خي العزيز رأفت العزي
لا الوم النظام الأمريكي .فهو ينفذ سياسة مصالح دولة . السؤال كيف يمكن ان تكون دولة بحجم لا يتعدى 8 مليون أهم من دول تعد 350 مليون ؟
ال 350 مليون دول تملك ثروات طبيعية استراتيجية ولكنها تفتقد لنظام الدولة الحديثة. تفتقد للمؤسسات العلمية البحثية ، تعيش في واقع بؤس غريب. أمول الثروات الطبيعية تذهب للقبيلة السائدة . جامعاتها ، التي من المفروض ان نكون مؤشرا للقوة العلمية تغرق بالجهل والخرافات والهرطقة الدينية ،بدل الفيزياء والكيمياء والتكنلوجيا والهايتك ، بعيدا عن الدين بتوجهه الانساني الحضاري المنادي للعلم والتقدم ورفعة الانسان وكرامته ، حتى صار التدين السائد يعني التخلف وقبر العقل والغاء التفكير واستبداله بالتلقين ، وصار الايمان يقاس بمدى طول اللحية ونوع الدشداشة ومستوى تغليف النساء ومظاهر قروسطية مذهلة في انتشار الفتاوي الفضائية التي جعلتنا مضحكة للشعوب . بل وانتشار لمحاكم التفتيش التي تحاكم الجن ، فهل تنتظر عزيزي ان يقود هذا الى تغيير المعادلات السياسية الدولية؟
اليوم هناك فضيحة عرض اسرائيل على نظام الأبرتهايد في جنوب افريقيا عام 1975 شراء رؤوس نووية من اسرائيل ، وتعاون نووي بين الدولتين العنصريتين. طبعا اسرائيل تنكر ، ولكن الأقمار الصناعية رصدت في وقته تفجيرا نوويا تجريبيا في المحيط الهادي نفذ بالتأكيد من اسرائيل وجنوب أفريقيا. ومنذ ذلك التاريخ ماذا فعلت دولنا الورعة المؤمنة غير نهضة عمرانية في اقامة السجون وقمع الفكر المتحرر والعقل المتنور؟
ماذا انتجنا بالمقابل لضمان امن الشعوب العربية ؟
أجل انتجنا النبابيت لنكسر رؤوس بعضنا البعض عندما نختلف على من هي المغنية صاحبة الصدر الأجمل ، او السيقان الأكثر اغراء ؟ حتى الفن صار سوقيا ومبتذلا بمعظمه .
اسرائيل طورت تكنلوجيات عسكرية واقتصادية وطورت العلوم والفيزياء والطب ، ومستوى الحياة ارتفع لمستويات اوروبية ( 35 الف دولار للفرد الواحد حسب الانتاج الاجمالي السنوي والعالم العربي حولها لم يتجاوز ال 3000 دولار )،وأصبحت من اهم دول الهايتك ومن اهم الإقتصاديات في العالم ،ونحن طورنا الفقر والغيبية الفكرية وسبقناها بنسبة المواليد وانواع الزواج وارضاع الكبير ووصف حور العين ، وزيادة الفقر رغم ترليونات أموال النفط التي نزلت شرعا للقبيلة السائدة على السلطة.
في امريكا ، كما شاهدت بام عيني في زيارة قبل سنتين ، يوجد مجتمع واحد منظم جدا ومتماسك جدا ، هو المجتمع اليهودي ، أحببنا ذلك ام لم نحبه ، يسيطر على السلطة الرابعة ( الصحافة ) ويسيطر على السلطة الخامسة (السينما ) وعلى التلفزيونات ، ويسيطر على أهم البنوك الأمريكية ، واهم المحامين يهود واهم الاطباء يهود واهم المهندسين ، لا أقول هذا الا احتراما واجلالا بنجاحهم في انجاز ما يرونه مصلحتهم وتقدمهم كأقلية في الولايات المتحدة . هذا عدا وجودهم بجهاز السلطة في مراكز قوية وحاسمة من أعلى هيئة الى ادناها .
العرب نسبتهم أكبر ولكنهم فرق متنازعة ، غير منظمة ، قسمهم الكبير هرب من الكبت الديني وعندما وصل الى الحرية الدينية بدأ يفكر بفرض ما هرب منه على مجتمعه الجديد.
القصة ، او المقال القصة ، لمحة خاطفة ساخرة عن واقع لن يتغير الا اذا غيرنا توجهنا كله ، الى توجه حضاري علمي يجعل المجتمع والدين في خدمة الانسان ، وليس الانسان عبدا في خدمة المجتمع ونظام الجشع ورجال الدين - دولار!!