ضرورة الحوار
[align=justify]
في سن الشباب، أو في عمر الزهور كما يقال، تكثر الأسئلة في الذهن وتزداد وتكبر.. وليس في هذا أي مشكلة. لأن السؤال مشروع في كل زمان ومكان، ولا حاجة على الإطلاق، لأن نضغط السؤال ونحوله إلى صورة من صور الممنوعات، خاصة حين يكون السؤال متعلقاً بجزء هام من حياة الشباب.. فما المانع أن نسأل، والمانع أن نتلقى الجواب، وما المانع في محاورة الجواب ومناقشته؟؟
طبعاً لا نستطيع أن ننكر أن هناك من يقف في وجه السؤال أحياناً، ليرى أن على الشاب أن يلتزم الحدود.. وبشكل طبيعي نقول إن من يقفون أي موقف سلبي من أسئلة الشباب، إنما يقفون عن قصد، أو دون قصد، في وجه الأمور الطبيعية.. لأن السؤال صحة وعافية وعطاء، وإبقاء السؤال حبيس الصدر مرض ومخالفة لقانون الطبيعة..
على الشاب، أن يناقش ويحاور ويصل إلى نتائج، كي تكون حياته في كل مجرياتها طبيعية. وحين نطلب من الشباب الإقلاع عن الحوار، فإننا دون أن ندري نطلب منهم أن يوقفوا النمو الطبيعي لحياة كل واحد منهم، إذ ليس هناك حياة إنسانية صحيحة وصحية، يمكن أن تعطي ثمارها وهي منعزلة عن الماء والهواء، أقصد الحوار، الأخذ والعطاء. إذ مع كل يوم جديد، يجب أن تزداد حياة الشباب حيوية وتآلفاً مع تطور وتقدم كل شيء.. وهذا لا يتم، إذا فصلنا حياة الشباب عن المحيط الصحي الطبيعي، المتمثل في الحوار..
طبعاً هناك دائماً اتهامات جاهزة بأن الكبار لا يحبون أن يسمعوا من الشباب، فكيف يتم الحوار وعلى أي أساس؟؟ وقد يكون الشاب محقاً في بعض الأحيان.. لكن هذا لا يعني أن يقبل بأي شكل من الأشكال، بجعل الصمت حلاً.. لأن هناك من يسمع ويناقش ويحاور، في الوقت الذي يوجد فيه من لا يحب أن يحاور.. فإذا كان البعض لا يريد الحوار، فهناك من يريد.. ونخطئ حين نقبل بمنطق "في السكوت السلامة" لأنه منطق غير مقبول في هذا الموقع تحديداً.. وعلى العكس، فإن السكوت أحياناً، يشير إلى حالة مرضية.. ولا نريد المرض والعلة لزهور المجتمع.. بل نستطيع أن ننادي بكل ثقة، بضرورة الحوار..
لكن هل يعني وصولنا إلى هذا الحد من القول بضرورة الحوار، أننا نطالب بحوار من أجل الحوار فقط..!! طبعاً لا.. فالحوار أخذ وعطاء.. أي أنه بناء واستمرارية في البناء.. ومن البديهي أن يكون الحوار ذا وظيفة محددة، وذا هدف.. فلا حوار مع انهيار القناعة مسبقاً بالوصول إلى نتائج.. ولا حوار مع التشدد بالرأي والوقوف دون حراك عند قناعة ما..!!
من الواجب، أن نصل في حواراتنا، مهما كان شكلها، إلى نتائج وإلى قناعات وإلى توافق حول هذه الفكرة أو تلك.. وهذا لا يعني على الإطلاق، أن على الشاب أن يصل إلى هذه القناعة، مغيراً رأيه، وأن الأكبر سناً محق دائماً.. إذ قد يكون العكس صحيحاً.. والمعادلة الصحيحة يجب أن تصل بنا إلى مرفأ الأمان.. ولا بأس، أن يغير الكبير فكرته، إذا كان الشاب على صواب.. ولا بأس أن يغير الشاب رأيه، إذا وجد أن محاوره على صواب. لذلك كان الحوار، وبشكل طبيعي، وصولاً إلى نتائج صحيحة… وإذا كان هذا وذاك على خطأ، فما المانع أن تتسع دائرة الحوار، وأن تصبح أكبر شمولية..؟؟..
المهم أن نعي بكل انتباه أنه لا داعي لإغلاق باب الأسئلة والحوار والنقاش. فالشباب تجدد وحياة وحيوية. وكلما أعطينا لأنفسنا مزيداً من الحرية في إبداء الرأي، وفي مناقشة هذا القول أو ذاك، كلما ازدادت حياتنا تجدداً وحيوية. لذلك على الشاب أن يرى أن من حقه الطبيعي مناقشة الكثير من الأمور دون أي تردد.. لكن على هذا الشاب أن يعي أيضاً، أنه لا مكان لأي حوار سلبي لا يحمل أي هوية أو منطق أو هدف..
في الحوار حياة للعقول بشكل عام.. وفي الحوار حيوية وتعلم وعلم لعقول الشباب بشكل خاص.. ومن يريد أن يغلق باب الحوار، فإنه بشكل ما، يريد اغتيال الحياة الطبيعية وقتلها.. إذ نعرف أن الإنسان لا يتطور من خلال صمته وامتناعه عن الأخذ والعطاء.. ولا يتم الأخذ والعطاء، كما لا يتم العلم والتعلم، دون إدارة الأفكار في الرأس، والكلمات على اللسان.. أي أن الحوار حاجة لا تقل أهميتها عن أهمية التنفس للإنسان الذي يريد أن يصل إلى الأفضل دائماً.. والشباب لا يستطيع أن يكون غنياً متفوقاً معطاء، إذا لم يدخل في دائرة الأخذ والعطاء، وإذا لم يسأل، ويحاور، ويناقش.. فليكن الحوار ضرورة، وأكثر من ضرورة..
[/align]
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|