الحلقة الرابعة
جمالية اللغة في قصيدة ( كأس من الشعر )
تميزت لغة الشاعرة زاهية بنت البحر بالجمال لاستيعابها أشكال التعبير اللغوية المختلفة فهي لغة ذات قيم جمالية و دلالية متفاوتة ، فالتركيبة اللغوية عميقة عمق التفكير و مؤثرة تأثير الشاعرية حيث جاءت بعيدة عن الأنساق المشهورة في الجملة العربية الخاضعة لقواعد نحوية و صرفية ،و قد اعتمدت فيها الشاعرة الدلالة الصوتية و جزالة اللفظ و المعنى لتؤثر بذلك على النسيج اللغوي تأثيرا مباشرا امتزجت فيه الشاعرية باللفظ ليصنع موهبة موسيقية جديدة تحملها الكلمة ذاتها بعيدة عن غنائية الشعر و موسيقى الخليل .
إن طبيعة الاختيار للغة الشعرية الأنيقة ظهرت في النسق الأسلوبي الرائع من حيث اختيار المفردات ( sélection ) الذي يدل على ثقافة الشاعرة و قوة لغتها و حسن انتقائها و توظيفها لرصيدها اللغوي المخزن في الذاكرة توظيفا سليما تتحرك على إثره المفردات في حركة أفقية راصدة لكل مفردة مكانها المناسب أثناء التوزيع ( distribution ) على خارطة نص القصيدة في بناء الجمل و هذا دليل على قوة إبداعها الفني في الخلق و الإبداع و تحقيق الدلالات من خلال التقديم و التأخير في بناء الجمل ليضاعف من طاقتها الإبداعية فترصد جمالية الشعر من خلال المعنى بعيدة عن التعقيد اللفظي .
اتصلت جمالية اللغة في قصيدة الشاعرة بالذوق الذي فطمت عليه الشاعرة لتحقق الانسجام بين المفردة و المعنى و المبنى و الشاعرية موظفة مجموعة الاستعدادات ( الإدراك الحسي - التصور - التخيل ...) و مجموعة الدوافع ( المؤثرات و دواعي الكتابة ...) فجاءت عملية تداعي المعاني - وهي من العمليات العقلية - مؤثرة في الإنتاج الأدبي لأنها هي الأساس النفسي للأساليب البيانية من تشبيه و استعارة و كناية و بالتالي نجد أن المفردة الموهوبة المنتقاة على اتصال بالجانب النفسي للشاعرة زاهية بنت البحر .
----------- يتبع