رد: رسائل عتاب
أيها القادم .. ما أجملك !
ما كنت أحب الضباب في يوم .. أشعر بالخوف منه .. دائما ً يشعرني بأن مجهولا ً ما ملتحفا ً في عباءته .. لذلك أدخل شوارع الضباب على مهل ٍ .. أحمل في يدي قنديل ضوء .. وحين أخرج من شوارع الضباب أخرج متنهدة .. وأطلق صرخة الميلاد ..
فقد ولدت من جديد .
هذا الصباح كان الضباب منتشرا ً في سمائي .. كان يلف بعباءته البيضاء جميع مساحات أفقي .. ثم أخذ يلفني معه .. فكرت بإضاءة بعض الشموع ..
وقبل أن أوقد أية شمعة .. لمحت وجهك مختبئا ً في عباءة الضباب .. لأول مرة لا أخاف الضباب .. لأول مرة أقتحم الضباب وأميطه برفق عن وجهك ..
لأول مرة أرى وجهك جميلا ً إلى هذا الحد ..
أأعاتبك ..
أأفسد اللحظة وأعاتبك ..
وهذا الضباب الذي حملك إليّ في هذا الصباح أأتنكر له وأعاتبك ..
وهل بقي في العمر عمر أعاتبك فيه ؟
أنا في هذه اللحظة لا أرغب بفتح رسائل العتاب .. الشوق بداخلي بدد مساحات الضباب كلها ولم يبق ِ إلا على وجهك الجميل .. ساكنا ً سكون الضباب .. هادئا ً هدوء الملائكة .. ملتاعا ً حتى النخاع ..
فهل أفسد لحظة الشوق بلحظة السؤال والعتاب ؟
لكنه سؤال وحيد يراودني عن نفسه ويقض مضجعي .. وأخشى أن أهلك وأفنى قبل أن أسأله .. ماذا تجني من كل هذا الغياب .. إن كنت بعد كل غياب تعود محملا ً بحقائب الشوق وحقائب الحب وحقائب اللهفة وحقائب الحنين ؟
أنت بعد كل غياب تعود لي أجمل وأجمل وأجمل ..
أيها القادم هذا الصباح .. ما أجملك ..
أيها القادم عبر الضباب ما أجملك ..
أتظن أنك إن اختبأت داخل الضباب وداخل الغيوم لن تهطل يوما ً في حضني ؟
الضباب أحضرك وأهداني إياك هذا الصباح لتكون شمعة الميلاد وشمعة اللقاء وشمعة الأمل ..
سألغي رسائل العتاب .. وسأتلو على مسامعك رسائل الغزل .. وليرحل الضباب دونك فأنت الآن لي ..
وأنا لك ..
أيها القادم عبر الضباب ما أجملك .
|