[frame="15 98"] 
 
قـــــــــــــرار جــــــــــــديد 
 
- ق ق ج - 
 
نزار ب. ا لزين
 
إنهم من الجن
أقصوصة
نزار ب. الزين*
         ضج أصحاب المزارع من تكرار سرقة
عجولهم و أغنامهم  ،  جندوا 
الحراس ، أكثروا من الكلاب  ، 
ثم ....
طلبوا حماية  (مخفر الدرك)* و لكن هؤلاء و
اؤلئك عجزوا عن ضبط اللصوص ،
جُن جنون قائد مخفر الدرك  في القرية
المجاورة  ، فأمر رجاله باعتقال 
المشبوهين .
ثم ...
باعتاقل حراس المزارع بتهمة التواطؤ ؟! ..
جوعوا هؤلاء و اؤلئك ، حرموهم من النوم ،
أوسعوهم ضربا و تعذيبا .. دون 
أن يصلوا إلى اية نتيجة ،
ثم ..
صارت أخبار اللص الشبح أو اللصوص
الأشباح  على كل لسان ..
و بدأت الشائعات من كل لون تنتشر انتشار
النار في الهشيم ،
إلى أن أبدى إمام  جامع القرية  رأيه
الحصيف ، فقال :
" اللصوص أيها الناس ليسم بشراً ، إنهم من
الجن ! "
و منذ تلك اللحظة ، امتنع الناس عن
التجول في القرية بعد غياب الشمس ،
فاليوم يخطف الجن العجول و غدا  قد
يخطفون الأطفال ، و ربما النساء و 
الرجال ...
و نشط من ثم سوق المشعوذين و العرافين ،
يكتبون الأحجبة و يقدمون الوصفات 
الناجعة ، لمنع أذى الأسياد !!!
أما حراس المزارع فقد استقالوا ..بعضهم
احتجاجا على اعتقالهم و تعذيبهم 
، 
و بعضهم خشية  الجن و العفاريت ..
و هكذا ، خلا الجو أكثر و أكثر ،  للص أو
اللصوص ..
*****
    ثمت سيارة شاحنة تحول مكان الشحن فيها
إلى حجرة كبيرة ، 
و قفت الآن  أمام إحدى المزارع ، 
يترجل منها أحدهم و بيده مقص خاص بتقطيع
الحديد ، 
و ترجل آخر يحمل قطع اللحم المغمس بمخدر
قوي ،
يبدأ الأول بمهارة بتقطيع الشبك المعدني
الذي يشكل سور المزرعة ،
يفتح ثغرة تصلح لمرور رجل زحفا  ،
بينما يلقى الآخر بقطع اللحم إلى الكلاب
الهائجة ،
و إن هي إلا  دقائق حتى يغط الكلاب بنوم
  عميق ،
يترجل آخر ،
يتسلل إلى حظيرة الأبقار ،
يطعن ثلاثة من العجول السمينة بمخدر ،
فتخور العجول ألما ،
ثم .. 
تسقط أرضا ، بلا حراك  ،
ثم ...
يترجل آخرون ، 
يتسللون نحو الحظيرة ،
و  بسرعة و رشاقة  يحملون  العجول المخدرة
،
ثم ...
يتعاونون معا على رفعها إلى باطن
الشاحنة ، الواحد بعد الآخر ،
ثم ...
تبتلعهم الشاحنة ، 
ثم ....
تتحرك بهم و كأن شيئا لم يكن ..
*****
باطن الشاحنة عبارة عن ورشة عمل كبيرة ،
طاولة مثبتة في الوسط ، 
وُضِع فوقها عدة فرّامات ، و مناشير ،
تعمل جميعا بالكهرباء ، و تستمد 
طاقتها من محرك كهربائي ثُبَّت في إحدى
الزوايا ..
و على الجدران عُلِّقت سكاكين و سواطير*
من مختلف المقاسات ..
و من السقف تدلت عدة ( شناكل )* ، كما تدلت
عدة  قناديل  تشع بإضاءة  
قوية ..
*****
و بسرعة و رشاقة  تم فصل رؤوس  العجول عن
  أجسادهما ،
ثم ..
عُلقت على الشناكل ،
ثم ...
بدأ  الرجال و هم جزارون محترفون ،
بعملية السلخ ،
ثم ...
بعملية التقطيع ،
ثم ...
تولى  أحدهم  توضيب  الأحشاء ،
ثم ...
قام آخر بجمع الدماء المراقة  فوضعها  في
دلوين  كبيرين ،
ثم ... 
قام آخر بتنظيف المكان .
*****
كانت الشاحنة فد وصلت إلى دكان الجزار (
أبو عيشة ) ، في مركز القضاء  ،
و بنفس الرشاقة ، نقلوا اللحوم و الشحوم
و العظام  و الأحشاء إلى دكانه ،
ثم ....
علقوا قطع اللحم على (الشناكل) في واجهة
  الدكان ، 
ثم ...
قدم  أبو عيشه لرجاله حصتهم من الغنيمة ،
ثم ...
أخذ يردد باعلى صوته : 
" يا فتاح يا عليم ... يا رزاق يا كريم ! "
ثم ....
جلس في انتظار الزبائن .
*****
و ذات يوم و بينما كانت شاحنة ( ابو عيشه )
تعبر القرية بعد إحدى 
غزواتها ، و كانت الشمس قد بدأت تطرد
جحافل الظلام ، عبر غلام الشارع 
متجها نحو المخبز ..
كانت الشاحنة مسرعة ، فقد تأخرت عن أوقات
مغادرتها المعتادة ، و لم 
ينتبه السائق إلى الصبي فدهسه ..
كان بعض الفلاحين  على حافة الطريق  ،
سمعوا صوت صياح الغلام  ، و  مكابح
الشاحنة ،
فهرعوا نحو موقع الحادث ،
ليشاهدوا السائق يزيح الصبي المصاب
بطريقة وحشية ،
ثم يحاول العودة إلى الشاحنة مسرعا يريد
الفرار ..
تكأكؤوا حوله  فمنعوه ،
ثم ..
كبلوه ،
ثم ...
فوجئوا ببوابة الشاحنة الخلفية تُفتح  ،
و بأشخاص يترجلون منها حاملين السكاكين
و السواطير ..محاولين فك أسر 
السائق من قبضته ،
ثم ...
تشتعل معركة حامية سلاحها الحجارة و
السكاكين و السواطر ..
تتجمع أعداد أخرى من القرويين بينهم أم
الصبي المصاب و أبوه و إخوته ،
يشتركون جميعا بالمعركة ، ثم يشنون هجمة
رجل واحد انتهت بإمساكهم جميعا  
و تكبيلهم بالحبال ، بعد أن أوسعوهم ضربا
،
ثم ... 
صعد البعض إلى قلب الشاحنة ،
ليكتشفوا  الحقيقة المذهلة ! 
 
[/frame]====================
•	الشناكل : علاقات معدنية معكوفة و هي
 خاصة بتعليق السائمة بعد 
ذبحها .
•	الدرك  : شرطة الأرياف ، أيام الإنتداب
 الفرنسي
•	ساطور : سكين عريضة  تستخدم لتكسير
 العظام
====================
*نزار بهاء الدين الزين
سوري مغترب
عضو إتحاد كتاب الأنترنيت العرب
عضو الجمعية الدولية للمترجمين و
 اللغويين العرب ArabWata
الموقع : 
www.FreeArabi.com 
البريد : 
nizar_zain@yahoo.com