رد: الشعر الفلسطيني المقاوم في جيله الثاني (دراسة )
[align=justify]
الباب الثاني
الانتفاضة وانعكاساتها
الفصل الأول
الانتفاضة وصورة التوهج
الانتفاضة فعل وفاعلية من جهة، وبصمة قوية الأثر والتأثير على الزمن ومساره من جهة ثانية.. وعلينا أن نسجل منذ البدايةة صعوبة تحديد "الانتفاضة" في تعريف أو توصيف، كما صعوبة شرحها بكلمات تقلّ أو تكثر.. إذ قامت الانتفاضة منذ البدايةة لتكون "صرخة" شعب قرر أن يمضي في طريق الحرية والخلاص و"نداء" جذور انتفضت لتقول كل تاريخها "تحدياً" لا يعرف الانحناء.. وعلى هذا سجلت الانتفاضة الدلائل الواقعية على أنها عصية منيعة، من خلال ثباتها واستمرارها وقدرتها على التحدي، وصوغ الحاضر بما يعطي للمستقبل وجهه وملامحه. فهل استطاع الشعر الفلسطيني المقاوم في جيله الثاني أن يقول كل ذلك؟؟..
علينا قبل الدخول في قراءة مثل هذا الشعر، أن نتجاوز منذ البدايةة الكثير من الأسئلة التي تتعلق بانطلاقة الانتفاضة، إذ من غير الممكن، وبأي شكل من الأشكال، أن نضع أو نصوغ أسباباً كانت وراء بداية الانتفاضة، لأننا في كل حال سنكون أمام جزء لا يؤدي إلى الكل. فالانتفاضة انطلقت لأنها كانت قد وصلت إلى نقطة كان عليها عندها أن تنطلق، والانتفاضة بدأت وتحركت فعلاً على الأرض لأن الشعب العربي الفلسطيني كان قد وصل إلى درجة رأى فيها أن عليه أن يتحرك وينطلق. وفي كل الأحوال كانت الانتفاضة "مرآة" صادقة عبرت عن مشاعر الشعب العربي الفلسطيني وتطلعه إلى الخلاص. وهو ما جعل الانتفاضة نتاج سنوات طويلة من الانتظار والاحتمال والتطلع، كما نتاج سنوات طويلة من التوثب والمواجهة والتحدي، فكانت في شكلها الأولي كلمة "لا" كبيرة قادرة على صوغ حركة رفضها، وكانت في شكلها الاستمراري فعلاً استطاع أن يزرع الأرض كلها بالتحدي والغضب والمواجهة.
في الشعر، لا تأتي الانتفاضة خارج مسارها الواقعي الحي، فقد انطلقت بعد أن حملت كل السنوات الماضية، ورأت في مسار غدها هذا الارتباط بالخلاص من الاحتلال، ولعل أبسط وأقرب توصيف ينطلق من قصيدة الشاعر منيب فهد الحاج في قصيدته "هذي انتفاضتنا شعاع من نهار" حيث الانتفاضة صورة فجر، وإشراقة صباح، وهي حسب الشاعر "صيحة دوّت فأيقظت الضمير / في القدس دوّت في القطاع / في طولكرم، وبيت لحم، وفي الخليل / في كل ناحية وفي الأقصى الأسير / لتقول: لا للمعتدين / جرجر ذيولك وانقشع عن أرضنا" ثم الانتفاضة "ستحطم القيد الثقيل / تروي لمظلوم غليل / هذي انتفاضتنا تكحّل فجرها الزاهي الجميل" وفي كل الصور تأتي الانتفاضة لتنقل تطلع الشعب وتصوره من حالة إلى حالة، حيث تبدأ الصور في الوصول إلى حالة التحقق.. فما هي المحاور التي وقف هذا الشعر عندها؟؟..
[/align]
|