رد: هل يجري الصراع على لبنان أم من أجله ؟!
عدنا :)
إنني هنا سوف أكمل " الرواية " مدعومة ببعض الوثائق المنشورة عبر الصحف اللبنانية حينها واخترت صحيفة
النهار لكونها – كما يُدّعى – صحيفة مستقلة هذا من جهة أما من جهة أخرى لأنها متوفرة في الأسواق
وتحت عنوان " حرب السنتين " في إشارة إلى أعوام 1975/ 1976
وهي عبارة عن كتاب صدر عن دار النهار البيروتية عام 1977 بحجم 40×27 سم تحتوي كل صفحاتها
يوما بيوم ... والذي سأفعله هو إنني سوف انقل أهم العناوين ذات الصلة هنا بشكل يومي مع
بعض الإشارات او التعليقات في القضايا التي تحتاج فيها إلى توضيح وربما حوار في القضايا التي تحتمل فيها
ولكن قبل أن أبدأ بنشر المحتوى اقترحت على نفسي (عذرا منكم ) إعادة تلخيص ما سبق من أحداث خصوصا
ونحن نتوجه إلى مرحلة من أعقد وأخطر المراحل حيث سينتقل الصراع ويتبدّل ويظهر تناقض " الحلفاء "
خصوصا سوريا وحلفاءها من جهة ومعارضيها حيث انتقلت بعض فصائل منظمة التحرير من إلى هذه الجبهة
المعارضة حيث خيضت حروب ( بالوكالة ) كانت حينها معظم الناس تجهل أسبابها إلا القلائل من ثاقبي النظر ولكن
من كان في ذلك الزمان " يجرؤ على الكلام " فسكت وسقط الجميع في زمن التحولات زمن الخداع !
فالسنوات التي سبقت العام 1975 - سنة بدئ الحرب - كانت تتسم بتحولات كبرى وخطيرة على مستوى
الصراع العربي الصهيوني فمنذ العام 1969 توسع العمل المسلح الفلسطيني في لبنان وقد أدى
ذلك إلى اشتباكات مسلحة بين المقاومة الفلسطينية ولم يتوقف ذلك ( مؤقتا ) إلا بعد اتفاق القاهرة
الذي كان من المفترض وحسب ما جاء في بنوده فهو ينظم الوجود المسلح الفلسطيني ويمنعه من
التمدد خارج المخيمات حسب نص الاتفاق وعلى أن يتولى فيها الفلسطينيون - بناء على طلبهم -
حماية أمنهم من مخاطر العدوان الإسرائيلي الذي كان يستبيح سماء لبنان وأرضه ...
وبقي هذا الوضع بين السلطة اللبنانية والمقاومة بين كر وفر حتى مجازر أيلول
عام 1970 في الأردن وخروج المقاومة منها لتعود إلى التجمع في سوريا ثم
تبدأ بالتسلل إلى لبنان دون أن تستطيع السلطات اللبنانية كبح جماح هذا المد المحمي
من الجماهير اللبنانية التي بدأت تنخرط ضمن التنظيمات الفلسطينية بمختلف تياراتها .
ثم نما هذا التيار إلى درجة أن السلطة اللبنانية قُيدت يداها وأصبحت عاجزة عن أي فعل
وأصبح لبنان ما بين مطرقة إسرائيل وسندان المنظمات والأحزاب .. فعلى سبيل المثال
فإن قتل مستوطنين في منطقة شمال فلسطين نتيجة تفجير لغم ، قصف الإسرائيليون بلدة
حاصبيا وقتلوا 48 مدنيا لبنانيا وجرح عددهم .. !
وأصبح هذا النمط سائدا ومنذ ذلك الوقت وكلما قام تنظيم ما ، بعملية خارجية -
على سبيل المثال - : في أيلول العام 1973 وقع هجوم في
العاصمة اليونانية أثينا على طائرة العال ( قد تكون المخابرات الصهيونية من نفذ الحادث ) فردّ العدو بإنزالٍ في مطار
بيروت ودمرّ 13 طائرة لبنانية لطيران الشرق الأوسط . وكان العدو قد قام في العاشر من نيسان من نفس العام
بإنزال آخر في منطقة فردان واغتال الشهداء كمال ناصر وكمال عدوان ومحمد يوسف النجار ...
ثم أصبح العدو الإسرائيلي يقوم بما سماه ( الضربات الوقائية )
وذلك بقصف المخيمات دون أن يستثني إي قرية من قرى الجنوب اللبناني
الأمر الذي كان يدفع بالسكان إلى الهجرة والارتحال من الجنوب نحو
الشمال ذاهبا وإيابا في رحلة معاناة ستستمر لعشرات السنين القادمة .. تلك الأوضاع . باتت تؤرق الناس وبات التذمر والنفور
يخرج من مجالسهم الخاصة إلى العلن ينتقدون فيه الانفلات والإنفلاش العسكري الذي وصل إلى كل دسكرة وقرية وزاروب
حتى داخل أحياء المدن الرئيسة كصور وصيدا وبيروت وطرابلس
حتى غدت بيروت العاصمة مطوقة بين فكيّ كماشة ..
فمن الشرق مخيمي تل الزعتر وجسر الباشا ومن الشمال على الطريق الرئيسي بين بيروت وطرابلس
مخيم الضبية ومن مدخلها الجنوبي مخيمات صبرا وشاتيلا وبرج
البراجنة الذي يقع على بوابة مطار بيروت وغدت منظمة
التحرير الفلسطينية تسيطر سيطرة تامة على جميع الأراضي اللبنانية
بإستثناء عمق المناطق المسيحية والتي لم يعد لها أي منفذ إلا البحر .! وهكذا أصبح لبنان في أوضاع غير مستقرة تماما ...
- في السادس من تشرين الأول - أكتوبر وقعت الحرب العربية الرابعة وتدخل الولايات المتحدة لوقف النار وبداية عقد الاتفاقات
الرسمية بين العرب وكيان العدو كانت بكورته أولا :
محادثات الكيلو 101 والتي أفضت الى مزيد من المحادثات فتلا ذلك
اتفاقيتي سيناء الأولى والثانية بين مصر وإسرائيل واللذان بموجبهما
سوف تستمر المفاوضات لتنتقل من مفاوضات لفصل القوات إلى مفاوضات
سياسية اتخذت طابع " السرية " وأدت بالتالي إلى زيارة
الرئيس الراحل أنور السادات المشئومة إلى مفاوضات انتهت باتفاقات
" كامب ديفيد " الشهيرة ..
وعلى الجبهة السورية كانت قد اتفاقية فصل القوات برعاية إدارتها
وزارة الخارجية الأمريكية عبر وزيرها السيئ الصيت " هنري كيسنجر
وتوقف الأمر عند ذاك الحد ولم يغامر السوريون بأن تتحول مبادرة
كيسنجر لفصل القوات الى مفاوضات سياسية وأعتبر
الأمريكيون ان ذاك الموقف كان ضد سياستهم في المنطقة حيث ذكر
في مذكراته : " أنهم سيدفعون الثمن غاليا " وعلى اثر ذلك كان قد ابتدأت مرحلة صراع جديد
كان كيسنجر نفسه قد رسم معالمه القادمة والذي كان يرتكز على أمرين :
1 - إخراج مصر من ساحة الصراع العربي الإسرائيلي
2 - تعريب الصراع ، بمعنى أن ينتقل من صراع بين النظم إلى
صراع بين الشعوب وساحة لبنان كانت هي الجبهة الرخوة التي من خلالها سيجري العمل لتحقيق ذلك !!
وإذا أردنا اختصار المشهد الداخلي في لبنان في العام 1975 فسوف نجد أن الأحزاب اللبنانية بجميع
تياراتها أصبحت " ملحقا " لفصائل المقاومة الفلسطينية باستثناء كمال جنبلاط والذي خضع في
النهاية كغيره لهيمنة منظمة التحرير . أما على صعيد " تحالف منظمة التحرير الفلسطينية "
فكانت فتح التنظيم الأكبر والأغنى فالتمويل كان يهبط عليها من رياح الأرض الأربعة إضافة
إلى هيمنتها على معظم مؤسسات منظمة التحرير خصوصا الصندوق المالي
وتلاها منظمة الصاعقة ... ولكن هذه الأخيرة وإن كانت بالحجم والفاعلية العسكرية اقوي من فتح
ألا أنها لا تتمتع بتأييد شعبي ولأسباب سياسية تتعلق بارتباطها عضويا بالنظام السوري
مع أن هذا التنظيم الأخير - أي الصاعقة - كان الأكثر تدريبا والأكثر انضباطا
وتخضع عناصره لقيادة مركزية كانت ابعد عن التركيب " الشللي " ذات الرؤوس المتعددة كفتح
مع ذلك فقد ركبته قيادة فاسدة ساهمت في تشويه سمعته وانحداره .
ثم تأتي الجبهة الشعبية وهي التنظيم الذي كان يضم أكثريته " المثقفين " القوميين العرب
الذين " تمركسوا " وامتدت تحالفاته إلى اليسار الدولي خصوصا الحركات الماركسية في اليابان
وألمانيا وايرلندا فانشقت عنهم " الجبهة الشعبية القيادة " التي أبقت على الأفكار القومية وتمتع
كادرها العسكري بخبرة قتالية عالية المستوى لعبت أدوارا مهمة على صعيد العمليات العسكرية
ضد العدو وسوف تلعب دورا عسكريا مهما في الحرب اللبنانية القادمة .
ثم انشقت " الجبهة الديمقراطية " بحجّة تبنيها ليسار اليسار ثم تأتي الجبهة العربية المرتبطة بالعراق
والتي جل عملها كان عملا مخابراتيا وجرس إعلامي لنظام العراق وممولا مهما سوف لن يبخل في
قادمات الأيام بتوزيع خيرات العراقيين على جميع الأفرقاء اللبنانيون كافّة .
اما باقي التنظيمات فكانت إما تنظيمات منشقة عن تنظيمات اكبر او بعض
تنظيمات كانت " فقّاصة " فتح أنتجتهم لأهدافها المتعددة ؛ وكان جميع هؤلاء - أحزابا لبنانية وطنية
ومنظمات فلسطينية - في تحالف " مصيري " مع النظام السوري ممرهم التمويلي والتسليحي في تلك الفترة بدأ منذ سنوات ،
وكان هذا التحالف يقف صفا واحدا ( في الظاهر على الأقل كما سوف نلاحظ ) ضد :
اتفاقات سيناء الأولى والثانية وضد الحلول المنفردة أو المرحلية كما كان يُعلن
وكانت سوريا تقف إلى جانب حركة الإصلاح الداخلي للأحزاب
الوطنية اللبنانية وتحت عنوان " البرنامج الإصلاحي المرحلي "
وتقف سوريا أيضا داعمة ومعلنة أنها " حامية للمقاومة الفلسطينية " فعمليا اتخذت عدة
إجراءات كتدخلها عسكريا في الأردن " مجازر أيلول " وفي لبنان كما سوف نرى ؛
ف الأطراف الثلاثة التي كان يطلق عليها : " تحالف الصف الوطني والقومي اللبناني الفلسطيني السوري "
هذا التحالف الذي كان يُعلن في بياناته المشتركة أن أمريكيا وإسرائيل تهدف إلى إشعال فتنة في لبنان هدفها :
1 - القضاء على الثورة الفلسطينية
2 - تقسيم لبنان وتهجير مسيحييه وتوطين اللآجئين الفلسطينيين
3 - الهاء سوريا والضغط عليها من اجل ترويضها لتقبل بالتسوية المطروحة
4 - انهاء الصراع العربي الصهيوني عبر مؤتمر دولي تحضّر له أمريكا .
أما جغرافيا فكان الانتشار العسكري للقوى المسلحة على الشكل التالي :
أحزاب اليمين اللبناني : الأحرار والكتائب تمتد سيطرتها من شمالي نهر الأولي - شمال صيدا مرورا بطريق
الساحل حتى شرقي ببيروت إلى عين المريّسة حتى الأسواق التجارية
وشرقا من منطقة الشوف - باستثناء المناطق الدرزية - حتى كسروان .. أما حزب " المردة" الذي
يرأسه طوني فرنجية فهو يسيطر على الشمال الشرقي للبنان مرورا ببعض أحياء طرابلس وزغرتا ..
وهذا التنظيم استقل عن " الجبهة اللبنانية المسيحية " عندما انعطف حلفاءه نحو العدو الإسرائيلي
فقتلوا زعيمه وأسرته مع 36 شخصا في ما عُرف بمجزرة بلدة " إهدن " .
أما جنوب لبنان فيقع بالكامل تحت سيطرة المنظمات الفلسطينية كذلك معظم مدن وقرى البقاع بأقضيته
كافة باستثناء مدينة زحلة وبعض القرى المسيحية في منطقة عكار .. أما مدينة طرابلس شمال لبنان
حتى الحدود مع سوريا فكان أيضا تحت سيطرة المنظمات الفلسطينية وحلفاءهم من اللبنانيين .
مع الإشارة هنا إلى أن الدعم الأساسي للقوى المسيحيين التي كان يُطلق عليها صفة " الانعزاليين " فكان
وبشكل علني يأتي من النظام الأردني الذي كان يُرسل السلاح في وضح النهار مدعيا أنها للحكومة اللبنانية ..
ثم تأتي بعض الحكومات العربية التي تلعب من تحت الطاولة وتسلح هذا وذاك وبحسب الأوامر من الأمريكيين
فقد كُشف مرارا حينها في الإعلام عن أسلحة وذخائر سعودية كانت تأتي لفتح والقوات اللبنانية في آن عبر
سماسرة لبنانيون يحملون الجنسية السعودية !
ثم تأتي إسرائيل كطرف أساسي داعم لتلك القوات ولكن بشكل خفي في اول الأمر .. أما النظام المصري " المُحرج "
والذي يلقى معارضة عربية شعبية واسعة تقودها سوريا ضده . فكان بدوره يدعم من كان يعادي سوريا وبجميع الأشكال كما سوف نرى !
( من يتابع أخبار لبنان منذ خمس سنوات سوف يلاحظ ودون جهد بأن الأحداث تتكرر مع نفس التنظيمات
والدول وإن حلّت إيران بدل " السوفييت " وبدت الأحداث أكثر تفصيلا )
فإلى أول العناوين
|