عرض مشاركة واحدة
قديم 03 / 07 / 2010, 06 : 01 AM   رقم المشاركة : [14]
طلعت سقيرق
المدير العام وعميد نور الأدب- شاعر أديب وقاص وناقد وصحفي


 الصورة الرمزية طلعت سقيرق
 





طلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: مدينة حيفا - فلسطين

رد: الشعر الفلسطيني المقاوم في جيله الثاني (دراسة )

[align=justify]
رابعاً – الشخصية الفلسطينية والعذاب:
أين تقف الشخصية الفلسطينية عندما تتعرض لأشد حالات الضغط؟؟ وهل تفقد شيئاً من تماسكها وثباتها في هذه الحالة..وبمعنى آخر، هل تقع مثل هذه الشخصية في حالة إحباط ويأس عند تعرضها لحصار الجراح؟؟ أم أنها تستطيع في كل الحالات أن تتجاوز حالة الحصار لتسجل حضورها الإيجابي الفاعل القادر على المقاومة والتفاؤل والوقوف بثبات؟؟..
يمكن أن نرى إلى صورة هذه الشخصية في حالتين تتباعدان من جهة، وتتقاربان من جهة ثانية. الأولى هي حالة السجن، والثانية هي حالة الجراح والمأساة، وإذا كان التباعد نابعاً من طبيعة كل حالة، فإن التقارب نابع من كون كل حالة مسكونة بالضغط والألم والمعاناة.. فماذا تقول الشخصية في هذه الحالة وتلك؟؟.
عند تعرض الشخصية الفلسطينية للسجن نقرأ: "في زنازين اعتقالي / عندما يشتدّ عشقي / تصبح الأغلال زهراً / ويصير الجرح كوثرْ / وعلى القيد يغني / بلبل التاريخ لحناً"ويتابع نزيه حسون في قصيدة"تواقيع على قيثارة الأرض" قوله: "في زنازين اعتقالي / رغم سجاني وسجني / يزهر الزيتون في زندي المقيَّدْ / وعلى جدران قلبي / كل زهر في رباها يتجددْ / مهما يا سجان تقسو / سيذوب القلب عشقاً / وستبقى الأرض معبدْ".. لنكون أمام إنسان يكتب أروع لحظات الحرية والانطلاق. وما أجمل أن تصرّ مثل هذه اللوحة على تناول الشمس بيد ثابتة لا تعرف الارتعاش، ولا تعرف التراجع. هنا تكبر الشخصية متجاوزة الظرف المرحلي، والحالة الآنية، لتضع خطوتها على طريق المستقبل المشرق.
مثل هذه الحالة يؤكد عليها الشاعر عدوان علي الصالح في قصيدة "السجن وأنا والطغيان" حيث يصر على ارتفاع الهامة قائلاً: "أعرف كل سجونك / وأراها دوماً جوف عيونك / حين تحملق في عينيّ / حين تلامس سيجارتك المشتعلة بشرة كفي" و"ضعني في سجنك يا سجان" وعندها "تلقاني مرفوع الهامة / ودمي للشعب المظلوم فداء.." فالصورة في غاية التألق والتوهج، وهي تطرح صوتها الصارخ القائل: إن الشخصية الفلسطينية قادرة على الثبات والاحتمال والتفاؤل رغم كل العذابات. وطبيعي أن تكون مثل هذه الشخصية قوية متماسكة كبيرة في تحديها ومقاومتها وتصميمها على استحضار النهار، وهو ما عبر عنه عبد الناصر صالح في قصيدته "ثلاث رسائل إلى أمي"حيث جعل الزمن غير قادر على قهره، وكان قد أمضى عاماً كاملاً في المعتقل، فقال:"عام مضى هل تعرفين؟ / جحدت به الأيام وجهي لم تقل كيف السجين؟؟.." و"لكنني أماه مهما طال هجري لن أهون / أماه إني لن أهون / فأنا وأنت على انتظار..". ولنا أن نشهد كيف ترسم هذه الشخصية حضوراً رائعاً في كل لحظة، وهنا لا تقول مثل هذه الشخصية فرحها أو أملها جزافاً، بل تصر على ربط كل ذلك بالنهارات القادمة.. فماذا عن حالة الجراح والمأساة..؟؟..
في قصيدة "لا تبكي يا أمي" للشاعر حسين مهنا، نقرأ كيف يذهب الجرح في صياغة الإنسان ويعطيه القوة والتماسك، حيث "آت من جبّ النار قويّاً / آت من جبّ النار نبيّاً"وهو ما يشكل نسفاً لكل زمن ماض "فلقد ولّى زمن كنا نبكي فبه الأطلال ونستبكي" لذلك كانت الشخصية معجونة بألق وضياء الشمس "ها أنذا أخرج من مأساتي / مرفوع الرأس قويّ الزندين" و"ها أنذا والنار شآبيب من حولي / أعلنها صرخة ثائر / أعلنها غضبة ثائر.." و"ها أنذا فوق جوادي / أتقدّم فوق جراحي.. أتقدّم وأقاتل.." فأنا "وأريج الليمون وأعراس فلسطين / آتون مع الفجر الورديّ.."..
الشخصية هنا في أروع حالات تجلّيها وامتدادها. ولنا أن نقرأ كيف يكون النزول في الجرح طلوعاً خصباً داعياً للتشديد على التماسك. فالمأساة لا تعني انغلاقاً أو وقوعاً في حالة يأس، بل تفتح الأبواب مشرعة أمام حالة قصوى من الإصرار والتصميم على متابعة المشوار. وإذا كان المقصود من الجرح والمأساة كسر الشخصية وتذويبها، فإنّ ما تصل إليه هذه الشخصية يبشر بأن إشراقة الشمس لا بد منها. إذ كيف لشخصية تحمل كل هذا الألق وكل هذا الإصرار، وكل هذا التماسك والثبات، أن تنكسر..؟؟..
في هذا المسار تكون صرخة الشاعر عدوان علي الصالح في قصيدة "الصبر يا صبرا" أعلى من كل صرخة في تحديها وشموخها، فالمجزرة لا تغلق الأبواب، والمذبحة لا تسقط الملامح ولا تقدر على تشويهها، صحيح أن هناك ضحايا، وصحيح أن هناك الكثير من الدم، وصحيح أن هناك الكثير والكثير من الحزن، ولكن أين يصل بنا كل ذلك؟؟.. وماذا يعني في المحصلة.. نسمع: "ودّعي كل الضحايا يا فلسطين / بقلب في ثناياه الأمل / ودعيهم واحضني الشعب البطلْ / وازرعي الآمال في السهل وفي رأس الجبل / فالذي صارتْ خطاه من فداء / يا فلسطين إلى الفجر وصلْ".
يمكن القول هنا إن الشخصية الفلسطينية تسجل حضورها المتميز رغم حالة العذاب والضغط والجراح. وهذا يعني أن مثل هذه الشخصية استطاعت الوصول إلى قمة التماسك، كأن العذاب والمأساة والجراح محكّ نستطيع من خلاله التعرف على جوهر الإنسان ومعدنه.. وكما هو واضح فإن الشخصية الفلسطينية لا تعرف الانحناء مهما ازدادت الصعوبات والضغوط..

[/align]
طلعت سقيرق غير متصل   رد مع اقتباس