثة رقم 8
أخرجت الدكتور سلمى بعض المعدات الصغيرة ومشارط وزجاجات صغيره من مواد كيميائيه ....وكشفت حتى صدر الجثة ...وبدأت في الفحص الظاهري وأخذت نسيجا من اللسان ومسحات من الغشاء المبطن للأنف ثم قامت ببعض العمليات الاجرائيه على الجثة لتتأكد من إنها في حالة وفاة كاملة،ثم دونت بعض الملاحظات بعد مناقشات ومشاورات ومحاورات مع الدكتور مصطفى .
جلست على حافة مقعد عم عبد السميع وأنا أسمع ملاحظاتهم ومحاوراتهم العلمية .
وعندما هموا بالانتهاء من ذلك قال الدكتور مصطفى :
= الرجل ميت وشبع موت وليس له من الحياة شيء ، إقتربى هنا سنجرى محاولة اتصال بينك وبينه ...هل أنت مستعدة ؟؟....
وقفت مترددة وشعرت بالخوف من تجربة الاتصال مع جثة ميت ويكفينى ما حدث من الرعب بالأمس
بادرنى الدكتور مصطفى :
لا تخافى فإن كانت الروح حقيقية لن تؤذيك ...لأنها ان أرادت لفعلت ذلك بالأمس ....فقط أمسكي بيده وأغمضي عينيك تماما ....ربما يكون هناك استجابة ..وهذا ما سنتأكد منه .
هنا تملكني الرعب والتردد ....... كيف أمسك بيد ميت ؟؟؟؟
ولكن شجعاني بإيماءة من راس الدكتور مصطفى ،وعم عبد السميع الذي بادرني
= لا تخافي فأنت شجاعة ،وهو لن يتصل إلا من خلالك .
اقتربت من الجثة ببطء وأمسكت باليد
يد باردة كأنها قطعة من الثلج ....أشعر بالبرودة تسرى فى جسدى الذى ينتفض من الخوف .....ودقات قلبي تتسارع حتى كاد أن ينخلع من مكانه رعباً .....
نظرت لوجهه الثلجى وما ظهر من العينين المسبلتين يخيفنى لا بل يرعبنى ......شعرت بيد دافئة تربت على كتفى ...انها الدكتور سلمى
قال الدكتور مصطفى بعد أن قرب الكرسي قليلا لأجلس عليه بجوار الجثة :
=أغمضي عينيك .....وركزي في صاحب الجثة ،أنه يريد أن يتصل بك ويرسل رسالة من خلالك .لا تطرديه من عقلك ...فقط استقبلى كل ما يدور فى نفسك بهدوء ....
أغمضت عينيي .وركزت في موقف سقوط الجثة والوجه والعيون والرسالة التي يريد توصيلها
هنـــــــــــــــــــــــــــــــــــــا فقط .............................
إنتفضت.......................................
7
7
تابع