[frame="15 98"]
تاريخُ البدء في كتابتي الشّعر عزيزي لايمكنني أن أحدّده لك..
فانا لا أذكرُهُ بالسّنة واليوم..
إنّما أعرفُ أنّ محاولاتي بدأت في الثّانية عشرة من عمري واستمرّت حتّى الرّابعة عشرة في مهد السّرّيّة..
في البداية كنت أخفي قصائدي بين ثنايا كتبي القديمة، أوفي ملابسي، أو في حظيرة حيوانات جدّتي أوفي حذائي و جواربي!!
وكانت طريقةُ تهريب قصائدي بين مخابئي الغريبة العجيبة تروق لي، وتعطيها أهميّة قصوى في نظري، فأخترع الأماكن وأوهمُ نفسي بأنّ هناك من يلاحقني، وأنّني أقوم بعمل لايضمن نجاحه إلاّ السرّيّة والكتمان!!
عمل قد يوقظ في محيطي ألف عين وعين تراقب حركاتي وسكناتي..
وهذا ماكنت أخافه وأستجديه في آن معاً!!!
لم تكن لي في ذلك الوقت تجربة في الحبّ إلاّ بعض المشاعر الطّفوليّة السّاذجة، لكن كانت قضيّة فلسطين تبكيني وتفطر قلبي!!
كنت أبكي فعلاً كلّما حدّثتني صديقاتي الفلسطينيّات في المدرسة عمّا يتذكّرن من بيوت الأجداد المسلوبة، أو عمّا علق بذاكرتهنّ من دموع الأمّهات والجدّات، ومن ألوان دماء الشّهداء..
لفلسطين أهديت أولى قصائدي.. ومازالت قصيدتي وحروفي تسجد على أعتابها..
الحالة النّفسيّة الّتي تولّد عندي القصائدي ياعزيزي ليست واحدة..
بل مختلفة: في الفرح أكتب وفي الحزن وفي القلق وفي السّكينة..
وكي أكون صادقة أكثر: القصيدة هي الّتي تكتبني ولست من يكتبها..
لذا: آخر همّ قصيدتي حالتي ومزاجي.. وهمّها الأوّل أن يكون في يدي قلم وورقة!
لا ياعزيزي: لست مع مقولة: إنّ أعذب الشّعر أكذبه..
بل إنّني أرى أنّ أرقّ الشّعر أصدقه!!
الشّعر حالة لاوعي تكتب ما أخفيناه في حالات الوعي..
ربّما هو عمليّة تنويم مغناطيسي لحالات الوعي توقظ سباتنا العتيق وتروي بذارنا اليابسة بماء الحياة..
لايعنيني التّواصل مع المتلقّي بقدر مايعنيني التّواصل مع ذاتي..
والرّضى عن حروفي..
حين نفكّر بأنفسنا ونحن نكتب، تورق القصيدة وتسمو وتتعمّق وتجد في خيالنا ألف غيمة تحملها إلى وجدان المتلقّي مهما نأت المسافة...
أشكرك عزيزي يسين على هذا الجهد الجميل..
وأمنيتي أن تنال إجاباتي استحسانك واستحسان الأحبّة جميعاً...
[/frame]