القصيدة 6
----------
من موت الغربة إلى غربة الموت
مَنَ المَهْدِ نهوى غـزة ِ إلـى اللحدِ
وفي القُربِ نهوى غـزة وفي البُعْدِ
وليس أمامَ الموتِ إلا احترامُنـــا
فنحنُ ووجهُ الموتِ خدٌّ على خــدِّ
ندافعُ عن أيّامِنا وشموسِهـــــا
ببرقِ عوالينا وبالشِّعرِ والأيـــدي
ولو أرخَتِ الأيّامُ حبلَ صروفِهـــا
نقولُ لها والأرضُ ترمقُنــا : شُدّي
رخيصٌ دمُ الإنسانِ عند طغاتِنـــا
ولكنَّهُ أغلى مِنَ الماس ِ فــي العِقْدِ
شهيد ما دنا يوماً لعبدٍ ولا انحنـــى
وهل ينحني رأسُ الأميرِ إلى عبــدِ
هوَ السَّيفُ لم يرجِعْ لغمدٍ هُنيهــة
فمجداً لسيفٍ قبرُهُ صارَ كالغمـــدِ
سنذكرُهُ ما حنَّ جذرٌ إلى مــــاءٍ
ونذكرُهُ ما حنَّ برقٌ إلى رعــــدِ
وقفْنا على مجرى خريسانَ مــرَّةً
وقلنا لمجري النَّهرِ : سَلِّمْ على الوردِ
وقد ظلَّ ذاكَ القولُ غضّاً ورائقـــاً
ويبقي ولو سِرنـا على الجمرِ والوَقْدِ
أيا كلماتِ الزَّهوِ ردّي ضياءَنــــا
وأنتِ إلى أنوار ِ حاراتِنــــا رُدّي
على فطرتي بذخي على فطرتي زُهدي
على فطرتي جَزْري على فطرتي مَدّي
وفي الشِّعرِ أنسى خافقي في قصيدتي
وأفقدُ في حُبّي بلا سببٍ رُشــــدي
أنا (الشهيد) كنتُ ولــم أزلْ
صديقَ المعالي صادقَ الحلْْم ِ والوعـدِ
رأيتُ بلادي كيفَ تُذبحُ بيننـــــا
وكيفَ يموتُ النّاسُ مِنْ غيرِما لحــدِ
إذا لم أجدْ مَنْ يحملُ المُرتجى معــي
فإنّي بلا زهوٍ سأحملُهُ وحـــــدي
وإنْ ضاعَ قلبٌ في المحبَّةِ غـــارقٌ
فلا تبحثوا يا قومُ لا إنَّهُ عنــــدي
على العهدِ رغمَ العادياتِ على العهـدِ
ونحوَ المعالي بالتَّحدّي وبالكــــدِّ
نرحِّبُ بالأحزان إن فاضَ نهرُهـــا
ونشربُها كالشّايِ في الحرِّ والبـــردِ
رَكِبْنا المنايا مرَّةً بعد مـــــرَّةٍ
وكنّا ولاةَ الأمر ِ في الحــلِّ والعَقْدِ