أنا وقهوتي السمراء وقلمي الممنوع من الصرف وبعض الحروف التي لم ينضب مدادها تجمعُنا
هذه الليلة حميمية تجاوز عمرها الربع قرن .
سنفتح أبواب القلب على مصراعيها ونبوح بما يجود به البوح والقلم ، ونعصر ما تبقى في الجوف من رذاذ القهوة والمطر.
ينظر إلي فنجان القهوة بإشفاق ، يدعوني
كي أحتضنه بين أناملي ، أفرغه في جوفي
، ليسري في خلايا جسمي النائمة ، يوقظها ، يغري أحاسيسها ، يشعلها ، فتتمخض .. وتنجب فكرة يتيمة ، أحرفها لقيطة ، تبحث عن
رصيف ٍ مجهول ٍ تقف على قارعته ، تأخذ لها
مكانا ًعليه .. وعنوانا ً من ورق .
عيناها شعلتان من لهيب أتقد ،، تهربان عبر كل الفضاءات وتجوبان كل المرافئ بلا استثناء أو كلل .. ماذا تريد ؟ عم تبحث ؟ وهذا الكون مليء بالجراد ومسكون بالعدم .. عم تبحث ؟
والكل غرقى في بحر ليس له شطآن ، مهجور من المراكب والسفن .. من يحمل الغرقى والبحر خال ٍ إلا من أسماك القرش ؟ من يحمل الغرقى وظهورنا محنية (أحدبها ) الزمان وتصاعد الموج المتكالب عليها يبني قصوره ويرفع العلم ؟
عيناها شعلتان من لهيب أتقد ،، تبحث في هذا المدى الضبابي عن عينين لهما نفس الهمس ونفس البوح وأحرف تاهت منها النقط .
من يعيد النقط الهاربة من حروفي فأمنحه قلبي ؟ من يفك أسر قلمي ويدب الروح في مدادي وأبحر الشعر؟ من يخطب ود قصيدتي اللقيطة وأحرفي اليتيمة ويزين معصمها بإسوارة من ورد أو فل أو عبهر ؟ من يفتش معي في هذا الكون الرمادي عن مخبأ الشمس ومخدع القمر ؟ من يشرح لي تضاريس الوطن المبهمة والمفتتة خارج إطار الزمن ؟ من يعيد للقهوة مذاق العسل بعد أن أعطب المرار الجوف وأثقل اللسان وأدمى الكبد ؟؟
تدعوني ابنتي في عيدها ، تطلب إليّ أن أحمل لها باقة من الورود المتفتحة وسلسلة معلق فيها القمر!
ترجوني أن أرسم ابتسامة يافعة على محياي
وأمنحها بعض الدفء والقبل .
لا ترجوني يا ابنتي فيدايّ الفارغتان مثقلتان وعيناي الساكنتان شاردتان ولكن قلبي فيه متسع لك وللأحبة مهما جار الزمن .