| 
	
		
		
			
			 
				
				مصير
			 
			 
			
		
		
		[align=justify]مصير 
 
       ران على الفصل الدراسي صمت ثقيل لا تشوبه سوى حركة قلم هنا أو حفيف ورقة هناك أو أزيز كرسي . تعلو بين الفينة والأخرى تنهيدة تختزل كل الأحاسيس القابعة بين الجدران الصماء . ترنو بعض العيون إلى الأستاذ المراقب . فيها نداء ورجاء واستعطاف . لكن قسمات المراقب الصارمة لا توحي بالاطمئنان وقد أخفى عينيه وراء نظارته السوداء . يبدو كجلاد يتحين الفرصة للانقضاض على فريسته . كم هو مقيت رغم أناقته .              
   ورقة الامتحان تتأمله في صمت .. في نظراتها ما يشي بالشفقة ، بل وبالسخرية والتشفي أيضا . أرقام ومعادلات تصطف كجدار يحول بينه وبين الانطلاق .. نحو تحقيق الذات والطموح . يتساءل بمرارة لم تم إدراج هذه المادة في الامتحان بينما توجهه كان أدبيا . كل النقط التي أحرزها كفيلة بجعله ينجح بتفوق . لكن خطر الصفر ظل نصب عينيه يبدو له كفوهة غار يوشك أن يبتلعه .                                                                      
      لمح زميله في الصف الأيمن وقد امتلأت مسودته بكل ما تشتهيه نفسه المتحرقة شوقا لإحراز نقطة واحدة . تلاقت النظرات . فهم الزميل نداء الاستغاثة واستعد لعملية محفوفة بالمخاطر خاصة وأن الأستاذ المراقب لا يترك شاذة ولا فذة وكأن جسده كله عيون ترصد كل حركة .                                                                                          
     الوقت يمر والصفر يتراقص أمامه مبتسما في شماتة وتشف . الأفق يبدو مسدودا قاتما. هل يجازف ويعرض زميله أيضا للخطر  ؟ 
     في لحظة ، استدار الأستاذ ليرد على تحية المدير المار أمام الفصل ويتبادل معه كلمات مقتضبه . طارت الورقة في الهواء لتنزل متهادية كأوراق الخريف وتحط على الأرض بدل الطاولة في الوقت الذي استدار فيه المراقب ليعود إلى خطواته الرتيبة كدقات الساعة الحائطية .                                                                                           
     يتوقف الرجل فيخيل إليه أن عقارب الزمن قد توقفت . خفق القلب وارتعشت الفرائص. 
شعر أن الأرض تميد به . هل هي النهاية ؟ 
    بقي المراقب مسمرا في مكانه ينظر إلى لا شيء .. هل رآها ؟.. عشر ثوان مرت كدهر، قبل أن يستدير الأستاذ وقد شرد ذهنه . 
    التقط الورقة .. وضعها أمامه ونظر إلى الأفق ، فرآه موردا ثم أجهش بالبكاء وهو يرنو إلى القامة الفارعة تصول وتجول عبر أنحاء الفصل ويهمس :                                  
- كم أحبك .    [/align] 
		
 نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
		
     |