[محمود علي السعيد]

نادِ الأصالة يا مواقدُ نادِ***البردُ عشّشَ في صميمِ فؤادي

رافقتُ نبضَ الشوق في تجوالهِ***قمراً يطلُّ على شغافِ بلادي

أفشي إلى الخطواتِ سرَّ قبيلةٍ***سمقتْ بخيمتها سدىً أوتادي

فيما الأصابعُ في انتعاشِ غنائها ... لمعتْ بوارقُ رميةِ الصيّادِ

فتقطّعت أنفاسُ مقصلةٍ غزت ... جهراً ـ وأقسمُ بالدموع ـ عتادي

هل يهنأُ الحلمُ المغرِّدُ بعدما ... علّقتُ في الجفن المطير سهادي

ضيّعتُ في فوضى الحضور صبابة ... وهفا إلى ألق الغيابِ مرادي

وقفَ الظلامُ بزمهرير رحيقهِ ... لقبائلِ العشاق بالمرصادِ

ماذا جنيتُ من اصطفافاتِ الندى ... غير احتراق الكأسِ في الأعيادِ

أهبُ الصحارى واحة ولطالما ... عَصفتْ بأمجادِ الرؤى أمجادي

ريحُ الجفافِ وقد تورّدَ خدُها ... بادٍ على وجهِ الطبيعةِ بادِ

ما بين حقلٍ تستطيبُ غلالهُ ... في الصدر ما اشتعلت من الأحقادِ

والعيش مسطرةٌ نقيسُ بطهرها ... صوتَ الربيعِ الحلو في الإنشادِ

قلقٌ على نسق العواطفِ رائحٌ ... وعلى القطوفِ المستباحةِ غادِ

والليلُ في الآفاق يزجي قبلة ... شهرية النجماتِ في المعيادِ

بُعْدٌ جديدٌ للفصولِ نضيفهُ ... من جمرةِ الألوانِ للأبعادِ

يمشي بلا ذكرى تزنرُ صمْتَهُ ... وشراعهُ يشكو من الحسّادِ

وأنا أجالسُ في الجحيمِ أوارهُ ... وقسائمَ الطعناتِ من جلاّدي

الدهرُ يحنو مرةً وإذا قسا ... فمصائبٌ تطغى من الأعدادِ

أصغي إلى المجهولِ في أطباقهِ ... تومي عروقُ الشمسِ للقصّادِ

لن تستقيمَ حدائقٌ مشغوفة ... بالوجدِ في طقسٍ من الإلحادِ

انسج وشاحَ الضوءِ فيكَ مُبلسماً ... في المقلتينِ بياضَهُ بسوادي

واعتق صبايا الروح في إغوائها ... جسداً يغالب حرقة الأصفادِ

لقَّمتُ جورَ العمر وصفة أحمق ... وضغطتُ من فرطِ الصراخ زنادي

ميلادُ أغصانِ التراب معلّقٌ ... في رعشةِ الأوراق من ميلادي

يا (يوسفُ)([1]) المحبوبُ في أوصافهِ ...أجّج خطابَ السيفِ في الأحفادِ

(لوبيّة)([2]) الخضراءُ سفرُ عراقةٍ ... ورثتهُ مفخرةً من الأجدادِ

أرجوكَ أن تسعى بكل طلاقةٍ ... إسعادُ مظلومِ الهوى إسعادي

النوقُ في وجعِ الفلاةِ شمائلٌ ... جَمِّعْ شتاتَ بروقها يا حادي






[1] يوسف سامي اليوسف.

[2] (لوبيا) بلدته في فلسطين المحتلة.