الفن والانسجام اللوني
[align=justify]
أول ملاحظة تخطر على البال عند الحديث عن لوحات الفنان التشكيلي الصديق فتحي صالح تتحدد في تركيزه الكبير على الانسجام اللوني من جهة والتضاد في الألوان من جهة ثانية .. وباعتقادي الشخصي أنّ الفنان القدير فتحي صالح لا يرجع إلى مدرسة فنية محددة ، رغم مروره أو عبوره لفضاءات عدة في عالم الفن التشكيلي ، حيث وقف عند الواقعية ثم الواقعية التعبيرية فالسريالية .. وخرج بما يمكن أن نسميه " الخلطة السحرية " في الفن ، هذه الخلطة التي يصعب أن تعرف مكوناتها تماما، لأنها تحمل طابع وأنفاس وخصوصية الفنان .. فمن ينظر إلى لوحات فتحي صالح المرسومة في مرحلة حديثة سيدهش لبروز السريالية مختلطة بالكاريكاتير ومحلقة في فضاء غير محدود من الخيال .. فأنت تتوقع كلّ شيء ، ولا تستطيع أن تتوقع شيئا عند فنان يحرك بحيرة الدهشة ليخرج دائما بما هو سحريّ .. فقد يبتعد الرأس الإنساني ليكون في وحدة منفصلة عن وحدة الجسد ، وقد تجد أشياء كثيرة غير واقعية في فضاء مشغول بألوان متناسقة ومتنافرة في آن..
إن امتداد سطح اللوحة ببياضه المغري والصامت أمام فنان شديد الغليان من الداخل ، يجعل الألوان مدعوة إلى وليمة غير نهائية من التناسق والتواتر كما التنافر .. كل شيء متوقع عند فنان مثل الفنان التشكيلي فتحي صالح .. ووصوله إلى الخلطة السحرية التي ذكرت جاء نتاج نشاط دائم في البحث عن الجديد .. وعلينا حين نسال هذا الفنان الصديق عن مدرسة ما ، أو نقطة ما وصل إليها ، أن نتسلح بالكثير من التوقعات والرضا بالمختلف والمغاير .. فالركون إلى صفة محددة ، أو مدرسة محددة في فن الرسم عنده مسألة مرفوضة فهو صاحب مدارات كثيرة متعددة وشديدة الغليان .. وكل وقفة أمام لوحة جديدة ، وقفة تأمل ومقارنة ، تضعك أمام قفزة جديدة في التوصيف والتحديد والتسميات ، خاصة في الفترة الأخيرة ، حيث دأب الصديق الحبيب فتحي صالح على فتح صندوقه السحري دفعة واحدة ليشتغل بحرارة على اللون بخصوصية قد تكون غرائبية أحيانا ، وعلى الموضوع الذي قد يأتي مترابطا أشدّ الترابط ومتنافرا أشد التنافر .. وفي النظر إلى المحتوى بشكل كلي أي من خلال تركيز الضوء على العمل بشكل كامل ، نجد أن الفنان فتحي صالح قد طوى خطوات كثيرة ليصل إلى مرحلة الامتداد في اللون والموضوع والاشتغال بفاعلية على توظيف سطح اللوحة الأبيض ليكون الكل في إطار مفتوح على المدهش .. ماذا نسمي كل ذلك ؟؟.. سريالية ؟؟.. سحرية؟؟.. واقعية تعبيرية ؟؟.. يصعب التحديد بشكل مطلق .. إذ ماذا نسمي استفادة فتحي صالح من كونه رسام كاريكاتير عندما ينقل هذا إلى لوحته الفنية ؟؟.. قد تكون السريالية مستفيدة من عملية التضخيم وتغيير المقاسات الطبيعية ، لكن عند فتحي صالح الأمر يختلف .. فهو يستفيد من الكاريكاتير والسريالية والتعبيرية والواقعية في وقت واحد .. لذلك أرى أن التحديد صعب .. والعودة إلى منطق الخلطة السحرية يبقى أقرب وأشدّ التصاقا بفن فتحي صالح .. وباعتقادي فإن الفنان فتحي صالح مقبل على خطوات متتابعة من التغيير والإبهار ، لكن الخلطة السحرية تبقى هي الأساس في بناء فنه الجميل والأنيق والساحر .. أشير هنا ، إلى أساس هام عند فتحي صالح وهو القدرة والتسلح بمهارات عالية منذ البدايات .. لذلك ستكون كل خطوة قادمة من خطواته اللاحقة : جديدة ، وجميلة ، وساحرة إلى أبعد حد ..
[/align]
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|