عرض مشاركة واحدة
قديم 19 / 05 / 2010, 33 : 12 AM   رقم المشاركة : [36]
رأفت العزي
كاتب نور أدبي متألق بالنور فضي الأشعة ( عضوية فضية )

 الصورة الرمزية رأفت العزي
 





رأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond repute

رد: واقع يلفه الحلم


أكثر من 200 من رجال المخيم سجنوا لمجرد انهم عبّروا
عن نيتهم في مشاركة اخوانهم المصريين بالقتال ضد العدو
الإسرائيلي والمستعمر البريطاني الفرنسي وليس هالمخيم ذا وحسب إنما فرضت
السلطة على أبناء ما يشبه قانون الطوارئ فالاعتقالات تتم لمجرد الشبهة ..
وتُلقي القبض على كل من يملك " راديو " ويستمع إلى صوت العرب – الإذاعة
المسموعة في بلاد الشام – ونشرت الوشاة على طول المخيم وعرضه ..
وأبي كان بعثيا منذ أن تأسيس الحزب وألقي القبض عليه باعتباره أحد أفراد
خلية سرية اتهمت بتهريب المتطوعين من لبنان إلى سوريا – يا للمفارقة - ... !
لقد كان حلم تحرير فلسطين في خمسينات القرن الماضي ما زال نديا
ومعظم جماهير شعبنا العربي من المحيط إلى الخليج كانت تواقة للثأر من
المحتلين الصهاينة .. واللحظة المناسبة قد أتت فماذا يمنع اللاجئين
الفلسطينيين أو غيرهم من أقطار العرب التطوع من اجل القتال طالما استأنفت
الحرب والعدوان على مصر وخصوصا عندما زاد عدد المتطوعين السوريين العرب
وسقوط عدد من الشهداء ابرزهم الشهيد " جول يوسف جمال " الظابط البحري
الذي استطاع مع رفاقه إغراق ا للسفينة الحربية جان بارت العملاقة، اول سفينة مزودة بردار
قي العالم، وكانت مهمتها عندما تصل بالقرب من شاطىء بورسعيد ان تدمر ما تبقى من المدينة
التي كادت ان تكون مدينة اشباح " هؤلاء الشهداء الذين أسسوا بالدم لوحدة مصر وسوريا
بعد عامين من ذلك التاريخ و أصبحوا خالدين في وجدان كل عربي .
لكن بعض السلطات في دول عربية ثانية كان لها حسابات أخرى .. فلم تكتفي السلطات اللبنانية
بالإعتقلات والتنكيل .. بل وبالنفي أيضا ووالدي كان من بين المنفيين خارج لبنان ولم يسمحوا له
حتى بزيارة عائلته .. والنفي عادة ما يكون باتجاه الحدود السورية ..
باتجاه الشرق هذا الطريق ما بين بيروت ودمشق أمته خلائق كثيرة وفي كل المراحل ،انه طريق ( مشقة الأخوة)
كما تم وصفه من قبل صحافي لبناني قديم ... أما بالنسبة لي ،فإن الأيام التي أكملت فيها سنتي الدراسية تلك ،
كانت أياما صعبة بكل معنى الكلمة ، شعرنا فيها بالمعاناة والألم والجوع والمهانة .. فمن كان باستطاعته إعالة 9 أنفس .. ؟
فوالدتي لم تكن غير سيدة منزل تنحدر من أسرة " حيفاوية " ( برجوازية ) ولا تستطيع ممارسة العمل المتاح في ذلك الزمن
كغيرها من النسوة في ورش البناء أو البساتين أو خادمة في البيوت .. وهي لا تعرف الحياكة أو الخياطة أو غيرها ..
وهي رحمها الله عفيفة النفس أبية فكان لا بد لها من اتخاذ قرار صعب بالنسبة لي ولها غيّر مسار حياتي ...
لقد توجب عليّ أن اعمل " مؤقتا حتى يعود ابيك " ، وسوف
لن يستمر هذا إلا لأسابيع كما كانت تقول رحمها الله ..
ولكن الوقت كان يمضي ... والأيام تمر وطال غياب أبي .
كنت خلالها اذهب باكرا في كل يوم وأقف أمام باب المدرسة قليلا دون ان ادخلها .. وكنت ابكي بكاء حارا حين أشاهد رفاقي
وهم يحملون كتبهم ويدخلون المدرسة ملوحين لي بأياديهم
فأسير وأنا محزون .. وكل ما مشيت خطوة التقي بأولاد في مثل عمري هم اشباهي
واعدا نفسي ومصمما على تعويض ما سيفوتني ومعهم أكمل الطريق نحو العمل ...!

:

تسعة أشقاء .. أربعه صبيان ، وخمسة بنات ، إضافة إلى أمي وأبي كنا نعيش في غرفة واحده في
"مجمع" سكني لا يبعد عن المخيم سوى أمتار قليلة . وهذا المجمع كان يقع على الطرف الغربي من المخيم
الذي أصبح اليوم من ضمن حيزه الجغرافي بعد توسعت مساكن الناس ! كان هذا المجمع يتألف من عشرة غرف
وهو بالأصل كان مسكنا لجنود الاحتلال الفرنسي للبنان منذ بداية العشرينات من القرن الماضي،
أستأجرها والدي بإجار شهري يبلغ ثماني ليرات لبنانية في ذلك الزمن – ما يعادل 5 دولارات -
مساحتها 28مترا مربعا وجدرانها كانت من أحجار الطين الذي تآكل بفعل التقادم الأمر الذي
كان قد خلق مناخا " طيبا " لتوالد الحشرات المختلفة وسمح لها بالتعشيش في ثقوبها المنتشرة في الجدران ...
تلك الحشرات التي كانت تشكل مشكلة كبرى لمعظم الناس في تلك الأزمان ؛
وهي حشرات مؤذية ماصة للدماء البشرية وتتغذى عليها والتي
عادة ما كانت تنشط إلا في سكون الليل .. (من يعرف حشرة " البقّ " يعرف عما أتحدث (
لقد كانت تبدأ بالزحف ليلا كأنها جيوش مدربة ، منظمة ، ومسلحة تسليحا متطورا ...
وكانت تبدأ بالهجوم المباشر وتزحف زحفا بطيئا كأنها كانت تعمل ضمن خطط عسكرية متطورة ..
و لم تكن تترك خلفها أي ثغرات لأنها كانت تعمل حساب التراجع والانسحاب بعد تأديتها لمهمتها القذرة ؛
فإضافة إلى القوة المدرعة من " البقّ " هناك قوة مظليين مؤلفة من نُخب " البراغيث " الرهيبة
فهي تهبط علينا ليل نهار ولا ندري كيف ومن أين ..!
فأجسادنا المتعبة كانت مساحات واسعة وسهله لعمل عدواني دون تنبه أو مقاومة تذكر منا،
لأنها - كما يبدو - ، كانت تعلم أننا نغط في نوم عميق ! وان انتشارها كان يمتد إلى كل النواحي
من أجسادنا الرطبة ، من الرأس حتى القدمين ، مما كان يسبب لنا الحكاك " اللذيذ " فتبرز بعض الدمامل
الصغيرة التي تدوم لوقت طويل ويوما بعد يوم ؛وان معظم الناس استسلمت لهذا القدر
الذي لم تنفع معه كل وسائل المكافحة المتوفرة في تلك الأيام ؛ والغريب أن هذا العدو كان لا يعرف الراحة ،
ولا يتقيد بهدنه أو يتفرغ لمناسبة تلهيه عنا ولو حتى لليلة واحدة على الإطلاق ...!
لكن والحمد لله ، كانت أواسط الخمسينات بداية النهاية تلك
الحشرات التي حكمت العالم لقرون طويلة من الزمن حيث
بدأت البشرية تتحد سويا من اجل مكافحته والقضاء عليه .!
فغرفتنا الوحيدة تلك ، كانت تتسع للعديد من الضيوف
في الأيام العادية ، فإن تعسّر الأمر فهي تتسع ... وتتسع ..!
فالزوار الجدد ، لا بد وان يُستضافوا على الأقل ولو لليلة
واحدة ناهيك عن الإقامة الطويلة .. والمشكل الثاني انه لم يكن فيها دورة مياه ؛
بل أن الماء لم تكن لتصلها أصلا .. وحاجاتنا الضرورية كنا نقضيها يبيت خلاء واحد ( أجلكم الله )
وكان يستخدمه جميع سكان ذلك المُجمّع ، كبارا وصغارا ، ذكورا وإناثا
كانوا يتسابقون إلى حجز أدوارهم تباعا ومنذ الصباح الباكر ..!
أما الذين كانوا لا يستطيعون صبرا ، وكانوا في عجلة من أمرهم فإن مساحة البستان القريب منا ،
كانت له ملاذا واسعا ، فأشجاره النضرة ، كانت سترا وفشت خلق ... ولا عجب في انك
كنت تشاهد بعض تلك الأشجار اكبر وانضج من رفيقاتها نتيجة لذلك السبب ...!
" ف الأرض ما بدها صلاة " يقول العم ابو جميل وهو يضحك !
رأفت العزي غير متصل   رد مع اقتباس