الذكر أم الأنثى في شرفة العار ؟؟.. !!..
[align=justify]
ربما لم يخطر في بال الروائي الاستثنائي إبراهيم نصر الله أن يضع الرجل وذكورته كلها في شرفة العار منذ البداية.. وربما كان من الأجدى أن نسير معه خطوة خطوة لنصل إلى هذا المؤدى المرعب السائد في وطننا العربي ، حيث ظلم المرأة من قبل الذكر تأكيد لمصلحة الذكر قبل الميل للبحث عن الأسباب التي تجعل من العار مشنقة تقتل الضحية قبل أن تقتل الجاني .. فالأنثى محكوم عليها بالقتل قبل أن تتنفس مادامت المسألة مسألة شرف ، دون بحث أو محاولة بحث في عمق الصورة .. فالرصاصة موجودة ، والأنثى موجودة ، ولا شيء ثالث غير قتل الضحية مرة أخرى من باب الحفاظ على الشرف ..!!..
ربما علينا أن نعيد الشريط إلى أوله ، بعيدا عن وله وغرام بالمسلسلات ذات الثلاثين حلقة !! .. فرواية " شرفة العار" للروائي إبراهيم نصر الله صدرت حديثا عن الدار العربية للعلوم "ناشرون " في بيروت بالاشتراك مع منشورات الاختلاف في الجزائر .. وهي ثالث عمل في مشروع الشرفات لإبراهيم نصر الله حيث صدرت من قبل رواية " شرفة الهذيان" 2005 ورواية " شرفة رجل الثلج " 2009 .. وكل ذلك يدخل ضمن مشروع روائي كبير للروائي إبراهيم نصر الله الذي دخلت روايته " زمن الخيول البيضاء " قائمة البوكر العربية في العام 2009 ..
الشرفات ورغم توحيد العنوان الكبير منفصلة عن بعضها تماما من حيث الموضوعات والبنية الفنية والزمن والحبكة ..فكل شرفة وحدة قائمة بذاتها لا علاقة لها بما سبق ، وربما يمكننا النظر إلى شيء من الجمع من كون الروايات الثلاثة تبني عالما مغايرا تماما في الفن الروائي نسيجه البناء الفني الجديد ، وقوامه الموضوعي أو الداخل في تركيب الموضوع ، نوع من الهذيان لا يبرح .. وليست صورة منار في رواية " شرفة العار " إلا دخولا تجاه العمق في هذيان لا نهاية له ..
منار هذه بنت وحيدة لأبي الأمين، مدللة أبيها ومحبوبته المفضلة .. تدرس ..تمضي في طريق طويل من بناء الذات والحياة الكريمة .. كل شيء فيها مميز .. محبوبة من الجميع .. قريبة من كل أفراد الأسرة .. وحتى حين تنتقل للتدريس فهي المفضلة لما تملك من فكر منفتح ونشاط وعلم .. كل هذا لم يشفع لها حين استدار العالم نحو أن تكون الضحية .. والسبب ؟؟.. هو أمين شقيقها .. هذا الشقيق الذي يدمن كل ما هو محرم ، ويقوم ضمن هذا بأخذ مال السائق الذي كان يعمل على سيارة الأجرة عند أبي الأمين.. ولا يجد هذا السائق " الهمام!! " غير منار مجالا للانتقام من أخيها، فيخطفها ويقوم باغتصابها لتمر بحالات الرعب القاتلة وصولا إلى الحمل والسجن والولادة..وطبيعي أن تعلم الأسرة كلها بما جرى وتعرف معرفة اليقين أن السبب هو أمين .. فهل نعاقب السبب ؟؟.. لا .. إذ النتيجة أنّ أمين هذا تقدم من منار شقيقته " وضربها بكعب المسدس ، تأرجحت قليلا ، ثم عادت تنظر إليه من جديد بصمت.. صرخ في وجهها " اصرخي " .. لكنها لم تصرخ .. امتلأت الشبابيك والشرفات بمئات الظلال المطلة على الشارع ، وحبس الصمت أنفاس الجميع ، ورأى أمين العيون كلها تحدق فيه..فيه هو بالذات ..عندها تراجع خطوتين وأطلق النار ، وللحظة ، أحسّ بأنه لم يصبها فهي لم تسقط ، وأطلق النار ثانية وثالثة ، فلم تسقط ، فاندفع ووضع المسدس على جبينها ، أغمض عينيه وأطلق النار وحين سمع ارتطام جسدها بالأرض أشرعهما من جديد "..ثم .. " وجه مسده من جديد لجثة منار مفرغا الطلقات كلها في جسدها ، وحين انتهى الرصاص راح يضغط على الزناد مرة تلو أخرى ".. ويعود السؤال الذي بدأنا به : من هو الذي وقف في شرفة العار هذه الرجل أم الأنثى ؟؟..
[/align]
نشر في صحيفة البعث / دمشق صباح 18/1/2011
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|