[هدى نورالدين الخطيب]

[align=center][table1="width:100%;"][cell="filter:;"][align=justify]
تحياتي وشديد احترامي لهذا الطرح

سأجيبك بداية أستاذ حسن على أسئلتك
من هو المثقف؟
هو من يتمتع بسعة الإدراك والرغبة بالمعرفة والقدرة على هضم المعلومة وتحليلها وتحقيقها وتخزينها وتهذيب مداركه وتشذيبها
هل هو اصطلاح , مطلق أم مقيد ؟
مقيد
هل الثقافة سلوك وحياة , أم فكر ؟
سلوك حياة وفكر
هل توجد ثقافة ومثقف , يقابلهما مدع ومظاهر ثقافية , ويصعب التفريق بينهما ؟
طبعاً ولكن يسهل التفريق بينهما
سأفرع السؤال بأمثلة , لنصل إلى تشريح دقيق قدر المستطاع للتعريف .
لنفرض أن شخصا ً ما , يعرف كل ما يتعلق بالرياضة , أو بالفن , أو بالسياسة أو باختصاص ما , ولايعرف حدود بلاده , أو أن الأرض بالمجموعة الشمسية , ( مثلا ) فهل نسميه مثقفا ً , أم مختصا ًبكذا .. ؟
هذا متعلم متخصص في أحد المجالات أستاذ حسن وليس مثقفاً

هل المؤهل الـتعليمي , وحده يصنع مثقفا ً؟
طبعاً لا فالثقافة شمولية والتعليم اختصاص


هل يوجد مثقف , بدون مؤهل تعليمي ؟
أظن هذا ممكناً، ولدينا شواهد كثيرة من كبار الأدباء والمثقفين الذين لا يحملون شهادات ، بينما الكثير من حملة الشهادات لا يستطيعون أن يكونوا مثقفين أو يفهموا ما هو خارج عن مجال اختصصاتهم


هل كان بالماضي,وقبل الجامعات , مثقفون ؟
طبعاً، فالثقافة ملكة واستعداد وموهبة في المقام الأول فكل من يعمل عقله ويحلل ويسعى للمعرفة ( هذا ما أظن قصد الأستاذ عادل رستم ) كالاسفنجة في استقاء المعلومات وتخزينها
هل بصفوف حملة المؤهلات التعليمية , من هو غير مثقف ؟
طبعاً كما سبق وأشرت المتعلم غير المثقف، طبيب لا يفهم بغير الطب ، ومهندس لا يعرف إلا في الهندسة، فالثقافة هي الشمولية وقد يكون المتعلم مثقفاً وقد لا يكون


في داخل كل منا صورة مثالية للمثقف ، واسمحوا لي أن أتحدث عن أحد هؤلاء المثقفين الذين تركوا أثرا وما زالوا يعيشون في مجتمع ذاتي.

• عم والدتي وأحد المقربين منا جداً يمثل بالنسبة لي صورة طاغية في ذاتي للمثقف والتي أكدتها لي الحياة فيما بعد من خلال عملي الطويل في الصحافة...

على الرغم من أنه كان أستاذا جامعيا ويحمل شهادتي دكتوراة في اختصاصات مختلفة ولديه الكثير من المؤلفات الهامة ويجيد سبع لغات حيّة، كنت أراه بصور مختلفة تماماً..
تعود أن ينزل من بيروت حيث يقيم إلى طرابلس ويقضي إجازاته عندنا، فكان يزوره في منزلنا معارفه من كبار المثقفين وكنت كثيراً ما أحشر نفسي بينهم وأصغي لحواراتهم وأعجب بأسلوب إدارته للأحاديث والحوارات التي تنقلب لصورة أخرى حين يحملنا لأحد الجبال ويتفنن بصنع التبولة وطريقته المبتكرة في شي اللحوم وهو يروي الطرائف ثم يلاعبنا أطفالاً وكأنه في مثل أعمارنا، لتختلف هذه الشخصية حين يطلب مني قراءة كتاب ويجلس لمناقشتي به، ثم أراه بعد قليل يجلس فوق بساط غرفة الجلوس يلعب هو ومربيتنا الأمية " بالبرجيس " ويستعمل نفس مفرداتها في اللعب وكسر الأحجار ، وفي الصيف في بيتنا الجبلي كان يحلو له أن يذهب مع بعض الفلاحين إلى حقولهم ويجالس هذا وذاك حتى أصبح له شعبية في القرية وكل منهم يعتبره صديقه، الخلاصة كان يتعامل مع كل شخص من خلال مستوى إدراك هذا الشخص ويملك قدرات استثنائية في ترسيخ المعلومة والاقناع، بالإضافة لهذا كان بالفعل موسوعة في مختلف المجالات، هذه إحدى الصور المشرقة بنظري للمتعلم المثقف رحمه الله.
رئيس تحرير إحدى الصحف التي عملت بها كان يقول لي عبارة لا أنساها : " الصحفي والكاتب المثقف هو من يملك ثقافة فهم الناس على اختلاف مستوياتهم وحين يكتب يجعل حتى الحمار يفهم ما يكتبه فيظن الحمار أنه فهيم" طبعاً يقصد أسلوب السهل الممتنع
والغريب أن عبارة شبيهة لكن عن العكس كانت تكرر حين عملت في الصحافة الغربية عن أحد المتثاقفين ، فلان حين يكتب يستعمل لغة ومفردات وكأن الغرض من كتابته أن يقنع الناس أنهم لا يفهمون وأنه وحده الذي يفهم، القصد إدخال مصطلحات عالية غير شائعة والكتابة بأسلوب صعب مستغلق ويتعب القارئ.
وهذا الأسلوب بالفعل نجده عند المدعين...

الخلاصة أن المثقف هو الإنسان الشمولي في المعرفة، لا يكثر الكلام من باب الثرثرة ويجيد فن الإصغاء جيدا كما يجيد فن الكلام
لا يستعرض معلوماته وثقافته على الناس في غير مكانها

تفضلوا بقبول فائق آيات تقديري واحترامي
هدى الخطيب
[/align][/cell][/table1][/align]