[align=justify]
يدأب الشاعر المبدع خالد أبو خالد ويستمر في رفد القصيدة بجمالية وعلو وتميز.. وليس جديداً على شاعرنا الكبير خالد أبو خالد أن يجعل القصيدة مفاجئة في حضورها الطازج وإن قرأتها مرات ومرات.. وكأني بهذا الشاعر الجميل يعطي الشعر من روحه وقلبه وعمره، فتكون شمس القصيدة دائمة الإشراق والتوهج والجمال.. وعهدي بشاعرنا الإصرار على التطوير والتحديث وتقليب تربة الشعر باستمرار، فهو لا يرضى بصورة نهائية تصل إليها القصيدة، لا يرضى بالركون إلى شكل ناجز، فالشعر عنده ثورة إبداعية تستنهض الجمال والرهافة والتميز والموسيقى ورقصة المفردات وتحليق الصور وروعة الخيال.. فتشعر أن القصيدة عنده تكاد تسابق القصائد في اقتناص المدهش العذب الجميل..
لك أن تنظر إلى هذا الفيض في شيء من قصيدة »قراءة في كتاب الزبد« تلك القصيدة التي أبدع خالد أبو خالد فيها بكل تكوينات الشعر ـ وهذا ليس غريباً عنه ـ يقول: »عطش وصورتنا رصيف/ ورد على تابوت منزلنا.. ونجمتنا رغيف/ يا أيها الوقت النظيف / لا تبتعد .. أو فابتعد / كيما تقربنا العفونة من طهارتنا« و »خرجت لنزهتها الجميلة فوق شرفتها / فرفرفت الحمامة في يديها / واستباحتها هواجسها وحاصرها البكاء/ ـ ورق لصورة عاشقين على جدار من هواء ـ« و »يا أيها المفتون بالإبحار والمرساة / جزر ستصعد في صباح البحر كي تأتي إليك / بحر يتوئم ما لديه بما لديك / البحر بيتك .. أنت بيت البحر / شردك الغزاة.. وشروده.. وطاردوك وطاردوه فصار أعلى«.. يصعب أحياناً أن نتوقف عن الأخذ من نبع هذه القصيدة، فكل كلمة فيها تحمل جمالاً خاصاً، وكل صورة تأسر وتسحر وتشكل بركاناً من جمال.. خالد أبو خالد يعرف كيف يعطي الشعر ويطعمه من روح الخصب خصباً، ليكون بكل هذا الوقوف الشامخ.. كأن المفردات تترك حصار الورق وتنزف ركضاً في براري الجمال وفضاءات الاستثنائي.. عهدي باللغة أن تركن إلى كتاب أو دفتر، وما عهدتها تتجاوز السطور والصفحات وتأخذ في التحليق والفيضان على هذا الشكل من الجمال..
لك أن تنظر وتسمع قوله: » ـ من أين تبدأنا القصيدة؟؟ كيف تختمنا الغرابة.. / تلك السماء بعيدة / والأرض أجمل من أغانينا وأنبل/ ضوئي عيونك.. أنت من شمسين أجمل/ لو غبت عنك.. أغيب كي آتي على رمانة / وصهيل منجل..« يا الله كم من سحر في هذا الشعر.. ألا تتردد معنا الكلمات »والأرض أجمل من أغانينا وأنبل«؟؟.. ألا نشعر بأن هناك فضاء مفتوحة على التوقع مع كل مفردة؟؟.. ألا نود لو أن الكلمات تفيض ولا تنسى ما دامت بهذا الإبهار الجميل العذب؟؟.. تنحني القامة للشعر حين تصعد قامته إلى الأعلى لتكون النجم والقمر والسحاب.. فما أصفى الشعر وألذه حين يكون بكل هذه الروعة..