بلادي المغرب
بلدي المغرب ,أو المغرب الأقصى كما يحلو للبعض تسميته ,قريب من أوربا و متربع في شمال القارة السمراء.
كلما توغلت في خارطته إلا و شدهت و دهشت من فرط تنوع طبيعته و جمالها و اختلاف عادات سكانه و لهجاتهم و طريقة عيشهم.
جبال الأطلس و الريف تمتد شاهقة فتذكر بالشموخ و المقاومة و الصمود. تحمل على ظهورها أشجار الأرز و العرعار و البلوط و تنبت على أرضها ألف نبتة قد يكون فيها شفاء أو غذاء للأحياء.
قد ترى الماعز يجري فيها أسرابا و عيون المياه تتفجر من صخورها صارخة تنا دي للحياة.
بين فجاج الجبال تنام البرك و في أسافلها تجري الأنهار.
لكن سكان الريف أو الأطلس لايبدو عليهم الغنى بل البساطة و الرضا.
أظنهم يقاسون شتا ء ا من برودة الجو و أخال أبناءهم يقاسون صباحا و هم يتوجهون إلى المدارس البعيدة جدا عن مساكنهم.إن كانوا يتوجهون إليها و لم يقرر أوليائهم تكليفهم بالرعي أو الزرع و الجني.
وبخصوص النشاطين الأخيرين يجدر بي أن أقول أنه في كنفات الريف يعيش الكثير من الأهالي على زراعة الحشيش و ينادي صغارهم على جنبات الطريق لعلهم يستقطبون مبتاعين لبضاعتهم, فبراءتهم بعيدة عن الشبهات و يمكن استغلالها في أمور كهذه.
و أكثر ماشد انتباهي منذ سنتين و نحن نعبر جبال الريف هو روضة حشيش بالقرب من مسجد و كأن النبتة ليست من المحرمات والمنبوذات في ديننا الحنيف!!
المغرب أيضا يحتضن المحيط الأطلسي و يشرف على البحر الأبيض المتوسط العريق الذي كتبت مؤلفات عن الخصال المشتركة بين ساكنة البلدان أو المدن التي تطل عليه و الذي رويت عنه قصص وسميت باسمه ألعاب واجتمعت تحت لوائه أقطاب.
لكننا اليوم غالبا ما نسمع ذكره مرتبطا بقوارب الموت و الهجرة السرية ,الغيرالقانونية ,من المغرب إلى أوروبا و التي لم تعد مقتصرة على المغاربة فكم من إفريقي يقطع الصحاري و الحدود و البراري من أجل رحلة الموت تلك , و كم من واحد يجوب شوارع المدن المغربية حاليا متسولا ومتشردا حاملا في ثناياه ألف هاجس و حلم ضائع.
في مدينة كالصويرة قد يهيم الزائر و يفتن فقد ترى إبلا في الجوار و تأكل سمكا طازجا و تمشي على بساط شاطئ رملي و تكتشف معالم ومظاهروآثار صنفت ضمن التراث الإنساني الذي يجب المحافظة عليه.
وفي مدينة كإيفران قد تظن نفسك لأول وهلة أخطأت العنوان و أنك في منتجع ألماني أو سويسري , فرونق المكان و خضرته و فنادقه و حتى جامعته العصرية الفخمة تنم عن واقع مخالف للواقع المغربي.
أما حين تزور مراكش ليلا فإنك تتذكر الألف ليلة و ليلة وقد تبتسم وأنت تسمع الرواة و الحكواتيين الذين لم يتجاوزبعضهم زمن بساط الريح و مصباح علاء الدين .
الجنوب المغربي أيضا له نكهته الخاصة فالقواحل و الصحاري تتخللها واحات وارفة و على جنبات واد كزيز مثلا قد تلمس الآية:'وجعلنا من الماء كل شيء حيا" لمسا فترى الخضرة وأشجار الفاكهة و الحركة و المرح يدب من جديد بعد كيلومترات من الفراغ و الجفاف و غياب المساكن و النبات والإنسان و حتى الحيوان إذا ما استثنينا السحالي و العقارب وماشابههما.
هناك في الجنوب قلاع و قصبات و رمال و أشجار نخيل لكن يجب أن أكون صادقة و أقول أن هناك فقرا أيضا و نقصا في الإمكانيات و الموارد وأن هناك بشرا لازالوا في عصر ناطحات السحاب والطويوطا و اللاند روفر و المرسديس و البوجو يسكنون الخيام و لايمتطون غير الحمير.
المغرب بلدي , بلد ساحر و خلاب و فاتن و رائع لكن فيه ما يتعس النفس و القلب أحيانا فبكل مؤهلاته الطبيعية كان عليه أن يكون محجا للسواح على الأقل وأقصد بذلك السواح المحترمين لا الشواذ و من يبتغون الجنس الرخيص الذي صار بضاعة يسوق لها في الخفاء.
كا ن يستحق أن يكون بلدا لا تثقل كاهله الديون و يكابد الكثير من مواطنيه العناء من أجل توفير عيشة كريمة لهم و لأبنائهم و لا ينجحون في ذلك.
Nassira
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|