رد: قراءات للأوضاع الراهنة/ عروبة شنكان
سيراليون دولة نُهبت ثرواتها وأوقع شعبها في فقر وجوع لتكون هدفا للعنف وسرقة الموارد والخيرات دمرها الصراع لتتحول إلى مُلهمة للمجتمعات في السعي لنيل الحرية وتحقيق مطالبها عندما اندلعت الحرب فيها ارس 1991 عايش الأبرياء مرارة التشرد والقتل ارتفعت المظالم واستشرى الفساد في مؤسساتها واشتعل الصراع داخل مجتمعها لاسيما الشباب البناة الحقيقيون لدولتهم كانوا يعانون من تفكك ويعايشون تداعيات مجتمع وراثي تم تجنيدهم في القوات المتمردة التي تم تشكيلها رفضا للمظالم لكنها تبددت واسترخت لتتحول إلى عصابات تحارب من أجل المال والسلطة والنفوذ وتخلت عن القضايا العادلة.
ما قبل الحرب:
بعود تاريخ سيراليون إلى عام 1787 استقر الجنود السود السابقين في الجيش البريطاني في الطرف الشمالي لشبه جزيرة سيراليون التي تم استخدامها كقاعدة بحرية رئيسية لسرب بريطاني كان يناضل ضد العبودية انطلاقا من مياه غرب افريقيا التي طمعت فيها القوات البريطانية فأعلنتها محمية بريطانية عام 1896م ونجح الحكم البريطاني بإحداث تنمية منفصلة ومتباينة صنعت الفوارق بين الطبقات الاجتماعية خاصة في مجال التعليم.
وتم تقسيم سيراليون إلى مشيخات متعددة يسهل السيطرة عليها بشكل غير مباشر يرأسها زعماء القبائل المعروفين من الذين يميلون لتوارث الرئاسة مدى الحياة كما تم تزكية المنافسة بين زعماء القبائل ونشأ العنف والدموية بينهم وانتشر التوتر في الأرياف بسبب الانتهاكات التي أقدم عليها زعماء القبائل واتباعهم للسخرة واستبعاد وتهميش فئات عامة في أغلب المناطق.
مما أرسى أسس دولة هشة يحمل مواطنيها في أعماقهم روح الغضب والسخط والجنوح للإرهاب والاستعداد لارتطكاب أعمال العنف كما تحول الزعماء إلى عبيد بيد جنود الاحتلال خُربت وتهدمت المدن وخضعت الدولة للهيمنة الاستعمارية وبانخفاض مستوى التعليم انتشرت المظالم مقابلها تنامت الرغبة في الإطاحة بالنظام لتحقيق العدالة في توزيع ثروات الدولة المنهكة فسيراليون غنية بالماس والمعادن النفيسة والنفط .
الدولة الدستور:
في عام 1961 نيسان رحل الاحتلال على يد ميلتون مارجاي مؤسس حزب سيراليون الشعبي ترك حبا جارفا بين الناس لدى رحيله ترك دولة متدهورة مؤسساتها يسودها الفساد تم الحفاظ على أنشطة التعدين غير المشروعة لإدارة قطاع الماس بعيدا عن يد الشعب ومؤسسات المراقبة الشرعية ووزعت تراخيص التعدين على كبار رجال الأعمال الموالين للسلطة وقدمت المزايا العديدة للجيش وكبار القادة والاستحواذ على ولاءاتهم مما مهد لنشوب حرب اهلية وإضعاف المجتمع المدني ونشوء حركات التمرد وتجردت سيراليون من الديمقراطية الدستورية وتحولت إلى دولة الحزب الواحد.
أفلست الخزينة العامة وتم إعدام الاعضاء الفاعلين أو نفيهم إلى خارج البلاد مما مهد لظهور سنكوح المتمرد السيراليوني مؤسس الجبهة الثورية المتحدة لتندلع الحرب الأهلية عام 1991 واستمرت حتى عام 2002 وتم تشريد أغلب سكانها وتورطت الإغلبية من الذين بقوا في البلاد في اعمال العنف والقتل والسرقة.
• الجبهة الثورية:
تأسست الجبهة الثورية لمعالجة المشاكل والقضاء على أسباب الظلم وتم قمع التمرد والوحشية مقابل ذلك قام "سنكوح"بعرض المكافآت التشجيعية"على أنصاره لقاء نهب كل ما يصادفونه من ثروات وخرق الوعود لوقف لاقتال وتم بذلك توقيع اتفاق"أبيدجان" لومي للسلام 1999 وتدخلت بريطاناي عسكريا وسحقت الجبهة المتحدة الثورية وتم اعتقال "سنكوح" ومحاكمته على جرائم الاغتصاب والحرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية وتوفي أثناء محاكمته جراء تعرضه لسكته دماغية.
• الحل:
تأسست بالفعل لجان للمصالحة لتجسيد العدالة الانتقالية عبر المساءلة عن الجرائم المرتكبة والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في تموز 2002.. وتم عقد اللقاءات الخاصة مع الضحايا والجناة والاستماع لجلسات القضايا الموضوعية وقدمت اللجان تقريرا سرديا عن تاريخ البلاد وحللت الأبعاد للحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتفسير أسباب الصراع وأوردت النتائج والتوصيات في نهايات تقاريرها.
وأُنشئت محكة خاصة للفصل المتهمين بتحمل المسؤولية عن جرائم الحرب المرتكبة والجرائم ضد الإنسانية وأعقبها إنشاء سجل تاريخي محايد للنزاع والاستجابة لاحتياجات الضحايا وتعزيز المصالحة ومنح الضمانات الممكنة لمنع الانتهاكات بذلت الجهود
على الصعيدين الوطني والدولي لإنشاء الأمانة المؤقتة للجنة الحقيقية والمصالحة في 2002 وتم تعزيز التعاون مع المفوضية الإسمية لحقوق الإنسان لإيجاد كوادر مؤهلة للوصول إلى نتائج اكثر مهنية وشفافية وبناء شراكة حقيقية مع مؤسسات المجتمع المدني العالمية والمحلية على جد سواء للمساهمة في الحل.
وتأسست بذلك منظمة سيراليون غير الحكومية 2007 لمعالجة المظالم وتسهيل عملية المصالحة على المستوى المحلي وزُرعت شجرة سلام رمزية في كل قرية وفي المناطق التي شهدت الصراعات وأعمال العنف وساعدت في إنشاء مجموعة امهات السلام لتعزيز الأنشطة الاقتصادية للمرأة..
منقول بتصرف
|