عرض مشاركة واحدة
قديم 23 / 06 / 2010, 11 : 09 PM   رقم المشاركة : [1]
طلعت سقيرق
المدير العام وعميد نور الأدب- شاعر أديب وقاص وناقد وصحفي


 الصورة الرمزية طلعت سقيرق
 





طلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: مدينة حيفا - فلسطين

الحداثة والتواصل ..

[align=justify]
أحياناً تختلط في الذهن كل المعايير والمقاييس، وتأخذ الأشياء مسميات لا تمت إلى الواقع بأي صلة. ومن هذه الزاوية كان الدخول إلى عقول الشباب ومشاعرهم، حين تم التركيز على أن التطور والتقدم والحداثة، أشياء لا علاقة لها بالماضي. ومن أراد أن يكون متطوراً، فعليه دون شك، أن يقطع الصلة بماضيه. وهكذا أخذت الحداثة مفهوم الوقوف في الفراغ. فلا داعي بأي شكل من الأشكال، لأن نرتبط بماضٍ أصبح في ذمة الزوال والاندثار، ولا معنى لأن نقف عند عادات وتقاليد ما عادت تناسب العصر. فأن تكون مع الحداثة، يعني أن تكون مع المستقبل الذي لا صلة له بالحاضر والماضي. فهل هذا صحيح؟؟..
على كل شاب أن يفهم أولاً أن كلمة الحداثة أصبحت مع الزمن وعاء يمكن أن تضع فيه كل شيء لكثرة الآراء والتعريفات والتصنيفات. والأفضل في اعتقادي أن نأخذ الحداثة بمعنى التوافق مع العصر، وهو التوافق الذي يقبل أن نكون مع الماضي والحاضر والمستقبل. فالإنسان، كل إنسان، لا يمكن أن يكون شجرة مقطوعة الجذور، لأن قطع الجذور يعني الموت والفناء. وحين نتحدث عن شخصية إنسانية متصلة بالحداثة، فإننا نتحدث عن شخصية آتية من حضارة وثقافة وجذور. أي أن الشخصية الإنسانية، شخصية مبنية بشكل صحيح.. ولا بناء ينطلق من الفراغ.. إن الأساس مطلوب، كما أن كل ارتفاع وعلو في البناء قائم على هذا الأساس.. وأن تكون إنسان حداثة، إنسان حضارة وتقدّم وتطور.. فلا بأس أن تستمد القوة من الماضي، وأن تأخذ المفيد من هذا الماضي. فإذا كنا مع حداثة التواصل، فلا يمكن أن نقبل بكل ما حمله الماضي. لأن الانتقائية واجب. فنحن نأخذ ما نؤمن بأنه مفيد لنا، ولا نأخذ كل شيء..
صحيح قول البعض إن ماضينا هويتنا، لكن الصحيح أيضاً القول إن الأخذ يجب أن يكون على أساس من الغربلة والفحص والانتقاء. وإلا وقعنا في حيص بيص، إذا أردنا أن نأخذ كل شيء.. إذ الأجدى أن نكون فعلاً قادرين على الارتباط بماضينا من خلال أخذ المفيد، والسير مع حاضرنا علماً وتطلعاً وبناء ومعرفة، ومن أبسط الأمثلة وأقربها، أن الشجرة جذور وجذع وأغصان وثمر. ولا تكون الشجرة في اكتمال صورتها، دون هذا الكل، لأن الفصل، يعني القتل.
طبعاً لن نقول إن الإنسان شجرة. لكن يمكن القول إن الإنسان في حداثته وتطوره، لا ينفصل عن حالة من الاستمرار والتواصل. إنه قادر على أن يكون مع الحداثة، عندما يكون قادراً على أن يكون مع جذوره وبيئته ومحيطه وتربته. وأكثر ما يدعو إلى القلق، يتمثل في الدعوة إلى خلع ملامح البيئة والمحيط، لأخذ شكل الملامح الوافدة من الخارج. وكثيراً ما كان الارتباك نتاج إيمان الشباب بأن الوافد دليل على المعاصرة والتقدم والتطور، وأن الماضي أو المحلي، دليل على التخلف والوقوف والثبات في المكان، دون محاولة التماشي مع روح العصر.
حسب ظني، علينا أن نكون مع أصولنا وجذورنا بما يفيد، وأن نكون مع حاضرنا ويومنا ومحيطنا بما يضيف، وأن نأخذ كل جديد مادام مفيداً دون التخلي لحظة واحدة عن ملامحنا. فالحداثة لا تعني أن نكون أبناء البلد المصدر لهذا النوع أو ذاك من العلم، والحداثة لا تعني أن ندخل في نسيج أي بلد آخر. نستطيع أن نأخذ كل شيء، وأن نستفيد من كل شيء، وأن نهضم كل شيء، ونحن في أرضنا وبلدنا ومحيطنا. عندها تكون حداثتنا حداثة معقلنة مقبولة حاملة لملامحنا وبصماتنا وهويتنا. وهو ماتعنيه الحداثة بحق. لأنه من غير الجائز، أن نقلد الآخرين ونتشبه بهم باسم الحداثة. لأننا حين نفعل نكون مقلدين، ولاشيء آخر..
لنبتعد قليلاً عن المتاهات الكثيرة التي يعملون على إغراقنا فيها حين يتحدثون مطولاً عن الحداثة والعصرنة، و ماهب ودب من تسميات. فكل ما تؤمن بأنه يتمشى مع الحاضر، هو عصري.. وكل ما تعتقد أنه ينطلق بحق من راهنك ويمثله فهو حديث. طبعاً لا يعني هذا أن تكون أحكامنا جامدة متشنجة لا تقبل المناقشة. ولا يعني هذا أن نصر على أن كل شيء معاصر شاء الآخرون أم أبوا.. لأن لكل شيء منطقه وصورته وملامحه التي من خلالها يكون القياس.. وحين نقول بهذا الشيء أو ذاك، فعلينا أن نحافظ على ميزان دقيق يستطيع أن يعطينا الأحكام الدقيقة القابلة للتعميم.. فالمعاصرة ليست كلمة نتمترس خلفها بأي شكل جاءت أو كانت. بل هي كلمة تعني التمشي مع العصر، والتوافق مع العصر، والأخذ من كل معطيات هذا العصر، والمساهمة والفعل والتأثير فيه، إلى جانب التفاعل معه.. بذلك نكون معاصرين، وبذلك نكون في صلب الحداثة، وبذلك لا ننفصل عن هويتنا وملامحنا وجذورنا وماضينا، المهم أن نفهم بشكل صحيح..

[/align]

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
طلعت سقيرق غير متصل   رد مع اقتباس