( أوّلُ حُبّ في حياتي ) ... الفتى السوري محمد حليمه
كان ذلك في ( البكالوريا ) ـ الثالث الثانوي ـ عندما أحبّتِ الذاتُ للمرّة الأولى بصدق..
فليس صحيحا ، ما يزعمون.. أنّ الحبّ قد يلهي المُحِبَّ ، عن واجباته... لقد أعطى ذلك الحبُّ ، الذاتَ، دفعاً للأمام، وطاقة كبيرة.. جعلتها تجتهدُ في الدراسة ، حتى أنهَتْ سنة ( البكالوريا ) حائزة ًعلى الدرجة الأولى في مدرستها آنذاك.. وليس هذا غريبا .. فالمُحبّ الأوّل هو الله ..والله طاقة هائلة ... فقط إنْ عرفنا كيف نـُحِبّ ، والأهمّ أن نخلصَ لمَنْ أحبَبْنا ...
ظلت تلك الذات هائمة ، بين الموجود ، واللاموجود ، بين الوجود والعدم ، إلى أن استقرّ بها الحال على موجود ، حلت به ـ رغما عنها ـ كما هي الحال دائما ..
ولم يبق من الموجود القديم، إلا فتات من أبيات الشعر ، تتغنى به كي لا تنسى .. فالنسيان ـ بالنسبة لتلك الذات ـ يمثل نهاية الانسان، فوجوده مرهون بتذكّره.. والتذكر ، مرهونٌ بالآثار.. وهذه القصيدة .. بقية من تلك الآثار ....
أوّلُ حُبّ في حيَاتي
هـذيْ الحـيـَاة ُوصَـالٌ بعـدَ هِـجـْرَان ِ ..... أيــنَ الـتي كـانـتْ كـُحْلا ًلأجـفـَاني
سَالـتْ دُمـوعُ العَـيْن بعـدَها مَـطـراً ..... وجَـهَّـزتْ نــارُ الــفـِراق ِأكـْـفـانـي
لا دامَ نـــورٌ بـعــدَ نــورِ عــيْـنـَيـْك ِ ..... حُيـِّيت ِيا أنـْسَاً في وَحـْشَـةِ العـَاني
يا نـسْمَـة ًحُـلـوَة ًراحَـتْ تـُدَاعِـبـُني ..... يا نَـشْـوَة ًعَـذبـَة ًفي كَـأسِ سَكـْرَان
كـنت ِالطبـيْبَ إذا جُـرْحٌ تـَنازَعَـني ..... فكـيفَ أصبَحـتِ الطبـيبَ والـجَاني
هَـلْ كـان ذنـْبي أنْ أحـبَبْـتُها حُـــبـَّا ً ..... أسْـكَـنـْته بـَـدني.. والـحُـبُّ أبـْـقـَاني
يـا ربُّ أنـزلْ غـَيثا ًسَـرْمَـديّا ًعــلى ..... حَـــرِّ الـفــؤادِ وجَـمْـره ونـيْـــرانـي
* * *
واشْـهَـدْ عـلى قـصَّةٍ شَـهْدٌ بـدَايـتـُـهـا ..... مُـــرٌّ نهـايـتـُهـا تـدعـو إلى الـطـرَبِ
رَأيْـتُ مِن شُـرفةٍ وجـهَـا ًهـوَ الـبَـدْرُ ..... قــالـتْ بـلا خـَجَـل ٍيـا دُرَّة َالــغـِـيَـبِ
فـصَادَفـتْ قـلـبَـا ًمن الهـوَى خـَالــيـاً ..... فـمَازَجَـتْ بَـدني كـالمَـاءِ في التـُّرَبِ
يَـمْحـو ظـلامَ الـلـيْـلِ نـورُ عَـيْـنـيْـها ..... كَــأنـَّهـا شُـعـْلـَة ٌلــــكـنْ بـِـلا لـَــهَـبِ
تـَحَـارُ أيـُّهُـمَا كـالـبَـحـرِ في الـشـَّبـَهِ ..... الـعَــيـْنُ أمْ خـَــدٌ كـسَـاحـَـةِ الـلـَـعِــبِ
وثـَـغـرُها خـَمْرٌ فـلـيـسَ يـُسْـكِــرُنـي ..... بَـلْ كـُلَّمَا ذقـتـُهُ شَـرَعـتُ في الـطلبِ
والنَّحلُ لمْ يَرْشِفِ الرَّحيقَ مِنْ زهرَةٍ ..... بـلْ رَاحَ يـَـرْشُـفُ خـَـدَّهــا بـِـلا أدَبِ
لـَيْلٌ هـوَ الـشَّعـرُ الـذي الـتـَفـَفـْتُ به ..... شُّـدَتْ غـَدَائـِرُهُ فـي أعْـيُـن ِالــشُّـهُـبِ
أحـبَـبتُ لـَيْلي لِـلـيل ِشَعـرِها الغَـجَريْ..... فالـشّـمسُ لـمْ تـُشـرقْ يَـوماً وَلمْ تـَؤبِ
إنْ جـِئتَ تجـرَحُـني فلـَنْ تـرَى أبَـداً ..... دَمـي سِـوى دمَها فانظرْ إلى العَجَـبِ
يا عاذليْ لا تلـُمْ إن أصْبَحَتْ شِعري ..... أو أصبَحـَتْ قــدَري ومُـنتهَـى الأرَبِ
فـإنَّ قـِـبْـلـتـَنا فــي الأرضِ وَاحِــدَة ٌ ..... وأنــت ِثـانـي الـقـِبْـلـتـيـن ِفــي حَــلـَبِ
قـدْ جَفـَّتِ الأنـهـارُ حـينَ رُؤيـَـاهــا ..... والحِـبْرُ في الـقلم ِوالوَصْفُ في الكـُتبِ
إذا نـَظـَرْتُ هـُـيـَامـَاً في لَـوَاحِـظـها ..... أصَـابَـني سَـــهْـمٌ يُـحـيي مِـنَ الـعَـطـَبِ
أهرُبْ مِنَ البَردِ وَالأحزان ِمِنْ حَوليْ ..... لأسْـتـَظـِلّ بـصَــيـْـفِ خـَــدِّها الـتـَّعــبِ
وكُـلـَّما غِـبْتُ عـنـها لـحظة ًسَـكـَبَتْ ..... لآلـِــئـَاً مِـنْ عَــيـْنـَيْـها كَـمَـا الـسُّــحُـبِ
بـَادَرْتـُها باعـْـتـذار ٍعَـلـَّهـا تـَرْضَـى ..... فـقـَدْ أطـَلـْـتُ ومَـا سَـلـَّمْــتُ مِنْ كـَـثـَبِ
* * *
ظـلـّي على الـُّلقـْيَا .. يا مُنتَهى الأمَل ِ ..... قـالـتْ بعـيْـنـَيْها نعـَمْ .. بــلا صَـخـَبِ
يا مـالـِكَـا ًقـلـبي إنـّي عـلى الــعَـهْـدِ ..... مـا عِـشْتُ أبْـقى على وَعـدي بلا كَـذِبِ
لـكـنَّ ريـحَ هـَـوَانـا لـمْ تــَشَــأ ْأبـَــداً ..... أنْ يُـشْـرقَ الــوَعْـدُ بالـُّلـقـْيَا ولـمْ تـَهِبِ
وبـَـاعَـــدَتْ بـيـنـي وبـيـنــهــا بــيْـدٌ ..... أصْــبـَـحــتُ فـــيـهـا بــــلا أمٍّ أرَى وَأبِ
ولـيسَ لـلعاشـقِ المَهْجـور ِمِنْ ألـَم ٍ..... إلا بـأنْ يُـهْـجَــرْ مِـنْ غـيــر مـا سَــبَـبِ
كـيْـفَ الـسَّلامُ على مَحبُـوبَةٍ رَحَلـَتْ ..... هـلْ في السَّـلامِ دَوَا يشفي لظَى الـّلهَـبِ
أمْ كـيفَ جـسْـمٌ بلا رُوح ٍوَلا عَـيْشٌ ..... إلاّ بــهــا لا وَلا خـَـمْـــرٌ بــــلا عـِــنـَـبِ
وكـيفَ إجلالُ الهـوَى وطـيْفُ التـي ..... هـويـتـهـا غـائـِبٌ فـي ظـلـْمَةِ الـحُـجُـبِ
رُحـمَـاكَ أبْـغـي لِـصَـبٍّ هـائـم ٍوَلِـهٍ ..... أضْـنـى الــسُّـهـادُ فــؤادَه.. وَلـمْ يـَـتـُـبِ
وغابَتِ الـشّـمسُ عـنّا عنْ كوَاكِـبها ..... ونــورُ شـمـسِـكِ لـلأكــوَان ِلــمْ يـَــغـِبِ
إنْ تـاهَـتِ الأقـمارُ عَـنْ مَـدَاركِـهـا ..... نـصّـبْـتـُهـا قــمـَــرَاً لـلغـَرْبِ والـعـَرَبِ
فـتـى سـوريـا ..
عام / 2008 /
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|