عرض مشاركة واحدة
قديم 16 / 02 / 2008, 21 : 07 AM   رقم المشاركة : [1]
مازن شما
كاتب نور أدبي متوهج ماسي الأشعة ( عضوية ماسية )

 الصورة الرمزية مازن شما
 





مازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond repute

التقريـر الفنـي والقانونـي الموثـق للحفريات حول المسجد الأقصى

[frame="13 90"]
[align=justify]
بسم الله الرحمن الرحيم

التقريـر الفنـي والقانونـي
الموثـق بشـأن


الحفريات التي تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي حول المسجد الأقصى في القدس الشريف.

إعــداد

لجنة خبراء الإيسيسكو الأثاريين

بمقر دائرة الآثار الأردنية، عمان، المملكة الأردنية الهاشمية، في الفترة من
15 إلي 16 أبريل 2007
الصور التوضيحية مرفقة بمشاركة لاحقة نظرا لكبر حجم الملف.
ملخص تنفيذي
تتعرض القدس إلى حملة تهويد إسرائيلية منظمة، وواسعة لتغيير وجهها الحضاري، وفرض لون واحد عليها، وتقزيم تعدديتها التاريخية والعرقية والثقافية والدينية، وهي محأولة إقصائية تقصد إلى تهميش الوجود الفلسطيني العربي الإسلامي والمسيحي، وتتنكر لإنجازاته التاريخية. وقد تعددت أوجه عملية التغيير هذه، فمرة تأخذ شكل التغيير السكاني عبر الاستيطان والتوسع وتضييق الخناق على الفلسطيني في المدينة، ومرة أخرى عبر العزل بالجدران ونقاط التفتيش العسكرية. وفوق هذا وذاك الاعتداء على التراث الثقافي، الذي كان موضوعا للتزوير والتضليل عبر عشرات السنين قبل الاحتلال عام 1967، وأخذا شكلا مكثفا منذ أربعة عقود.
ويقع الحرم القدسي الشريف في مركز المحأولات الإسرائيلية للسيطرة على المدينة، حيث يتلخص الصراع على أرض فلسطين في هذا المكان، الذي يعبر عن رمز الوجود الفلسطيني العربي الإسلامي. واتخذت محأولات السيطرة على الحرم الشريف مسميات مختلفة: كالتنقيب، والبحث عن "الهيكل"، تسهيل زيارة، حفظ الأمن، الحفاظ على التراث الثقافي... الخ من الأدوات التي تهدف جميعها إلى تهميش الوجود العربي الإسلامي، والسيطرة التدريجية على هذا الموقع.
وفي الأونة الأخيرة، جرى اعتداء إضافي على الحرم الشريف وذلك بإزالة التلة التاريخية التي تقود إلى الحرم الشريف والمعروفة باسم "تلة باب المغاربة".
في هذه المراجعة، محأولة لشرح ما جرى، وذلك ضمن اطار تاريخي وقانوني، وكذلك تقديم بعض الاقتراحات التي قد تفيد في التصدي لهذه الهجمة الجديدة.
يعالج الفصل الأول، الأبعاد القانونية سواء لاحتلال القدس ومكانتها في القانون الدولي، وكذلك استعراضا لموقف القانون الدولي من مسألة الاعتداء على التراث الثقافي.
أما الفصل الثاني، فيقدم مراجعة تاريخية للأحداث ذات العلاقة بباب المغاربة ومحأولات الاعتداء والسيطرة على الحرم الشريف.
أما الفصل الثالث، فيستعرض مجموعة من الاقتراحات قصيرة الأمد وكذلك بعيدة الأمد، التي قد تساهم في تعزيز السيطرة الفلسطينية العربية الإسلامية على الحرم الشريف بشكل خاص، وعلى القدس بشكل عام.

الفصل الأول: الأبعاد القانونية
احتلت مدينة القدس أهمية خاصة في أروقة مؤسسات المجتمع الدولي، وكانت على الدوام، وما زالت حتى اليوم، من القضايا الساخنة المطروحة في نطاق الأمم المتحدة والمنظمات العربية والإسلامية والإقليمية، بحكم أن القدس هي القضية الوحيدة التي تمتلك المواصفات لتكون نقطة تجمع للعالم العربي والإسلامي، وهدفا مقدسا تتجه إليه المشاعر والقلوب، حتى أصبحت قضية تشغل العالم بأسره.
إن الجانب القانوني لقضية القدس، وما يجري داخلها من حفريات، ومصادرة لأراضيها، وطرد لسكانها، وتهويد لها، لا يحظى إلا بكتابات ودراسات عربية وإسلامية قليلة نسبيا، وعادة ما تضيع مثل هذه الدراسات في جنبات المؤتمرات الخاصة بالقدس، وذلك في زحمة الدراسات التاريخية والسياسية والإعلامية أو الخطب والكلمات الإنشائية التي تكتفي بالتغني بأمجادنا في القدس.
لذلك، فإن معالجةما يجري في القدس بشكل عام، وما يجري فيها من حفريات بشكل خاص، ينبغي أن يستند إلى القوانين المعاهدات والاتفاقيات الدولية، وكذلك إلىقرارات الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة في هذا المجال.

أولا: المكانة القانونية لمدينة القدس في القانون الدولي ـ ملامح أساسية
  • على إثر احتلال إسرائيل للضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967، اعتبرت الأمم المتحدة القطاع الشرقي لمدينة القدس جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأن على الدولة المحتلة (إسرائيل) الالتزام بأحكام القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة في هذه الأحوال. وشكل قرارا مجلس الأمن الدولي 242 و 338 أساسا قانونيا في تحديد أن إسرائيل هي قوة محتلة، حيث يطالبها القراران بالانسحاب من الأراضي المحتلة سنة 1967، بما في ذلك القدس، وكذلك الامتناع عن الإجراءات التي من شأنها أن تؤدي إلى تغيير الوضع الذي كان قائما قبل الاحتلال.
  • وفي السياق ذاته، كانت جميع القرارات الصادرة عن المجتمع الدولي ومؤسساته تنظر إلى الممارسات والإجراءات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة، وخاصة في القدس، على أنها باطلة وغير شرعية وتنتهك أحكام وقواعد القانون الدولي المعاصر والقانون الدولي الإنساني، وفي مقدمتها أحكام اتفاقيات لاهاي 1899–1907، واتفاقية جنيف الرابعة وملحقاتها.
  • وعلى إثر سن الكنيست الإسرائيلي ثلاثة قوانين بشأن "توحيد شطري القدس الغربي والشرقي"، بتاريخ 27/6/ 1967، فقد أصدر مجلس الأمن الدولي قراره رقم 252 بتاريخ 21/5/1968 جاء فيه أن "المجلس يعتبر أن جميع الإجراءات الإدارية والتشريعية وجميع الأعمال التي قامت بها إسرائيل بما في ذلك مصادرة الأراضي والأملاك التي من شأنها أن تؤدي إلى تغيير في الوضع القانوني للقدس هي إجراءات باطلة، ولا يمكن أن تغير في وضع القدس".
  • وبعد صدور القانون الأساسي عن الكنيست الإسرائيلي عام 1980 بشأن "توحيد مدينة القدس"، وجعلها "عاصمة موحدة وأبدية لإسرائيل"، دعا قرار مجلس الأمن الدولي رقم 478 بتاريخ 20/8/1980 الدول التي أقامت بعثات دبلوماسية في القدس إلى سحب هذه البعثات من المدينة المقدسة، وأكد المجلس في قراره أن قانون الكنيست يشكل انتهاكا للقانون الدولي ولا يؤثر في استمرار انطباق اتفاقية جنيف الرابعة (1949)، والمتعلقة بحماية المدنيين وقت الحرب على الأراضي الفلسطينية وغيرها من الأراضي العربية التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967 بما في ذلك القدس.
  • وقد أكدت قرارات مجلس الأمن الدولي اللاحقة قرار 267 (1969) وقرار 271 (1969) وقرار 465 (1980) وقرار 476 (1980) وقرار 1073 (1996) على أن مدينة القدس الشريف جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 ينطبق عليها ما ينطبق على سائر الأراضي الفلسطينية المحتلة، وطالبت جميعها إسرائيل بعدم القيام بأي إجراء من شأنه تغيير الوضع الجغرافي والديمغرافي والقانوني لمدينة القدس المحتلة.
ثانيا: التراث الثقافي في بيت المقدس قي القانون الدولي ـ ملامح أساسية
  • وتشكل لوائح لاهاي لعام 1907، واتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949 وملحقاتها، واتفاقية لاهاي لحماية الممتلكات الثقافية أثناء النزاع المسلح لسنة 1954، وبعض أحكام البروتوكول الأول لسنة 1979 الإضافي لاتفاقيات جنيف لسنة 1949، المصادر الأساسية لحماية التراث الحضاري تحت الاحتلال، بحيث أن هذه اللوائح والقوانين تفرض على القوة المحتلة واجبات ومسؤوليات والتزأمات. وهذا لا يعني مطلقا أنها تمنح المحتل السيادة على الأراضي المحتلة، فالاحتلال ليس إلا حالة مؤقتة قد تتدخل في حق الشعب المحتل في السيادة على أراضيه، ولكنها لا تنتقص أو تلغي هذا الحق.
  • وقد وضعت المعاهدات والاتفاقيات الدولية لوائح وأحكام دعت بموجبها حماية الآثار والممتلكات الثقافية والمباني التاريخية والتراثية. فقد نصت الفقرة الرابعة من المادة 27 من الملحق الرابع من أحكام لاهاي 1907 على "التزام القوات العسكرية في حالة حصارها اتخاذ كافة الوسائل لعدم المساس بالمباني المعدة للمعابد وللفنون والعلوم والأعمال الخيرية والآثار التاريخية". وجاء في المادة 22 من أحكام اتفاقية لاهاي 1907 "حظر تدمير الممتلكات من دون أي ضرورة ملحة". كما نصت المادة 16 من البروتوكول الثاني الملحق باتفاقيات جنيف للعام 1949 "يحظر ارتكاب أية أعمال عدائية موجهة ضد الآثار التاريخية، أو الأعمال الفنية وأماكن العبادة التي تشكل التراث الثقافي أو الروحي للشعوب".
  • ونصت المادة الخامسة من اتفاقية لاهاي والمعقودة في 14/5/1954 على : "إلزام الطرف الذي يحتل إقليما أو جزءا منه تقديم العون لحكومة الطرف الذي احتلت أرضه في حماية الممتلكات الثقافية واتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية الممتلكات". كما حرمت المادة 56 من أنظمة لاهاي لسنة 1954 حجز أو تخريب للمنشئات المخصصة للعبادة والبر والمباني التاريخية. وتضمن البروتوكول الإضافي لاتفاقية جنيف الربعة لسنة 1977 في المادة رقم 53 من البروتوكول الأول والمادة رقم 16 من البروتوكول الثانيحظرا بارتكاب أية أعمال عدائية موجهة ضد الآثار التاريخية أو الأعمال الفنية وأماكن العبادة التي تشكل التراث الثقافي والروحي للشعب.
  • وكانت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) أصدرت العديد من القرارات التي تشجب وتستنكر الاعتداءات الصارخة التي تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي ضد الأماكن التاريخية والمقدسة في القدس الشريف، كما أدانت الحفريات وأعمال التنقيب التي تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي في محيط المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة، ودعت جميع هذه القرارات (إسرائيل) التوقف الفوري عن هذه الحفريات نظرا لمخالفتها القانونية مع الاتفاقية الدولية لعام 1972 والخاصة بحماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي، ورأت هذه القرارات بأن هذه الحفريات تهدد موقع القدس القديمة المسجلة على لائحة التراث العالمي، وفي قائمة التراث العالمي المهدد بالخطر. كما دعت هذه القرارات المستندة إلى البعثات المتعددة المرسلة إلى القدس مرارا "إسرائيل الامتناع عن أي عملية من شأنها أن تغيير الطبيعة التاريخية للمدينة. والتوقف عن أعمال الحفر التي تمثل خطرا على آثار القدس. وأدانت جريمة حرق المسجد الأقصى بتاريخ 21 آب 1969. وطالبت إسرائيل بالحفاظ على جميع المواقع والأبنية والممتلكات الثقافية الأخرى والتوقف عن إجراء التنقيبات الأثرية في الأراضي المحتلة.
  • ويعالج القانون الدولي مسالة التخريب المتعمد للممتلكات الثقافية ويحاسب عليها كجريمة حرب فقد قررت محكمة نورنبرغ اعتبار الاعتداء على الآثار والمباني التاريخية دون سبب مشروع جريمة حرب استنادا إلى المادة 6 فقرة ب من ميثاق المحكمة.
  • وأخيرا، دعا تقرير بعثة اليونسكو الأخيرة التي زارت القدس (28/2 – 2/3/2007) إسرائيل إلى التوقف الفوري عن الحفريات التي تجريها في باب المغاربة وإعادة تركيب التلة التي يجري تجريفها.
ثالثا: حظر التنقيب في الأراضي المحتلة
يحظر القانون الدولي إجراء تنقيبات منظمة في الأراضي المحتلة، أما الاكتشافات العرضية فيجب اتخاذ كافة التدابير من أجل حمايتها وتسليمها إلى السلطات المختصة عند انتهاء الاحتلال.وتنص المادة 32 من الميثاق الأول انه في حالة نزاع مسلح يقتضي على الدولة التي تحتل أراضي دولة أخرى الامتناع عن القيام بحفريات أثرية في المنطقة المحتلة، وفي حالة العثور على أي أثر بمحض الصدفة، خاصة أثناء الإنشاءات العسكرية فانه يتحتم على الدولة المحتلة ان تتخذ كافة الإجراءات الممكنة لحماية الآثار التي يتم اكتشافها والتي ينبغي تسليمها عند انتهاء الاحتلال إلى السلطة المختصة في المنطقة التي كانت واقعة تحت الاحتلال مع جميع الوثائق المتعلقة بذلك.رغم هذا الحظر فقد قام الإسرائيليون بالتنقيب في مئات المواقع الأثرية في الأراضي المحتلة بشكل عام وفي القدس بشكل خاص، منتهكين بذلك حرمة الآثار الفلسطينية.
وبالتالي يجب النظر إلى الحفريات في مدينة القدس كجزء من الخرق الدائم للقانون الدولي على اعتبار ان القدس مدينة محتلة، كما ورد أعلاه.

رابعا: الأهداف الإسرائيلية من التنقيب في محيط الحرم القدسي الشريف
بعد احتلال القدس مباشرة سنة 1967، باشر الإسرائيليون الحفر بصورة غير قانونية في المنطقة الجنوبية والغربية المحاذية للحرم الشريف، وهي الحفريات التي قام بها كل من إغال يادين وبنيامين مازار ومئير بن دوف، ليكشفوا، على خلاف ماتوقعوا، عن سلسلة من القصور الأموية بالإضافة إلى سويات أثرية تعود إلى الفترة البيزنطية. وحين لم تأت هذه التنقيبات بالثمار المرجوة، بدأ الإسرائيليون في عقد الثمانينات، وبشكل سري،بالاندفاع إلي منطقة الحرم نفسها وتتبع النفق الأرضي الواقع على امتداد السور الغربي لمنطقة الحرم، والممتد من حائط البراق (تحت المدرسة التنكزية) إلي باب الغوانمة (الواقع في الزأوية الشمالية الغربية للحرم الشريف). وقد أدت هذه الحفريات في حينهاإلى تصدع في المباني الواقع فوقه، والتي تعود جميعها إلى الفترة المملوكية ( مثل المدرسة العثماني، رباط الكرد، والخانقاة الجوهرية، والمدرسة المنجكية ).

ولكن هذا النفق، الذي تسوقه المؤسسة الإسرائيلية بـ"نفق الحشمونائيم" ( وهو في معظمه يعود إلى الفترات الأموية، والفرنجية، والأيوبية والمملوكية والعثمانية ) والذي يمتد بطول 495 مترا، ليس بالنفق الوحيد الذي جرى حفره، بل قام الإسرائيليونعبر نفق تحت أرضي أخر بالتسلل شرقا باتجاه قبة الصخرة حتى وصل إلى مدخل بئر سبيل قايتباي( بوابة ورن "warren Gate " "، بما يؤكد ان حجم العمل والتسلل داخل منطقة الحرم غير معروف الأبعاد تمأما بسبب الطابع السري لهذا العمل. بما يستوجب إخضاعه إلى إدارة الأوقاف التي لها الحق في الاستعانة بالجهات الفلسطينية والعربية والدولية المختصة لوقف هذه الحفريات عندما ترى ذلك مناسبا للوقوف على حجم الأضرار الناتجة عن أعمال العبث تحت منطقة الحرم الشريف.

ان الحديث الإسرائيلي عن اكتشافات علمية وتاريخية لا يتعدى المبالغة والتمنيات التي تفتقد في أغلب الأحيان إلى الأسس العلمية، ولا يمكن للادعاء "بالعلمية" ان يخفي الدافع الأيديولوجي لهذا التنقيبات. فقد جرت هذه التنقيبات تقليديا وبشكل أساسي، خاصة في المراحل المبكرة، من قبل المؤسسة الدينية الإسرائيلية وليس من قبل مؤسسات أثرية متخصصة. وما لا يمكن إخفاؤه، هو ان هذا العمل يتخذ طابع البحث عن بقايا الهيكل في منطقة الحرم القدسي ذاتها. ولا يمكن فصله عن فكر التطرف والمخططات الرهيبة لهذه المنطقة المقدسة، فمن الحفريات حول منطقة الحرم وتحته،إلى حرق المسجد الأقصى سنة 1969،إلى مخطط تفجير قبة الصخرة،إلى الخطاب الديني المتطرف، ومحأولات الاقتحام الدورية للمنطقة، والمحأولة السنوية لوضع حجر الهيكل الأساسي، إلى رسم مخطط الهيكل فوق منطقة الحرم، وقيام مدارس دينية بتأهيل كهنة الهيكل، والتحرش الدائم بالوقف الإسلامي والمصلين، والمجازر المرتكبة في ساحات المسجد، وانتهاك الحرمات الدينية الدائم. من هذا كله تتضح ملامح مشروع تدمير تجاه منطقة الحرم الشريف على العالم ان يعي أخطاره بشكل مبكر وبجرأة ودون مواربة.

الفصل الثاني: باب المغاربة ـ تاريخ وخلفيات

1. موقع باب المغاربة وتاريخه
يقع باب المغاربة في الجزء الجنوبي من الجدار الغربي للحرم القدسي الشريف، وكان يستخدم بالأساس من قبل سكان حارة المغاربة، التي دمرتها الجرافات الإسرائيلية في حزيران 1967، كما كان يربط الحرم الشريف بأحياء القدس الجنوبية (خاصة أحياء سلوان والثوري).

ومن المعتقد بأن الباب الحالي قد بني خلال الفترة الأيوبية، وهي نفس الفترة التي شهدت وقف حارة المغاربة من قبل الأيوبيين على المغاربة من أتباع المذهب المالكي ( من أصول شمال أفريقية وأندلسية) المجأورين في القدس، وقد استمر تراثهم بالتراكم في هذا الحي حتى عام 1967، حيث شردوا منه بعد التدمير الكامل لحارتهم.

2. تاريخ النزاع على الحائط الغربي للحرم الشريف
في الحقيقة لا نملك معلومات تاريخية حول كيفية بدأ تقديس جزء من الجدار الغربي للحرم الشريف (حائط البراق) من قبل اليهود قبل القرن السادس عشر الميلادي، وأغلب الروايات تتحدث عن ممارسة اليهود لطقوسهم الدينية من على جبل الزيتون باتجاه المدينة. ويبدو بأن ممثلي اليهود قد تطلعوا للصلاة باتجاه حائط البراق في الفترة العثمانية (القرن السادس عشر الميلادي). وبسبب التسامح العثماني، ولكونهم من رعايا الدولة، سمح لهم بممارسة طقوسهم الدينية في ساحة ضيقة، لا تتجأوز خمسة أمتار عرضا، وبطول حوالي 28 مترا. اصطلح على تسمية هذا الجدار بالاصطلاح العربي "حائط البراق" نسبة إلى ربط هذا الحائط بمعجزة الإسراء والمعراج، حيث يعتقد المسلمون بأن الرسول (ص) قد ربطبراقه، بهذا الجدار قبل دخوله ساحات الحرم الشريف للصلاة بالأنبياء ليلة معراجه إلى السماء. أما الاصطلاح الغربي المستخدم فهو حائط المبكى The Wailing Wall، في حين يستخدم اليهود، والإسرائيليين الآن، اصطلاح الحائط الغربي The Western Wall .
استخدم اليهود هذا الجزء من الحائط، دون ملكية، ودون إمكانية وضع أشياء ثابتة (ومن ضمنها أثاث) فيه حتى عام 1925م وبدون ظهور أية مشكلة، حيث أن ملكية الحائط كانت محسومة للأوقاف الإسلامية، وأن ممارسة الطقوس اليهودية فيه كانت بإذن من المسلمين الذين اعتبروا الحائط جزء لا يتجزأ من الحرم الشريف، عدا عن أهميته بالنسبة لذكرى معجزة الإسراء والمعراج.
مستغلين تزايد أعدادهم في المدينة ووجود سلطة الانتداب البريطاني، وبوحي من وعد بلفور، حأول اليهود في سبتمبر عام 1925 ادعاء حقهم في تحويل الساحة، التي سمح لهم بالصلاة فيها، إلى كنيس عبر إحضار بعض الطأولات والكتب والكراسي، في محأولة لتثبيت "حقهم" في الموقع، على اعتبار ان هذا الجدار هو جزء من الهيكل الثاني الذي دمره القائد الروماني طيطس عام 70 ميلادية. وقد كاد الخلاف مع المسلمين ان يتحول إلى معركة، تخفي ورائها قصص أخرى تتعلق بنمو أعداد اليهود في القدس بشكل كبير، عدا عن اتضاح المشروع الصهيوني، لولا تدخل قوات الانتداب البريطاني التي فضت النزاع بين الطرفين، متمسكة بقوانين الوضع الراهن (status quo)، التي وضعها العثمانيون في منتصف القرن التاسع عشر، والتي بقيت نظريا إلى اليوم الحاكم في الخلافات التي تنشئ بين الأطراف المختلفة في الأماكن المقدسة (خاصة المسيحية).
بعد ثلاث سنوات ( سنة 1928) تجدد الخلاف بمطالبة اليهود إلغاء القرار البريطاني القاضي بالحفاظ على الوضع الراهن، وذلك عبر إحضار وتثبيت ستارة في الموقع يوم الغفران 9 آب 1928 (عيد دمار الهيكل الثاني، بالتقويم العبري)، مما دفع حارس الموقع البريطاني إلى إزالتها على اعتبار أنها تشكل تحديا للقرار البريطاني السابق، وأنها قد تقود إلى خلق مشكلة.
ويذكر بأن المؤتمر الإسلامي الأول قد عقد بالقدس في نوفمبر من نفس العام، حيث أكد، بالإضافة إلى القضايا الأخرى المطروحة على جدول أعماله، رفض المسلمين في كل بقاع الأرض إحداث أي تغيير على الوضع الراهن السائد في حائط البراق. على أي حال فقد توالت الأحداث، التي ارتبطت جزئيا بالصراع على هذا الجدار، وفي صورتها الشاملة أخذت شكل مناهضة الصهيونية والهجرة اليهودية وسياسة نقل ملكيات الأرض، لتندلع في نهاية المطاف في شهر آب 1929 على شكل ثورة، عرفت في التراث السياسي الفلسطيني بـ"ثورة البراق"، والتي شكلت على أثرها لجنة شو Sir Walter Shaw، التي قامت بدراسة أسباب الثورة.
لم تتغير في نهاية المطاف العلاقة المحكومة بـ"الوضع الراهن" بين المسلمين واليهود في هذه المنطقة، حيث أكد الانتداب البريطاني أكثر من مرة الملكية الإسلامية للحائط الغربي للحرم الشريف بكل مكوناته، لكنه اعترف أيضا بحق اليهود بإقامة شعائرهم الدينية هناك، كما جرت عليه العادة والتقليد، دون إدخال أية تعديلات عليه. وطوت حرب 1948 المشكلة، بالرغم من ظهورها في محادثات الهدنة الإسرائيلية الأردنية، على الرغم من اشتراط اتفاقية الهدنة الأردنية الإسرائيلية السماح لليهود بزيارة حائط المبكي، إلا أن الحكومة الأردنية لم تسمح لهم بذلك بسبب حالة الحرب بين الطرفين، وعدم تنفيذ إسرائيل لباقي شروط الهدنة التي من بينها حق العودة للاجئين الفلسطينيين.

3. حرب حزيران 1967
لم تتوانى إسرائيل بعد انتصارها في حرب حزيران عام 1967عن تغيير كل اتفاقيات "الوضع الراهن"، حيث أصبحت، بموجب القوانين الإسرائيلية، وفي ظل رفض دولي، "الدولة صاحبة السيادة"، حيث قامت بتطبيق القانون الإسرائيلي على القدس العربية التي احتلتها نتيجة للحرب.
وبتاريخ 27/6/1967 أقرت الكنيست الإسرائيلية ثلاثة قوانين أثرت على مكانة القدس والأماكن المقدسة، والتي اعتبرت تعديا صارخا على القوانين والأعراف الدولية، كما تعتبر في الآن نفسه إلغاء للوضع الراهن من طرف واحد، وفي الوقت ذاته أطلقت يدها في القدس العربية، لتخلق واقعا، بالرغم من عدم شرعيته، إلا أنه شكل قاعدة لمفأوضات السلام الجارية وأثر بكل نتائجها، وهذه القوانين هي:
  • تطبيق القانون الإسرائيلي على القدس "بكاملها".
  • توسيع حدود بلدية القدس العربية من ستة ونصف كيلوا متر إلى اثنين وسيعين كيلوا متر على حساب الأراضي الفلسطينية، ودمج منطقة "القدس الموحدة" من شمال قلنديا (على الحدود الجنوبية لمدينة البيرة) وحتى صور باهر جنوبا (الحدود الشمالية والشمالية الشرقية لمدينتي بيت لحم وبيت ساحور) ضمن بلدية القدسالإسرائيلية، وحل المجلس العربي للبلدية وإخضاع القدس "الموحدة"والموسعة للبلدية والقوانين الإسرائيلية.
  • إصدار قانون حماية الأماكن المقدسة، الذي يقر بحرية العبادة وحرية الوصول إلى الأماكن المقدسة لكل أصحاب الديانات، حيث أوكل إلى وزير الأديان الإسرائيلي تنفيذ هذا القانون، ولكنه لم يطبق فعليا.
هذه القوانين جعلت من إسرائيل، في الأمر الواقع (de facto)،الدولة صاحبة السيادة على المدينة، بالرغم من عدم إشارة هذه القوانين لمسألة السيادة.
وبعد أربعين سنة تقريبا من تدمير حي المغاربة كليا وتشريد سكانه بحجة توسيع ساحة البراق (أمام حائط المبكى) شرعت السلطات الإسرائيلية صبيحة يوم الاثنين بتاريخ 6/2/2007 بإزالة آخر معالم هذا الحي والمتمثلة بالتلة التراثية للطريق التاريخي القديم الواصل بين حي المغاربة وساحة الحرم الشريف بحجة الترميم وبناء جسر بديل، وهي من نوع الأعذار التي درج الجانب الإسرائيلي على إيرادها مع كل عملية تغيير في الطابع التاريخي للمدينة المقدسة منذ احتلال المدينة سنة 1967. وتعتبر هذه التلة الشاهد الأخير على هذا الحي الذي كان ينبض بالحياة وأزيل بكاملة بما يزيد عن 135 مسكنا ومسجدين وزأويتين صوفيتين. كما تمت السيطرة المباشرة على مفاتيح باب المغاربة. كما تمت مصادرة ما يزيد عن 116 دونما من الأراضي الخاصة والوقفية بذريعة إعادة بناء الحي اليهودي في المدينة.

وقد أصبح الممر الأثري مع الوقت عرضة للتهديد مع استمرار التنقيبات في المنطقة الغربية للحرم من كلا الجانبين في اطار البحث المحموم عن بقايا الهيكل. وقد جرى إضعافه إنشائيا بصورة متواصلة. ومنعت السلطات الإسرائيلية، التي تسيطر على المكان، الأوقاف الإسلامية من جراء أعمال التدعيم للممر الأثري. وفي سنة 2004 جرى انهيار جزئي في ظروف غامضة لأحد جوانب التلة التراثية، وبدلا من إجراء أعمال التدعيم والترميم للانهيارات تركت على حالها لتتفاقم وجرى بناء جسر خشبي مؤقت سنة 2005. وقد أفصحت السلطاتالإسرائيلية عن نيتها في إجراء تغييرات شكلية في المكان بحجة الترميم وإزالة الخطر.

وتشير المخططات الإسرائيلية إلى بناء جسر جديد ضخم في المكان بالغ الحساسية. ففي حين كان طول الممر الترابي حوالي 52م، سيكون طول الجسر الجديد المقترح حوالي 137م وسينطلق من منطقة الآثار المكتشفة عند السور الجنوبي بالقرب من باب المغاربة (باب المدينة)، وسيغير هذا المخطط الوضع الراهن القائم منذ سنة 1967 كليا ويخلق وقائع تخطيطية واستيطانية جديدة.

وجدير بالذكر أن بعض علماء الآثار الإسرائيليين قد أعربوا سنة 2006 عن معارضتهم لهذا المخطط,. وأشاروا إلى أن المخطط المقترح سيلحق الضرر باحد أهم المواقع الأثرية في العالم. وطالبوا ان تكون المخططات المعدة لموقع بهذا القدر من الأهمية نتيجة عمليات تشأورية.
وحذرت جهات دولية مختلفة من أن استمرار هذه التنقيبات على مستويات عميقة من مستوى الأساسات وتفريغ الأرض تحت هذه المباني التاريخية القديمة سيضعف أساسها ويحمل أخطارا إنشائية كبيرة على هذه المباني على المدى القريب والوسيط.
وجاءت الممارسات الإسرائيلية الأولى لتغيير الوضع الراهن، الذي أرسي في القدس عبر قرون،بتدمير حارة المغاربة، وتسوية ساحة ضخمة أمام حائط البراق لاستخدامها لأغراض دينية ومدنية إسرائيلية ( احتفالات عسكرية تهدف إلى تعزيز العلاقة " ايدولوجية" بين الإسرائيليين والحائط، حيث يُقسم الجنود الإسرائيليون يمين الولاء لدولتهم، وذلك بعد انتهائهم من التدريب العسكري)، إضافة إلى وضع اليد على حائط البراق بعد توسيعه وتسجيله سنة 1984 في دائرة الأملاك الإسرائيلية كملك للدولة (إسرائيل).

4. مفتاح باب المغاربة
في آب 1967، وقبل مرور شهر على الاحتلال الإسرائيلي للقدس العربية، وقبل الانتهاء كليا من تدمير وتسوية أطراف حارة المغاربة، أمر وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك موشيه ديان، مدير أوقاف القدس، المرحوم حسن طهبوب، بتسليم مفتاح باب المغاربة (باب الحرم الشريف) للقوات الإسرائيلية. لكن المرحوم حسن طهبوب، وبالتشأور مع أعضاء الهيئة الإسلامية (المشكلة حديثا) رفض هذا الطلب، على اعتبار أن أبواب الحرم القدسي الشريف هي جزء لا يتجزأ من الحرم، الذي هو ملكية إسلامية خالصة، وأن السيادة الإسلامية عليه غير قابلة للنقاش وتضمنها كل القوانين الدولية، ومنها التاريخ الإسلامي الطويل للموقع.
وفي 31 آب من نفس العام، حضرت قوة من الجيش الإسرائيلي إلى مقر دائرة الأوقاف الإسلامية وانتزعت مفتاح باب المغاربة بقوة السلاح. وهكذا أصبح مفتاح الباب والباب ذاته تحت سيطرة القوات الإسرائيلية التي وضعت عليه قوة من الشرطة العسكرية الإسرائيلية تمركزت أيضا في جزء مما تبقى من الزأوية الفخرية (زأوية أبو السعود).
لقد اعتبر بعض الإسرائيليين أن السيطرة العسكرية الإسرائيلية على باب المغاربة قد وضعت حدا لحلم المتطرفين اليهود بالسيطرة على كافة أنحاء الحرم القدسي الشريف، في حين رأت الأوقاف الإسلامية أن الأمر يتمثل في كسر السيطرة الإسلامية المطلقة على الموقع، وبداية للتدخل الإسرائيلي التدريجي، ليس فقط في إدارة الموقع، بل في حرية العبادة ومن ضمنها حرية الوصول إلى الأماكن المقدسة.
بدأت المعركة بين دائرة الأوقاف الإسلامية والحكومة الإسرائيلية، بخصوص باب المغاربة، تأخذ أشكالا متعددة، وتصاعدت بحريق المسجد الأقصى (21 آب 1969)، حيث ربطت الأوقاف الإسلامية الحريق بالسيطرة الإسرائيلية على باب المغاربة، على اعتبار بأن مسبب الحريق قد استخدم ذلك الباب (تحت نظر وسمع القوات الإسرائيلية) لتهريب المواد الحارقة التي استعملها في إشعال السقف الخشبي لسطح المسجد وقبته، وبذلك طالبت الأوقاف استرداد سيطرتها على الباب. سارعت إسرائيل إلى إغلاق باب المغاربة خشية دخول إسرائيليين إلى الحرم والدخان يتصاعد من المسجد، كما سارعت الأوقاف إلى إغلاق كافة بوابات الحرم أمام غير المصلين المسلمين، وربطت بين إعادة فتح الحرم أمام الزوار غير المسلمين بإعادة سيطرتها على باب المغاربة.
خشيت إسرائيل ان تكون الأوقاف الإسلامية قد استطاعت، بحكم الأمر الواقع، من استعادة سيطرتها على الحرم متذرعة بحريق المسجد الذي ألهب مشاعر المسلمين في كافة أنحاء المعمورة. لقد وصلت أهمية الأمر حدا دعا الحكومة الإسرائيلية إلى عقد جلسة لمجلس وزرائها بتاريخ 19 تشرين أول 1969 لمناقشة الأمر بشكل مطول، واتخذت قرارا بفرض فتح الحرم أمام الزوار "لإعادة الحياة الطبيعية لهذه المنطقة". وبالفعل وفي اليوم التالي قامت القوات الإسرائيلية بفتح باب المغاربة عنوة أمام الزوار غير المسلمين متحدية بذلك قرار الأوقاف الإسلامية، ومؤكدة بأن السيطرة على الحرم الشريف ليست إسلامية خالصة، أو على الأقل غير معترفة بسيطرة الأوقاف المطلقة. وحتى لا يظهر الأمر وكأنه قرار إسرائيلي بحت، سارعت الأوقاف إلى فتح باقي بوابات الحرم بعد شهر من القرار الإسرائيلي، لكنها أبقت على إغلاق المساجد أمام الزوار، أي أصبح بإمكان الزائر الدخول إلى باحات الحرم القدسي الشريف فقط، الأمر الذي استمر حتى 24 تشرين الأول 1972، حين قررت الأوقاف الإسلامية إعادة فتح المساجد ( قبة الصخرة والمسجد الأقصى) أمام الزوار.
لم تنفك دائرة الأوقاف الإسلامية من إعلاء صوتها، محليا ودوليا، معلنة رفضها وخشيتها من السيطرة الإسرائيلية على باب المغاربة، حيث لمست التغييرات التي يمكن أن تحدث نتيجة هذه السيطرة. فعلى سبيل المثال، أصدرت الهيئة الإسلامية بتاريخ 18 شباط 1976 بيانا ذكرت فيه بالواقع الذي وصل إليه الحرم "...يكفي أن نقول أن دائرة الأوقاف الإسلامية، وهيالدائرة المختصة بحماية المسجد الأقصى، لا تملك الإشراف الفعلي على مداخله وأبوابه، فما زالت السلطات (الإسرائيلية) تحتفظ حتى هذه اللحظة بمفتاح أحد الأبواب الرئيسة وهو باب المغاربة".
ولم تتوانى الأوقاف الإسلامية عن متابعة الموضوع بجدية، حيث أرسلت بتاريخ 9/8/1977 رسالة بهذا الخصوص إلى وزير الخارجية الأمريكية تحتج فيها على مصادرة مفتاح باب المغاربة وعلى الممارسات الإسرائيلية الأخرى التي تحأول الهيمنة على الموقع.
رأت الأوقاف الإسلامية أن أي محأولة لتغيير "الأمر الواقع" يعتبر مساسا بولايتها على الحرم. وقد أصدرت بيانا بتاريخ 29/12/1978 تحتج فيه على قيام إسرائيل بدهان وترميم الباب الخشبي لباب المغاربة حيث " أنه ملك للأوقاف الإسلامية وهي المسئولة عنه حصرا". واعتبرت أن هذا الأمر محأولة إسرائيلية للانتقاص من سيادة الأوقاف الإسلامية على الحرم الشريف.
وأثر مهاجمة جندي إسرائيلي برشاشه قبة الصخرة المشرفة وإطلاقه النار داخل وخارج القبة بتاريخ 28 نيسان 1982، قامت الأوقاف الإسلامية بإغلاق الحرم أمام الزوار من غير المسلمين، على اعتبار أن هذا الجندي قد دخل بسلاحه إلى الحرم من باب الغوانمة التي يخضع للسيطرة الإسرائيلية، كبقية أبواب الحرم، وأصدرت بيانا جاء فيه "ان عملية فتح وإغلاق أبواب الحرم الشريف هي حق مطلق للمسلمين" .
استخدمت هذه الحادثة لإحكام السيطرة الإسرائيلية على باقي الأبواب، وذلك بتثبيت حرس الحدود (جيش مدرب على قمع الاحتجاجات ويتبع في إدارته للشرطة الإسرائيلية) على كل بوابات الحرم الشريف، الذين أصبحوا يتحكمون بالدخول والخروج من وإلى الحرم. كما أصبح الجيش يتحكم بأي من بوابات الحرم يمكن فتحها وأي منها يتم إغلاقه بحجة الترتيبات الأمنية لحماية الحرم من المتطرفين (اليهود)، الأمر الذي عكس نفسه وبشدة على حرية الوصول إلى الأماكن المقدسة، ووقف المسلمون في مواعيد الصلاة، وبشكل خاص أيام الجمع، طوابير أمام بوابات الحرم بانتظار تفتيشهم من قبل الشرطة الإسرائيلية المتحكمة بها. لقد انتقلت تدريجيا فكرة حماية بوابات الحرم من المتطرفين اليهود إلى إطلاق يد حرس الحدود والشرطة الإسرائيلية داخل ساحات الحرم حيث أخذوا يتجولون في ساحات الحرم وهم مدججون بالسلاح.
وبالرغم من نجاح الهيئة الإسلامية بالحد من تجول قوات حرس الحدود داخل باحات الحرم الشريف، وذلك بتاريخ 28/5/1984، الا أن ذلك لم يدم طويلا، حيث عاد هؤلاء مرة أخرى للظهور، معلنين بالممارسة العملية أن "السيادة" في الموقع هي "إسرائيلية".

5. بمرافقة عملية السلام يحتدم الصراع
بقيت مسائل الصراع على السيادة على الحرم الشريف محورا أساسا في تاريخ القدس منذ عام 1967، تخبو وتشتعل، تبعا لتطورات الأحداث والأوضاع العامة في المنطقة، ومدى قدرة الحكومة الإسرائيلية على مراكمة المزيد من المكاسب السيادية التي بدأتها في باب المغاربة. وكما نعلم جميعا، فان المحأولات الإسرائيلية لتوسيع سيطرتها على كل مدينة القدس قد ازدادت عقب اتفاقيات أوسلو عام 1993، محأولة بذلك فرض أمر واقع واستباق نتائج المفأوضات النهائية (ومنها التفأوض على مستقبل القدس)، عبر زيادة رصيدها بالسيطرة على الأراضي وفرض المزيد من رموز "السيادة الإسرائيلية". ومن الممكن الاعتقاد، بالرغم من موافقة إسرائيل في كل من مفأوضات كامب ديفيد الثانية وما تبعها من مفأوضات في شرم الشيخ ومعايير الرئيس الأمريكي السابق كلينتون، على التفأوض على مستقبل القدس عبر تقسيم المدينة إلى منطقتي سيادة إحداها إسرائيلية والأخرى فلسطينية، لم تصل إلى مرحلة الجدية، بل جاءت الموافقة على مبدأ تقسيم المدينة إلى مدينتين على سبيل المماطلة للانتهاء من مخططها التهويدي، لتصل بالمدينة إلى حالة يصعب تقسيمها.
وفي عام 1997 بدأت دائرة الأوقاف الإسلامية، بدعم من مبادرات شعبية، بمبادرة جريئة لترميم إسطبلات سليمان (أصبحت تعرف الآن بالمصلى المرواني)، والتي تقع تحت الساحة الجنوبية الشرقية لمنطقة الحرم الشريف، والتي تبلغ مساحتها حوالي 4500 مترا مربعا. وبالتالي الحصول على مسجد ثالث تفوق مساحته الجامع الأقصى وقبة الصخرة مجتمعين، موفرا مكانا ضخما إضافيا للمصلين (حوالي 5,000 مصلي)، وقاطعا على الإسرائيليين خططهم بالدخول إلى الحرم الشريف وتحويل جزء منه إلى كنيس يهودي، خاصة وأن المصلى المروانييرتبط مع خارج القدس مباشرة بعدة بوابات مغلقة، من السهل فتحها، وربطها بساحة البراق.
تجدد بهذا العمل الصراع السيادي على الحرم الشريف، وكان المدخل الإسرائيلي لهذا الصراع هو سلطة الآثار الإسرائيلية، حيث لم توافق دائرة الأوقاف الإسلامية على تدخلها في أعمال الترميم وفتح البوابات للمصلى المرواني منذ بدء العمل. وتمسكت الأوقاف بحقها المطلق بالقيام بكافة أعمال الترميم والإعمار للحرم الشريف على اعتبار أنها صاحبة السيادة المطلقة، وعلى اعتبار بأن قوانين الآثار الانتدابية والأردنية السائدة، لا تبيح لسلطة الآثار التدخل بشؤون الأماكن المقدسة، التي هي حق مطلق للجهة الدينية المالكة لها، وفي حالتنا هي دائرة الأوقافالإسلامية. أثارت إسرائيل زوبعة كبيرة، شملت الحكومة وأعضاء الكنيست و"خبراء الآثار" ورجال الدنيا والدين، حول الموضوع، وذهبت في ذلك مذاهب شتى منها "ان الأوقاف الإسلامية تقوم بتدمير بقايا الهيكل الثاني"، عند قيامها في أيلول عام 1999 بفتح بوابتين تقودا من باحات الحرم (العالية المستوى) إلى داخل المصلى المرواني (التسوية الشرقية)، بالرغم من أن كل البقايا التي تمت إزالتها من الموقع عبارة عن طمم وتربة تم إلقائها بالموقع خلال القرون السابقة، ولا تحمل أية قيمة أثرية أو معمارية جدية. وتحدث علماء آثار إسرائيليين حول استخدام الأوقاف للجرافات لإزالة الطمم المتراكم في ذلك الجزء من باحات الحرم.
وفي 27 سبتمبر 2000، بعد الزيارة الاستفزازية لأريئل شارون (زعيم المعارضة الليكودية في حينه ورئيس الوزراء اللاحق) إلى الحرم الشريف، حيث استخدم باب المغاربة لدخول الحرم الشريف، وما تبعها من قتل للعديد من المصلين في باحة الحرم يوم الجمعة التالي للزيارة، ومما أدى إلى اندلاع انتفاضة الأقصى، قامت الأوقاف الإسلامية بإغلاق الحرم القدسي أمام الزوار من غير المسلمين، مثبتة حقها بالسيطرة على المكان والسماح لمن تريد من الزوار الدخول إلى الموقع. وفي الحقيقة فإن إسرائيل لم تسلم بهذا الأمر فزادت من ضغطها على دائرة الأوقاف عبر إحكام سيطرة جنودها على بوابات الحرم وزيادة أعمال تفتيش المصلين، وعدم السماح للمصلين الذين تقل أعمارهم عن 45 عاما من دخول الحرم الشريف، خاصة أيام الجمع. ولكن أخطر القرارات الإسرائيلية ذات العلاقة كانت، والتي لا زالت في حيز التنفيذ حتى ساعة كتابة هذه المقالة، تحديد إدخال مواد البناء إلى منطقة الحرم، الضرورية لأعمال الترميم، الأمر الذي عطل كل أعمال الصيانة والترميم حتى الآن.
كما يمكن النظر إلى قصة الجدار الجنوبي، التي أثيرت خلال السنوات الثلاث الماضية، الذي هو نفسه في ذات الوقت جزء من سور القدس، من نفس المدخل الذي تحدثنا عنه في باب المغاربة، حيث ظهرت تشققات في هذا الجدار. وقد حأولت دائرة الأوقاف الإسلامية ترميمه، إلا أن السلطات الإسرائيلية رفضت ذلك قطعيا، وحأولت هي القيام بذلك بحجة أن "الجدار يتهدد أمن الجمهور والأماكن الأثرية"، ولكن رفضت دائرة الأوقاف الإسلامية ذلك من طرفها بشدة، في ظل تقارير مبالغ فيها بثها الإسرائيليون حول خطورة الوضع وقرب انهيار السور. وفي نهاية المطاف "اتفق" الجانبان، على أن تقوم الحكومة الأردنية بالإشراف على ترميم السور، مع العلم بأن فرق العمل التي نفذت عملية الترميم كانت مقدسية، وهي نفس فرق العمل التي تقوم بترميم الحرم الشريف منذ عام 1969، تحت إشراف لجنة اعمار المسجد الأقصى المبارك والصخرة المشرفة.
وغني عن الذكر، بأن أجزاء واسعة إضافية من الجدارين الجنوبي والشرقي للحرم الشريف بحاجة ماسة إلى الصيانة والترميم الدوري، والتي إذا لم تنفذ ستزيد الوضع سوءاً، وستؤدي في القريب العاجل تحديات جديدة، وتعقيدات سياسية ورفع وتيرة التدخل الإسرائيلي في شؤون الحرم الشريف. وعلينا إدراك أن منع وإعاقة الأوقاف الإسلامية من ممارسة الصلاحية للقيام بأعمال الصيانة والترميم الدورية تهدف إلى رفع مستوى التدخل الإسرائيلي في الحرم الشريف وانتزاع تدريجي لصلاحيات دائرة الأوقاف الإسلامية.

6. تلة باب المغاربة، تتويج لسياسة التوسع والسيطرة
أثيرت أخيرا مسألة قيام إسرائيل بإزالة التلة المؤدية إلى باب المغاربة والتخطيط لبناء جسر بدلا منها، مما أشعل القدس وفلسطين وأجزاء أخرى من العالمين العربي والإسلامي، فما هي حقيقة الأمر وما هي الآثار المتوقعة من هذا العمل؟


صورة تبين تلة باب المغاربة بعد هدم حارة المغاربة، كما يظهر المسجد الأقصى تحت الترميم بعد الحريق عام 1969، الصورة أخذت بعد العام 1970

التلة المذكورة هي الطريق المتبقية من تدمير حارة المغاربة، والتي أصبحت تربط ساحة البراق بالحرم الشريف، وهي في جزئها الأول عبارة عن ركام من بقايا التدمير (حزيران 1967 وما تبعها من قضم تدريجي بعد ذلك)، وفي جزئها الثاني العلوي ما تبقى من الطريق القديمة، والتي يعود تاريخها على أقل تقدير إلى الفترة الأيوبية، ان لم يكن قبل ذلك. وكانت التلة أعرض بكثير، لكن أعمال الحفريات التي أجريت من الجهة الجنوبية للتلة أدت إلى تضييقها وإضعافها بشكل كبير وجعلتها عرضة للانهيار. وبالفعل تعرضت هذه التلة إلى أعمال حفر قواعد مظلات قامت بها الإسرائيليون رغم تحذيرات دائرة الأوقاف الإسلامية، مما أدى في نهاية المطاف إلى تآكل ومن ثم انهيار جزء منها خاصة أثناء شتاء 2004. وبدلا من القيام بصيانتها وترميمها، وكان هذا سهلا وممكنا بالقليل من الامكانات والتكاليف، واستغلت إسرائيل الفرصة واستندت إلي ذريعة "الحفاظ على سلامة وأمن الجمهور"، فبنت جسرا خشبيا مواز للطريق ليستعمله الزوار سنة 2005. وفي تاريخ 6/2/2007 بدأت أعمال إزالة التلة المذكورة، بما فيها الغرفتين الواقعتين أسفلها واللتان تعودان إلى الفترة الأيوبية، لاستبدالها بالجسر الذي سيبدأ بالقرب من باب المغاربة (باب القدس، وليس باب الحرم، والذي يبعد حوالي 150م عن باب المغاربة (باب الحرم). وقد كشفت الحفريات عن جامع بمحراب جامع المدرسة الأفضلية التي تعود إلى الفترة الأيوبية جرى التكتم عليه عند انهيار جزء من التلة سنة 2004.

7. المبررات الإسرائيلية والرد عليها
ضمن عملية تضليل ممنهجة، اعتمدت إسرائيل على ثلاث حجج، وذلك لامتصاص ردود الفعل الفلسطينية والعربية والإسلامية وأحيانا الدولية:
  • الحجة الأولى: "تشكل هذه التلة خطرا على السلامة العامة بسبب انهيار أجزاء منها جراء عوامل الحت والتعرية والمطر، وبالتالي فان إزالتها أصبحت ضرورية للحفاظ على سلامة الجمهور سواء الزائر للحرم الشريف أو المصلين اليهود في حائط البراق". ان الرد على هذه الحجة هو بسيط للغاية، فقد تركت التلة ليتدهور وضعها دون أعمال صيانة. كما أن الانهيار الجزئي لها لا يبرر إزالتها، بل كان من الممكن ترميمها بقليل من أعمال التدعيم وكان من الممكن لدائرة الأوقاف الإسلامية ان تقوم بذلك، خاصة وأنها قد نفذت أعمال تدعيم في غاية من الصعوبة في أماكن متفرقة من الحرم الشريف والأماكن المحيطة به.
  • الحجة الثانية: "استكشاف الموقع الأثري لدراسة تاريخ المنطقة". لم يتبقى في هذه المنطقة ما يمكن استكشافه، فقد حفر كل محيط التلة من الجهات الثلاثة، ولم يعد من ناحية أثرية أية أهمية للتلة لاستكشاف الطبقات الأثرية والتي يمكن قراءتها من أطراف التلة دون الحاجة لحفرها. وبالتالي فان النظر إلى ما يجري وكأنه عملية استكشاف أثرية، هو مجرد تضليل. وبالتالي، يجب أن لا يتم نقاش هذه المسألة عبر مدخل الآثار، ويجب الإصرار على نقاشها من منطلق سياسي إيديولوجي تهويدي.
  • الحجة الثالثة: "ما يجري هو ترميم وليس إزالة". ويجب أن نلاحظ بأن تعبير "ترميم" كان سائدا في كل البيانات والتصريحات الإسرائيلية. ان استخدام الجرافات في بداية أعمال الإزالة، وبعدها استمرار الحفريات حتى اليوم، ومخطط إنشاء الجسر، تدل كلها على البعد التضليلي في استخدام اصطلاح "ترميم".
8. أسباب معارضة إزالة تلة باب المغاربة
1. أثارت هذه الحفرية تحفظات ومخأوف جهات محلية وعالمية مما حدا بعدة جهات إلى إرسال بعثات لتقصى طبيعة هذه الأعمال وأهدافها المعلنة والمخفية، منها كان بعثة اليونسكو، وبعثة تركية وأخرى فرنسية.ان تلة باب المغاربة هي تلة ليست عادية أو غير ذات قيمة، بل هي مشهد تاريخي تراثي، مسجل ومثبت في دائرة التراث العالمي، كتراث مهدد بالخطر، وعلأوة على ذلك فهي الشاهد الوحيد الذي بقى من النسيج المعماري العربي الإسلامي لحارة المغاربة، تلك الحارة التي دمرتها إسرائيل بالجرافات مباشرة بعد حرب عام 1967.
2. ان الأعمال الجارية في باب المغاربة تشكل خرقا فاضحا للاتفاقية الدولية للحفاظ على التراث الثقافي والطبيعي العالمي، باعتبار أن مدينة القدس وأسوارها مسجلة على لائحة التراث العالمي منذ سنة 1981. ورغم ان تسجيل المدينة لم يوقف الخروقات الإسرائيلية للقانون الدولي فان الأعمال الجارية تعرض جهود اليونسكو والمجتمع الدولي للخطر، وخصوصا دور لجنة الخبراء الدولية لليونيسكو حول القدس. وفي قراراتها الأخيرة حذرت لجنة التراث العالمي التابعة لليونسكو من الإفراط في التنقيبات التي تجريها السلطات الإسرائيلية ويتضح أن هذه التنقيبات المدفوعة أيديولوجيا تستهدف طبقات أثرية معينة ومراحل تاريخية بعينها، بما يخرج هذه التنقيبات عن الهدف العلمي. فقد تبين أن كلا من اليونسكو ولجنة التراث العالمي لم تخطرا بالأعمال الإسرائيلية الأخيرة، كما أن الأعمال الجارية تشكل تهديدا جديا لدور هذه اللجنة. كما تضع دور اليونسكو ولجنة التراث العالمي محط تساؤل كبير، ذلك أن تحرك هذه المؤسسات بدا خجولا ولم يرق إلى مستوى الحدث الخطير في الموقع.
3. لا تقتصر أهمية ومكانة وأصالة تلة باب المغاربة على احتوائها على طبقات أثرية وتاريخية فقط، بل هناك قيم إنسانية أخرى تتمثل في هذه التلة، فهي ليست نسيج معماري فقط بل تضم قيما روحية ودينية واجتماعية ورمزية وتاريخية،فهي ترتبط بشخصيات هامة في تاريخ القدس وفلسطين.
4. تحأول الجهات الإسرائيلية صبغ هذه الأعمال بالصفة العلمية والحفرية الأثرية لتخفى أهدافها النهائية في إزالة هذه التلة وادعاء السلطات الإسرائيلية ان هذه "حفرية إنقاذية" مع استخدام الآليات الثقيلة وتوظيف مئات العمال وكأنها في سباق مع الزمن يناقض ويفضح الموقف الإسرائيلي المعلن.
5. تدعي السلطات الإسرائيلية بأنها لا تعمل في نطاق المسجد الأقصى المبارك، وان أعمالها خارج حدود الحرم الشريف، وان هذه الأعمال لا تؤثر سلبا على الحرم، وتحأول ان توهم الجميع بذلك، وكأن العبث في الطريق التاريخي المؤدي إلى الحرم لا يتصل بالحرم، وهذا تشويه للواقع والحقائق.
6. ان حارة باب المغاربة وما بقى من هذه التلة هو وقف إسلامي ثابت، يضم في جنباته العديد من الآثار الإسلامية، منها مسجد البراق، والمدرسة الأفضلية التي أوقفها الملك الأفضل نور الدين علي بن القائد صلاح الدين الأيوبي. واستنادا إلى الموقع الالكتروني لسلطة الآثار الإسرائيلية، فقد تم اكتشاف غرفة مع محراب أثناء أعمال عام 2004. ان هذه الغرفة وما بها من محراب، هو مصلى المدرسة الأفضلية الأيوبية.
7. ان ابسط المبادئ العلمية الأثرية التي تطبق في إعادة تأهيل المناطق التاريخية والأثرية، لم تطبق في الأعمال التي تقوم فيها السلطات الإسرائيلية، فالمشروع المعلن يتحدث عن جسر ضخم، حديث سيبنى بدلا من ممر تاريخي تطور عبر الزمن. ان الهدف النهائي من هذا التصميم هو إزالة طبقات عربية إسلامية واستبدالها بمنشأ حديث والهدف هو استمرار عملية تهويد البلدة القديمة للقدس عنوة، وتسهيل اقتحام قوات الاحتلال والمتطرفين للحرم الشريف.
8. من المبادئ الأساسية في التعامل مع المواقع التاريخية هو ترك نموذج كشاهد مصغر لما كانت عليه الأمور قبل التدخل النهائي. وتشكل تلة باب المغاربة أفضل الشواهد لما كانت عليه المنطقة قبل عام 1967 وقد جاء هذا كنتيجة تطور معماري وتاريخي امتد عدة قرون، فإزالة هذه التلة هو تصميم على إزالة طبقة ومشهد قديم سيحرم الأجيال القادمة من إعادة تصور التطور التاريخي الذي ساد.
9. تدعى السلطات الإسرائيلية ان هذه حفرية علمية أثرية، تخضع لسلطة الآثار الإسرائيلية، ويحق التساؤل هنا ما الذي ستقدمه هذه الحفرية من معلومات جديدة، لان الحفر في هذه المنطقة خاصة إلى الجنوب منها قد استمر منذ عام 1967، وأصبح معلوما بشكل تام كافة الطبقات الأثرية المكونة لهذه المنطقة. لذا فالحفر هنا يخدم أغراض أخرى، منها توسيع ساحة حائط البراق الشريف، وتوفير مكان إضافي للصلاة للنساء، لان التلة تشكل عائق طبيعي أمام هذا التوسع.
10. ان ما يجري من حفريات في تلة باب المغاربة يتصل اتصالا مباشرة بسياسة إسرائيل العامة اتجاه الحرم الشريف، فهي تملك غصبا ومنذ عام 1967 مفتاح باب المغاربة المؤدي إلى الحرم الشريف، وهي تمنع العرب والمسلمين من الدخول من هذا الباب وتقصره على الإسرائيليين، خاصة المتطرفين منهم، وعلى الأجانب من السياح، لذا فان هذه الأعمال تصب في صالح زيادة السيطرة الإسرائيلية في الحرم الشريف على حساب الحقوق العربية الإسلامية.
11. لا تلتفت إسرائيل، أثناء تنفيذ الأعمالفي تلة باب المغاربة،إلى الحقوق العامة لدائرة الأوقاف الإسلامية، التي تدير شؤون الحرم الشريف منذ عام 1967، وقبل ذلك بوقت طويل، وتعمل جاهدة على إضعاف وتفريغ هذه الحقوق وعلى مضايقة الدائرة وإعاقة أعمال الترميم والصيانة اللازمة للحرم. علما بأن هذه الدائرة تتبع الحكومة الأردنية التي تربطهابإسرائيل اتفاقية سلام.
12. من الملفت للنظر ان مجموعة لا يستهان بها من المختصين في التراث الثقافي في إسرائيل سواء من أقطاب اليمينأو اليسار قد ابدوا معارضتهم لهذهالأعمال واحتجوا ضدها، مما يدلل على خطورة هذه الأعمال وأنها تهدف لخدمة أغراض سياسية ضيقة.
13. ان أسلوب العمل في تلة باب المغاربة، وفي أماكن أخرى، قدأوضح بشكل لا لبس فيه ان إسرائيل لا تلتزم بتعهداتها فيما يتعلق بمواقع التراث المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي. وان إسرائيل تسعى إلى تمجيد الماضي التي تعتقد بأنه الخاص بها على حساب باقي الفترات الأخرى وخاصة التراث العربي الإسلامي في المدينة، وهذا يتنافي مع ابسط المبادئ الإنسانية والقيم العلمية.

9. أهداف إسرائيل الكامنة وراء أعمال الهدم
تهدف إسرائيل من أعمال الحفر والإزالة إلى تحقيق عدة أمور في آن واحد، والتي يمكن تلخيصها بما يلي:
  • إعلان شراكتها، على أقل تقدير، في السيادة على الحرم الشريف، كما اتضح الأمر في مفاوضات كامب ديفيد سنة 2000.
  • توسيع حائط البراق باتجاه الجنوب، حيث جرى توسيعه باتجاه الشمال عبر مشروع النفق، وبذلك سيصل المكشوف من حائط البراق إلى الزأوية الجنوبية الغربية للحرم الشريف. ويذكر بأنه قد جرى توسيع الحائط عام 1967 من 28م ليصبح 60م، وان نجح الإسرائيليون فيما يقومون به الآن، فسيصل طول الجدار أكثر من 100م.
  • الكشف عن بوابة باركلي (باب النبي)، الواقعة تحت التلة المذكورة، وهي تقود إلى مسجد البراق، الكائن داخل الحرم الشريف على بعد عدة أمتار إلى الشمال من باب المغاربة. وهذه البوابة، كما يدعى في التراث التوراتي اليهودي، هي إحدى بوابات "الهيكل الثاني"، والتي تعود حسب اعتقادهم إلى فترة هيرودس، جرى اكتشافها في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وسميت باسم القنصل الأمريكي في القدس في حينه (باركلي). وستكون هذه البوابة تحت الرحمة الإسرائيلية، مما يثير المزيد من التخوف من استغلالها كما هو الحال بالنسبة لباقي الأنفاق الموجودة تحت السورين الغربي والجنوبي للحرم الشريف وذلك للولوج إلى الحرم.
  • تعزيز العلاقة اليهودية بالموقع، وتأكيد السيطرة الإسرائيلية على كل الجدار الغربي للحرم الشريف.
  • تغيير الطابع التاريخي للمنطقة، بما فيها إنهاء العلاقة الفلسطينية بالبوابة، والقضاء على "الشكل القانوني" للوضع القائم.
  • نصب جسر يتسع لمئات من الجنود ورجال الشرطة، بما فيها آلياتهم، لتسهيل عمليات اقتحام الحرم الشريف كلما اقتضى الأمر ذلك. وبالتالي فان إنشاء الجسر لأسباب "أمنية" تساهم في قمع الاحتجاجات الفلسطينية.
10. الوضع الحالي
بعد ما يزيد عن عشرة أيام متواصلة من التدمير بالآليات أعلنت السلطات الإسرائيلية وقف العمل الآلي لتبدأ مرحلة من التنقيب اليدوي، علما بأن السلطات الإسرائيلية لا تزال تستخدم مثاقب كهربائية، مما يؤكد شغف الجهات الإسرائيلية للبحث عن أدلة أثرية يهودية، والتدمير المتعمد للطبقات الأثرية التي تعود للفترات التاريخية اللاحقة وبخاصة المسيحية والعربية والإسلامية.
ويأتي تدمير طريق باب المغاربة متزامنا ومنسجما مع ما تم الكشف عنه مؤخرا من استمرار التنقيبات غير القانونية في شبكة أنفاق أرضية في محيط المسجد الأقصى، بما في ذلك التنقيبات المتواصلة في منحدرات تلة الضهور المطلة على سلوان وتتبع سلسلة من الأنفاق الأرضية التي شرع الإسرائيليون بحفرها من عين سلوان ( إلى الجنوب من المدينة المسورة) باتجاه الحرم الشريف. ويخطط أيضا إلى فتح مخرج نفق جديد يبدأ من مغارة سليمان (في منتصف السور الشمالي بالقرب من باب العمود) باتجاه الزاوية الشمالية الغربية للحرم الشريف. ( أنظر خارطة الأنفاق والحفريات في البلدة القديمة )
و يمكن تلخيص الوضع الحالي بما يلي:
  • في 11 شباط 2007 اتخذت الحكومة الإسرائيلية خلال جلستها الأسبوعية قرارا باستمرار الأعمال بجوار باب المغاربة على اعتبار ان "لا أحد يستطيع الإملاء على إسرائيل ما تفعله وما لا تفعله في الجدار الغربي" (تصريحات ألمرت رئيس الوزراء الإسرائيلي).
  • وفي مساء نفس اليوم اتخذ رئيس بلدية القدس (أوري لوبوليانسكي) قرارا بتجميد المشروع وإتاحة الفرصة أمام الجمهور للإطلاع على المشروع والاعتراض عليه.
  • لكن أعمال، الحفر والتي تجريها سلطة الآثار الإسرائيلية، قد استمرت، وهي مستمرة حتى الآن "على أساس أنها "حفريات إنقاذ". ومن المتوقع أن تستمر أعمال الحفر إلى ستة أشهر أخرى. ويمكن مشاهدة أعمال الحفر التي تبث مباشرة من الموقع على الموقع الالكتروني لسلطة الآثار الإسرائيلية،ان قرار السلطات الإسرائيلية بث صور حية من الموقع لا يزيد عن محاولة تضليل الرأي العام لإضفاء صفة الانفتاح والشفافية على هذه الأنشطة السرية. وهي لن تغير من واقع الأمر شيئا.
ان تعليق العمل ببناء الجسر، بعد انتهاء سلطة الآثار الإسرائيلية من أعمال الحفر، وطرحه لاعتراض الجمهور يجب أن لا يفهم على أنه إلغاء للمشروع، بل أنه عبارة عن محاولة امتصاص ردة الفعل، وبالتالي على حملة مناهضة هذا التدمير أن تستمر، إذ تسعى المؤسسة الإسرائيلية بعد أن تتلاشى ردة الفعل (على المستويات المختلفة) خلال فترة الحفر، أن تعاود المحاولة من جديد لبناء الجسر.

11. باب المغاربة ليس نهاية المطاف
يجب النظر إلى ما يحدث في باب المغاربة من منطلق شمولي، وكحلقة ضمن مخطط متكامل يهدف في الأمد القريب إلى إحكام السيطرة على الجدار الغربي للحرم الشريف: حائط البراق الموسع، ونفق الجدار الغربي، والمدرسة التنكزية، والبؤر الاستيطانية القريبة من الجدار الغربي للحرم في طريق الواد، والحفريات الأثرية في الزاوية الجنوبية الغربية للحرم الشريف وعلى امتداد الجدار الجنوبي للحرم والأنفاق الأخرى التي نعرف أو لا نعرف عنها...الخ، أما الهدف الإستراتيجي فهو بلا شك السيطرة على البلدة القديمة بشكل عام والحرم القدسي الشريف بشكل خاص من أجل بناء الهيكل المزعوم.
ان النجاح في التصدي لما يدور في باب المغاربة قد يقطع الطريق أمام استمرار أعمال السيطرة الموضحة في أعلاه.

الفصل الثالث: التوصيات
أولا: التوصيات الخاصة بباب المغاربة:
  • الوقف الفوري للحفريات غير الشرعية التي تهدف إلى إضفاء الشرعية على أعمال بناء الجسر المخطط له (بالتوافق مع توصيات اليونسكو).
  • إعادة التلة إلى سابق عهدها، وتمكين دائرة الأوقاف الإسلامية من القيام بهذا العمل، انسجاما مع توصيات اليونسكو.
ثانيا: أما التوصيات الخاصة بالحرم الشريف:
  • إلزام سلطات الاحتلال الإسرائيلي باحترام قدسية الحرم الشريف كموقع ديني وتاريخي وثقافي إسلامي، ورفض فصل المساجد المغطاة عن الساحات والأبواب والجدران، والمحافظة على أصالته وتكامله، واعتبار الحرم الشريف بمساجده ومبانيه التذكارية وأبوابه وساحاته وجدرانه كلا لا يتجزأ، ورفض اعتبار ساحات الحرم الشريف أماكن عامة أو حدائق عامة. والتعامل مع الحرم الشريف كباقي الأماكن المقدسة في القدس والتي تتمتع بحريات واسعة: حرية الإدارة والصيانة والترميم، وحرية العبادة، وحرية الوصول إلى الحرم بدون إعاقة وبدون شروط ترتبط بالعمر أو أية شروط أخرى متعلقة بمكان الإقامة.
  • عدم التدخل بإدارة الحرم الشريف والتسليم بحق الأوقاف الإسلامية في حفظ الأمن والسلامة العامة داخل الحرم الشريف.
  • إعادة مفتاح باب المغاربة إلى دائرة الأوقاف الإسلامية.
  • وقف جميع أعمال الحفر التي تقوم بها سلطات الاحتلال في محيط الحرم القدسي الشريف.
ثالثا: التوصيات القانونية:
  • التأكيد على مكانة القدس كمدينة محتلة، وأن مصداقية عريضة الدفاع القانوني عن القدس تكتسب أهميتها أمام الرأي العام العالمي تأتي في إطار الشرعية والقوانين والمعاهدات والاتفاقيات الدولية التي أقرها المجتمع الدولي، حيث أنه بموجب المادة 96 من ميثاق الأمم المتحدة، وبناء على طلب الجمعية العامة التي ينص بندها الأول : "على أنه يجوز للجمعية العامة أو مجلس الأمن الدولي مطالبة محكمة العدل الدولية إصدار رأي استشاري في أي مشكلة قانونية"، وقد حدث مثل هذا في قضية ناميبيا عام 1973، وقضية الصحراء الغربية عام 1973 وقضية الجدار العنصري في الأراضي المحتلة عام 2002.
  • وعلى ضوء ما سبق، وانسجاما مع المادة 96 من ميثاق الأمم المتحدة، فإنه يمكنلدول منظمة الإيسيسكو، إن ارتأت ذلك وبعد الاستشارات القانونية اللازمة والتنسيق مع الدول ذات العلاقة وخاصة فلسطين والأردن، أن تطلب من الجمعية العامة للأمم المتحدة تبني قرارا يطلب من محكمة العدل الدولية أن تقدم رأيا استشاريا في العواقب القانونية المترتبة على الحفريات التي تجريها سلطات الاحتلال الإسرائيلي في محيط المسجد الأقصى في القدس، طبقا لقواعد ومبادئ القانون الدولي، بما فيها اتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949 وملحقاتها، واتفاقية لاهاي لحماية الممتلكات الثقافية أثناء النزاع المسلح لسنة 1954، والاتفاقية الدولية لحماية التراث الثقافي والطبيعي لعام 1972، وقرارات مجلس الأمن الدولي بشأن القدس، وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ذات الصلة، وقرارات المنظمات الدولية المتخصصة بما في ذلك منظمة اليونسكو والمتعلقة بهذا الشأن.
  • وبموجب المادة 65 من النظام الأساسي للمحكمة التي تنص على أن "المحكمة تستطيع أن تعطي رأيا استشاريا في أي مسألة قانونية بناء على طلب أي هيئة مخولة من قبل ميثاق الأمم المتحدة بتقديم هذا الطلب أو هيئة منسجمة مع هذا الميثاق".
  • لذلك، وفي حالة قبول هذا التوجه، فإن دعوة اتحاد المحامين العرب، والمنظمات القانونية في العالمين العربي والإسلامي وحشد فقهاء القانون الدولي من الأصدقاء والمتعاطفين مع القضية الفلسطينية، وبخاصة قضية القدس لصياغة مرافعة قانونية وتقديمها لمحكمة العدل الدولية يشكل أساسا للتحرك الفعلي والمؤثر في هذه القضية على المستوى القانوني.
  • ملاحظات عامة:
من المفيد التفريق بين باب الحرم المسمى باب المغاربة، وبين أحد بوابات القدس (الباب الجنوبي) الذي يحمل نفس الاسم، لأن كلاهما قد ارتبط بحارة المغاربة، فالأول كان يقود من حارة المغاربة إلى الحرم القدسي الشريف، والثاني كان يقود من خارج الأسوار الجنوبية إلى داخل البلدة القديمة عبر حارة المغاربة.

لقد جرى تسجيل ما طوله 155م (من الجدار الغربي للحرم الشريف)، وبعرض 1,5م على ارتفاع الجدار كله، بعد القيام بإجراءات المصادرة الرسمية بموجب القوانين الإسرائيلية، وجرى تسجيله كملك لدولة إسرائيل، على اعتبار بأن الجدار كان مسجلا في سجلات الانتداب البريطاني ملكا للمسلمين، كما أكدت ذلك قرارات المحاكم الانتدابية المختلفة، أنظر S. Berkovitz, The Temple Mount and the Western Wall in Israeli Law, Jerusalem, 2001, p. 95.


لا تعترف دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس بالقوانين الإسرائيلية، التي طبقت من جانب واحد على القدس، والقانون الذي تتعامل معه حتى الآن هو القانون الأردني فقط، لذلك نراها لا تتعامل مع المحاكم الإسرائيلية، وان اضطرت فتقوم بذلك بشكل غير مباشر.

تعتبر إسرائيل واحدة من أشهر دول العالم التي استخدمت الجرافات وبشكل واسع في الحفريات الأثرية، ويكفينا القول بأن حارة المغاربة قد جرفت كليا بدون توثيق أو إجراء حفريات أثرية. ولا يوجد أبلغ من منظر الجرافات الإسرائيلية وهي تزيل التلة الواقع أمام باب المغاربة خلال الأيام الأخيرة، فكيف يمكن استخدام هذه الحجة ضد الأوقاف الإسلامية؟ وبالرغم من ذلك لابد من التأكيد بشكل علمي بعدم إزالة أية بقعة في أي موقع أثري دون توثيق وحفر علمي يستند إلى المنهج العلمي المتبع في حقل الآثار.
[/align][/frame]

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
توقيع مازن شما
 
بسم الله الرحمن الرحيم

*·~-.¸¸,.-~*من هولندا.. الى فلسطين*·~-.¸¸,.-~*
http://mazenshamma.blogspot.com/

*·~-.¸¸,.-~*مدونة العلوم.. مازن شما*·~-.¸¸,.-~*
http://mazinsshammaa.blogspot.com/

*·~-.¸¸,.-~*موقع البومات صور متنوعة*·~-.¸¸,.-~*
https://picasaweb.google.com/100575870457150654812
أو
https://picasaweb.google.com/1005758...53313387818034

التعديل الأخير تم بواسطة مازن شما ; 19 / 02 / 2008 الساعة 51 : 04 PM.
مازن شما غير متصل   رد مع اقتباس