الموضوع
:
زمن البوح الجميل / رسائل بين الأديبة ليلى مقدسي والشاعر طلعت سقيرق
عرض مشاركة واحدة
01 / 08 / 2009, 13 : 02 AM
رقم المشاركة : [
13
]
ليلى مقدسي
شاعرة وأديبة
بيانات موقعي
اصدار المنتدى
: حلب - سوريا
رد: زمن البوح الجميل / رسائل بين الأديبة ليلى مقدسي والشاعر طلعت سقيرق
" قهر صموت "
[align=justify]
الشاعر الصيني ـ أنون ـ والذي وجد في طائر ـ البوم ـ رمزاً للحكمة والمعرفة قال ـ بوم حكيم جلس فوق سنديانة .
رأى كثيراً .. فتحدث قليلاً ، وكلما رأى أكثر .. كلما صمت أكثر ، وكلما صمت أكثر .. كلما سمع أكثر ، لماذا لا نكون مثل هذا الطائر القديم الحكيم ؟ .
ترانا غرباء عن أفكار وتقاليد وآراء الناس في هذا العالم المنطفئ . والخطر الذي يكمن حول المبدع أن إبداعه يجعله يسمو ويرتقي ويعاني أكثر .. لذلك يصدر الآخر بحقه فتوى وقراراً وحكماً جائراً ، لأنه يسعى ليخلق حالة انسجام بين ذاته الموروثة مع ذاته المبدعة والمتفردة . فيحس المبدع بشعور السجين في ذهنه وجسده ويرى البشر من حوله أرواح ضائعة قاسية ، وقد يسميه البعض غرور الفنان ، أما أنا أسميه ـ أصالة الفنان ـ وفرديته .
ويكون في داخله مشاكسة طفولية في تمرده على كل آراء وأفعال متوارثة وقد اهترأت بفعل الزمن ، فيحاول بقلمه وفكره أن يخلق مفاهيمَ أكثر إشراقاً وأعمق تطوراً ضمن مساحة من الحرية ـ الذاتية . والفكرية . والاجتماعية. وحين يعيد إلى هذه الرواسم البهاء بكشف أكثر إشراقاً يقع في متاهة لأنه يترتب على الآخرين في نظره أن يشاطروه مشاعره وأحاسيسه ونبله وصدقه ، ويكونوا أكثر إنسانية ، فيحس بالمعاناة مع من يتعامل معهم حتى مع أقرب الناس إليه ، لأن أفكاره لا تنسجم معهم ، ومعتقداته ومبادئه لا تلائمهم ، لأنه يكسر قيماً ليخلق القيم الأفضل والتي لا يألفها البشر ، فيغدو بنظرهم ـ مغروراً ، منفياً ، متعالياً .
هذه النرجسية البريئة في ذاته تؤدي إلى مقته وكرهه وحسده . وهذا التعمق في وحدته الذاتية طبيعي جداً لأنه لا يفصل بين الحياة والفكر،ففنه هو انعكاس لحياته على أحاسيسه وأفكاره ، خاصة في هذا العصر الضيق والمذبوح على أعمدة ، المادة ، والمصلحة ، والمظاهر الخارجية . والأفكار المستوردة والتقليد الأعمى . والكثير يمارس الأطر الخارجية للمجاملة ، والنفاق . لهذا يكون الفنان الصادق والمتوحد مع أفكاره وكتابته وسلوكه موضع ملاحقة الآخرين له لإحساسهم بالنقص في داخلهم ..
وما أكثر الأمراض النفسية المتفشية في مجتمع يرزح تحت عناكب الجهل والتخلف لذا هذا العالم يحتوي أكثر مما نستطيع احتماله . ولكن لابد أن يتلاشى الذين لا جدوى فيهم وأكثرهم من الثرثارين ،والأ نانيين ، والماديين . فالحرية والشعر يبعدانا عن العالم ، ولذا ينعت العبقري بأنه مجنون . لأن المشكلة التي نواجهها ونشقى بها دائماً أن وعينا غير منسجم مع الواقع وغير مألوف من عامة الناس .
أما الانتماء فأيضاً مشكلة ، لأنني لم أختر ـ ديني . ولا أهلي . ولا اسمي ، ولا أرضي . إنما أنا حصيلة باهتة لوجهات نظر الآخرين . حتى في كثير من الأحيان لا أنظر بعيني بل أنظر بعيون الآخرين المدقوقة في اللاوعي ..
[/align]
ليلى مقدسي
مشاهدة ملفه الشخصي
البحث عن كل مشاركات ليلى مقدسي