عرض مشاركة واحدة
قديم 03 / 07 / 2010, 05 : 01 AM   رقم المشاركة : [13]
طلعت سقيرق
المدير العام وعميد نور الأدب- شاعر أديب وقاص وناقد وصحفي


 الصورة الرمزية طلعت سقيرق
 





طلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: مدينة حيفا - فلسطين

رد: الشعر الفلسطيني المقاوم في جيله الثاني (دراسة )

[align=justify]
ثالثاً – الشخصية الفلسطينية والتجدد:
عند دراسة الشخصية الفلسطينية، لا بد من القول إنها شخصية تطلب الحياة والفرح في كل وقت. وطبيعي أن تكون مثل هذه الشخصية مسكونة بطلب الهدوء والسكينة والسلام من خلال سيادة العدل والحق. ولعل الشخصية الفلسطينية من أكثر الشخصيات الإنسانية وأشدها طلباً للسلام بعد أن ذاقت المرارة والعذاب والآلام والموت طوال السنوات الماضية. وطبيعي أن تكون هذه الشخصية ساعية بشكل دائم إلى ضوء الفرح، ضوء الأمل، ضوء الصباحات المشرقة.. فأين نجد كل ذلك؟؟..
عدوان علي الصالح يرى في قصيدة "أحلم" أن هناك تشوّقاً دائماً إلى صورة الوطن العائد إلى أفراحه، حيث "أحلم بليال تفرح فيها القدس / أحلم ببلاد خضراء / يحيا فيها الحب وتنتحر البغضاء" ويرى في قصيدة "سيرة شاعر" أن هناك تشوّقاً دائماً إلى صورة الوطن الخالي من الطغيان، حيث: "وأوزع ذاتي / بين الحاضر والآتي / علّي أحظى في عيشي بثوان / يخلو فيها الكون من الطغيان.." ليكون البحث عن السلام العادل غاية يسعى إليها الإنسان الفلسطيني في كل وقت.. ولكن أيأتي السلام دون تضحية وفداء؟؟..
تعرف الشخصية الفلسطينية وتعي أن الحق مرهون بالبذل والتضحية.لذلك كانت مساحة العطاء مفتوحة عريضة متتابعة. فالإنسان الفلسطيني رأى بأم عينه كيف سرقت الأرض منه، وكيف استولى الصهاينة على البيت والماء والهواء. فكان لا بد من الإصرار على السير في طريق التضحية والفداء، لتعود الحرية كما كانت من قبل. وطبيعي أن تكون الصورة في ألوانها وخطوطها ومساراتها الجديدة، لأن الفداء هنا ينتقل ليكون انبعاثاً وتجدداً ودخولاً في مفاصل الحياة..
الشخصية الفلسطينية في هذه الصورة لا تدخل قاموس الموت إلا لتسجل كل معاني التجدد والانطلاق. وطبيعي أن تنبض الحروف بألق جديد في امتداده ومعانيه. وهنا نعي ونعرف أن الموت ينحرف عن طريقه المعروف ويصب مباشرة في طريق جديد مليء بالحياة والنبض والخصب.. كيف؟؟..
الشاعر سليمان دغش يقول في قصيدته "احتراق": لا بأس إن احترقنا / حسبنا أنّا وهبنا الفجر ومض الاشتعال" ويقول الشاعر هايل عساقلة في قصيدته "خطوة أخرى وتنهار السلاسل": " يا رفاقي الشهداء / من يمت في حب عينين وطفل وجديله / سوف يرثيه الندى الحاني على أوراق دفلى / وأغاني الشعراء" و"يا حبيبي أنا والموت التقينا / بين أطلال الديار / ها هو الزيتون يشهد / جذره لف وريدي / وبلادي تتجدد / خلف شباك النهار.." و"من رماد المذبحة / رف عصفور وطار / حاملاً قصفة زيتون / ودفلى / وحبق / وعلى شرفة دار / أيها الناس احترق".. ويقول الشاعر عدوان علي الصالح في قصيدته "حديث مع بلادي": " إن قتلوني لا تبكي فدمي للثوار دليل"…
فالصورة تبقى على مسافة كبيرة من التعدد في الخصب والامتداد، ولنا أن نقرأ:
- أن الموت لا يمكن أن يكون موتاً سلبياً محايداً، ما دام يزرع الحركة الدافعة. فحين يحترق الإنسان، يكون احتراقه فاعلاً، حيث يشكل البدايةة في طلوع الفجر.وطبيعي أن تحدد الشخصية في مثل هذه الحالة قدرتها على إغناء كل الصور. هنا تستطيع الشخصية أن تكون في كل الشخصيات، لأنها شخصية تذوب في الآخرين ومن أجل الآخرين، وتعطي الدافع الدائم لتجدد الحياة.
- أن الموت من أجل الجيل القادم، ومن أجل حرية الأطفال، إنما يعبر عن قمة الإيمان بالحياة وخصبها وجمالها، فالشخصية تضع خطوتها في درب العطاء ليكون الغد أفضل باستمرار. وطبيعي أن الطفولة بحاجة دائمة إلى من يعطيها الأمل والفرح. لذلك كان الإصرار على الغناء الإيجابي المؤدي إلى زرع الشمس في عند هؤلاء الأطفال.
- أنَّ الموت حياة، ومع لحظة الموت تكون لحظة الميلاد. هنا تأتي الصورة لتزرع كل معاني الأمل والتجدد. لقاء الموت لا يعني انكسار الذات أو ذهابها في رحلة النهاية ، بل يعني بداية الحياة وتوهجها.
- أنّ الموت دليل وزيت ثورة. هنا تبدأ روأي الدخول في مفاصل الحياة، وفي معاني الانبعاث. وطبيعي أن يكون الدم محركاً وفعلاً وإشارات على الطريق. الخطوة في هذا المجال تستدعي خطوة أخرى، والنداء يستدعي نداء، حين تضع الشخصية نقطة على سطر النداء، فإنما تطلب من الآخرين أن يتابعوا المشوار. وبذلك تكون الشخصية في الشخصيات السابقة والشخصيات اللاحقة، وكأنها شخصية متعددة راسخة الملامح..
- أنّ الموت إغراق في معاني الطبيعة الفلسطينية، ودخول في تفاصيلها بما يعني الإصرار على إعطائها خصب الحياة، وفي مثل هذه الحالة، تكون الشخصية مليئة بنبض الشجر والتراب والهواء، تكون مليئة بكل الألوان الخضراء. وفي هذه الحالة تكتب الطبيعة روعتها في نبض الشخصية، وتكتب الشخصية انبعاثها في نبض الطبيعة. ولنا أن نرى إلى أهمية التداخل بين الشخصية والطبيعة في مثل هذه الحالة، حيث لا يكون التداخل هنا تداخل عناق وتوهج وأمل من خلال مساحة الفداء والتضحية. فالشخصية تقترب من الطبيعة لتقول الفداء والتضحية بشكل يفجر كل معاني الحياة، وتقول الفداء والتضحية بشكل يفجر كل معاني الخصب. وهنا تبدأ الطبيعة بمعانقة إنسانها، ويبدأ الإنسان بمعانقة طبيعته، وفي كل الأحوال يكون الدم سماد الحرية والأرض.
نسجل في هذا المسار قول جبرا حنونة في قصيدة "سأبقى شامخاً" حيث: "سأفارق هذه الأرض.. وينمو من دمائي ألف طفل / أسمر الجبهة للموت الخرافيِّ يسابق / وستغدو قامتي أطول من كل المشانقْ / راحتي تحترق الآن بوهج الشمس / والأخرى تعانقْ / سنبلات القمح / وغداً لا بد أن يزرع طفل / من عظامي غصن زيتون / ومن ثوبي بيارق…"…

[/align]
طلعت سقيرق غير متصل   رد مع اقتباس