التسجيل قائمة الأعضاء



 
القدس لنا - سننتصر
عدد مرات النقر : 137,820
عدد  مرات الظهور : 162,185,885

اهداءات نور الأدب

العودة   منتديات نور الأدب > مـرافئ الأدب > هيئة النقد الأدبي > الفعاليات والمسابقات الأدبية...
الفعاليات والمسابقات الأدبية... المسابقات الأدبية لمختلف أصناف الشعر والأدب

الإستطلاع: أرجو قراءة كل رواية على حدا والتصويت
خيارات إستطلاع
أرجو قراءة كل رواية على حدا والتصويت

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 09 / 05 / 2018, 06 : 04 AM   رقم المشاركة : [11]
هدى نورالدين الخطيب
مديرة الموقع المؤسس - إجازة في الأدب ودراسات عليا في التاريخ - القصة والمقالة والنثر، والبحث ومختلف أصناف الأدب - مهتمة بتنقيح التاريخ - ناشطة في مجال حقوق الإنسان


 الصورة الرمزية هدى نورالدين الخطيب
 





هدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: مدينة حيفا - فلسطين ( فلسطينية الأب لبنانية الأم) ولدت ونشأت في لبنان

رد: استطلاع جماهيري - الرواية - المشاركة في مسابقة نور الأدب الكبرى 2018

رغم الاعتقال
يجلس مبتهجا في سيارة مكشوفة تزينها الورود وشرائط بلاستيكية ذات ألوان قوس قزح تتجول في شوارع البلدة الضيقة ومحاطة ببنايات قديمة وأخرى جديدة, وصوت طائرة عمودية يسمع بوضوح, الأبواق ما تهدأ أبدا والنساء في حافلة كبيرة وصوت الطبل يطرب الآذان والغناء سيد الموقف, ثمة أناس على الطرقات يتوقفون لمشاهدة الموكب, قطط بجانب حاويات النفايات تلتقط بعض الطعام, وصلوا بيت العروس ترجلت عدد من النسوة في مقدمتهن امرأة ذات صوت رنان تهاهي وتطلق الزغاريد مدوية والنساء ترد عليها كوكرس في كنيسة قديس, وتكيل المدح للعروس وأهلها حتى ولجن إلى حيث العروس بثوب زفافها ومساحيق التبرج تزين وجهها الوضاء فيما تجمع الرجال على الطرق أمام المنزل وولج وجهاء القوم صالون البيت واستأذنوا في أخذ العروس وخرجت بين والدها وأخيها وصوت النساء يعلو صوت الرجال كان العريس حسن يقف بجانب السيارة وفتح بابها وأخذ بيد عروسه وأدخلها برفق وحنان ثم جلس يقود السيارة يتبعه الموكب وصوت الأبواق يزلزل المكان إلى أن وصلوا صالة الأفراح وانفصل الرجال عن النساء وحسن يمسك بيد عروسه يتقدم النساء إلى أن جلس في سدرت الصالة في لوج مرتفع براق تحيطه هالة من الأضواء المتلألئة, سعادة عمت الجميع وانتهى الحفل بسلام.
شاهدها في الجامعة بعينين حالمتين صافيتين فأدخلت في قلبه وهجا لم يعهده من قبل واستقرت تلك العينين في عقله وقلبه كمضاد حيوي, كان ذلك قبل عام في جامعة بئرزيت وشاءت الأقدار أن اجتمعا في مادة مشتركة كانا متفوقين فيها دون غيرهما من الطلبة وفي كثير من الأحيان يلتقيان عرضيا أو تخطيط من أحدهما دون شعور الآخر ليكتشفا فيما بعد أنهما خلقا لبعضهما البعض ووجد كل منهما ما يبحث عنه في الآخر وكان الحب والوئام والتفاهم بين حسن المتألق في جامعته وسوسن المتفوقة في تخصصها, كالأرض المتعطشة لماء السماء.
اطمئن والد حسن الذي ضحى بأيامه ولياليه في شقاء وتعب ليقطف ثمرتها عندما تخرج حسن بمرتبة الشرف وكانت تلك الليلة تتويجا لسعادة مؤجلة منذ سنين.
في هدأة الليل استسلمت القرية للنوم, وطغى على أجوائها السكون بعد أن زفت حسن ابن القرية الذي لمع أسمه بالتفوق في الجامعة بمرتبة الشرف, لعروسه سوسن, قبل أن ينام قال لزوجته وهو ممسك بيدها بدفء قلبه وعقله:-
الآن أنام قرير العين مطمئنا فقد وفقنا الله بهذه النسب المشرف وأرجو الله أن يرزقهما الذرية الصالحة, جال بعينيه في غرفة نومه وهو ممدا على فرشة من الصوف الطبيعي وشر شفا قطنيا خفيفا حتى وقع نظره على النافذة المطلة على الحديقة الخلفية للمنزل كان ثمة إبريق من الفخار وبعض أواني المطبخ حتى استقر بصره على البستان الوحيد الذي يملكه في مشارق البلدة, تنهد, ففيه أمضى عمره ومن خيره أنفق على أسرته وتعليم أبناءه, كان يحلم أن يحفر فيه بئر ماء يستعين به على الزراعة وغرفة صغيرة يرتاح فيها ويضع عدة العمل بعيدا عن أعين الناس.

أسلم نفسه وروحه فنام قرير العين يحلم بحياة من السعادة والرخاء, وبينما هو في عالم آخر هيئ له أنه سمع صوتا مزعجا, تململ في فراشة فهو ما زال متعبا من الليلة الماضية ليلة العرس وكأن في جسمه خدر, لكن عندما اقترب الضجيج سمع صوت مزلزلا أفاق فزعا فثم سيارات وأقدام تقترب قفز من سريره وأطل من النافذة فرأى ناقلات الجند تطوق منزله وعدد كبير منهم يحملون رشاشاتهم يصوبونها نحو المنزل من كل اتجاه دق قلبه قبل عقله ووثب مسرعا إلى شقة حسن وكل أمله أن العروسان في أمان.
في الجانب الآخر من المدينة على طريق المستعمرة التي تطبق على أنفاس القرية بعد أن جثمت على أرضها التي استولت عليها عنوة, قبل ساعة انفجرت عبوة ناسفة من صنع محلي في سيارة احد المستوطنين المهمين والعالي القدر عند اليهود, كانت السيارة عائدة من رحاب القدس بعد أن دنس ركابها أرض الأقصى المبارك باقتحامهم لحرمته بحماية عسكرية وأقاموا هناك مشاعر تلمودية من رقص وغناء, كانوا يرقصون أشبه بالغجر في أوروبا وهكذا كانوا يقتحمون المسجد كلما رغبوا في ذلك وكما هو سائد في كل مرة.
هكذا تبدل السكون لعاصفة شديدة هوجاء واقتحم رتل عسكري القرية من ثلاثة محاور متجهين صوب منزل حسن فترجل عشرة عسكريين مدججين بالسلاح كأنهم قطعان هائجة هاربة من قسورة فاقتحموه وعاثوا فيه الفساد وقلبوه رأس على عقب مدمرين محتوياته وألقوا القبض على حسن وكبلوه بالأغلال وانهالوا عليه ضربا ورفسا وشتما وكلاما مفهوم وغير مفهوم وحاولت سوسن الدفاع عن عريسها فلطموا وجهها الملائكي الغض فأدموه وغيروا ملامحه وتكورت في زاوية الغرفة ترتجف كعصفور بلله القطر, أدخلوا رأسه في كيس أسود وألقوا حسن في غياهب سيارة مصفحة وغادروا البلدة إلى وكرهم الأسود.
منع والد حسن من الاقتراب وكانت فوهات البنادق مصوبة نحوه فيما كان قلبه يعتصر ألما وحقدا وهو ير فلذة كبده يسلب أبسط حقوقه ويركل ويضرب أمام عينيه ولا حول له ولا قوة, الأهالي يراقبون من نوافذ منازلهم بقلوب حزينة تتألم وانسحبت السيارات من القرية مسرعة في حين انهالت الحجارة عليها من كل صوب وحدب, كان الشباب فةق السطوح وخلف الأسوار ينتظرون ساعة مرورها من هناك.
تجمع الأهالي حول بيت حسن وتبدل ليل القرية من فرح وسعادة إلى حزن وكآبة وزاد من سواد ليلها ألما وجرحا غائرا في قلب سوسن ومن حولها, الجميع يواسيها ويؤكدوا للعروس أنها غيمة صيف عما قليل تنجلي ويعود لها عريسها وحبيبها وتعيش معه أجمل أيام حياتها, شبابنا مشاريع شهادة وتضحية, قال أحد الجيران, أين الجيوش العربية, لا أعلم ماذا تفعل, ولماذا ينفق مليارات الدولارات على السلاح, قال آخر, للبيت رب يحميه قال شيخ القرية, فيما قالت عجوزا ما يحرث الأرض إلا عجولها.


لكن عائشة أم حسن وبالرغم من حزنها الشديد على ابنها ومصيره المجهول تحاول التخفيف عن زوجها, توكل على الله يا أبا حسن, هذه ليست المرة الأولى وسيعود قريبا, تعودنا على هذه الأفلام المحروقة.
- ليتها كذلك يا أم حسن, سمعت أن قنبلة دمرت سيارة مستوطن وقتلته, يقولون أنه حاخام كبير, سيتهمون حسن بقتله بلا شك.
- لا دليل لديهم, وحسن كما تعلم ليس له من الأمر شيء كان مشغولا في ترتيب الزفاف.
- آه يا أم حسن, لا يعرفون إلا الذي في وجههم, حتى يدلهم على الفاعل أو يقبضوا عليه.
- الصغار يتصارخون, سوسن كمن فقد عقله تكومت في سريرها والنسوة حولها, كان صياح الديك يعلو كل حين ونهيق الحمير وعواء الكلاب, قطع صوت نهيق حمارا حوارهم, هذا قد وصل درويشد, دق جرس الباب, درويش يعمل مع والد حسن في الأرض, لم يعرف ما حدث بعد الزفاف, جلس يذرف الدموع إذ كان يحب حسن كولده, اذهب يا درويش لوحدك اليوم وانتبه لنفسك, أنارت أشعة الشمس طرقات البلدة, وهم والد حسن الذهاب إلى مركز الارتباط الذي ينسق ما بين الفلسطينيون والجهات العسكرية والأمنية للاحتلال, ليعلم أين يجد حسن.
انطلقت السيارات ودوي صوتها وعربدة ركابها يصم الآذان فيما على صوت الله أكبر من مآذن القرية معلنا وقت الفجر, نصف ساعة كانت دهرا على حسن وهو مكبل في ظلمات ثلاث, حتى وقف الموكب واقتادوه متحولقين حوله كالأسوار إلى دهاليز في عمق البناء الكبير المحصن من كل الاتجاهات ومن الداخل والخارج, يفتح باب ويغلق آخر حتى أجلسوه علي كرسي وأوثقوه بقوة حيث ربطوا يديه خلف الكرسي وأخرجوا رأسه من الكيس فغم عليه للحظات حتى عرف أين هو, فقد سبق له أن اعتقل لأيام وكان يخرج بريئا كل مرة, لكن المرات السابقة كان يتلقى تبليغا من المخابرات لمراجعتها أما اليوم وقد جلب في مراسم عسكرية مهيبة فالأمر خطير بلا شك, ساعتان من التحقيق والأسئلة والشتم ثم أخذوه وألقوه في زنزانة ذات رائحة قاتلة. كانت حالته النفسية محطمة تماما, من فراش الزوجة ومن بين أحضان عروسه إلى صندوق إسمنتي لا يصلح حتى للحيوانات,من بين يدي عروسه الناعمات إلى بساطير تدوسه كالحشرات, كان يتألم, الألم يخز كل ذرة في جسمه, ألمه النفسي كان أفضع وأقسى وأمر, يا لها من ليلة زفاف, قالوا عنها ليلة العمر, لكنها تعادل قسوة العمر كله, رفع بصره نحو السقف دمعته الحارة تكاد تحرق وجنتيه, أوكل أمره لله.
في الصباح اقتادوه بعد أن وضعوا عصابة على عينيه ليجد نفسه من جديد في ساحة فسيحة بين أربع من المحققين, اخلع ملابسك... نظر إليهم مستغربا فبادره أحدهم بلطمه على وجهه.... ألم تسمع يا حيوان, إخلع جميع ملابسك... بدأ يفك أزره قميص البيجاما ببطء وخوف فهجم عليه المحققون بتمزيقها وانهالوا عليه ضربا بالأيدي والأحذية الثقيلة في كل مكان من جسمه, كان يصرخ من شدة الألم, أصبح عاريا تماما, وقع أرضا وهم يركلونه بالأقدام بكل قوة, تغيرت ملامحه, تصبغ جسده, فقد الوعي.
قام فزعا في صباح اليوم التالي على مياه شديدة البرودة موجهة نحو رأسه بقوة, ما زال عاريا, توقف الماء, حاول ارتداء ملابسه, تفاجأ بمياه ساخنة جدا تضربه بقوة, وقع أرضا, أغلقت الزنزانة عليه, الظلام حالك تحسس المكان, وجد ثيابه لبسها لا يعرف كيف, عرف أنهم سيدخلون عليه في أي لحظة, كان كخروف ينتظر الذبح.
لا يعرف كيف أغمض عينيه وأصابته سنة من النوم تلك الليلة العجفاء, تحسس مواضع الكدمات التي ما زالت تحرق بقوة, تنهد وتوقع أن يأتي إليه أحدهم بالإفطار, كان بحاجة ماسة للقمة تسد رمقه وتسكت أمعاءه التي تتعارك, فتح باب الزنزانة بعنف, فتكور على نفسه, هجموا عليه, اقتادوه موثق القدمين واليدين بعد أن وضعوا رأسه في كيس أسود, أجلسوه على كرسي وشدوا يديه إلى خلف الكرسي وربطوهما بقوة نزع أحدهم الكيس من فوق رأسه... وجد نفسه أمام رجل بدين قصير ذو أنف أفطس وعيون زرقاء صغيرة, هو يعرف أنه قابله مررا ربما في هذه الغرفة بالذات, كان تحقيقا وجيزا وأسئلة محددة ثم إفراج, قال متمتما, هل تكون هذه علامة خير وجوده مع هذا الأفطس, اقترب منه المحقق كثيرا, توقع أنه سيسأله عن أمر ما, سبق أن قام بتلك الحركة من قبل, لكنه تلقى صفعه قوية, لف حوله نفسه مرات ومرات, وكان ثمة مجندة جميلة تبتسم تجلس على المكتب ومجند آخر يقف قرب الباب ويده على الزناد, قال له الرجل البدين: توقيت جيد, لئلا يشك بك أحد اخترت ليلة عرسك فنفذت العملية الحقيرة فقتلت إسرائيلي كبير وهو عائد من الصلاة من أورشليم, ما ذنبهم؟ لماذا تقتل الأبرياء, حذرتك مرارا وتكرارا قبل اليوم, ومن هذه الغرفة بالتحديد, للعلم القينا القبض على شركائك واعترفوا بجريمتهم, المؤبد يا شاطر, لن تحلم بالعودة إلى عش الزوجية, ماذا تقول؟ بماذا ستجيب.
كان وضعه الصحي والنفسي متعب للغاية, لكنه يعلم أن هذا ما يريده المحققين من المعتقلين أن ينهاروا نفسيا, تشجع بعد أن تململ على كرسيه الموثق إليه بقوة ليعدل من جلسته ويعطي المحقق انطباعا بقوة شخصيته وبصدق كلامه:-
-لا أعرف عما تتكلم, أنا لم أخرج من القرية منذ أمس, أن مشغول بحفل زفافي, أنت قبضت على الرجل الخطأ بالتأكيد.
-أسمع يا شاطر, أنت مراقب منذ سنوات ونعرف كل تحركاتك, اعترافك سيخفف عنك كثيرا!
- بماذا أعترف؟ أنا لم أعمل شيئا لأعترف به.
كان المحقق يقف خلفه فأمسك برأسه وعصره بيديه بقوة وهو يصرخ عليه قاتل ....مجرم ..... ستدفع الثمن غاليا.... ستخسر حياتك كلها ..... ستعيش خلف القضبان ما حييت.
خرج المحقق, وضع المجند رأسه في الكيس وأخذوه إلى زنزانة حقيرة صغيرة متر ونصف لكل ضلع بها سطل قذر وفرشة ذات رائحة كريهة بها فتحة صغيرة في أعلى السقف, رمى بنفسه على الفرشة محبطا في ظلمات ثلاث.
لم يحن النوم عليه تلك الليلة البهماء, ما الذي حصل؟
لماذا أنا هنا في هذا القبر وأنا ما زلت على قيد الحياة؟
يا الله بداية سعادتي وهنائي تنقلب في لحظة لجحيم!
ما ذنب عروستي التي كانت تحلم أن نعيش في الجنة حياة ملئها السعادة والفرح لينقلب عليها كابوسا مرعبا من ليلتها الأولى التي يفترض أنها ليلة العمر!
هل أخطأت حقا أن درست الكيمياء؟ هل ذنبي أن الله خلقني عبقري؟
كل ما حدث أمر لهم هؤلاء الأنجاس النكرة يتهموني به.
ربما أعمى الله عيونهم عن ذلك البطل الذي أرعبهم ليبقى طليق يكيل لهم الصاع صاعين, إن كان ذلك قدري وأن أكون كبش فداء لهذا البطل فلا يضيرني شيئا أبدا!
ستكون ككل مرة وأخرج قريبا بإذن الله, سأقبل بالوظيفة التي عرضها علي صديقي أحمد في الإمارات فور خروجي فطالما شجعتني سوسن على ذلك وسيكون من دواعي سرورها هذا الخبر, سأعوضها عن هذه الليلة بعون الله, وسيتحقق حلمنا بإنجاب ولي العهد ياسر, سيحمل جيناتنا الوراثية بلا شك خاصة الذكاء, نعم سيكون عبقريا وسأهيئ له كل أسباب السعادة والنجاح, أريد أن يكون عالما يفيد الأمة, وغلبه النعاس وهو يخطط للمستقبل بكل أمل وثقة.
كانت حالة سوسن منهارة تماما فبعد انتهاء الهجوم وتجمع الأهل حولها كانت في عالم آخر, أصابتها حالة هستيرية أفقدتها وعيها, عاشت لحظات من القهر والألم لم يسبق لها أن خبرتها من قبل, ابن خالتي ألقوا القبض عليه قبل شهر في القرية المجاورة, ضربوه وعذبوه وحققوا معه ثلاثة أيام لكنهم أطلقوا صراحة, قالت امرأة من الجارات المقربات, يحدث كثيرا ذلك لينكدوا على الشباب من باب التخويف لئلا يقوموا بأعمال ضدهم, قالت الجدة الطاعنة بالسن, كانت حكيمة ويسمع لها الجميع, أم حسن التي تحتضن سوسن وتمسد على شعرها وتقبل رأسها قالت صدقت يا عمة, لكن حسن يعرف طرقهم الخبيثة, هذه ليست المرة الأولى, والله أعلم سيكون بيننا خلال يومين أو ثلاثة, قلت لكم ثلاثة أيام ويعود قالت الجارة.
خرجت البنت الكبرى ذات الثلاثة عشر ربيعا تحمل وعاءا بلاستيكيا, هات قد حلبت العنزات يا أمي, صاح الولد الصغير, أريد حليبا أنا جائع.
عند بزوغ الشمس ذهب والد حسن إلى مقر الارتباط ليقف على حقيقة اعتقال ولده, كان الخبر قد وصلهم من قبل وهناك اتصالات جرت مع مقر الحاكم العسكري إلا أنه لم يسمح لأحد بزيارته, ولم يعطوا أي معلومات عنه.
---------








لم يكن يعلم حسن أن دراسته في جامعة بيرزت التي تخرج منها بمرتبة الشرف من كلية العلوم ــ تخصص كيمياء ـــ سيكون وبالا عليه.
هذا الشاب ذا البشرة الحنطية بوجهه الوضاء وشعره الكستنائي وعينين عسليتين وجسم رياضي رشيق جميل الخلق حسن العشرة حاد الذكاء كان إثناء دراسته محط أنظار مدرسيه وأصدقاءه, لم تبرح حالة والده المتعب وهو يعمل في الأرض جل وقته يذهب صباحا مبكرا ويعود مساءا متكدرا أعياه التعب وألهبت الشمس وجهه وكسا تراب الأرض ملابسه لتحصيل لقمة العيش محاولا إبعاد شبح الفقر الذي لازمه عن أبناءه بتعليمهم في الجامعات, تلك الصورة أدمت قلبه الصغير وفكره المشتعل ليل نهار بالرغم أن الكثير من القرية هذا حالهم.
كان يعلم أن المخابرات الإسرائيلية كانت تراقبه والمتفوقين في الجامعات خاصة هذا التخصص لما له من علاقة مباشرة في الصناعات التي يستخدمها الفلسطينيون ضد الاحتلال, عمل في سنته الثالثة في مصنع للصناعات الدوائية في رام الله, تعرض للاعتقال مرات عدة والسجن لأيام متفاوتة, بعد عام خطب سوسن الطالبة بنفس الجامعة بتخصص برمجة الحاسوب بعد تخرجها بمرتبة الشرف أيضا.
بعد أيام من المعاناة والألم والانتظار استلم والد حسن كتابا من المخابرات بهدم بيته, هذا متوقع هدم الله عروشهم! أرسل ابنه الصغير لبيت عمه فحضر في العال وأخبره بأن منزلهم سيهدم, تنهد الأخ وقال لا عليك وكان معه ابنه الكبير قال له أحضر الشباب لينقلوا أثاث بيت عمك لبيتنا, أبقوا على بضع فرشات وأغطية والغاز وبعض أواني المطبخ.
في لحظة خروج الناس من صلاة الفجر اقتحمت قوة عسكرية كبيرة البلدة وقامت بتطويق المكان وطلبوا من العائلة مغادرة المنزل فهب الجميع لنقل ما تبقى من الأثاث بعيدا عن المنزل ودخل جنود الاحتلال وقاموا تفخيخ المنزل بالعبوات الناسفة وأبعدوا الناس عنه وفجروه ثم انسحبت, كان شباب الانتفاضة كالعادة ينتظرون خروجهم فانهالوا عليهم بالحجارة من كل حدب وصوب, كان يسمع أصوات قنابل الغاز والرصاص بوضوح, جلس والد حسن وزوجته على ركام المنزل والجميع يتحسبون ويكبرون, البلدة التي يسكنها مسلمون ونصارى يعيشون كأسرة واحدة, كان شيخ القرية يلقي كلمة ويذكر الناس بما آل إليه حال المسلمون في مكة عندما اخرجوا منها إلى شعب أبا طالب وصادروا ممتلكاتهم وكان والرسول صل الله عليه وسلم بينهم, كان راعي الكنيسة في جمع من أتباعه قادمون ويعلوا وجوههم الحزن, لا تهتم يا أبا حسن فهذا حالنا كفلسطينيين نحن كبش فداء عن هذه الأمة وما لنا إلا رب عيسى ومحمد يقف معنا, وتابع, يا شيخنا يدنا في يدكم لنبدأ من اليوم في إعادة بناء بيت أبا حسن فنحن في خندق واحد.
-صدقت يا أخي نشكركم على هذه المبادرة التي تقوي روابط المودة والمحبة بيننا.
قدموا كل المساعدة لعائلة والد حسن وتعاونوا على إعادة بناء البيت وتأثيثه بأفضل مما كان عليه سابقا, لم يقدم حسن للمحاكمة فترة طويلة وهم يمارسون معه أكثر الأساليب وحشية وإرهابية ونفسية خلال التحقيق اليومي معه وهو في زنزانته التي أضحت عالمه كله.
شهور من التعذيب والتهديد والمعاناة النفسية والتحقيق مع الزوجة والأب ونقله من مكان لآخر لزيادة العبء على الوالد المسكين سمحوا لزوجته بزيارته من وراء شبك في المسكوبية بالقدس لدقائق معدودة على آمل أن تقنعه بالاعتراف ليستريح من العذاب والمعاناة على حد قولهم ووعدوه أن يعيدوه إلى رام الله ليكون بالقرب وأن يسمحوا لعائلته بالزيارة كل أسبوعين مرة دون تعقيد, لكنهم كانوا يعتقدون أن لقاءه بزوجته سينشط هروماناته الذكورية فيرغب بها وتغلب عاطفته عقله فيبوح بما عنده من أسرار وتنتهي لعبة القط والفأر ويخرج المحققون منتصرين.
اطمئن حسن على زوجته وأهل بيته وأخبر سوسن أنه بريء ولم يفعل شيئا, وقال أنا أعلم أنهم يراقبوني ويعرفون كل شيء عني ومن غير المعقول أن أقوم بعمل ويكون مصيري في السجن.
-لا عليك سيكتشفون أنك بريء وتعود لنا إن شاء الله, المهم لا تضعف وكن قويا, الله معك ونحن معك.
أعادوه لكن إلى زنزانة رحبة فسيحة بها تهوية جيدة ومقعد حمام وفرشة لا بأس بها كبادرة حسن نية عله يعاود نشاطه الذهني وحبه الأزلي لزوجته عله يفكر بالحرية والعودة لأحضان العائلة, كان حسن في حالة ذهنية غير مستقره وساعات من التحقيق الذي أرهقه فوجد أن الساعة سانحة لنوم هني فأسلم جسده للفراش وروحه لخالقها وغاب في عالم آخر.
أفاق على صوت فتح باب الزنزانة وأدخلوا عليه شابا منهك القوى فوق حاجبه الأيسر جرح قد تعافى شعره أجعد كأنه عائد من ورشة بناء, ألقى السلام وجلس لم ينبس ببنت شفه ثم أسلم نفسه للنوم, تأمله حسن كثيرا وفكر فيه أكثر وقلب الأمر في رأسه مرات ومرات ما عساه يكون أمظلوم مثلي أم أنه بطل نفذ عملية ووصلوا إليه أم أنه عصفور جاء يلتقط الأخبار.
تململ الزميل الجديد ونهض يفرك عينينه ثم نظر لحسن نظرة استغراب كأنه في حلم, وسأل, كم مر من الوقت وأنا نائم؟
- ساعتين يا صديقي.
- لست صديقك وليس لي في الدنيا من أصدقاء.
- يبدو أنك متشائم جدا, كن مع الله ولا تبالي, أنا أسمي حسن.
تأمله طويلا ثم بكى بألم.
-إنه ممثل بارع بلا شك, سأنتظره حتى يتكلم لوحده وأنظر ما وراءه. تركه واستقبل القبلة وأخذ يصلي بكل خشوع وفي الركعة الأخيرة رفع يداه للسماء مناجيا ربه سبحانه.
-بالمناسبة أنا اسمي سامي.
نظر له حسن بابتسامة مبهمة, أخيرا تكلمت!
- وأنا اسمي حسن.
-تشرفنا, أعتذر عن فضاضتي معك, لا تلمني لم أعد أثق بأحد في هذا العالم.
- ما زال في الدنيا الخير فلا تكن متشائما كثيرا, لا ألومك بالطبع فالحذر مطلوب.
تكلما في مواضيع جانبية بعيدة عن الاعتقال والسياسة, وكان الحذر سيد الموفق, فتح باب الزنزانة من جديد وضعوا القيود في يدي وقدمي حسن وكمموه واقتادوه إلى أن وجد نفسه أمام محقق طويل أشقر نحيف ومجندة شقراء قصيرة كأنها روسية, أجلسوه على الكرسي وأوثقوا يديه خلف الكرسي, شاهد شاشة عرض صغيرة على الطاولة.
افتحي الجهاز لير هذا المغفل أننا نراقب الجميع دون استثناء للمحافظة على أمن إسرائيل ومواطنيها.
فتحت المجندة وأضاءت الشاشة.
-أنظر إلى نفسك وأنت تسلم الصندوق وبه القنبلة, بالمناسبة هذا الشخص الذي أعترف عنك وأخبرنا القصة كلها.
اندهش حسن, - نعم هذا أنا يا لهم من ماكرين.
-أنا لا أنكر ذلك.
-عظيم إذا تعترف بجريمتك؟
- لا, لم أقل ذلك, كنت أسلم الرجل طلبية من الدواء, أنا أعمل في شركة لصناعة الدواء واتصل بي سمير وهو صاحب صيدلية في القرية المجاورة وطلب أن أحضر طلبيته وأن نلتقي في هذا المكان.
ما زلت عنيدا وتكابر, تابع الفلم, هنا صديقك سمير يسلم الصندوق لشخص آخر وهو الذي ألقى القنبلة على سيارة الضحايا, نفس الصندوق تأمله جيدا, هل تريد مزيدا من التفاصيل, حسنا, اشترى الأخير سيارة إسرائيلية مسروقة وتلقى اتصالا من آخر بأن الحاخام مئيري في الطريق, شاهده وهو يسير بجانبه بخبث ومكر, اعتقد الحاخام أنه إسرائيلي ففتح النافذة ليلقي التحية فألقى القنبلة داخل السيارة فانفجرت وقتلت الجميع.
كان حسن في قرارة نفسه سعيدا جدا, يعلم جيدا أن هذا الحاخام يحرض على قتل الفلسطينيون ويؤلب المستوطنين للحقد وكراهية العرب, وتذكر قبل شهور عندما قاد الحاخام مجموعة من المستوطنين واستولوا على أراضي القرية المجاورة وأرعبوا سكانها بإطلاق النار عليهم فقتل مواطن وجرح الكثيرين, فكر حسن لما لا أعترف وأنهي هذا العذاب وليحكموا علي ما يشاءون, لما لا يبقى هذا البطل الذي نفذ العملية طليقا ليتصدى لأمثال الحاخام و كل الحاقدين على الفلسطينيون والمعادين للسلام, رفع رأسه وقال, لكنه أرجه ذلك لوقت آخر لعل الله سبحانه يخرجه سالما.
---------
كان - الخواجا داوود يهودي فرنسي - محبوب لدى الفلسطينيون الذين تعاملوا معه, يسكن في الجانب الغربي من القدس المحتلة عام 48 فكان يشفق عليهم ويساعدهم في الحصول على عمل ويواسي أتراحهم ويزور مريضهم وكان يتجسس أخبارهم من المقربين ويسأل عن أحوالهم باستمرار, علم بأمر حسن وعرف حالة والده الضنكة وأحواله المعيشية الصعبة وعرف أن له أخ أسمه ناصر يعمل يوما ويتعطل آخر فأرسل إليه عن طريق شاب من أهل بلدته ليخبره أن له عمل عنده, وجد ناصر في داوود ما لا يعهده عند الآخرين من الخواجات, فأعطاه راتبا كبيرا وكان يدعمه في المناسبات والأعياد ويغدق عليه في الهدايا والعطايا.

----------
فتحي شريك حسن في الغرفة, كل منهم يتعامل مع الآخر بحذر شديد, بعد الحكم على حسن كانت سوسن والعائلة تزوره في السجن كلما سمحت لهم السلطات الإسرائيلية بذلك. يلتقي الزوجين العروسان في جو من الألم والحزن لكن بمعنويات عالية جدا وبثقة نفس.
هذه المرة الثالثة التي يقبضون علي ويزوجوني في السجن قال فتحي.
-وكيف كنت تخرج؟
-أعرف محاميا يهوديا أصله من مصر يحب المال, لكنه صادق وشاطر, أن أردت أعطيتك رقم هاتفه, يسكن في مستعمرة أفرات, ويحب العرب كثيرا, لهذا يساعدهم.
-أشكرك يا أخي, لكن كلهم هدفهم واحد ولا يمكن أن يساعدونا على حساب أمنهم.
-صدقت, لكنك بريء هو يثبت الحقيقة يأخذ المال وتعود لأهلك.
إذا أعطني رقمه لعل الفرج على يديه.
كان حلم حسن إنجاب ولد يحمل اسمه ويملأ البيت عليه سعادة من المرأة التي أحبها وأحبته, لكن حسن لم يقنط من رحمة الله سبحانه, وطالما حدث صديقه فتحي عن ذلك الحلم وقال له لا تستغرب إن قلت لك أن هذا الحلم قاب قوسين أو أدنى, فيسأله فتحي كيف لك ذلك وأنت تقبع في هذا السجن اللعين, فيجيب ألا يخطر ببالك أنه ربما خرجت من هنا في أقرب وقت, لا أعتقد ذلك, فأنت محكوم عليك بالسجن مدى الحياة يا صديقي, فيرد عليه, ربما حدث تبادل للأسرى ما يدريك, أو ربما هداني الله لطريف أخرى, ألم تسمع بالتواصل الروحي, لكن هذا الأمر بحاجة لتواصل جسدي, أليس كذلك, على كل حال إن غدا لناظره لقريب.
حسن تعلم أن لا يثق بأحد مطلقا ثقة عمياء وأن يكون حذرا من الجميع كلام حسن أدهش فتحي وهو يعلم أنه قابع في السجن المؤبد, فتمتم ربما هذا الرجل مجنون أو يعيش في الأحلام.
والد حسن يتألم وهو ير حسن وسوسن متشابك الأيادي ونظرات حيرى على وجوههما, وكانت العيون أكثر كلاما وهي ترسل رسالات مشفرة للقلوب لا أحد يعرفها غيرهما, استأذنت سوسن وغادرت السجن مسرعة,
انتهت الزيارة, بالرغم من الألم المصاحب لها إلا أنها تريح النفس ويطمئن القلب للمشاهدة والحديث, حسن في زنزانته يراقب الساعة بحذر, فتحي مندهش فلم ير حسن من قبل بهذا التوتر, لكنه آثر ألا يسأل, لو أنصت فتحي جيدا لسمع دقات قلب حسن فصدره كمن كان في سباق, مضت ست ساعات على الزيارة, انفجر حسن ضاحكا سعيدا دامع العين وقام يؤدي رقصة الهنود الحمر مما أثار حفيظة فتحي فسأله عن سر سعادته , فقال له : ـ سيتحقق حلمي يا صديقي بعد تسع أشهر من الآن, سأرزق بولد وسأسميه ياسر تيمنا بالرئيس الفلسطيني أبو ياسر.
حملق فتحي وبدت نواجذه وتغير لونه وأخذ يتلوى ويصيح أريد قضاء حاجتي فجاء أحد الحراس وعنفه وشتمه ثم فتح له باب الزنزانة واقتاده إلى الحمام وأغلق الباب خلفه, خرج فتحي مسرعا مندهشا ومذهول مما سمع من حسن, ضحك حسن, عرفت أنك عصفور من اليوم الأول, يا لكم من أغبياء, المخابرات الإسرائيلية تتجسس علي حتى في السجن, أعطيتكم ما تريدون, والآن سأحصل على ما أريد.
ذهب والد حسن للمحامي اليهودي المصري ووكله في القضية, زار حسن واستمع منه وسأله ودون ملاحظاته في دفتره, ووعده بالإفراج.
رن هاتف ضابط المخابرات المشرف على ملف حسن.
ـ الو, نعم.
ـ تكلم حسن وقال كلاما غريبا وأخبرني بأنه سيرزق بطفل بعد تسعة شهور وأنه سيطلق عليه أسم ياسر, قال ذلك وكان سعيد جدا ويرقص طربا.
ـ هل زارته زوجته اليوم؟
ـ نعم , كانت برفقة والديه كالعادة.
ـ هل اختلى بها.
ـ لا, لا بالطبع.
فكر الضابط بعمق وغضب ثم اتصل بمساعده.
ـ أرسل أربع سيارة محملة بالجند إلى قرية حسن .... أحضروا زوجته بالحال.
ــ حالا سيدي.
داهمت السيارات البلدة وطوقت بيت والد حسن وأخرى بيت والد سوسن, بحثوا عنها ولم يجدوا لها أثرا. ثم انتقل البحث لكل قريب أو صديق لها أو لحسن دون جدوى, اتصلت الدورية بالضابط وأخبرته ـ بشؤم ـ عن عدم العثور عليها.
جن جنون الضابط واتصل على الفور بجسر الملك حسين.
ـ مرحبا, أرجوك ابحث عن المغادرين لهذا اليوم , هل غادرت امرأة اسمها سوسن إلى الأردن وأعطاه الاسم كاملا؟
ـ حالا, لحظة من فضلك!
نعم غادرت قبل سبع ساعات.
ـ شكرا لك.
اتصل الضابط بمساعده وطلب منه الحضور لمكتبه.
ـ أريد منك دراسة عاجلة ووافية عن كل من تربطه علاقة بحسن في الأردن مع العناوين, أرسل فرقة كاملة للبحث عن سوسن في كل مكان, أخبرهم أن يراقبوا الجميع بحذر تام, لا أريد مشاكل مع الأردنيين.
ـ حاضر سيدي.
ـ عليك أن تفهم أن حسن استطاع تهريب منيه مع زوجته, هي الآن تخضع لعملية زراعه, يبدوا أنهم رتبوا للأمر بعناية تامة منذ زمن, نحن نائمون, كان حسن أذكى منا جميعا, لما لم تخطر لي هذه الفكرة من قبل, فقد أخبرنا حسن أنه يسعى لإنجاب طفل بمعجزة, كان يتمتم - عليكم مراقبة المستشفيات وأطباء الاختصاص.
ـ حاضر سيدي.
اتصل المساعد بعناصر مخابراته بالأردن وأرسل لهم صورة سوسن وطلب منهم البحث عنها بانتظار وصول فرقة مدربه خاصة بالأمر.
اعتقلت السلطات الإسرائيلية والد حسن وحققت معه.
ـ أين سوسن زوجة حسن؟
صمت والد حسن وهو ساهم النظرات كان يعيد تلك اللحظة مشهد زفاف ابنه وبدت على شفتيه ابتسامة رقيقة, أيقضه من سرحانه ضرب الطاولة بعنف من المحقق, أين سوسن زوجة حسن؟ قالها بغضب.
ـ لا أعلم.
كنت معها اليوم عند زيارتك لحسن!
ـ نعم.
ـ فكيف لا تعلم, أين هي؟
ـ غادرت مبكرة ونحن بالسجن, أخبرتنا أنها ستذهب إلى السوق لتشتري لها ملابس, فيما عدنا للبيت.
ـ لا بد أنها أخبرتكم إلى أين ستذهب؟
ـ لا لم تخبرنا, انتظرناها في البيت وعندما شعرنا أنها تأخرت اتصلت بوالدها ظنا منا أنها ذهبت إليهم, لكن والدها تفاجأ تماما وحضر لبيتنا يتساءل أين ذهبت, اتصلنا بصديقاتها ومعارفنا فلم نعرف عنها شيئا, فأخبرنا الشرطة الفلسطينية بذلك.
ـ هل أخبرتك أنها ستغادر إلى الأردن.
ـ لا, ماذا ستفعل في الأردن؟
كان يراقبها من السجن ويتخيل أنها تجلس معززة مكرمة في بيت صديق حسن, ذلك الصديق الذي التقيا معا في تبادل للجامعات للطلاب المميزين.
ـ ماذا أعطاها حسن في السجن.
ـ لا شيء.
ـ هل أنت متأكد؟
ـ نعم فنحن جلسنا جميعا في مكان واحد.
ـ الم تلاحظ أن هناك سرا أو شيئا غير طبيعي حدث بينهما.
ـ لا أبدا, كل ما في الأمر أنهما كانا يضعان أيديهما مع بعض, ثم تناول شنطتها وأخرج منه منديلا, مسح به عرقه ثم أعاده.
يتمتم الضابط ـــ عرقه أيها المغفل ــ
ـ ماذا يوجد في المنديل؟
ـ لا شيء كان فارغا.
كان صادقا فهو لا يعرف شيئا عن الخطة.
ـ هل سمعتم حسن وسوسن يخططان لإنجاب طفل.
ضحك الأب متنهدا بحزن. قال متمتما حسبنا الله ونعم الوكيل.
ـ هذا حلمنا جميعا, لكن يبدوا أنه لن يتحقق وأنتم تسجنونه بلا ذنب.
لقد اعترف بجريمته, -تمتم الضابط , سيكون لك حفيد أيها الجد, لكنني لن أسمح لذلك أن يحدث, وان حصل سأتولى أمره بنفسي ولن أسمح لك بتربيته أو معرفة شكله.
كان المحامي يبتز والد حسن في كل زيارة, لكن حسن عرف أنه يريد معرفة أسراره ونقلها للمحققين, كانت كل أسئلته حول العملية ويقول له إن اعترافك سيخفف عنك الكثير وتعاونك مع المحققين في صالحك.
تعرض حسن للكثير من المعاناة في كل مرة يحقق منه, وعرف أنهم لا يرتاح إلا إذا اعترف لهم فسيحكمون عليه وتنتهي التحقيقات والضرب المبرح, فقرر أن يبرم اتفاقا مع المحامي.
-أرجو أنك فكرت مليا فيما قلته لك!
-نعم, لكن علينا أن نتفق, أنا أعلم أنك متعاون مع المحققين وسيكون لك شأن عندهم وربما أغدقوا عليك بالأموال.
-أنا محاميك وأنت تعلم أننا دائما تحت القسم. ماذا تريد؟
-أن تعيد ما أخذته من والدي, وثاني أن أعرف ماذا سيحكم علي إن اعترفت.
-موافق, سيحكم عليك بالمؤبد كالعادة لكن أضمن لك أن الحكم سيخفف لعشر سنوات.
-لا بأس عندما يأتي والدي لزيارتي ويخبرني أنك أعدت له كل ما أخذته منه سأعترف بكل شيء.
بعد أسبوع كان مع المحقق,
كان المحقق خلفه فلكمه بقوة أسقطه أرضا وأدمى وجهه, هل تظن نفسك يحي عياش, هل تريد أن تكون المهندس في الضفة أيها الحقير, نادى على اسحق, أحضر الورقة ليوقع على اعترافاته.
وقع حسن على الورقة وأعادوه إلى زنزانته التي كانت خالية وأغلقوها عليه ليجد نفسه من جديد وحيدا في هذا الصندوق الإسمنتي الحقير.




رتب حسن للأمر بعناية تامة, قبل أيام أحضرت زوجته علبة بلاستكية في زيارتها قبل الأخيرة وأن حسن قبل الزيارة بدقائق وضع المني في العلبة, وكان مع سوسن علبة أكبر فيه الثلج وبعد الزيارة القصيرة كانت سيارة تنتظرها خارج السجن انطلقت بها إلى الجسر, عند وصولها الجانب الأردني كان صديقا لحسن بانتظارها بعد أن رتب لها موعد في مستشفى خاصة بإجراء عملية التلقيح وتمت بكل سرية.
كانت سوسن في بيت صديق حسن تعيش بكل سرية, حتى والد حسن لا يعرف عن الأمر شيئا إلا أنها ستكون بأمان.
عملت المخابرات الإسرائيلية بشكل مكثف للوصول إلى سوسن منتشرة في كل مكان بعد مراقبة حثيثة لكل الأقارب والمعارف, تخفت سوسن في لباس تراثي تلبسه نساء القرية الكبار في السن ووضعت وشما على جبينها وكانت قليلة الخروج من المنزل, في الشهر الثامن من الحمل تم تحديد مكان سوسن ومراقبتها 24 ساعة يوميا وعرف المستشفى التي ستلد فيها قبل أيام قليلة دخلت الأردن سارة وهي من المخابرات الإسرائيلية مع طفل حديث الولادة عبر جسر الشيخ حسين سائحة وفي الواقع كان الطفل الرضيع مجرد دمية دقيقة الصنع.
ساعة الولادة كانت سارة في المستشفى تلبس كالممرضات وتتجول في قسم الولادة وتراقب سارة عن قرب, ولدت سوسن صبي جميلا السابعة صباحا وحملته الممرضة إلى غرفة الحاضنة وسارة تراقبها لحظة بلحظة قامت بتخديرها وجرها إلى غرفة بجانب الحاضنة وأغلقت عليها الباب وأخذت الطفل ووضعته في حقيبة من القماش المقوى وغادرت بكل سرية دون أن يلاحظها أحد.
طلبت سوسن رؤية طفلها دخلت الممرضة لإحضاره فسمعت صوت أنين في الغرفة المجاورة وتفاجأت بزميلتها مخدرة وموثقة اليدين والرجلين ومكممة الفم هرعت لتخبر امن المستشفى وتم استدعاء الشرطة, وكانت الفاجعة عدم وجود طفل سوسن في مكانه.
علمت الإدارة باختفاء الطفل وفتحت الشرطة تحقيقا في القضية ومنعت الناس من الدخول والخروج إلى المستشفى.
عندما حققت الشرطة مع سوسن أخبرتهم حقيقة وجودها في الأردن وما مرت به وزوجها من معاناة خلال الأعوام الماضية, تم التحقيق مع الأطباء والممرضات, وأعطت الطبيبة المشرفة على الولادة وصف للممرضات التي كانت معها إثناء العملية ولأن المستشفى يفتقر لكاميرات مراقبة لم يتم التأكد من هوية المرأة مدار البحث.
عممت الشرطة على جميع الدوريات ومراكز الحدود وصف المرأة ولم يعثر لها على أثر إذ أنها غادرت جسر الشيخ حسين قبل البحث عنها بساعات , ونجحت المخابرات الإسرائيلية في مهمتها.
اختفى الطفل واختفت سارة وعادت إلى فلسطين المحتلة وسلمت الطفل إلى المسئولين الذي عهدوا إليها بمتابعته ساعة بساعة ووضع في مستشفى عسكري خاص تحت الرعاية الطبية القصوى, وأبلغ من لهم علاقة بالأمر أن الأمر في غاية السرية.
حلم سوسن وحسن تبخر وذهب أدراج الرياح , أفاقت سوسن من كابوسها المرعب بعد أن فقدت وعيها وجن جنوها بعد أن علمت باختفاء طفلها وبقيت أياما تعاني من الألم والحزن, ورأت أنه لم يعد لبقائها في الأردن من سبب, لكنها أصرت أن تعود وياسر في أحضانها, كيف ستعود بعد تسعة شهور خالية الوفاق كسيرة الجناح, ذهبت للأحوال المدنية في المدينة وأخرجت شهادة ميلاد ياسر وحفظتها بالجلاتين وأودعتها في حقيبتها شامخة الرأس, عندها يقين أنها ستلتقي قرة عينها يوما ما, مرت عن الجسر بكل سهولة دون تحقيق كما كانت تتوقع, وكان في استقبالها والدها ووالد حسن في الاستراحة بأريحا, ما كادت تلتقي بهما حتى أغمي عليها من شدة الحزن على طفلها, تم إسعافها وعادت لبيتها وسلمت شهادة ميلاد ياسر لجده الذي قبلها وغم عليه من الحزن فهو كظيم, وأقسم أنه سيلاحق المخابرات الإسرائيلية بالمحاكم لو كلفه ذلك بيع كل ما يملك, في اليوم التالي ذهب واستخرج شهادة ميلاد فلسطينية ووعد بعمل هوية له عند السادة عشر من عمره وجواز سفر أردني ليكون جاهزا عند عودته لأحضان العائلة.
رأت سوسن أن لا جدوى من الحزن واليأس فقررت متابعة حياتها بحثت عن وظيفة في مجال التعليم حتى تستطيع متابعة دراستها العليا, وبعد أن حصلت على الماجستير أسست شركة للبرمجة وعملت الدعاية اللازمة ووظفت صديقة لها ذات كفاءة وشقت طريقها وحصلت على الدكتوراه وعينت مدرسة في الجامعة, كانت سوسن تعمل على برامج للوصول إلى ملف المخابرات العسكرية للاحتلال للكشف عن معلومات قد تفيدها في تحرير زوجها.
شهور من المعاناة والألم والقهر والذل الذي لازم أبو حسن حسرة على ابنه خاصة كلما قام بزيارته, وكل المحامون وتحمل الديون, في سبيل إطلاق سراحه.
كانت سارة بمثابة الأم لهذا الطفل, أطلق عليه اسم هارون, وجدت سارة في هارون ما يشغلها عن موت زوجها في عملية إطلاق نار مع رجال المقاومة قبل عام, فعملها في وزارة الخارجية ومتابعة تربية هارون يوم بيوم أشعرها بأمومتها وملأ حياتها سعادة وحيوية, عند الرابعة من عمر هارون وضع في مدرسة داخلية فكانت بوادر الذكاء تتفجر منه ولاحظت مربيته ذلك النبوغ في الطفل وكان ثمة تقرير شهري يصل للكابتن مائير الذي أمر بخطف الطفل, وكان سعيدا أن أصبح الطفل إسرائيلي سيخدم الدولة بدلا من أن أيكون فلسطينيا يحاربها واعتبر ذلك نصرا مؤزرا له كان يتباهى به لدى المسئولين الذين حيوه على فكرته, وتعلم هارون اللغتين العربية والعبرية, ليهيئ أن يكون قادرا على فهم الفلسطينيون والنيل منهم, وأراد الكابتن مائير من ذلك أن يجعل من هارون قائدا ميدانيا ومحققا بارعا يفهم عقلية الفلسطيني ليكيل له الصاع صاعين.
كانت سارة ابنة لحاخام متشدد جدا وتزوجت من صديق والدها الذي كان يناصره في كل حملاته للإستلاء على أراضي الفلسطينيون ومن أشد الحاقدين على العرب بعامه, تربت سارة على العداء والكره والعنصرية وزرعت تلك الصفات في هارون, تغيبها عن زيارة العم داوود صديق العائلة المقرب على غير العادة أثار حفيظته وكان لديه ألف سؤال وسؤال.
كان داود معروفا بأنه يهودي فرنسي درس فيها واستقر بها وعمل هناك وجمع مالا كثيرا وهاجر إلى فلسطين المحتلة بعد عام 67 واستقر في مدينة القدس الغربية وعمل في مجال العقارات واستعان بعدنان من بلدة القدس فأمده بالعمال في جميع المجالات من شباب الضفة, علم داود بأمر سارة وانشغالها بتربية هارون الذي قالت أنها تبنته من عائلة يهودية فقيرة, لم يكن كلام سارة مقنعا فبحث عن الأمر من أصدقاء مقربون فعرف حقيقة الأمر وعلم أن العملية سرية جدا لم يطلع عليها احد, طلب من سارة أن يكون شريكا في تربيته فلم تمانع خوفا من أن يكشف سرها وهي التي تعتبر داود في مقام والدها, شعر هارون بمحبة داود وخوفه عليه فألفه وكان يسمع منه ويطيعه, تعلم هارون من داود حب الآخرين وعمل الخير وتعلم من سارة العنصرية والعداء للفلسطينيين فكان يعيش متاهة لا يعلم كيف يجمع بين الخيارين لكنه لم يناقش أحدا منهما في الأمر.
بعد سبع سنوات وفي مساء أحد الأيام توغلت قوة عسكرية للاحتلال الإسرائيلي بلدة مجاورة وتعرضت لهجوم بالأسلحة النارية وتم تعزيز القوة الأمنية وضرب طوق أمني عليها حتى ظهر اليوم التالي وتم اعتقال عدد من شباب البلدة, ولدى التحقيق القاسي واستعمال كل أساليب الترهيب المعروفة اعترف أحد المناضلين بالعميلة التي أدت إلى قتل الحاخام الإسرائيلي, وبعدها تم الإفراج عن حسن وعاد لزوجته وأهله مرفوع الرأس, أقام والده حفلا كبيرا وعاد لوظيفته التي كان يعمل فيها قبل اعتقاله.
تدرب هارون على كل أساليب الدفاع والهجوم والأسلحة في المدرسة حتى إذا أنهى الثانوية كان ملما بكل ما يجب عليه تعلمه ليكون جاهزا بعد الجامعة للميدان ومعاقبة الفلسطينيون بانتفاضتهم ضد الاحتلال, أرسل هارون إلى جامعة السوربون في فرنسا وطلب منه أن يكون فاعلا في لجان الجامعة ويثبت وجوده فيها كعلم يشار له بالبنان, فحزن داود على فراقه وراق ذلك لسارة لتبعد هارون عنه وهي التي تعلم أن داود يشغل العرب ويعطف عليهم ولم تحب يوما أن يكون مقربا من ابنها, كانت تلك اللحظات لحظة الفراق صعبة جدا على كليهما.

يوما في لقاء ودود بين سارة وداود أثارت معه نقاشا حول العرب, سألته لماذا يحبهم؟
لماذا يشغلهم ويعاملهم باحترام وهم أعداء يقتلون كل يوم من اليهود بشتى الوسائل؟
إبتسم, عرف ما الذي تريده فأعطاه إياه بشكل يريحها تماما, إن كنت تعتقدين أن ما أقوم به حب فيهم أو عطف عليهم فأنت مخطئة!
كل ما في الأمر أنا أهتم بمصالحي, المال بنيتي هو عصب الحياة, وأنت تعلمين أن لا وجود لعمال يهود في مجال البناء, كما أنهم مهرة بشكل ملفت للنظر, أعمال الخير التي أقوم بها لليهود لا تحصى وأنت مطلعة على ذلك لذا أهتم بهم ليهتموا بعملي.
-لكن هذا لا يبرر تعاملك معهم بحب وعطف, كن قاسيا وتستطيع استغلالهم فليس لهم مجال للعمل إلا مع اليهود.
-هذا ليس صحيحا تماما فالفلسطينيون يعيشون على الخبز والزيتون, هذا من جهة, من جهة أخرى لو تعاملت معهم بقسوة فسيغشون في العمل ويدمرون حياتي ببساطة.
-هذا غير معقول, كيف ذلك.
- لا أعلم إن سمعت يوما أن مجمع سكنيا كاملا في احد المستوطنات سلمت لأصحابها وسكنوا فيها وتبين أن خزانات المياه تنفذ بسرعة وبعد أيام تبين أن التمديدات التي تحت البلاط تسرب المياه بشكل كامل وتبين أن ذلك كان مقصودا.
-لماذا تسافر لباريس كثيرا؟
-باريس تلك المدينة الساحرة, إنها بلدتي الثانية أعشقها كيف لا وقد عشت فيه أجمل أيام حياتي, هل تلمين أن لي هناك شركة مقاولات؟
-لا كيف لي أن أعلم لم تخبرني من قبل!
-نعم لهذا أذهب إليها لأتابع الأعمال.
-الآن أرحتني عم داود سامحني شككت في أمرك.
-لا عليك بنيتي.
تعرف هارون على طلاب من جميع أنحاء العالم وكون صداقات مع البعض وكان اسحق يهودي فرنسي من أكثرهم ملازمة لهارون, في كل عام يعود هارون لفلسطين المحتلة فيقضي الإجازة برفقة سارة والعم داود.
أسر اسحق حديثا لهارون جعله يتذكر كلام سارة – لا تثق بأحد – لكنه بدا غاضبا وشك فيه وأخذ عنه فكرة سيئة, تركه منزعجا لكن كلامه ما برح يجول في خاطره وينغص عليه أيامه ولياليه, في مساء اليوم التالي وردته رسالة نصية وعندما عرف أن اسحق مرسلها أغلق هاتفه وقرر أن يتخذ موقفا حازما منه فيوشي به لجهات عليا في السفارة لكنه عدل عن ذلك واكتفى بحضره والابتعاد عنه, يوما كان يذاكر في مكتبة الجامعة وإذا بفتاة تضع أمامه مغلف مغلق وتنصرف مسرعة, فتح المغلف – أرجوك اقرأ الرسالة جيدا –
ما جاء في الرسالة يؤكد كلام اسحق المرة الأولى– اذهب غدا الساعة السادسة مساء إلى شارع - - تجد سيارة حمراء صغيرة اركبها وستأخذك للدليل القاطع على صدق كلامي.


.......يتبع.....




توقيع هدى نورالدين الخطيب
 
[frame="4 10"]
ارفع رأسك عالياً/ بعيداً عن تزييف التاريخ أنت وحدك من سلالة كل الأنبياء الرسل..

ارفع رأسك عالياً فلغتك لغة القرآن الكريم والملائكة وأهل الجنّة..

ارفع رأسك عالياً فأنت العريق وأنت التاريخ وكل الأصالة شرف المحتد وكرم ونقاء النسب وابتداع الحروف من بعض مكارمك وأنت فجر الإنسانية والقيم كلما استشرس ظلام الشر في طغيانه..

ارفع رأسك عالياً فأنت عربي..

هدى الخطيب
[/frame]
إن القتيل مضرجاً بدموعه = مثل القتيل مضرجاً بدمائه

الأديب والشاعر الكبير طلعت سقيرق
أغلى الناس والأحبة والأهل والأصدقاء
كفى بك داء أن ترى الموت شافياً = وحسب المنايا أن يكن أمانيا
_________________________________________
متى ستعود يا غالي وفي أي ربيع ياسميني فكل النوافذ والأبواب مشّرعة تنتظر عودتك بين أحلام سراب ودموع تأبى أن تستقر في جرارها؟!!
محال أن أتعود على غيابك وأتعايش معه فأنت طلعت
هدى نورالدين الخطيب غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 09 / 05 / 2018, 10 : 04 AM   رقم المشاركة : [12]
هدى نورالدين الخطيب
مديرة الموقع المؤسس - إجازة في الأدب ودراسات عليا في التاريخ - القصة والمقالة والنثر، والبحث ومختلف أصناف الأدب - مهتمة بتنقيح التاريخ - ناشطة في مجال حقوق الإنسان


 الصورة الرمزية هدى نورالدين الخطيب
 





هدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: مدينة حيفا - فلسطين ( فلسطينية الأب لبنانية الأم) ولدت ونشأت في لبنان

رد: استطلاع جماهيري - الرواية - المشاركة في مسابقة نور الأدب الكبرى 2018

لم ينم تلك الليلة وهو يفكر في طريقة للتعامل مع الأمر دون أن يثير الشكوك حوله, لكنه قرر عدم الذهاب لئلا يدخل في متاهات هو في غنى عنها, كانت صورة أمه سارة أمامه على المكتب وكلما شاهدها تذكر كلام اسحق والرسالة التي وصلته فتؤرق مضجعه بحيث سيطرت على فكره ولم يستطع المذاكرة, كان يتمشى بين الغرف متكدرا عابسا يفكر ما عليه فعله للخلاص من هذا الموقف الصعب, أيتجاهل الأمر وكأن شيئا لم يكن, أم يذهب ويتأكد من صحة الكلام, كان يتمنى أن يكون اسحق كاذبا ليعيش حياته فالمستقبل الواعد أمامه, وهكذا قرر.
أشغل نفسه بالقراءة أخفى صورة سارة حتى لا يشاهدها, ابتعد عن طريق اسحق, ومرة أيام بسلام, كان يهم مغادرة الجامعة مساء ذلك اليوم فوجد رجلين بملابس رسمية يقفان أمام سيارة دبلوماسية, تفضل معنا سيد هارون!
- من أنتما؟
- نحن من السفارة الإسرائيلية.
تجمد الدم في عروقه, هل عرفا شيئا عني؟
هل وشى بي أحدهم؟
ماذا تريدان مني؟
- الملحق الثقافي بانتظارك!
صعد السيارة وقلبه يخفق, هذه المرة الأولى منذ دخوله الجامعة تطلبه السفارة, لماذا الآن؟ ماذا يريدون مني؟
-أهلا سيد هارون كيف حالك؟
-بخير سيدي.
-نحن نتابعك باستمرار, فالضابط مائير طلب منا الاهتمام بك شخصيا, سيد هارون في الفترة الأخيرة وردتنا معلومات أنك مضطرب وغير سوي, هل هناك أمرا ما يقلقك؟
-لا سيدي الأمور على ما يرام.
-نرجو ذلك, لكن علامتك الأخيرة كانت دون المستوى.
-نعم كنت مريضا ولم أستطع المذاكرة, أما الآن فأنا بخير.
-لا تتردد في الاتصال بنا في أي وقت نحن في خدمتك.
-شكرا سيدي.
لم يقتنع هارون بكلام الملحق الثقافي وخشي أن أمرا ما وصلهم عن الموضوع, وتذكر اسحق ورسالته الأخيرة وعاد له التفكير من جديد.
أخيرا قرر المغامرة ليقطع الشك باليقين وينهي هذا العذاب الذي يعيش, فتح رسالة اسحق وقرأها والتي تؤكد ما قاله له من قبل, فأخبر اسحق أنه على استعداد للذهاب وطلب منه تحديد موعد جديد, كانت السيارة بانتظاره ركبها وانطلقت به إلى مكان مجهول كانت النوافذ معتمة وهناك حاجز بينه وبين السائق فلم يعرف أين تأخذه السيارة, توقفت السيارة فوجد نفسه في بهو ياسرة فركبا المصعد وكان السائق يضع نظارات سوداء ويعتمر قبعة سوداء فكان من الصعب التعرف على ملامحه, توقف المصعد فدخل مكتبا كبيرا أجلسه الرجل على مقعد وفير وبينما كان يتفحصه سمع صوتا, أهلا بك ياسر, التفت هارون حوله فلم يجد أحد, هل تقصدني سيدي؟
-نعم, وهل غيرنا هنا؟
-أنا أسمي هارون, أعلم بني, ليس الأمر مهما على كل حال وأنت تتساءل لما أنا هنا؟
من حقك طبعا وحتى لا نطيل عليك لندخل في صلب الموضوع.
– كان رجلا وسيما رزينا شعره شابه بعض الشيب طويل عيناه عسليتان كان يبتسم مرحبا بهارون, عرف عن نفسه, أنا جمال, وقدم له ملف – أرجو الاطلاع عليه بينما تحتس القهوة ومن ثم نناقش الأمر, فتح هارون الملف وبدأ يتصفحه بذهول محموم والعرق يتصبب من جبينه بل من كل جسمه وكان يشعر بدوامة وقشعريرة في جسده الذي يهتز غير مصدق ما يقرأ, أغلق الملف, وعاد بخياله للماضي القريب كان يشعر بإحساس غريب عندما كان يلتقي بطلاب عرب في المدرسة أو عندما ير الجند يطاردون الفلسطينيون في شوارع القدس, نظر لجمال وكان مرتبكا فبادره جمال أنا أعلم أنك لم تصدق لكنها الحقيقة!
-من أين حصلتم على هذا الملف.
-ليس هذا هو المهم الآن, الأهم أن تتأكد من صحة هذا الكلام بنفسك!
-كيف لي ذلك ؟
- ألم تسمع بالحمض النووي؟
-أجل سمعت به!
-إذا قم بفحص الحمض النووي لك ولسارة التي تدعي أنها أمك, وإذا تأكدت أنها ليست أمك اجري فحص لوالدك الحقيقي وأعتقد انه ليس بالأمر الصعب لشاب ذكي مثلك عمل ذلك.
السيارة بانتظارك سيد ياسر, لكن قبل أن تغادر لا تخبر أحدا بالأمر لأن ذلك سيؤدي بحياتك.
عاد لغرفته مصدوما مذهولا, توقف عقله عن التفكير تماما, لكنه قام من النوم صباحا كتائه لا يعرف كيف وصل به الأمر أن نام لكنه كان صاف الذهن فحسم أمره وقرر التفرغ للإمتحانات ويترك الموضع لعودته للديار,
اختفى اسحق أيضا من الظهور وعزا ذلك لتفرغه للدراسة, ومرت الأيام مسرعة وانتهى الفصل على خير وعاد يحمل هما كبيرا وشوقا عظيما لسارة وداود والأصدقاء.
لا يعرف كيف خطر بباله اسم حسن, من هو حسن؟
هل ما زال حيا؟
كيف السبيل للتعرف عليه؟
وقبل ذلك كله هل جمال صادقا فيما قاله؟
كان يتأمل سارة التي يحبها حبا عظيما, كيف يعاملها إن صدق جمال؟
في المساء أخبرته سارة بأنها ستذهب إلى الصالون لقص شعرها, لكن هارون اعترضها وقال:- شعرك هكذا جميل جدا, لماذا تقصيه يا أمي؟
- أنا لا أحب الشعر الطويل بني يرهقني كل صباح وقد تعودت على القصير.
- إذا لنأخذ صورة سيلفي معا وأرجو إحضار شعرك لأخذه معه إلى الجامعة ليكون ذكرى جميلة في غربتي.
فيما كانت سارة في صالون السيدات عرج هارون للعم داود فاستقبله بحنان بالغ, وسأله ماذا يعرف عن والده فارتبك داود لهذا السؤال الغير متوقع, هل سألت أمك عن والدك بني؟
-نعم لكنني أحب أن أسمع منك, ليرتاح قلي!
-ماذا تقصد؟
هل سمعت شيئا ما أزعجك عن والدك وأمك؟
-لا, لكن أشعر أنني متبنى وليس الابن الحقيقي لهما, انظر جيدا لبشرتي وشعري وكيف هي أمي ووالدي, ألا يطرح ذلك سؤالا؟
-ليس بالضرورة بني, أرجو أن تهتم بدراستك الآن, فموعد سفرك على الأبواب.
انتهت الإجازة مسرعة وسافر هارون لجامعته يحمل هما كبيرا, فسارع يبحث عن اسحق:- أرجوك اسحق أنا بحاجة إليك ساعدني في مصيبتي.
-ماذا هناك هارون, أنت غير سوي أبدا؟
-أنا في متاهة كبيرة, أريد منك المساعدة في عمل فحص للحمض النووي لي ولأمي في مختبر خاص بعيدا عن السيد جمال حتى أتيقن من الحقيقة قبل لقاءه!
-أعرف مختبرا متعاونا في هذا المجال فكما تعلم هناك سؤال وجواب وتحقيق, هيا بنا.
وفي المختبر طلب اسحق فحص الحمض لشعرة من سارة وأخرى لهارون, فسأله موظف المختبر هل هذه الشعرات منك.
-لا وجدتها في مكتبة الجامعة!
-ما حاجتك لفحصها؟
- أنا احضر لبحث تخرج في الجامعة يتعلق بالجرائم.
حصل على الحمض النووي لهما وتفاجأ بالنتيجة فلا يوجد أي صلة تربطهما من قريب أو بعيد, وعندما ذهب لملاقاة جمال لم يخبره بنتيجة الفحص وطلب منه توضيحا لوجوده معه وما الهدف من المساعدة.
-ألا تحب أن تعرف من أنت!
-أجل!
- لهذا نساعدك, أنا أعلم انك حصلت على أثر لسارة وربما أجريت التحليل المطلوب, لا أريد أن تخبرني ولكن هذه شعرات من والدك الحقيقي حسن, أرجو أن تتابع البحث وعندما تحصل على نتيجة نتحدث في الموضوع.
لم يعلم هارون أنه مراقب, وذهب مسرعا للمختبر وطب منه تحليل للشعرات الجديدة ولم يجرؤ على معرفة النتيجة حتى يذهب لغرفته وقلبه مضطربا يكاد يغادر قفصه الصدري, فتح المغلف واطلع على النتيجة وعندما قارنها بنتيجة شعرته ووجد تشابها شبه كامل تجمد الدم في عروقه وجال في خاطره ألف سؤال لا وجود لأجوبة لها وشك أن جمال يعرف عنه أكثر من نفسه وعرف أنه مهدد بالقتل في أي لحظة لو اكتشف أمره.
يا الهي ماذا علي أن أفعل الآن؟
من هو جمال ولماذا مهتم بأمري؟
ماذا يريد مني بالتحديد؟
كيف سأعيش مع سارة بعد اليوم, وماذا لو عرفت أنني عرفت الحقيقة؟
هل ستقتلني؟
وعاش أياما لم يتصل بسارة, كان تائها مضطربا مشوش العقل لا يهدأ أبدا, وبعد أيام اتصلت به سارة ذات مساء تطمئن عليه ورد عليها يرتجف, خافت عليه ونبرة صوته مختلفة فسألته عن حاله فأجاب أنه مصاب بالرشح, وبعد حديث طويل أوصته أن يهتم بأمره ودراسته.
حاول جاهدا أن يبدو طبيعيا في الجامعة وفي البيت ينقلب الأمر إلى جنون فلا يهدأ أبدا ولا يستطيع الدراسة وكلما فتح كتابا تذكر سارة وتذكر داود والفلسطينيون الذين يعرفهم في المدرسة والسكن ويشاهد العنف بين الجانبين الذي كان يتعاطف معهم دون معرفة الأسباب, حزم أمره وقرر أن لا بد من لقاء جمال لوضع نهاية لمصيبته.
التقى اسحق وطلب منه موعدا للقاء جمال ووعده بترتيب لقاء قريبا وكان يترقب موعد اللقاء بفارغ الصبر ليعرف من هو ياسر وكيف سيقابل والده الحقيقي وما عليه فعله ليكون بأمان.
جلس في المكتب وصراع يدور في عقله ينتظر جمال وما سيحمل له من أخبار, أطل عليه بابتسامته وحياه وقال:-
-الآن وقد عرفت الحقيقة فأنت رجل مهم للغاية, لكن أحب أن أعرف منك ماذا يجول في خاطرك؟
-ماذا تخطط أن تفعل؟
-لا أعلم فالدنيا ضبابية تماما بالنسبة لي, أنا كمن هو تائه في صحراء.
-أعلم بني فالأمر ليس سهلا, إعلم أن هذا لقاءنا الأخير حتى تتخرج من جامعتك, سيكون لنا لقاء قبل ذلك بأيام, كل ما عليك فعله أن تكون طبيعيا تماما, لا تثر الشكوك حولك.
-أرجوك أنا لا أستطيع الدراسة حياتي أصبحت صعبة جدا, أريد أن أرتاح وأعرف ماذا علي أن أفعل الآن؟
لا شيء أبدا عزيزي, عش حياتك كما كنت من قبل, في لقاءنا الأخير ستعرف الكثير وتعود إلى فلسطين مرتاحا تماما, وأعدك أنه سيكون معك من يساعدك في مهمتك حتى تخرج من هناك بسلامة!
-هل تخطط لأغادر البلاد وأترك حياتي التي عشتها بكل بساطة!
- ستعرف ذلك في حينه سيد ياسر الآن عليك المغادرة والاهتمام بدراستك.
مضت سنته الجامعة الأخيرة بتباطىء ثقيل وقبل التخرج بشهر وجد رسالة في انتظاره تخبره بموعد جديد للقاء جمال, سارع للذهاب في الموعد المحدد واستقبله جمال بترحاب وأخذه إلى مكتب فتفاجأ هارون بوجود شخصان آخران هناك, سيد هارون أعرفك على السيد موشى, يعمل في السياحة ومكتبة في تل أبيب, سيكون حلقة الوصل بيننا في الأيام القادمة.
يا الهي هذا يهودي ومكتبة في تل أبيب, ماذا يفعل هنا بحق السماء؟
صافحه هارون وهو مرتبك,- هل هذا جاسوس - يفكر في نفسه, وتابع جمال, هذا السيد ناصر سيناقش معك الأمور المهمة, سأتركك معهم الآن.
غادر جمال الغرفة وبقي هارون مرتبكا لا يعرف ما يجري حوله وماذا يريد هذان السيدان منه, سيد هارون بعد أن عرفت من أنت عليك الآن أن تعرف ماذا عليك أن تفعل, قال ناصر؟
أنت مؤهل الآن لتكون في موقع حساس, بالتأكيد ستكون في مواجهة الفلسطينيون, في مواجهة أهلك ووطنك, وأمك تتابع عملك عن كثب, هي تحبك كثيرا, وتصدقك أيضا وهذا أمر هام ومن مصلحتك.
-هارون كن قاسيا مع شباب الانتفاضة, كشر عن أنيابك ولا ترحم, قال ناصر.
هارون متعجبا في متاهة, كيف له أن يكون قاسيا مع أهله وبني جنسه, أم معهم أم ضدهم.
-نريد أن تثير إعجاب مائير المسئول المباشر عنك وتعطي انطباعا جيدا من البداية وهذا يبعد عنك كل الشكوك.
- سنلتقي كثيرا في المناسبات ونتحدث أكثر في الخطوات القادمة, قال موشي, أنا قريب منك وسأتابعك باهتمام فلا تخشى شيئا.
وفي إثناء الحديث دخل اسحق ووقف بالباب, عندما شاهده هارون تبسم وكأن حمل ثقيل أزيح عن كاهله, قال اسحق:- تفضل أبتي, وعندما شاهد هارون والد اسحق صعق تماما وفرغ فاه غير مصدق ما يجري, لكنه قام من مكانه واحتضن الرجل بشدة وكانت فرحته لا تصدق بالرغم من ذهوله.
-كيف حالك بني؟
أنا أعلم أنك مرتبك ومذهول, يحق لك ذلك فهناك الكثير في هذا العالم فوق التوقعات, والكثير من حولنا كذبة كبيرة ولا يصدق.
-أجل عمي, أنا مصدوم وما زلت أعتقد أنني أحلم, أرجوك فسر لي ما يجري؟
هارون, أن لست يهوديا بني, أنا مصري, كنت أعيش في الإسكندرية وكنت يتيما, فتبناني رجل دين يهودي وكنت أخدمه بإخلاص, لكنني كنت واعيا وفي الثامنة من عمري, وكانت المخابرات المصرية تراقبني وتتحدث إلي دائما وترشدني لما علي فعله, اليهودي سجلني باسمه وسهلت المخابرات له ذلك, وعندما كبرت وتخرجت من الجامعة, كان الجميع يعتقد أنني يهودي فقد تعلمت منه التوراة والعبرية, وأرسلني لباريس للدراسة في الجامعة وعهد إلى صديق له في باريس كان متعصبا لليهودية ومحبا لها قام برعايتي ولم يبخل علي في المال, وبعدما تخرجت من الجامعة تزوجت بابنته وكانت كأبيها تريد مني أن أتفرغ للمعبد فرفضت وقلت أنا درست لأعمل وزادت خلافتنا فانفصلنا, مات اليهودي في مصر فعدت لحضور الجنازة ثم حولت الأموال إلى باريس بتسهيل من المخابرات أيضا وعرفتني المخابرات المصرية على فتاة يهودية فتزوجتها, بقيت عائلتي في باريس, اسحق ابني أخبرته عنك وطلبت منه التعرف عليك لتسهيل المهمة.
-لا تقل أن أمي سارة فلسطينية أيضا؟
-لا بني, سارة يهودية متعصبة جدا. لا تخف بني سنعمل على أن تكون بأمان, أنا أعرف والدك جيدا, لكن دون أن يعرف هو عني شيئا.
-والدي الحقيقي حسن, حقا تعرفه؟
-أجل وعمك يعمل عندي منذ سنوات.
في حفل التخرج حضرت سارة ووفد من السفارة وكانت مبتهجة جدا وستعود ومعها هارون ويبدأ العمل الذي ستسلمه له بتقاعدها من الخدمة, وستتفرغ لخدمته ورعايته, أياما مرت حتى استلم وظيفته في الخدمة العسكرية والتحق بدورات تدريبية قاسية كما هو الحال لكل شاب وفتاة في الكيان الصهيوني.
عمل هارون في وزارة الأمن الإسرائيلي مسئولا عن ملف الانتفاضة والتصدي لها في رام الله, كان يتخفي في ملابس عربية يتجول في البلدات الفلسطينية ويتعرف على ما يجري وساعده في ذلك لغته العربية الجيدة وملامحه الشرقية فلا يشك به أحد, وكان قاسيا وظالما في التعامل مع الشبان الفلسطينيين ولا يعرف الرحمة ويتفنن في قمع تلك الانتفاضة بكل ما أوتي من خبرة, وكانت سارة تتابع أخباره عبر المسئولين عنه وعلمت أنه ناجح تماما في مهمته فتنتشي فرحا إذ أن جهودها أثمرت.
في المناسبات العامة كان يلتقي هارون مع موشي ويتلقى بعض الإشارات ويتبادلا المعلومات دون أن يثيرا الشكوك حولهما.
كانت سارة تقضي جل وقتها في التسوق والرحلات وإعداد الطعام ومشاهدة الأفلام السينمائية فلا تشعر بالوقت وهو يمضي مسرعا, في المساء تسمع لهارون وهو يخبرها بأحداث كل يوم بيوم, كانت تنتشي تماما وتسمع ضحكاتهما من بعد كلما أشار هارون لمطاردة شباب الانتفاضة وصراخهم والقبض عليهم وتعذيبهم , يوما قامت سارة بزيارة الصديق داوود دون موعد مسبق, عندما وصلت المنزل وذهبت إلى الحديقة التي تعشق الجلوس فيها تحتسي الشاي, كادت عيناها تخرج من محجرهما عندما أطلت على النافذة المقابلة للحديقة.
تصلبت قدماها وتجمد الدم في عروقها عندما شاهدت داود يلبس ملابس الفلسطينيون, وتساءلت لماذا يفعل ذلك, والتقت عيناهما وهو يبتسم برقة وهي واقفة كصنم, خرج إليها لكنها أطلقت لساقيها الريح وانطلقت بسيارتها مسرعة على غير هدى, وصلت لحديقة عامة فأوقفت سيارتها وذهبت تسير تحت الأشجار في رأسها ألف سؤال وسؤال, وخشيت أنه يخفي عنها شيئا وأن تكهناتها عنه صائبة, عندما هدأت قررت مواجهة العم داود قبل أن تحكم عليه.
احتضنها بين ذراعيه كابنته كالعادة وأجلسها بقربه.
لم تنبس سارة ببنت شفه أمسك يدها وقال لها كشفت سري يا سارة, كان عليك الاتصال قبل أن تأتي, أليس كذلك؟
سارة مندهشة كأنها في دوامة, وبقيت صامته تنتظر تفسيرا مقنعا.
-كان هذا سري منذ أن تقاعدت ولا أحد يعلم به, أنا أتخفى في تلك الملابس وأذهب للقرى العربية وأتجسس عليهم وأعطي المعلومات للجهات الأمنية فتلقي القبض على الشباب الذين يحاولون زعزعة الأمن وملقي الحجارة على سيارات المستوطنين.
ـ حملقت سارة من جديد مندهشة؟
- لا تستغربي بنيتي, الحاخامات والكهنة دائما يحثوننا على قتل الفلسطينيون وتقديم الدعم لقواتنا الأمنية فهذا عمل يباركه الرب, كما أرجو أن لا يطلع على الأمر سواك.
ـ لماذا؟
سيكون ذلك من دواعي وسرور هارون.
- أعلم ذلك, كما يقال السر بين اثنين ينتشر بين الجميع وهذا ليس من مصلحتي, تعلمين أن هناك الكثير من العرب يعمل معي ولا أريد أن ينكشف أمري بينهم فيقتلونني بلا تردد.
----------
راقب هارون والده حسن من بعد باهتمام كبير ومدة طويلة, حتى عرف أنه ذهب إلى القدس للصلاة في الأقصى, تخفى هارون وهو يتبعه كظله حتى وصل إلى المصلى الأموي, اعترضه مصافحا ثم قال, سيد حسن كيف حالك؟
-الحمد الله بخير, من أنت؟
-صديق يحب أن يتعرف عليك, هل تبعتني لنجلس معا بعيدا عن الناس.
في المصلى .... الكل منهمك منهم من يصلي ومنهم من يقرأ القرءان ومنهم من يراقب عظمة البناء واتساعه .... جلس حسن ....يقابل هارون على ركن جانبي ...... لكن حسن كان معه ابن عمه, عندما التقى هارون به تبعه دون أن يشعر هارون.
هارون يتأمل والده بقلب ينبض ومشاعر حساسه وحسن يتعجب من هذا الرجل المجهول.
ـ كيف حالك؟
ـ الحمد لله.
ـ هلا تعرفني على نفسك بني, ما دمت تعرفني!
رقص قلب حسنا وكادت عيناه تدمع.
ـ لما العجلة؟
تحدثا قليلا في مجاملات جانبية عامه ثم سأل هارون.
ـ هل تذكر هذا التاريخ؟
وناوله ورقة مكتوب عليها 5|7|1984
حملق حسن, وانتابه شعور بالبكاء, اغرورقت عيناه, تماسك نفسه, تنهد, التفت نحو الرجل المجهول مندهشا, لم ينبس ببنت شفه.
ناوله ورقة أخرى مكتوب عليها اسم المستشفى الذي ولد فيه ياسر.
دمعت عيناه , تناول منديلا ورقيا من جيبه, مسح دموعه, هذه الكلمات فتحت جروحا متقيحة لم تندمل منذ ذلك التاريخ.
ثم ناولة ورقة مكتوب فيها ياسر, وضع حسن رأسه بين يديه متكئا على ركبتيه, أجهش بالبكاء, يتساءل من هذا الرجل الذي يذكرني بمصيبة عمري, أيعقل أن يكون ياسر, لما لا, يبدو في مثل سنه, لما لا أسأله وانهي هذا الحوار المجنون.
ـ من أنت؟
ناوله بطاقة هويته.
الأسم : هارون.
مكان الولاده : القدس.
الإقامة : القدس .
تاريخ الميلاد : 5/7/1984
قام حسن من مكانه, يفكر بأخذه بين ذراعيه, نفس تاريخ الميلاد, القدس, يعني في ما تسمى إسرائيل, هم من خطفوه, لما لا يكون هو, شهادة مزورة, نعم.
ـ من فضلك اجلس.
ـ من أنت, ماذا تريد مني؟
ـ أردت أن أتعرف عليك من قرب, أن أتحدث معك.
ـ لماذا؟
ـ هناك من يراقبنا عن كثب, هل تعرفه؟
-نعم هذا إبن عمي كنا معا عندما التقينا.
-إذا ما رأيك أن نتناول الغذاء غدا في رام الله.
أرجوك لوحدك, الساعة الواحدة من بعد الظهر, أنا بانتظارك.
أرجوك لا تخبر أحدا عن الحديث الذي دار بيننا.
تركه وانصرف, غادر حسن وأفكار متضاربة تدور في رأسه وهو يجزم أن هذا الرجل هو ياسر أو يعرف شيئا عنه, كان ينتظر الغد بفارغ الصبر, عاد للبيت لم يكلم أحد اختلى بنفسه وانزوى في ركن منعزل يعيش في حلم.
كانت تلك الساعات التي تفصل حسن عن الموعد دهرا بأكمله, أذن الفجر وخرج للصلاة دائم الدعاء أن يكشف هذا الرجل عن سر ابنه لينهي سنين من العذاب والألم والحسرة التي لازمت العائلة منذ اختطافه, لم يستطع الانتظار فذهب مبكرا إلى المطعم وتناول القهوة والشاي والعصير وكلما قرب موعد اللقاء يزداد توترا وقلقا وقلبه لا يكاد يهدأ أبدا وهو دائم النظر لساعته التي يبدو أنها توقفت تماما, لحظات قاتلة وفاصلة في حياته, ما كاد ير الرجل مبتسما حتى استشعر بالفرج ينتظر أن يأخذه بين ذراعيه بعنف بحب, وصل الرجل ومد يده مصافحا, أنا أبنك ياسر!
كاد القلب أن يقف والصدر أن يتمزق ووقف شعر رأسه وخدر كل ذرة في جسمه, كان مذهولا ... فلما تنفس رائحة قميصه فكأنما كان ضريرا فارتد بصيرا واحتضنه بين ذراعيه مجهشا بالبكاء.
ـ أرجوك إجلس, لا تثر الشكوك حولنا.
ـ أحقا أنت ياسر, لا أصدق, أعطني إشارة بني لأطمئن.
ـ نعم أبتي, أنا هو, إبنك ياسر, لا أستطيع شرح الأمر الآن خوفا من أن ينكشف أمري.
ـ إلى أين ستذهب, لن أسمح لك أن تعود لهم بعد إذ أنجاك الله منهم!
ـ أبتي سأعود إلى عملي, لو أتأخر سينكشف أمري, وسأكون في أيديهم في لحظات.
ـ لا أرجوك يجب أن تراك أمك على أقل تقدير.
ـ ليس الآن ... أنت تعرف النساء, ربما تكشف أمري دون قصد, سيقتلونني بلا تردد.
ـ ماذا ستفعل؟ كيف سنراك ونطمئن عليك.
ـ أنا أراقبكم وستكونون تحت نظري دائما, سأعود قريبا, لكن بأسم جديد وشكل جديد, وطبيعة جديدة ...
-أرجو, قبل أن أغادر, لا تخبر أحداً أبدا, أي كلمة منك ستؤدي لقتلي.
ـ سأتصل بك طالما ينتهي الأمر.
ـ متى, كم من الوقت؟
ـ ربما سنة تقريبا ...... فالأمر ليس سهلاً.
أوعز داود لشخص يثق به ليخطط لخروج حسن من إسرائيل بطريقة آمنة, وكان لذلك الصديق خبير في تزوير جوازات السفر كان يعمل مع الموساد الإسرائيلي ويعيش بأمريكا بعد تقاعده.
طلب داود جوازي سفر بأسماء مختلفة بجنسية أمريكية وفرنسية.
بعد شهور حصل هارون على إجازة سنوية وغادر إلى أمريكا, حجز غرفة في فندق بارك ساوث هوتل في وسط مانهاتن بنيويورك محطته الأولى, استقل سيارة أجرة إلى المطار, وخلال ساعة كانت الطائرة تحلق في سماء فلسطين, كان هارون قلقا للغاية, فالأمر الذي يقدم عليه في غاية الخطورة, وأن أي خلل سكون النهاية المؤلمة له فهو يعرف عاقبة الأمر جيدا, وصلت الطائرة بسلام وانتهت الإجراءات الدقيقة من التفتيش واستقل سيارة إلى الفندق, كانت غرفة جميلة مطلة على الكثير من المناطق السياحية في المدينة, تناول وجبة طعام شهية في مطعم الفندق, جلس قليلا في البهو الواسع ثم خلد للنوم, في الصباح الباكر تناول وجبة حفيفة وانطلق إلى حديقة نيويورك للنباتات في حي بروكلين ليستمتع بمناظر مئات الأنواع من النباتات الجميلة حتى منتصف النهار ثم توجها إلى جسر بروكلين فوق نهر الشرق بطول 5989 قدم وهو أول جسر معلق بالعالم ثم تناول طعام الغداء في مطعم بالقرب وعند الغروب توجه إلى مبنى إمباير ستيت الذي يعتبر أحد رموز نيويورك منذ عام 1931 وصعد إلى قمته ليشاهد جمال مدينة نيويورك عند الغروب, وأخيرا توجه إلى أوبرا ميتروبوليتان حتى منتصف الليل وعاد إلى الفندق ليخلد للنوم, أراد هارون أن تكون رحلته طبيعية لئلا يثير الشكوك حوله, في الصباح تابع جولته في مدينة نيويورك وتمثال الحرية المتربع فوق جزيرة الحرية في ميناء المدينة وهناك كان اللقاء مع الرجل الخفي حيث تسلم ظرفا دون أي كلمة وتابع الأخير طريقه متجولا في الحديقة, ومن ثم متحف المتروبوليتان والتمتع بالأعمال الفنية الرائعة التي يزخر بها المتحف ثم تناول طعام الغداء في أحد المطاعم القريبة من محطة قطار جراند سنترال تيرمينال وتجول قليلا قبل الذهاب إلى تايمز سويكر وهو قلب المدينة النابض بالحياة ثم شاهد فلما سينمائيا قبل العودة للفندق, اطمئن هارون عند استلامه جوازي السفر وفي الصباح غادرا الفندق بعد أن استأجر سيارة سياحية متوجها إلى جبال أديرونداك في شمال المدينة حتى وصل قمة جبل مارسي وهو أعلى جبال نيويورك, شاهد رجل يتسكع هناك بملابسه الرثة كأنه هبي وكانا ثملا تماما فأعطاه السيارة وترك جواز سفره الإسرائيلي فيها ثم اشتر سيارة من أحد المتنزهين وراقبها وكانت السيارة تسير مسرعة على غير هدى وإنحرفت عن الطريق لتهوي إلى الوادي السحيق وانفجرت واشتعلت فيها النيران إلى وسط المدينة فركب سيارة أجره إلى المطار حيث حجز الليلة الماضية إلى فرنسا.
هرع الناس إلى الوادي مشدوهين تماما والنار ما زالت مشتعلة في السيارة على أمل نجدة ركابها, وسارع من وصل إليها محاولا إخماد الحريق بالمطفأة الصغيرة, لكن النار أتت عليها ولم يتبق منها إلا هيكلها الحديدي وأصبحت رمادا, لحظات وحضر للموقع رجال الإطفاء والشرطة بطائرات عمودية, وبعد التدقيق عرفوا الشركة صاحبة السيارة ومن استأجرها, تم إبلاغ السفارة الإسرائيلية التي حضرت للموقع وباشرت التحقيق مع أمريكيين ونقلت رفاته إلى تل أبيب, وصل الخبر لسارة ولداود ففجعا بالمصاب الجلل وأقيم له جنازة عسكرية ووضع الورود على قبره, عاش داوود وسارة أياما من العزلة والندم على فراقه.
بالقرب من محطة توليريه للمترو نزل هارون في فندق لاموريس- Le Meurice –
وهو في شوق للمدينة التي عاش فيها سنوات, اختير الفندق لموقعه المميز وسط باريس بالقرب من منطقة الكونكرد والشانزليزيه ومتحف اللوفر وأيضا بعد استراحة قصيرة في الفندق توجه لمطعم لاموريس وهو المطعم الرئيس للفندق الذي يحمل نفس الأسم, تناول طعام الغداء من ألذ الأكلات الفرنسية الشهيرة, قضى يومان في باريس زار خلالهما معالم باريس الجميلة قوس النصر وبرج إيفل وكاتدرائية نوتردام ومتحف اللوفر ومنتزه العاب ديزني.
ثم غادر فرنسا إلى السعودية, خلال تلك الفترة أطلق هارون لحيته وكان اسمه محمد عبد الله, توجه إلى مكة المكرمة فأدى العمرة, ولبس ما يلبسه رجال الدعوة من كوفية و دشداش قصير و بنطال من نفس اللون, وكان الصديق الخفي قد رتب لمحمد عملا في شركة بمكة المكرمة.
في موسم الحج استعد محمد لأداء فريضة الحج وبينما هو في بيته رن الجرس فتح الباب وإذا والديه يقفان أمامه وألقت الأم بنفسها عليه تحتضنه وتقبله وتبكي.
التقى أخيرا ياسر بوالديه في مكة المكرمة وأدى الجميع مناسك الحج في جو من السعادة الغامرة, ثم توجها إلى الأردن وكان الوالدان قد طلبا يد فتاة مثقفة من عائلة من البلدة تسكن الأردن, وتم الزفاف في حفل بهيج بين الأهل والأصدقاء, ما زال ياسر وزوجته في مكة المكرمة فيما والداه يزورانه كل عام بقصد العمرة.

انتهت


-----------------

ملاحظة: الرواية أعلاه لم تكتمل تماماً كما أشار صاحبها ، لكن هو أراد المشاركة في المسابقة بهذه الرواية الوطنية حتى وإن لم ينته منها تماماً كما أشار.


توقيع هدى نورالدين الخطيب
 
[frame="4 10"]
ارفع رأسك عالياً/ بعيداً عن تزييف التاريخ أنت وحدك من سلالة كل الأنبياء الرسل..

ارفع رأسك عالياً فلغتك لغة القرآن الكريم والملائكة وأهل الجنّة..

ارفع رأسك عالياً فأنت العريق وأنت التاريخ وكل الأصالة شرف المحتد وكرم ونقاء النسب وابتداع الحروف من بعض مكارمك وأنت فجر الإنسانية والقيم كلما استشرس ظلام الشر في طغيانه..

ارفع رأسك عالياً فأنت عربي..

هدى الخطيب
[/frame]
إن القتيل مضرجاً بدموعه = مثل القتيل مضرجاً بدمائه

الأديب والشاعر الكبير طلعت سقيرق
أغلى الناس والأحبة والأهل والأصدقاء
كفى بك داء أن ترى الموت شافياً = وحسب المنايا أن يكن أمانيا
_________________________________________
متى ستعود يا غالي وفي أي ربيع ياسميني فكل النوافذ والأبواب مشّرعة تنتظر عودتك بين أحلام سراب ودموع تأبى أن تستقر في جرارها؟!!
محال أن أتعود على غيابك وأتعايش معه فأنت طلعت
هدى نورالدين الخطيب غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 10 / 05 / 2018, 27 : 02 AM   رقم المشاركة : [13]
محمد الصالح الجزائري
أديب وشاعر جزائري - رئيس الرابطة العالمية لشعراء نور الأدب وهيئة اللغة العربية -عضو الهيئة الإدارية ومشرف عام


 الصورة الرمزية محمد الصالح الجزائري
 





محمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: الجزائر

رد: استفتاء جماهيري - الرواية - مسابقة نور الأدب الكبرى 2018

[align=justify]استمتعت فعلا بقراءة الروايتين..تم التصويت والحمد لله..شكرا لك أختاه على الجهد المبذول والحمد لله أنك بألف خير...[/align]
توقيع محمد الصالح الجزائري
 قال والدي ـ رحمه الله ـ : ( إذا لم تجد من تحب فلا تكره أحدا !)
محمد الصالح الجزائري غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 13 / 05 / 2018, 34 : 11 PM   رقم المشاركة : [14]
ليلى مرجان
موظفة إدارية-قطاع التعليم العالي-حاصلة على الإجازة في الأدب العربي

 الصورة الرمزية ليلى مرجان
 





ليلى مرجان is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: استفتاء جماهيري - الرواية - مسابقة نور الأدب الكبرى 2018

قراءة ممتعة شكرا للأديبين
تم التصويت والحمد لله
كل الشكر لك عميدة المنتدى على المجهودات المبذولة

ليلى مرجان غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
2018, مسابقة, الأدب, المشاركة, الرواية, الكبرى, استطلاع, جماهيري


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
استفتاء جماهيري - القراءات النقدية - مسابقة نور الأدب الكبرى 2018 هدى نورالدين الخطيب الفعاليات والمسابقات الأدبية... 15 28 / 06 / 2018 15 : 03 AM
استفتاء جماهيري - الشعر - مسابقة نور الأدب الكبرى 2018 هدى نورالدين الخطيب الفعاليات والمسابقات الأدبية... 16 19 / 06 / 2018 08 : 04 PM
استفتاء جماهيري - القصة الموجهة للأطفال - مسابقة نور الأدب الكبرى 2018 هدى نورالدين الخطيب الفعاليات والمسابقات الأدبية... 7 12 / 05 / 2018 28 : 09 PM
استفتاء جماهيري - المقالة والدراسات - مسابقة نور الأدب الكبرى 2018 هدى نورالدين الخطيب الفعاليات والمسابقات الأدبية... 8 12 / 05 / 2018 26 : 04 PM
إطلاق مسابقة نور الأدب 2018 الكبرى هدى نورالدين الخطيب رابطة نور الأدب 48 08 / 05 / 2018 28 : 10 PM


الساعة الآن 18 : 01 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى

|