الطعم الآخر للشكولاتة:طعم الإستغلال واستعباد الأطفال
تعتبر زراعة الكاكاو ومايرتبط بها من تصنيع للشكولاتة و تسويق وتصدير لها من القطاعات العالمية الحيوية والمربحة لدول وشركات أكثر من غيرها.
فالشكولاتة التي ترمز جودتها ومذاقها وشكلها الفاخر إلى بعض الدول كسويسرا وبلجيكا مثلا هي بالنسبة للذين بحثوا واطلعوا وتابعوا رحلتها ملذة معجونة بالألم و المعاناة الإنسانية بل أنها أفظع من ذلك وأقسى إنها وجه من وجوه الإستغلال و الإستعمار وعمالة الأطفال.
في إفريقيا الغربية يقدر عدد الأطفال العاملين في زراعة الكاكاو بالآلاف ، أطفال يعملون بمشقة بالغة مقابل أجور مزرية زهيدة و يحرمون من التمدرس ومن عيش طفولتهم بل وأنهم يصلون لدرجة الوقوع في شَرَكِ الإستعباد إذ يبقون رهائن لأرباب عملهم ولايسمح لهم بالتخلي عن أعمالهم الشاقة.
أكياس مليئة بعشرات الكيلوغرامات يحملونها ومبيدات قد تضر بصحتهم يرشونها وتعب لأيام طوال ونوم في غرف قد تفتقد لملامح الراحة والترف فقد ينام عشرة أطفال أو مايفوق في مكان ضيق على ألواح خشبية ليستأنفوا في الصباح الموالي أشغالهم .
يقاسون العذاب وينهكهم التعب ليتمتع أطفال غيرهم في نهاية المطاف بطعم الشكولاتة الحلو الشهي.
إفريقيا الغربية تنتج حوالي 70% من الكاكاو العالمي لكن الأرباح الكبرى و المغرية لا تجنيها دول متخبطة في المشاكل مثل ساحل العاج التي توصم باستعباد الصغار وعمالتهم أو غانا بل الشركات الغربية التي صنعت لنفسها اسماء اوسمعة عبر العالم وصارت معروفة لدى الخاص والعام والطفل و الكهل.
حتى سويسرا التي يعتبرها البعض الشاب النبيل لأوروبا لأنها دولة عدم إنحياز ولاتحشر نفسها في مخططات الإمبريالية أو مشاكل غيرها ، من يقتفي آثار الكاكاو يجرمها فمثلها مثل دول كثيرة غربية تدافع عن حقوق الإنسان تساهم في عملية الإستغلال و تجني ملايين الفرنكات من وراءها.
يقول البروفسور السويسري هانس فاسلر حول إستيراد سويسرا للكاكاو:'في القرن 18كان الطلب على الكاكاو كبيرا ،فقط مرونة وسهولة اقتصاد الإستعباد كانت تفي بالغرض'.ويعتبر سويسرا بذلك كولونيالية ولو جزئيا أو لوقت محدد.
الصحافي الهولندي تون فان دو كوكن Teun van de keukenذهب إلى حد تقديم شكاية ضد نفسه كمستهلك للشكولاتة وبذلك كمساهم في عبودية أطفال ساحل العاج وغيرهم ومع أن قضية الشكاية لم تؤخذ على محمل الجد إلا أنه واصل التنبيه لقضية الإستغلال تلك بطرح شكولاتة مصنعة بدون استغلال وأغلى ثمنا بالطبع.
لكن التاريخ الذي كانت حددته الشركات المصنعة للشكولاتة عالميا ومصانع الكاكاو ليكون نهاية للاستعباد وابعاد تصنيع الشكولاتة عن التهم و المعاناة ،وكان عام 2005، مر دون أن يتحقق الهدف.
المستهلكون والمنتجون تعودوا على الثمن الزهيد ،أو المناسب بالنسبة لهم ،لتناول حلواهم المفضلة و المغرية .
العالم المتحضر يسوق منتوجا آسرا بمذاقه ونكهته و يسهم في رفع اقتصاده على حساب دموع و تعاسة صغار إفريقيا و عوائلهم وكلنا نشارك في ذلك حين ننسى أن الطعم الحلو الممزوج باللوز أو البندق أو الحليب عجن قبل ذلك بدموع وأنين طفل استيقظ باكرا وعمل كالدواب ونام على الخشب حتى دون أن يسكت جوعه أو يقبل أما تتمنى له مستقبلا مشرقا.
Nassira
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|