التسجيل قائمة الأعضاء



 
القدس لنا - سننتصر
عدد مرات النقر : 137,836
عدد  مرات الظهور : 162,275,320

اهداءات نور الأدب

العودة   منتديات نور الأدب > رابطة نـور الأدب (مسجلة ومرخصة) > الأقسام > مكتبة نور الأدب
موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع
قديم 27 / 12 / 2009, 12 : 02 AM   رقم المشاركة : [1]
طلعت سقيرق
المدير العام وعميد نور الأدب- شاعر أديب وقاص وناقد وصحفي


 الصورة الرمزية طلعت سقيرق
 





طلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: مدينة حيفا - فلسطين

Hasri محرقة غزة ونهاية الأسطورة .. كتاب من تأليف د. يوسف جاد الحق

محرقة غزة ونهاية الأسطورة ..


د. يوسف جاد الحق



نشر في دمشق / 2009



مهدى من الكاتب
لموقع نور الأدب

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
طلعت سقيرق غير متصل  
قديم 27 / 12 / 2009, 14 : 02 AM   رقم المشاركة : [2]
طلعت سقيرق
المدير العام وعميد نور الأدب- شاعر أديب وقاص وناقد وصحفي


 الصورة الرمزية طلعت سقيرق
 





طلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: مدينة حيفا - فلسطين

رد: محرقة غزة ونهاية الأسطورة .. كتاب من تأليف د. يوسف جاد الحق

كلمة أولى



[align=justify]
لم ينْجلِ الغبار، ولم تجف الدماء بعد. ما حدث حتى الآن هو أن السماء أقلعت عن مطر كالجحيم انهال على الأرض والبشر في غزة، وأن العاصفة الهوجاء خفتت، وهدير المدافع نأى وابتعد، وإن لم يتوقف القتل ولم ينقطع النزف.
كنا نؤثر التريث إلى أن ينجلي الموقف تماماً، ولكننا، بما يعتلج في القلب من نار تستعر، وما نحسُّ به من واجب نحو الأهل هناك، ومن واجب كشف الحقيقة عارية، في حدود ما يُعلم وما يستطاع، وما ألقته الأحداث على عواتقنا جميعاً من مسؤوليات، ذلك كله يدفعنا إلى المبادرة لكشف ما شهدنا وقرأنا وعرفنا من الظاهر المعلن، والخفي المستتر وراء حجب يراد بها التعتيم على الحقائق. ليست الأسباب المعلنة من قبل العدو، والتي قدمها إلى العالم كمسوِّغ للجريمة ـــ المحرقة التي خطط لها وأعدَّ جيداً قبل أن يقدم على تنفيذها بزمن، ليست تلك الأسباب المعلنة هي الحقيقة. من ثم رأينا أن نعرض للأسباب الحقيقية، بعد أن نمر بالأسباب المعلنة التي تهدف إلى تضليل الرأي العام وصرفه عن معرفة ما يدور في الخفاء وراء الكواليس والحجب. ثم نمضي إلى عرض النتائج التي ترتبت عليها راهناً، والتي سوف تسفر عنها في قادم الأيام. ولكل من الخفي والمعلن من الأسباب نتائجه، وتلك النتائج تتعلق بجهات عدة تتأثر بها سلباً أو إيجاباً، تبعاً لاختلاف أطرافها في مواقعها المختلفة، ونصيبها من التبعة والمسؤولية، وحسابات الربح والخسارة لدى الفرقاء المعنيين.
هنالك نتائج أولية آنية ولفترة قريبة من الزمن، وهذه قد يتيسر علاجها على نحو ما، ولكن النتائج بعيدة المدى تقتضي الروية والتدبر، ودراسة الاحتمالات المتوقعة لناحيتي:
(أ) تلافي أخطار قد تجيء إذا ما أسيء التفسير والتقدير.
(ب) الإفادة مما حدث مما يستدعي الإعداد والتحضير لما هو قادم. لعلنا لا نذهب بعيداً ــ كعرب وفلسطينيين ـ إذا ما قلنا أننا على مفترق حاد، أو إننا عند منعطف شديد الخطر من شأنه تغيير المشهد كله. ذلك أن الطريق الذي سوف يُسلك بعد هذا المنعطف سوف يختلف عن كل ما سبق أن مرَّ بنا في معركتنا الطويلة مع العدو بأطرافه جميعاً، (إسرائيل) وأمريكا، وبعض دول الغرب، والضالعون مع هؤلاء من الأعراب. بإيجاز يمكننا القول بأن ما بعد محرقة غزة لن يكون أبداً كما كان عليه قبلها.
إن التلكؤ أو التباطؤ أو التراخي، في هذه المرحلة الحرجة للغاية من قبل المهتمين بالشأن الوطني والقومي، من كتَّاب وسياسيين وإعلاميين وبحَّاثة، هو بمثابة تقاعس لا يغتفر عن القيام بالمهمة التي هي مسؤولية هؤلاء جميعاً.
إن ما حدث يقتضينا التصدي للمسألة دراسة وتحليلاً ابتغاء الوصول إلى رؤية واضحة تلقي الأضواء الكاشفة على معالم الطريق الذي سوف نسلكه فيما نحن متوجهين إلى الهدف المنشود.
***
من ثم رأينا أن علينا القيام بهذا الجهد، على تواضعه، منذ الآن، ومع توقف العمليات العدوانية الإجرامية، عقب ثلاثة وعشرين يوماً، كل يوم منها بطول دهر على أهلنا هناك، كما هو علينا نحن، عرباً ومسلمين، في كل مكان لإحساسنا بالعجز عن مشاركتهم ما يتعرضون له من آلام، والوقوف معهم في معركتهم المحتدمة الأوار مع العدو.
المنهج الذي سنتبعه في عرضنا لمحرقة غزة ــ خلفياتها وأسبابها والنتائج المترتبة عليها ــ لن يكون سجلاً تاريخياً، إلا في حدود ما يقتضيه البحث. كما إننا لن نذهب إلى إسهاب في الوصف لما حدث كوقائع، ذلك أن ما حدث شاهده الناس على الشاشات الفضائية بأم أعينهم، على مدار الساعة من كل يوم من أيام المحرقة، إلا أن عرضاً مكثَّفاً لا بد منه تقتضيه بنية العمل، هذا من جهة، ولأن هذا الذي شاهده الناس، من جهة ثانية، ليس في وسع كاتب أن يصفه بالكلمات دون أن يفقده الكثير من حقيقته وواقعه.
إذن سوف نعمد إلى (تفسيرٍ) لما حدث وليس إلى توصيفٍ له. والتفسير قد يتفق عليه بعضهم ويختلف آخرون. قد تختلف التحليلات والتفاسير الصادرة عن أكثر من جهة للمعطيات الواحدة باختلاف الرؤى والمواقع، لا سيما إذا كانت الوقائع موضع البحث ذات خلفيات وجذور عميقة الغور، بعيدة في الزمن أسَّست لما هو جارٍ الآن، فهذا هو حال قضيتنا الفلسطينية العربية منذ بداياتها.
[/align]

د. يوسف جاد الحق
طلعت سقيرق غير متصل  
قديم 27 / 12 / 2009, 19 : 02 AM   رقم المشاركة : [3]
طلعت سقيرق
المدير العام وعميد نور الأدب- شاعر أديب وقاص وناقد وصحفي


 الصورة الرمزية طلعت سقيرق
 





طلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: مدينة حيفا - فلسطين

رد: محرقة غزة ونهاية الأسطورة .. كتاب من تأليف د. يوسف جاد الحق

[align=justify] <H1 dir=rtl style="MARGIN: 5pt 0cm">المحرقة والأسباب المعلنة

عندما قامت (إسرائيل) بعدوانها البربري السافر في يوم السابع والعشرين من كانون الثاني عام 2008، بالقصف الجوي بطائرات من سائر الأنواع F16 وF18 و B52 ومروحيات الأباتشي، وطائرات بدون طيار، متعمدة أن يشمل القصف سائر أرجاء قطاع غزة، بدءاً من بيت حانون شمالاً، على الحدود مع كيان العدو حتى رفح في الجنوب مع الحدود المصرية، لمدة ثمانية أيام متتالية، لم تتوقف فيها الطائرات عن طلعاتها على مدار الساعة.. ثم أتبعت عملياتها الجوية بالتحرك البري بغية اقتحام المناطق السكانية بالدبابات والمشاة الأمر الذي لم تمكنها منه المقاومة بفصائلها مجتمعة من حماس، والجهاد الإسلامي، والجبهة الشعبية، وغيرها، وكانت هذه صورة رائعة لوحدة النضال الفلسطيني أمام العدو في غزة.
في المرحلة الأولى ـ الاقتصار على عمليات الطيران ـ أوقعت دماراً هائلاً في المباني والمنشآت والمدارس والمشافي والمساجد، كما أوقعت نحواً من أربعمائة من الشهداء بين المدنيين وأكثر من ضعف هذا العدد من الجرحى واستمرت عمليات الطيران وحده ثمانية أيام، ثم بدأت عمليات ما أطلقوا عليه (المرحلة الثانية) بالزحف البري، الذي لم يلبث أن توقف عاجزاً عن إنجاز المهمة باقتحام المدينة في يوم 18 يناير. وما إن توقفت (إسرائيل) عن إطلاق النار بعد ثلاثة وعشرين يوماً، ومن جانب واحد، حتى بلغ عدد الشهداء ألفاً وأربعمائة والجرحى خمسة آلاف وستمائة. أما عن الدمار فما هدِّم وخرِّب يفوق الوصف. وقد شمل ـ إلى جانب ما ذكرنا آنفاً ـ البنية التحتية بكاملها، ناهيك عن أن هذا كله جرى في ظل حصار محكم لا يصل فيه إلى أهل غزة غذاء أو دواء أو معونات من أي نوع، اللهم إلا ذلك النزر اليسير الذي كان يتسرب إلى القطاع بشق الأنفس، وفي النهاية لا يسد الرمق، ولا يسمن ولا يغني من جوع، أو يشفي من جراح، أو ينقذ من يشرف على الموت. وقد وفدت إلى غزة جماعات أوروبية عبر البحر على سفن تطوع منظمو رحلاتها بتقديم معونات عينية لأهل غزة، يرافقونها بأنفسهم، تعبيراً عن التضامن مع مقاومي العدوان من الفلسطينيين. وبقدر ما كانت هذه البعثات التطوعية إنسانية الطابع أدخلت إلى النفوس الشعور بالعرفان والمحبة بقدر ما كانت سبباً مثيراً للألم إذ جعلت الناس في كل مكان يتساءلون: أين الإخوة العرب من هذا كله...؟
أما على صعيد الخسائر المادية فقد قدِّرت الخسائر في العمران والبنيان والمنشآت بما ينوف على المليارين من الدولارات.
أعلنت إسرائيل أسبابها لتسويغ هجومها الوحشي أمام شعبها أولاً، ثم أمام الرأي العام في الخارج، دون أن تحسب للجانب العربي أي حساب. ذلك أن الجانب العربي منقسم على نفسه، فمنه ما هو صامت كأبي الهول، عن رضى أو عجز أو ابتغاء السلامة، ومنه ما هو موافق ضمناً، على ما يجري، ومنه ما هو مشجِّع عليه إلى حدّ تبرير ما أقدمت عليه (إسرائيل)، وربما مشاركتها إياه بطريقة ما. والصامتون في مثل هذه الأحوال يمكن اعتبارهم في خندق العدو.
كان من شأن ذلك، وكرد فعل له أن صدمت الجماهير العربية تماماً، وخابت آمالها في دول عربية كان يفترض فيها وجوباً أن تهب لنصرة أشقائها في محنتهم في غزة، وإذ بها ترى أنظمتها ودولها وكأن الأمر لا يعنيها، عند بعض، وكأنها شريكة في العدوان، عند بعض آخر، لا سيما في مسألة الحصار وإغلاق المنافذ من كل جانب، برّاً وبحراً، وجوّاً بطبيعة الحال.
نأتي إلى ذكر الأسباب المعلنة التي ادعت (إسرائيل) أنها كانت دافعها إلى القيام بعدوانها المنكر:
1 ـ وقف إطلاق الصواريخ من قطاع غزة.
2 ـ استعادة الأسير (جلعاد شاليط) الذي أسرته المقاومة عام 2006.
3 ـ القضاء على تنظيم حماس تحديداً أو إضعافه.
4 ـ عدم تجديد حماس للهدنة التي كانت قائمة منذ شهور ستة.
لماذا هي أسباب مدَّعاة وكاذبة؟:
* لأن وقف إطلاق الصواريخ لا يتطلب بالضرورة هذا العدوان الصارخ، وبهذا الحجم الهائل، لكي يطال سائر من يعيش في القطاع من البشر، ولكي يشمل كل شبر من مساحة القطاع، لا سيما إذا علمنا:
(أ) بأن الصواريخ كانت تطلق على الكيان الصهيوني منذ زمن بعيد قبل ذلك فلماذا الآن...؟
(ب) لأن الصواريخ وصفت ـ من قبلهم قبل غيرهم ـ بالهشة غير ذات التأثير.
(ج) لأنهم قلما اعترفوا بأنها أوقعت أذى بأحد. وكانوا في كل مرة يعمدون إلى التقليل من أهميتها، فكيف أصبحت الآن تستحق حرباً كهذه ساحقة ماحقة لا تقوم إلا بين دول ذات جيوش جرارة.
* استعادة الأسير إياه سبب آخر مدَّعى، إذ كان من الممكن إنهاء قضيته (التي جعلوا منها قضية بحق) عن طريق المفاوضات والوساطات التي كانت جارية مع مصر منذ وقوعه في الأسر. وكان ممكناً أيضاً، لو أنهم لم يواظبوا كل الوقت، على القيام بعمليات الاغتيال والاعتداءات التي لم تتوقف أبداً في غزة والضفة، وكان ممكناً كذلك استبداله بعدد من الأسرى والمعتقلين العرب الفلسطينيين وعددهم (ينوف على أحد عشر ألفاً) وقد يتساءل المرء لماذا حرصهم الشديد هذا على عدم اطلاق سراح هؤلاء الأسرى. ما الذي سوف يخسرونه سوى العنجهية والمكابرة والظهور بمظهر القوي الجبار. ثم هل إن محاولة إطلاق فرد واحد تقتضي تعريض أعداد من جنودهم للموت في سبيله..؟ ثم أيضاً لماذا صبروا كل هذا الوقت عن (شاليط) أسيراً إلى حدّ النسيان؟ وهل تذكروه الآن فقط فجيَّشوا الجيوش، ودعوا الاحتياط، وأعدوا ميدان القتال لتدمير إقليم وإبادة شعب من أجل عيون هذا (الجليط) (الشاليط)؟
الكاتب الإسرائيلي (رامون) يقول في صحيفة (يديعوت احرونوت): (تعتبر الحكومة فاشلة لمجرد عدم قدرتها على تخليص الأسير جلعاد شاليط. نعم عجز الجيش عن تخليصه).
* القضاء على حماس. سبب آخر معلن.
هل حقاً كانوا يتصورون أنهم قادرون على القضاء على حماس، التي وجدت منذ عام 1978 على يد الشيخ أحمد ياسين، الذي اغتالوه ذات فجر من عام 2005 فيما هو عائد من المسجد عقب صلاة الفجر إلى بيته؟ وهي جريمة نكراء منكرة مرَّت ـ مرور اللئام الصامتين ـ لم يحرك من أجلها العالم ساكناً في حين أن ظروفها وملابساتها، فضلاً عن ظروف الرجل نفسه، كانت تقتضي موقفاً غير الذي رأينا يومئذ، حتى من المحافل الدولية. فالرجل مقعد، ومُسنّ، وعاجز عن الحركة، إلا عن طريق كرسي يحركه مساعدوه تطوعاً، احتراماً وإجلالاً لسنِّه ومكانته بينهم.
إذن هو سبب مفترى آخر. مجرد ذريعة يسوِّقها الإعلام الإسرائيلي والإعلام الضالع معه، وإعلام منتشر على رقعة واسعة من العالم، تملك نفوذاً عليه بالولاء أو بالشراء. القضاء على حماس ربما كان أكثر سهولة فيما مضى، ومع ذلك لم تلجأ إسرائيل إلى الإقدام عليه إما لعجزها عنه أو لتصورها أن حماس غير مؤثرة بما فيه الكفاية. إذن ما الذي حدث الآن لكي تقدم على ما أقدمت عليه..؟ ولا ينبغي لنا أن ننسى أنها كانت، قبل ذلك، تقيم حصاراً على قطاع غزة منذ فازت حماس في الانتخابات (الديمقراطية) عام 2006 التي شهد بنزاهتها وواقعيتها العالم كله، بما فيه أمريكا ـ تصريحاً ـ وإسرائيل ـ ضمناً ـ. ولقد شهد بذلك أيضاً شاهد من أهله هو الرئيس الديمقراطي السابق (جيمي كارتر)(عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]). كان يمكن لإسرائيل مواصلة حصارها الجائر مثلاً.. وكان يمكنها تجديد الهدنة والوصول إلى تسويات لن تخسر فيها شيئاً، فهي سارقة فيما مضى لكل شيء، وما يمكن أن (تتنازل) عنه ما هو إلا جزء من المسروقات في يد اللص المحترف، لم يدفع في الاستيلاء عليه سنتاً واحداً..‍ أجل. ماذا عليها لو أنها تنازلت عن بعض مسروقاتها لينتهي الأمر بـ(سلام) ودون الحاجة إلى بحر من الدماء تغوص فيه إلى الأذقان، مستخدمة من الذخيرة والقنابل والصواريخ ما لو ألقي على دولة ذات جيش جرار لحلَّت بها هزيمة نكراء محققة..؟
* أما عن ادعائها بأن حماس رفضت تجديد الهدنة، فهذه فرية أخرى تدعيها كذباً، ودونما خجل. إذ أن هناك شهوداً عرباً وأجانب متابعون وملمُّون بما كان يجري في هذا الصدد بين حماس وإسرائيل عن طريق وسطاء. وقد أعلنت حماس أنها لم تتلق من أي جهة كانت ما يفيد بأن تمديد الهدنة مطلب امتنعت عنه بعد أن تقدم به إليها أحد، من جهة ثانية. هل كان من الحكمة في شيء أن تعمد حماس، هكذا من تلقاء نفسها لتمديد الهدنة، خدمة مجانية إلى العدو؟ أو لنقل، على سبيل المكافأة له على حصار تجويع مُرّ فرضه عليها لأكثر من عام ونصف، (منذ حزيران 2007) دونما سبب على الإطلاق، وفي ظل هدنة كانت قائمة يلتزم بها طرف واحد؟ بل إن إسرائيل اغتالت في فترة الهدنة تلك ستة وثلاثين من رجال حماس. من الذي أوجب إنهاء صلاحية تلك الهدنة إذن بأفعاله الإجرامية الشيطانية؟ أليست هي إسرائيل لغايات في نفسها وتنفيذاً لخططها المرسومة ونواياها الشريرة المبيتة؟


([1]) الرئيس كارتر عراب اتفاقية (كامب ديفيد) عام 1979.


[/align]
</H1>
طلعت سقيرق غير متصل  
قديم 27 / 12 / 2009, 44 : 01 PM   رقم المشاركة : [4]
طلعت سقيرق
المدير العام وعميد نور الأدب- شاعر أديب وقاص وناقد وصحفي


 الصورة الرمزية طلعت سقيرق
 





طلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: مدينة حيفا - فلسطين

رد: محرقة غزة ونهاية الأسطورة .. كتاب من تأليف د. يوسف جاد الحق

[align=justify] <H1 dir=rtl style="MARGIN: 5pt 0cm">الأسباب (الأهداف)الحقيقية الخفية للمحرقة



إذن كانت الأسباب المعلنة كلها باطلة مفتراة ومدَّعاة من أجل تسويغ العدوان المبيَّت، والمدبر سلفاً منذ ما ينوف على ستة شهور(عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ])، والذي يهدف إلى تحقيق أمور أخرى ذات أبعاد استراتيجية خطيرة. لعلنا في هذه المقاربة نستطيع تحديد أهمها.
هناك مخطط إسرائيلي قديم يقوم على استراتيجية أساسية هدفها الأسمى إقامة (دولة يهودية) صرف، يسمونها (نظيفة) أو (نقية) أي خالية من أي عنصر آخر. حتى إن بعض الإسرائيليين الجدد يخطِّئون الآباء القدامى لأنهم لم (يستأصلوا) الفلسطينيين تماماً في حرب عام 1948. وإذا كان أولئك قد عجزوا عن فعل ذلك يومئذ، بسبب من ظروف كانت قائمة حالت دونه، فقد كان في وسعهم ـ هكذا يقول هؤلاء ـ أن يفعلوه عام 1967 عندما احتلوا ما تبقى من فلسطين (قطاع غزة الذي كان تحت إدارة مصرية، والضفة الغربية التي كانت تحت إدارة أردنية)، وأراضٍ عربية أخرى هي سيناء المصرية، والجولان السورية. وما داموا لم يقدموا على ذلك في الحالتين فما الذي يحول دونه اليوم..؟
يرى هؤلاء أن على إسرائيل استدراك ما فات والعمل على تنفيذه الآن، فالظروف أصبحت مهيأة تماماً، ومواتية على نحو قد لا يتكرر في المستقبل، لا سيما وأن الإدارة الأمريكية السابقة (إدارة بوش قبل رحيلها) إسرائيلية قلباً وقالباً. إسرائيلية أكثر من الإسرائيليين أنفسهم، بفضل (المحافظين الجدد)، وهم يهود صهاينة في مجملهم، يحيطون بالرئيس ــ الألعوبة إحاطة تكاد تكتم أنفاسه، بل وإن بعضهم يقيم معه في أبهاء البيت الأبيض. نذكر، على سبيل المثال أحدهم هو (الحاخام جيري فالويل) الذي كان، قبيل وفاته منذ وقت قريب، يقيم هناك، يشارك الرئيس إفطاره كل صباح، بعد أداء صلاة يهودية وإقامة طقوس تلمودية بقيادة فالويل. وقد أوحى إليه هذا بأنه (ملهم) وأنه (مختار) من العناية الإلهية في السماوات العلا من يهوه ذاته..!، لكي يقاتل المسلمين في أفغانستان والعراق أولاً، ثم يذهب إلى ما تبقى من أقطارهم وديارهم واحدةً إثر أخرى. وقد رأينا تحرشه بإيران وباكستان والسودان وسوريا والصومال... وقد بلغ الأمر حدّاً أن بوش هذا لم يعد يتورع عن الإعلان جهاراً بأن الله (يأتيه) في منامه ليطلب إليه تنفيذ ما أمر به (فالويل)، وأن هذه مهمة (صليبية) مقدسة مكلف هو بها من الله..!! والغريب أن جورج بوش لم يفطن إلى أن فالويل من ألدّ أعداء السيد المسيح عليه السلام(عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]).
إضافة إلى هذا كله، وهو على قدر بالغ من الأهمية أن هناك نفر من بين الفلسطينيين استطاع شراءهم أو تدجينهم بحيث أمسوا على استعداد للتعاون معه والتجاوب مع مطالبه، سياسياً بل وأمنياً أيضاً. بل إن بعضهم بنى صداقات شخصية مع أقطاب الإرهاب من حكام إسرائيل. من هؤلاء جماعات أوسلو وهذه إحدى إفرازاتها الغاشمة الظالمة الضالة.
لم يعد غريباً، والحالة هذه، أن يمضي (جورج بوش) في دعم توجهات إسرائيل التلمودية من جهة، ثم دعمها على الصعد الأخرى العسكرية والمالية، كما في المحافل الدولية كافة من جهة ثانية. من ضمن الوعود السخية التي قدمها (بوش) لهؤلاء ما لا يقل خطورة عن وعد (آرثر بلفور عام 1917) حين أقرَّ (أولمرت) مؤخراً على القيام بتنفيذ فكرة (الدولة اليهودية) في فلسطين كلها، بحيث تشمل أيضاً عرب 1948 الذين هم أصل السكان، أصحاب البلاد الشرعيين منذ آلاف السنين الذين لم يغادروا أرضهم عام النكبة.
من الأهداف الخفية الحقيقية غير المعلنة التي حرصوا على إبقائها طي الكتمان ما سنأتي على ذكره فيما يلي:
1ـ إسرائيل يهودية:

أي تهويدها بالكامل أي أن تكون (اليهودية) هوية الكيان.
هنا لا بد لنا من التوقف أمام مسألة (يهودية الدولة) هذه وخطرها على سائر الشعب الفلسطيني وقضيته.
المعروف أن اليهودية دين وليست قومية. من هنا فإن (الدولة اليهودية) المزمع تأكيدها وتوطيدها، هي (دولة) ذات إيديولوجية دينية تقوم في الأساس على مبدأ التمييز العنصري، والتعصب والانغلاق على معتقدات ومفاهيم تلمودية وتوراتية مغرقة في بدائيتها وتخلفها. أضف إلى ذلك أنها ستكون (الدولة) الوحيدة التي تقوم في عالم اليوم على أساس ديني صرف ــ سياسة وليس إيماناً بالدين اليهودي نفسه ـ أي أنها تحمل عنواناً دينياً، في ظاهره، ولكنها سياسة في مضمونها، غايتها إبراز التفوق اليهودي، كعنصر، على غيره من سائر البشر. ولعل تقليد (الجيتو الانغزالي) الحي اليهودي هو نفسه يعود اليوم ولكن في شكل(دولة) منغلقة على ذاتها ومواطنيها.
الغريب أن الحضارة الغربية التي عملت على فرض مفاهيمها على بقية أرجاء العالم، منذ قرون، لا ترضى عن قيام دولة ما على أساس ديني صرف، تستبعد من (مواطنيها) كل من هو ليس بيهودي، هذه الحضارة نفسها سوف تصم بالتخلف والتشدد والتطرف (وربما بالإرهاب) لو أن جهة ما أعلنت نفسها (دولة إسلامية نقية..!) لا تسمح لغير المسلم بالإقامة فوق أراضيها. هذا مع ملاحظة أن أرضنا التي يتواجد عليها الكيان الإسرائيلي ليست سوى أرض اغتصبتها شراذم عصابات تجمعت من شتى أطراف الأرض، ولم تكتف بذلك بل هي تريد الآن، عن طريق استيلاد مولود مشوه اسمه (الدولة اليهودية) حرمان أصحابها هؤلاء الشرعيين الحقيقيين من مجرد البقاء عليها، ليحل محلهم بولونيون، وروس، وخزر، وليتوانيون مافيات غريبة وقطاع طرق ليس إلا...
كيف يتسنى لهم هذا وفي غزة وحدها مليوناً ونصف المليون عربي فلسطيني؟ وغزة بصورة خاصة، ـ وهذا لا يقلل من شأن من في فلسطين من عرب آخرين ـ شوكة حادة في حلق الكيان الصهيوني لا تدري كيف يمكنها التخلص منها(عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]). إذن فلنبدأ بغزة أولاً ثم نتبعها بالضفة، ثم عرب 1948 في وقت لاحق أخير. بمعنى أننا إذا ما نجحنا في غزة فسوف يسهل علينا عندئذ المضي في المخطط إلى نهايته. هذا هو لسان حالهم. ولن نتحدث الآن عن استراتيجيتهم الأبعد مدى لتحقيق (إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات) التي تنتظر نضج الظروف المواتية لتحقيقها.
ولكن ما هو السبيل إلى تحقيق الخطوات الأولى العملية الممهدة لما هو لاحق ونهائي وهو الهدف الاستراتيجي المبتغى؟
تتلخص الإجراءات العملية ــ ليصبح هذا واقعاً على الأرض ـ في الآتي:
أ ـ القتل السريع المباشر. إبادة فردية وجماعية.
ب ــ القتل البطيء والأساليب المفضية إلى ذلك عديدة ومتنوعة.
ح ـ زرع بذور الفتنة والشقاق بين أبناء الشعب الواحد.
د ـ تشويه سمعة الفلسطينيين والتحريض عليهم لكسب الموافقات على ما يرتكبون من جرائم في حقهم، ونسبتها إلى ما يسمونه (الإرهاب) عربياً وإسلامياً، وهذا يشمل الفلسطينيين بطبيعة الحال..!
الوسيلة ـ الهدف(أ): يتم عن طريق القتل الجماعي المباشر بالطيران وجيوش البر والبحر في عمليات ساحقة لا تبقي ولا تذر حيثما تقع، وتدمير البنية التحتية في الوقت عينه. والإبادة هنا لا تعني من يسقط شهيداً كرقم مجرد، ولكنها تعني أيضاً ما يسفر عنه في المدى البعيد هذا القتل لصالح المسألة الديمغرافية. فالألف تصبح عشرات من الآلاف في مدى معين من الزمن. إذن فلتقطع السبل على إمكان الإنجاب والتكاثر لهؤلاء الذين يقتلونهم. أي بعبارة أخرى قتل النسل وتقليله توطئة لإنهائه مع الزمن. وهم لا يحسبون الزمن بالأيام والشهور، وإنما بالسنين والعقود على التراخي، ليفعل الزمن فعله تلقائياً، والزمن خير معين ومنفِّذ في هذه الحال، لاسيما إذا بقي العرب على ما هم عليه من التراخي واللامبالاة إزاء ما يجري عليهم في عقر دارهم فلسطين.
وهم يعرفون، أو لعلهم أدركوا بالتجربة، وعلى مدى ستين سنة بعد عام 1948 أن الفلسطينيين تعلموا الدرس بعد عام النكبة، فهم لن يدفعوا إلى الهجرة مرة أخرى، وإنما هم متشبثون بأرضهم يفضلون الموت حيث هم على ثرى وطنهم، في أي مكان منه، وبأي وضع كان على أرض فلسطين.
يقول بعضهم هذه الأيام، لو أن الفلسطينيين صمدوا عام 1948 كما هو حالهم اليوم ولم يهاجروا جموعاً، زرافات ووحداناً، لما حصل الذي حصل، وبالكيفية التي جرت، ولتغيرت الصورة برمتها عما هي عليه الآن. ولكن هؤلاء نسوا, أو تناسوا الظروف التي كانت قائمة يومئذ. ومن أهمها أن الجيوش العربية التي أعلنت ــ عن طريق الجامعة العربية ـــ والمؤتمرات العربية آنذاك بأنها ستدخل فلسطين في 15 أيار من ذلك العام، فور خروج بريطانيا الدولة المنتدبة في ذلك التاريخ، بعد أن تخلَّت عن انتدابها في هيئة الأمم المتحدة، وأن على الناس أن يطمئنوا إلى أنهم بعد خروجهم، بعيداً عن ميادين القتال، لكي يسلموا بأرواحهم، سوف يعودون إليها مع الجيوش الظافرة معزَّزين مكرَّمين.. سالمين غانمين..!! هذا ما قيل لهم. صدَّق الناس ما ألقي إليهم من أقوال وما أزجي من وعود. وكيف لا يصدقون!؟ ألم تكن جيوشاً عربية سبعة (بقيادة البريطاني الميجر (جلوب) باشا..!!) ألم يكن اليهود قلة؟ أطلقوا عليهم، للتهوين من أمرهم عيارات من قبيل (شذاذ الآفاق) (شراذم اليهود) (حثالة البشر).. إلخ، في حين كانوا عصابات مدربة على السلاح والقتل كانت أهمها: الهاجاناه، وارغون، وشيترن، وتسيفاي ليئومي..
ومما ساعد على دفع الناس إلى الهجرة المؤقتة ـــ كما خيل إليهم وألقي في روعهم ــ حرصهم على أعراضهم أكثر من أي شيء آخر. فقد وقعت مذابح كثيرة، كان أهمها دير ياسين(عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]) إذ عمد اليهود إلى تعرية النساء من أهل القرية، والطواف بهن في شاحنات في شوارع القدس، في عملية (استعراض) لشجاعتهم.. أما الرجال فقد ألقي ببعضهم جرحى وأحياء في الآبار. كان (مناحيم بيجن) يفاخر بأنه لو لم يفعل ذلك في دير ياسين لما غادر الفلسطينيون قراهم ومدنهم، ولم تقم بالتالي لإسرائيل قائمة. بيجن هذا شارك بنفسه في كل ما جرى هناك. ولسخرية القدر أصبح فيما بعد رئيساً للوزراء في الكيان الصهيوني.
الظروف الآن غيرها بالأمس. عرف الفلسطينيون معنى الهجرة، وما رافقها من تشرد واغتراب ومهانة خارج الوطن. عرفوا أن من لا وطن له لا كرامة له، وأصبح شعارهم، من ثم البقاء في فلسطين أو الموت دونها.
الوسيلة ـ الهدف (ب): وسائله متعددة ومتنوعة في المتناول ما دامت الأرض محتلة وأهلها شبه عزَّل. ومن ثم يمكن أن يصطنع العدو ما شاء من أسباب لكي يصل إلى غايته. يعينه على ذلك ضلوع قوى كثيرة في العالم، معظم الغرب وبعض العرب والمسلمين الذين يأتي ظلمهم وضلوعهم (أشد مضاضة على النفوس من وقع السيوف وحراب البنادق). ومن هذه الوسائل (التجويع) عن طريق الحصار ويتبعه (المرض) بدون وسائل علاج. التعرُّض للجوع والخوف والحرمان من سائر وسائل العلاج، يستتبع بالضرورة إضعاف البنية للكائن البشري نفسه فكراً، وشخصية، وجسداً وروحاً، يضاف إلى ذلك نشوء عقد نفسية كثيرة تفضي إلى كآبة ممرضة، ويأس قاتل يؤدي في النهاية إلى الاستسلام حين يعجزون عن المقاومة، وتنحصر همومهم في البحث عما يسد رمقهم ويقيم أودهم. لن يصبحوا، أو لنقل لن يصبح من يبقى منهم، بعد الموت وبعد الرحيل (transfer) أكثر من خدم أقرب إلى العبيد، وكأنه رقٌّ مقنَّع. ولا ننسى في هذا الصدد إجراءات وقف الدراسة وتراجع التعليم لتسود الأمية والجهل. على غرار ما حصل في العراق، فأصبحوا يتربصون بالعلماء وأساتذة الجامعات والأطباء والمهندسين وسائر الفئات المثقفة في شتى حقول المعرفة والعلم، يترصدونهم ثم لا يتورعون عن قتلهم، جهاراً نهاراً، على أيدي جماعات الموساد، ومن على شاكلتهم من أمريكان ومرتزقة. حتى أن أمراً على هذا القدر من الإجرام أنيط القيام به إلى شركات تجارية... قوام تجارتها (كبضاعة) الإنسان نفسه، مثل شركة
(
Black water) المأجورة التي اشتهرت بجرائمها المروعة في بلاد الرافدين(عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]).
يضاف إلى ما سلف إجراءات تلويث البيئة، من قبيل تعمد تخريب البنية التحتية، من بينها مصادر المياه بحيث تختلط مياه الصرف الصحي بماء الشرب. وفي هذا ما فيه من بلاء، وما له من أخطار وآثار على الصحة العامة. وكذلك تدمير وسائل المواصلات والطرق وآلات الري والزراعة والصناعة، وانقطاع الكهرباء وفقدان الوقود. ماذا يتبقى بعد هذا ليتحقق الموت البطيء الناجز، ثم التلاشي مع الزمن..؟ لم يبق إلا الهواء يمنعونه عن الفلسطينيين هناك لو استطاعوا...!
أما عن تسريب أطعمة ملوثة فحدِّث ولا حرج. وهم قادرون مقتدرون على استيراد وتوزيع مواد غذائية غير صالحة للاستهلاك البشري، محملة بنسب من عناصر الإشعاع باليورانيوم أو الراديوم أو التسمم بالزرنيخ والرصاص ضمن المواد الحافظة، بزيادة كمياتها عن النسب الآمنة. ولهم في دول الغرب الصناعية (المتعاونة) من يؤازرهم، ومن يسهم في ذلك كله، إلى حد استخدام أسماء شركاتهم وعناوينها وماركاتها في أوروبا وأمريكا إبعاداً للشبهة عن إسرائيل، التي يمكن أن يحاذر الناس من الاقتراب من منتجات تحمل أسماء وعناوين شركات إسرائيلية. وهذه تفضي بطبيعة الحال إلى انتشار أمراض فتاكة قاتلة، كالسرطان والفشل الكلوي وقصور القلب وتشمع الكبد وهشاشة العظام وغير ذلك كثير لتفعل فعلها المضمون مع الزمن كواحد من أسلحتهم في حربهم الضروس الديمغرافية.
ألم يتسرب في وسائل الإعلام منذ سنين عن جهات إسرائيلية تعمل في جامعة (تل أبيب) ومخابرها العلمية أنهم بسبيل إنتاج فيروسات لا تصيب غير العرب؟ استبعد الكثيرون إمكان ذلك من الناحية العلمية العملية، واعتبروه بمثابة النكتة، أو أنه ضرب من الخيال الجامح، أو هو من قبيل الحرب النفسية لإثارة الرعب والبلبلة في النفوس، فهم لا يدَّخرون وسيلة في حربهم علينا. ثم تبين أن هذا يقع في حدود الممكن إذا ما أخذ في الحسبان ما توصل إليه العلم في مسائل الجينات والمورثات والكروموزمات والحمض النووي، واختلاف هذه بين شعب وآخر، واحتمال التأثر بها لدى شعب ذي خصائص معينة تميزه عن غيره حسب عرقه وفصيلته وجنسه (Race).
الوسيلة ـ الهدف (ج): هدفت هذه الوسيلة إلى زرع الشقاق وتأجيج الخلاف بين أبناء الشعب الواحد.
وإذ وجدت إسرائيل نفسها عاجزة عن استخدام العامل الديني والطائفي ــ لانعدام مقوماته في فلسطين العربية ــ لجأت إلى تحريض فصيل على فصيل، واستطاعت ــ للأسف البالغ ــ أن تغري جماعات بعينها بالمال وبالمناصب في سلطة، هي في الواقع ليست أكثر من وهم خادع، إذ ليست لها أي مقومات تصلح لأن تقيم سلطة(عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]) ذات سيادة في ظل احتلال مسيطر على كل شيء كقوة عسكرية، وبالنفوذ السياسي السلطوي المتسلط. وكان هؤلاء من جماعة اتفاقية (أوسلو) الموقعة بين عرفات ـ عباس عن الجانب الفلسطيني، وبيريز ـ رابين عن الجانب الإسرائيلي عام 1993، استطاعت تحقيق هدفها في خلق انقسام وشقاق وأزمة عصية على الحل فيما بدا حتى الآن على الأقل.
مضى الإسرائيليون في لعبتهم الخطرة. وقد شجعهم على ذلك استجابة ذلك الفريق المطلقة لرغباتهم بوضع كافة أوراقهم، بل ومصير القضية برمتها والشعب الفلسطيني في قبضة العدو، ما دام هذا العدو يسمح لهم بسلطة تحقق لهم مصالحهم الشخصية ولو كان ذلك على حساب قضيتهم المقدسة.
كما لجأ العدو إلى إثارة النزعات القبلية والعشائرية والعائلية عند من لا فوارق مذهبية أو طائفية بينهم من العرب، فقسموا الناس إلى خصوم وإلى موالين في السياسة، والمناصب والمؤسسات، إلى معتدلين ومتطرفين. وجدير بالذكر أن شعب فلسطين عاش على الدوام بمسيحييه ومسلميه ــ وهم قوام الشعب الفلسطيني ــ في محبة ووئام على مدى أربعة عشر قرناً منذ العهدة العمرية في أوائل الفتح الإسلامي تجمعهم راية الوطن والمواطنة.
الوسيلة ــ الهدف (د): تشويه سمعة الشعب الفلسطيني خاصة، والعربي والإسلامي عامة أمام الرأي العام العالمي.
واصلت إسرائيل ــ كما في السابق ــ دمغ المقاومة والشعب الفلسطيني ـ بوصفه حاضناً لها ـ بالإرهاب. وقد سبق لها أن ربطت بين ما حدث في الحادي عشر من أيلول 2001 في أمريكا (حادث البرجين والبنتاجون)(عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ])،وإعلان أمريكا الحرب على (الإرهاب) وما بين ما تتعرض له هي (كذباً بطبيعة الحال) من تهديد لأمنها عن طريق (الإرهاب الفلسطيني)، واستطاعت بذلك أن تضفي على جرائمها صفة الشرعية. وكان (جورج W بوش) الصغير خير مؤيِّد لها، ومعه من حوله (بطانة من المحافظين الجدد) وجلهم، كما هو معروف من اليهود الصهاينة أمثال: ريتشارد بيرل، وبول ولفتز، ودانيل بابيس، والحاخام جيري فالويل وغيرهم.
وإلى جانب هؤلاء في إدارة بوش ضالعون خاضعون لرغبات تلك العصابة أمثال (دونالد رامسفيلد) وزير الدفاع، و(ديك تشيني) نائب الرئيس، و(كونداليزا رايس) وزيرة الخارجية التي اتخذت بدورها معاونين لها من اليهود أمثال (ديفيد ساترفيلد)، (كان سفيراً لأمريكا في بيروت) و(ديفيد والش) ذلك الحاقد البغيض.
استطاعت هذه المجموعة أن تلعب على الوقت ـ مع الرئيس بوش ـ فتضيع من عمر القضية الفلسطينية ثماني سنوات كاملة، في ظل أوهام السعي نحو السلام للوصول إلى إقامة (دولة فلسطينية) وهمية، وهو ما أسموه آنذاك بمبدأ نظام الدولتين، فلسطينية وإسرائيلية. وقد أعلن ذلك الرئيس (بوش) منذ الأيام الأولى لدخوله البيت الأبيض، ولكنهم بدهاء منقطع النظير استطاعوا تمييع المسألة برمتها في مفاوضات عبثية لم تحقق شيئاً مستخدمين في ذلك عناوين مضللة لخطط وهمية كخارطة الطريق وانا بوليس وأخواتها الكثيرات. وإلا فأين هي نتائج ذلك كله غير قبض الريح..!؟ والعجيب في الأمر أن المفاوض الفلسطيني ــ عباس وجماعته، قريع وعريقات وعبد ربه ــ استساغوا اللعبة ومضوا فيها دون تردد حتى نهاية عهد (بوش). ولا نعتقد أن هؤلاء كانوا على قدر من الغباء بحيث أنهم لم يدركوا حقيقة اللعبة، بل إنهم كانوا على معرفة بها تماماً، ولكنهم ــ كما أسلفنا ــ تقاطعت مصالحهم الشخصية الأنانية مع مصلحة إسرائيل وأمريكا، ضاربين عرض الحائط بقضيتهم وبشعبهم معاً، وبمصالح وطنهم المقدس قبل كل شيء وبعده.
مشروع الشرق الأوسطالجديد أو (الكبير)

هو مشروع يهودي صهيوني تشاركهم إياه أمريكاـ وإن يكن لمصلحة إسرائيل واليهود عامة ــ ربما تأميناً لمصالحها في المنطقة في المستقبل البعيد ــ حسب اعتقادها ـ والغاية منه متعددة الجوانب، منها:
(أ) ـ أن تصبح إسرائيل كياناً مقبولاً ضمن نسيج المنطقة، ولا تعود غريبة عنها في نظر أهلها وأصحابها الأصليين. هذا المشروع يسعى ـ من بين أهدافه الخبيثة ـ إلى إبطال القول والعمل بالانتماء القومي العربي، من جهة، والإسلامي من جهة. من ثم يصبح التطبيع، بأوسع صوره ومعانيه مقبولاً، وأمراً واقعاً، بعد أن فشلت في تعميمه، ناهيك عن ترسيخه بمعاهدات رسمية وقعت مع العدو(عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ])، ومساعي جهات كثيرة إسرائيلية وغربية وعربية. وهم يأملون من وراء هذا أن يغدو التواجد الإسرائيلي ــ اليهودي في المنطقة العربية برمتها أمراً طبيعياً عادياً مألوفاً. وأن يصبح كذلك علم إسرائيل الذي سوف يرفرف في كل مكان من البلاد العربية، التي ستكون مجالاً حيوياً لنشاطهم التجاري والاقتصادي. إضافة إلى هذا العمل على نشر ثقافة دخيلة فاسدة تعزز هذا التوجه العام على المجتمعات العربية والإسلامية، عن طريق الفنون والآداب، وبرامج التعليم والتربية، والإعلام المغرض وغيرها. النتيجة الطبيعية لهذا كله هي انتفاء كل احتمال للعمل من أجل تحرير الأرض الفلسطينية، والقضاء على حق العودة تماماً، وتكريس الوضع الإسرائيلي القائم في القدس كعاصمة أبدية لإسرائيل، وما يستتبع ذلك من ضياع للمسجد الأقصى وإقامة (هيكل سليمان) مكانه. وبحسب هذا المشروع سوف يتملك اليهود في المنطقة العربية كلها عقارات (أراضي ومباني ومؤسسات)، وسوف يقيمون البنوك والبيوتات المالية والمصالح والمؤسسات الاقتصادية، والشركات متعددة الجنسيات، العرب فيها في أدنى سلَّمها. ومن شأن ذلك ـ بطبيعة الحال، ومن قبيل تحصيل الحاصل ـ مشاركة العرب في نفطهم ومشتقاته وثرواتهم الدفينة والظاهرة، ومياههم الجوفية وبحارهم وأنهارهم، واستخدام طرق مواصلاتهم من مطارات ومرافئ وغيرها. وهم قادرون على ذلك بما لهم من خبرة، وما يملكون من مال، وإمكانات دعائية وإعلامية، وبما يتصفون به من دهاء وخبث، ونفسية المرابي اليهودي التقليدية التي عرفها الغرب قبلنا، ودخلت في ثقافته عنهم، وما حكاية (شايلوك) في تاجر البندقية لشكبير عنا ببعيد، و(يهودي مالطا) لكريستوفر مارلو(عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]) التي تبرز ولاءهم للأجنبي، وخياناتهم لوطنهم الذي يؤويهم ومواطنيهم الذين يعايشونهم.
من أهداف مشروعهم الرهيب هذا إعفاء إسرائيل من مسؤولية كل ما قامت به حتى الآن في حق الفلسطينيين والعرب، بدءاً من إنشاء كيانها نفسه على أرض ليست لهم، إلى إعفائها من مسؤولية مذابحها وشتى صنوف جرائمها المنكرة المعروفة، ما دام العرب سوف يتعايشون معها في (سلام ووئام)، تخفق فوق رؤوسهم وعلى ربوعهم الرايات ذات النجمة الزرقاء.! إذن سوف تنتفي عنها صفة المغتصب للأرض الفلسطينية (قطر عربي كامل بكل ما فيه وما عليه) ينالونه منحة ومجاناً، وعلى حساب دماء سالت من أجل استعادته لو جمعت لكوَّنت أنهاراً، وأرواح لم تخضع أعدادها لإحصائية دقيقة حتى الآن لكنها ـ فلسطينية وعربية ـ تعد الملايين دونما ريب.
أما الأراضي العربية الأخرى فلن يعجز الحكماء والمتساهلون والمطبعون عن (اختراع) حلٍّ مناسب بشأنها ـ من وجهة نظرهم ـ يرضي (الأصدقاء والأحباء) الجدد، أولاً وقبل كل شيء، ودون اعتبار لمصالح بلادهم ذاتها..! وبذا يتحقق لها ما هو أكثر مما اتخذته شعاراً لها منذ بداية الحركة الصهيونية: "أرضك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل"، شعار لما يزل حتى الساعة يزيِّن واجهة الكنيست في القدس المحتلة.


من المعروف أن الأب (الشرعي) لهذا المشروع الخبيث هو (شيمون بيريز) إيَّاه رئيس الكيان حاليّاً، وهو صاحب قانا 1996، وأخواتها السابقات واللاحقات التي لم يأل جهداً عن الإسهام فيها كانت آخرها قانا الجنوب اللبناني في عدوان عام 2006. كما أن (بيريز) هذا هو منشئ مفاعل (ديمونا) الذري في النقب وفي ريشون الواقعة على طريق (يبنا ويافا) مع الفرنسيين عام 1954. وقد أصدر الرجل كتابه بعنوان (الشرق الأوسط الجديد) في أوائل التسعينيات. وقد تبنى مضامينه أتباع جدد، من بينهم (جورج دبليو بوش)، و(ديك تشيني)، و(كونداليزا رايس). وقد تصور هؤلاء أنه حان الوقت لوضعه قيد التنفيذ، فذهبوا إلى حرب غاشمة مفتعلة أسبابها، على لبنان عام 2006، آملين إنهاء المقاومة اللبنانية التي وقفت حجر عثرة في وجه مخططهم هذا وغيره للانطلاق، من ثم نحو الإجهاز على أي مقاومة أخرى ـ في فلسطين على الخصوص ـ عندما يتحقق لهم النصر على حزب الله أولاًـ، وهو ما كانوا يعتقدون أنه قادم لا محالة.


أليست ترسانتهم الأمريكية كفيلة بتحقيق ذلك!؟؟
لقد حسبوا أن الأمر لن يتطلب أكثر من أيام معدودة ولكن الحرب طالت، وجاءت (رايس) إلى المنطقة لكي تحث مجرم الحرب العتيد (أولمرت) وزمرته على المضي في حربهم العدوانية حتى النهاية. وجاءت (النهاية) بعد ثلاثة وثلاثين يوماً لتخيّب آمالهم وتحبط مساعيهم. ولم يخرجهم من ورطتهم كالعادة سوى تدخل أعوانهم وحلفائهم المخلصين المعروفين عن طريق مجلس الأمن ـ الأمريكي ـ وقراراته، لاسيما قرار 1701 الذي أمَّن لهم المخرج المناسب بوضع قوات (اليونيفيل) الأجنبية كحاجز بين إسرائيل وجنوب لبنان.
وهاهي المحاولة تتكرر من جديد في أيامنا هذه مع المقاومة الفلسطينية على أرض غزة، كصورة طبق الأصل عما سعوا إليه في لبنان.
غزة أسهل منالاً، فهي أرض مكشوفة، محاصرة، يعاني أهلها شظف العيش حتى الفاقة والجوع والمرض. غزة هي الحلقة الضعيفة. أيام ثلاثة وربما أقل، وينتهي الأمر بعد أن نقتل من نقتل ونشرد من نشرد، وندمر ما ندمر، ينتفض الناس على حماس والفصائل المقاومة الأخرى. نقتل القيادات، اغتيالاً وقد يستسلم من بقي منهم. ويغادر الباقون من الشعب (هرباً) للنجاة بأرواحهم وأعراضهم. إذن فلنبطش بغزة وأهلها فنصيب أهدافاً كثيرة بحجر واحد..! جولة طيران كاسحة F16 وأخواتها كفيلة بكل ذلك. ثم الاجتياح البري يليه بدفق من دبابات (الميركافا). ألا تملك من السلاح ما كان معداً لمناجزة الاتحاد السوفياتي في أيام عزِّه التليد؟ وليكن عنوان حربنا (الصدمة والترويع) و(الرصاص المصبوب). الصدمة بالمفاجأة والمباغتة والناس آمنون وربما نيام. و(الترويع) ترويع الأطفال والنساء، وإثارة الرعب في قلوبهم وحرمانهم النوم، ما دام الطيران يدوي ويقصف، والمدافع تهدر ليل نهار، والبيوت تدمَّر فوق رؤوس ساكنيها، ومن تكتب له النجاة (بمعجزة) يجلس على الأنقاض يندب أهله الذين ذهبوا، وحظه البائس التعس، ينسب كل ما هو فيه من شقاء وحزن وبؤس إلى المتسبب (حماس) و(المقاومة)، وإلى عربه الخانعين الذين لن يفعوا شيئاً سوى الفرجة وهم جلوس على مقاعدهم الوثيرة أمام الشاشات الملونة الجميلة، تريهم الدماء النازفة، حمراء قانية، وكتل الإسمنت المنهارة، أليس هذا (ترويعاً) مثالياً؟ أوَ ليست هذه (صدمة) مدهشة أمام العالم كله..؟ ولسوف نستعيد هيبة جيشنا المقدام وقوة ردعه التي فقدت في جنوب لبنان..!
هذا هو الحساب الإسرائيلي، بل كان هذا هو الحلم (الإسرائيلي ـ الأمريكي ـ الأوروبي الغربي ـ العربي المعتدل) ولكن حساب الحقل لا يأتي غالباً على حساب البيدر فبدلاً من الأيام الثلاثة غرق العدو في مستنقع لم يحسب له أي حساب، فتحولت إلى ثلاثة وعشرين يوماً خسر فيها من قواته الكثير. لم يستعد هيبة جيشه بل عزَّز القناعة في الداخل والخارج، مرة أخرى، بأنه جيش (قُهر) ويقهر في أي مواجهة مع رجال المقاومة. لم يحقق أياً من أهدافه قريبة المدى.. وربما بعيدته. لم يثر الشعب على حماس والمقاومة، بل تعززت صورة المقاومة، وكسبت سمعة عالية عالمية. كسب الفلسطينيون عطفاً عالمياً داعماً غير عادي. خسر العدو سمعته التي صنعها له على مدى سنين طويلة إعلام كاذب. جلب لنفسه عداوة عالمية على مساحة الكرة الأرضية، بحيث لم يبق بلد لم تقم فيه المظاهرات العارمة المنددة بإسرائيل، الكارهة للصهاينة واليهود، النازيين(عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]) عموماً. موقنة بأن هذا هو الإرهاب عينه. متسائلة إذا لم يكن هذا هو الإرهاب فما هو الإرهاب إذن..؟
سقط مشروعهم للشرق الأوسط (كبيراً كان أو جديداً) سقوطاً (مروِّعاً) وكانت (الصدمة) لأصحابها مجتمعين (مروِّعة) كذلك..!
أما مشروعنا نحن لهذا الشرق الأوسط فسيكون حسب مشروعنا ورؤيتنا ومصلحتنا. نعم سيتغير هذا الشرق ولكن على طريقتنا، نحو الأفضل لأمتنا. المقاومة اللبنانية عام 2006 والمقاومة الفلسطينية راهناً أسقطتا هذا المشروع.
وما نحسب أن هذا المشروع تقوم له قائمة بعد ذهاب (بوش وتشيني ورايس)، وبعد انحسار نفوذ المحافظين الجدد، إضافة إلى المتغيرات الجارية والمتسارعة على الصعيد الدولي، بما في ذلك الداخل الأمريكي نفسه. بما في ذلك أيضاً المقاومة العربية الإسلامية المتصاعدة في هذا الشرق، وظهور أنصار لها في أماكن كثيرة من العالم دولاً وجماهيراً.

أما السبب الخفي الحقيقي الثالث فهو:
3 ــ تحويل العداء العربي لإسرائيل نحو إيران أي (استبدال إيران بإسرائيل عدواً)..!

من الأهداف الخفية، غير المعلنة لحرب إسرائيل ـــ أمريكا العدوانية على غزة أن تصبح إيران هي (العدو)، وأن تغدو إسرائيل صديقة ورفيقة (وربما حبيبة) إلى قلوب من يقبل بهذا المنطق المقلوب والرخيص من العرب.
ترى هل أضحى من بين العرب من عميت بصائرهم إلى درجة فقدان القدرة على التمييز بين الصديق والعدو؟ ]إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور[.
هل أصيب هؤلاء بمرض عمى الألوان بالفعل؟
وهل بين العرب هؤلاء من يجهل تاريخ سبعين سنة أو تزيد من الاعتداءات والحروب الإسرائيلية على أمتهم التي قد لا يوجد أحد من أبنائها لم يصب على أيدي الإسرائيليين في عزيز؟
أم تراها المصالح الضيقة الآنية هي التي أعمت بصائر هؤلاء فصرفتهم عن النظر قليلاً إلى مستقبل أبنائهم وأحفادهم إذا ما قيِّض لإسرائيل النجاح في مراميها بعيدة المدى. ألم يسأل هؤلاء أنفسهم لماذا تعادي إسرائيل وأمريكا إيران؟
هل هناك من سبب غير موقف إيران من القضية العربية الفلسطينية، وهي التي من أجلها ناصبت إسرائيل وأمريكا إيران العداء؟
رأى الإيرانيون، بعد زوال عهد الشاه وانتصار الثورة الإسلامية أن بلادهم عادت إلى وضعها الطبيعي تجاه القضايا العربية الإسلامية. بادرت عند قيام الثورة والخلاص من (شاهنشاه إيران)(عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]) إلى إغلاق السفارة الإسرائيلية في طهران، لتُحلَّ مكانها سفارة لفلسطين. ومنذ ذلك الحين درجت إيران على إقامة يوم للقدس في كل عام، يقع في الجمعة الأخيرة من شهر رمضان، الأمر الذي لم تقدم عليه أي من الدول العربية، صاحبة الشأن الأول في القضية الفلسطينية. دافع إيران إلى هذا التوجه الإسلامي إيمانها بأن فلسطين قضيتها هي أيضاً بوصفها ــ إيران ــ بلداً إسلامياً، وأن رابطة العقيدة الإسلامية بين إيران وفلسطين هي الإسلام. وفلسطين عاصمتها القدس، أولى القبلتين، وثالث الحرمين، حاضنة المسجد الأقصى الذي بارك الله حوله، فهي إذن أرض مقدسة بالنسبة للإيرانيين، يقع عليهم واجب الدفاع عنها والجهاد في سبيل نصرتها وتحريرها سواء بسواء كأهلها تماماً. ومن ثم فهي تناصر أيضاً المقاومة الإسلامية في لبنان وتدعم بالمال والسلاح والرجال حزب الله في حربه المتصلة مع إسرائيل. إيران تعرف أن اليهود كانوا منذ الفتح الإسلامي وحتى يوم الناس هذا الأعداء الألداء للإسلام والمسلمين، ولرسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، وهي ــ إسرائيل ــ لا تفرق بين أحد من المسلمين حسب المذهب أو الطائفة. جميعهم لديها سواء في الخصومة والعداء.
وهذا التوجه الإيراني ذاته السبب، دون غيره، الكامن وراء معاداة الغرب ــ الأوروبي والأمريكي وصنيعته حليفته إسرائيل ــ لإيران المسلمة.
إذن كيف يتفق أن يشايع بعض العرب، وبعض المسلمين الغرب وإسرائيل فيناصبون إيران العداء؟ كيف يوالون العدو المشترك لنا ولإيران وينساقون وراء سعيهم لاستبدال المواقع فيصبح العدو صديقاً والصديق عدواً؟
وفي كتابه تعالى يقول ]لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حادَّ الله ورسوله ولو كانوا أباءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم...[
فما بالنا والموادة هذه مع عدو الأمة بمسلميها ومسيحييها على حد سواء.؟
بوادر هذا التوجه لوحظت سافرة في الآونة الأخيرة لدى فريق من العرب ــ الأنظمة. بل إن من بين هؤلاء من يأخذ على إيران تقديم العون للفلسطينيين في معركتهم مع العدو المحتل لديارهم، ويعدُّ ذلك عملاً مداناً، بدعوى تدخلها في قضايا تخص العرب وحدهم!! ويتناسى هؤلاء أنهم يسمحون بالتدخل السافر، بل الاعتداء المباشر من قبل من يوالونهم من أمريكان وإسرائيليين. يحدث هذا بدلاً من إزجاء الشكر لإيران على مواقفها النبيلة الجليلة الفاعلة إذ هي تمد إخوتهم بالعون المادي والمعنوي على كل صعيد، وكان حريَّاً بهم وأجدر وأولى أن يبادروا هم إلى فعل ما تفعله إيران. ومن بوادر هذا التوجه الخاطئ والمدان أن يبلغ الأمر ببعضهم حدّ مشاركة العدو الإسرائيلي ــ الأمريكي حصار الأهل في غزة فيمنعون عنهم الغذاء والدواء ووصول المعونات القادمة من الشرق والغرب لإنقاذهم مما يعانون من جوع ومرض وفاقة، ناهيك عن إقرارهم بضرورة الحيلولة دون وصول السلاح إلى المقاومة هناك. وكم كان مؤلماً للنفس أن نشهد هذا المستوى من التقاعس العربي، في الوقت الذي رأينا فيه أحراراً أوربيين وغيرهم يأتون مع السفن المحملة بالمعونات، هادفة إلى كسر الحصار عن الفلسطينيين العرب، لدوافع إنسانية لا تعوزها المواقف السياسية الداعمة للحق الفلسطيني. بل إن بعض هذه المعونات حيل بينها وبين الوصول إلى المحاصرين في غزة من إخوتهم الفلسطينيين، وهم تحت القصف تحيط بهم النيران من كل جانب ويواجهون الموت الزؤام على مدار الساعة.
ولقد عملت وزيرة الخارجية الأمريكية (رايس) بنفسها على تأجيج نيران هذا العداء لإيران، متخذة من حكاية التسلح النووي الإيراني (المحتمل) سبباً لتخويف بعضهم. مع أن هذا التسلح هو في مصلحتهم قبل غيرهم، إذ إن من شأنه أن يكون رادعاً لإسرائيل، التي تملك الآن، وفي هذه الساعة ما لا يقل عن أربعمائة قنبلة نووية أكبر أثراً وأعظم تدميراً من قنبلتي هيروشيما ونجازاكي(عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]) المعروفتين. أليس الأولى بالعرب أن يخشوا قنابل إسرائيل القابعة في مرابضها بانتظار (كبسة زر) لتنقض على مدنهم وحواضرهم وبواديهم، في حين أن قنبلة إيران الأولى (مجرد احتمال) قد يقع وقد لا يقع؟ هذا إذا كنا أو كان بعضنا غير مقتنع بجدوى القنبلة النووية الإيرانية في خدمة المصالح العربية التي أسلفنا الإشارة إليها للتو.
أمريكا وإسرائيل لا تريدان لأي بلد عربي أو إسلامي ــ دون سائر خلق الله ــ أن يمتلك سلاحاً نووياً. هذا مع أن إيران حتى الآن ما برحت تعلن على الملأ بأن أبحاثها لم تتجاوز ولا تنوي أن تتعدى حاجز استخدام الذرة في المجالات السلمية، كالطاقة والطب وما إليها، وأنه، مرة أخرى، ليس في نيّتها على الإطلاق التطلع، فضلاً عن العمل على إنتاج (سلاح) نووي بدافع من حرصها على الإنسان، كائناً من كان، على ظهر البسيطة من منطلق ديني يحرِّم استخدام سلاح فتاك كهذا من شأنه أن يدمر البشرية فيما لو أفلت من عقاله لسبب أو لآخر. وقد صرح مسؤولوها بذلك مراراً وتكراراً.
وإنه ليمكننا القول بأن سلاحاً نووياً في حيازة العرب والمسلمين هو ضمانة الردع التي تحول دون استخدام إسرائيل لسلاحها النووي إذا ما كانت هي مالكته الوحيدة في المنطقة، لا تخشى رداً من نفس المستوى. السلاح الذري ردع أكثر منه استخدام. ولنا في ثنائية المعسكرين الشرقي والغربي في فترة الحرب الباردة بينهما خير مثال. فلقد امتدت الحرب الباردة إلى ما ينوف على أربعين سنة دون أن يلجأ أي من الطرفين إلى استخدام هذا السلاح، لأن كل جانب كان يخشى رد الجانب الآخر بالسلاح عينه وفي ذلك يكمن الخطر عليهما معاً. ونذكر بهذه المناسبة أزمة الصواريخ السوفياتية في كوبا وكانت توشك أن تسفر عن حرب ذرية لولا تراجع الزعيمين ـ آنذاك ـ نكيتا خروتشوف وجون كنيدي.
والغرب يسمي قنبلة الباكستان النووية (بالقنبلة الإسلامية) ويعلن مجاهرة، أنه ضد إنتاج (قنبلة إسلامية)..! هذا في حين أنه لم يسمِّ القنبلة الهندية التي أعلن عنها في الهند في وقت متزامن مع القنبلة الباكستانية بفارق يوم واحد، كانت فيه الهند هي السابقة، وإعلان الباكستان عن قنبلتها جاء ردَّاً على القنبلة الهندية، لم يسمِّ الغرب القنبلة الهندية يوماً بالقنبلة (البوذية) أو (الهندوكية) ولم يسمِّ يوماً القنبلة الأمريكية أو الفرنسية (بالقنبلة المسيحية) أو السوفياتية (بالشيوعية) ولا هو سمى القنبلة الإسرائيلية (بالقنبلة اليهودية)...! فما معنى هذا إذن إن لم يكن العداء الغربي السافر لكل ما هو عربي وإسلامي؟ هو العداء الغريب الموروث منذ حروب الفرنجة الصليبية الغربية على هذه المنطقة التي ابتليت بهم على الدوام.
عودة إلى ما نحن بصدده.
إذن لتكن إيران هي العدو وليست إسرائيل أيها السادة..! ولتكن إيران مدانة منذ الآن، ما دامت لا تخفي تقديم عونها للمقاومة في لبنان وفلسطين. هذا مع العلم بأن إيران لا تملك الوسيلة لإيصال السلاح إلى غزة، حتى لو أرادت، فالحصار العربي، قبل الإسرائيلي والأمريكي والأطلسي (الناتو)، يحول دون ذلك حرصاً على (أمن) إسرائيلهم، مع أنهم يعرفون أن إسرائيل هي التي تهدد أمن المنطقة برمتها، دون غيرها اللهم إلاَّ أمريكا معها.
ولكن إيران أمدت المقاومة اللبنانية بالسلاح فهو أمر لا يغتفر.. وهذه قرينة واضحة..!! (وبالجرم) المشهود.. والمسألة هنا تؤخذ (بالقياس) كما في الشريعة.. ثم (بالإجماع) على العداء من قبل الأوروبيين حلفاء أمريكا..!
ولكي ينجح المخطط الأمريكي ـ الإسرائيلي فقد عمدت (السينورة) كونداليزا رايس إلى تقسيم العرب (وتصنيفهم) إلى عربين (معتدلين) و(متشددين) (داعمين للإرهاب) تمهيداً للوصول إلى النتيجة المبتغاة. والغريب أن العرب لا يترددون في قبول التقسيمات والتسميات والتصنيفات والمصطلحات حين تأتي من أمريكا دون تدبر أو بحث، أو حتى مجرد تفكر، عما إذا كان أمرهم على النحو الذي صوَّرته أمريكا أم لا، هل ينطبق عليهم الوصف أم لا، هل المصطلح دقيق وصادق أم هو مضلل كاذب، فهل سأل العرب أنفسهم: هل هم (إرهابيون) حقاً؟ أم أن إسرائيل هي دولة الإرهاب في المنطقة؟ وأن أمريكا هي زعيمته في العالم كله..؟ هل فكروا في مآلهم ومصيرهم فيما لو ظلوا سادرين في غيهم، لاهثين وراء أمريكا التي قد تذهب بهم إلى هاوية، هي نفسها على وشك السقوط فيها..؟ هل فكروا: من هو العدو حقَّاً..؟
هم يعرفون مثلاً أن تحويل العداء نحو إيران بدلاً من إسرائيل سوف تكون له ـ لو نجحت في تسويقه وتعميمه ـ أثاره البعيدة المدى. من أهمها ترسيخ الوجود الإسرائيلي في نسيج المنطقة إلى ما شاء الله. ولن ينجو أحد من أخطاره عندئذ في هذا الشرق كله.
من أسباب النزوع الأمريكي تحديداً إلى هذا المنحى هو تلك الدراسات المشبوهة المغرضة التي اتخذت سمة فلسفية، كانت تصدر عن كتَّاب صهاينة مرموقين، أمثال (صموئيل هنتغنتون)(عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]) الذي مات مؤخراً مع نهاية العام الفائت 2008، وكتابه المشهور عندهم (صراع الحضارات)، الذي ذهب فيه إلى أن الحضارة الإسلامية هي العدو الخطر على الحضارة الغربية. و(فوكوياما)، ياباني الأصل، صاحب كتاب (نهاية التاريخ) الذي ذهب فيه إلى أن (المبدأ الرأسمالي) هو الحل النهائي كنظام للبشرية. وهاهو قد ثبت أخيراً وآخراً خطل آرائه. وها نحن نشهد بوادر انهيار هذا النظام الذي أوقع المآسي والدمار بكثير من شعوب العالم. ولا تفوتنا الإشارة إلى كتابات (برنارد لويس) والإسرائيليين ـ الأمريكيين (ريتشارد بيرل وبول وولفتز) وغيرهما. وقد سبق أن عيِّن الأخير (وولفتز) مديراً للبنك الدولي من قبل الرئيس (بوش) ثم أخرج من منصبه أثر فضيحة جنسية أخلاقية.
ولا ننسى بهذه المناسبة أيضاً دور صهيوني ـ يهودي آخر كان لآرائه التي تبنتها الإدارة الأمريكية منذ عقود، هو (مارتن أنديك) صاحب مبدأ (الاحتواء المزدوج) (dual containment) والذي أنتج في معرض تطبيقه حرباً ضروساً بين إيران والعراق أودت بأرواح الملايين من مواطني البلدين الإسلاميين. فضلاً عن الدمار الذي لحق بهما اقتصاداً وتنمية، وذلك هو الهدف الذي سعوا إليه عن طريق ضرب الدولتين واحدتهما بالأخرى فسيخسران معاً ويضعفان معاً، وهذا هدف في حد ذاته لمصلحة إسرائيل وأمريكا قبل غيرهما.
(إنديك) هذا كان سفيراً لأمريكا في إسرائيل قبل ذلك، ثم مساعداً لوزيرة الخارجية الأمريكية (مادلين أولبرايت) في عهد الرئيس بيل كلينتون وقد أمسك به متلبساً في جريمة تجسس لصالح إسرائيل. ولكن (أولبرايت) احتضنته ـ فهما يهوديان ـ ودافعت عنه وحالت دون تعرضه لمساءلة من أي نوع كان. أكثر من ذلك أبقته في وظيفته معها.. و.. (عفا الله عما سلف) يا سيد أنديك، فذنبك مغفور ـ كيهودي ـ مهما اقترفت يداك..!
نجح الرجل وإدارته في التأليب على إشعال حرب ضروس بين دولتين تدينان بالإسلام. بالمناسبة فإن الكثير من أقطاب السياسة منذ القديم في الغرب لا يرون في غير الإسلام خطراً يمكن أن يهدد مصالحهم وحضارتهم.
يذكر التاريخ أن رئيس وزراء بريطانيا (بالمرستون) صرَّح عام 1840 في مجلس العموم البريطاني بالقول، فيما هو يرفع بيمناه المصحف الشريف: "أيها السادة أترون هذا الكتاب..؟ إن مصالحكم وطرق مواصلات إمبراطوريتكم إلى الهند وشرق آسيا ستظل مهددة مادامت هناك شعوب تدين بهذا الكتاب. إنه الخطر الأعظم على حضارتكم".(عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ])
الإسلام هو العدو إذن، ولأن الإسلام يتمثل الآن في إيران، كنظام حكم رسمي أكثر من أي بلد إسلامي آخر، فلتكن إيران هي العدو.
بلى، الإسلام هو العدو، ومن ثم فالحرب ما برحت قائمة لا تقعد على بلدان إسلامية عدة دون غيرها من دول العالم. وتهمة الإرهاب أضحت بفضل إعلامهم لصيقة بالمسلمين، دون غيرهم من شعوب الأرض. وبحجة الإرهاب، ودواعي محاربته بلا هوادة يشعلون حربهم على أي بلد إسلامي يشاؤون. وقد عملوا ــ عن طريق إعلام فاجر رهيب، على إعداد الأرضية المثالية لتهيئة أذهان الجماهير والرأي العام في كثير من بلدان العالم لتقبُّل مسوِّغاتهم ومبرِّراتهم الكاذبة كلما شاءوا استهداف بلد ما، في وقت ما، دون أن يجدوا من يفند دعاواهم الباطلة المضللة، ناهيك عن أن يقف أحد في وجه عدوانهم، أو حتى مجرد أدانتهم.
هذه هي الصورة التي كانت قائمة حتى الآن. ولكن قد يغير في الصورة ما حدث في غزة في الآونة الأخيرة، فالذي حدث ربما كان من حسناته أنه كشف الكثير من الحقائق التي كانت خافية، أو لنقل كانت (مخفية) عمداً عن الجماهير والرأي العام العالمي بوسائل إعلام خبيثة وحملات إعلامية جهنمية مغرضة.

4 ـ إلغاء حق العودة

من الأهداف الرئيسية للحرب الغاشمة على غزة القضاء على حق العودة نهائياً. وقد يندرج هذا السبب ضمن الهدف الاستراتيجي الأول الذي عرضنا له آنفاً وهو تهويد الكيان الصهيوني العنصري بالكامل، إذ هو مكمل له، فالحرب التي هدفت إلى تدمير غزة، بنية وشعباً، سعياً وراء إخلاء القطاع بالوسائل المتعددة آنفة الذكر، عن طريق القتل السريع والقتل البطيء ـ لإبادة العنصر البشري ـ وعن طريق الترحيل لمن بقي منهم، فهي من باب أولى، لن تسمح بعودة أيٍّ من اللاجئين الفلسطينيين في الخارج، إلى غزة أو إلى غيرها من بلادهم الفلسطينية.
لأن إسرائيل تنظر إلى مسألة أمنها الذي تشعر أنه مهدد دائماً، ربما لأنها تعرف أنها امتلكت ما ليس لها، من جهة، ولأن الفلسطينيين من جهة ثانية لم يكفوا أبداً عن المطالبة بالعودة والسعي إليها كحق شرعي وإنساني لهم، بعد أن سلبوا أرضهم ووطنهم، فضلاً عن النضال المتصل بالوسائل المتاحة لهم، وعلى رأسها المقاومة كلما أتيحت لهم الفرصة، ولأنها، من جهة ثالثة، تخشى ما تسميه القنبلة الديمغرافية، فهي لهذه الأسباب مجتمعة تقاتل بضراوة على كافة الصعد، في سبيل إلغاء هذا الحق إذ ترى فيه الخطر الداهم الذي يتربص بكيانها، والمقوِّض له من أساسه.
الفلسطينيون اليوم ـ كما تعرف إسرائيل جيداً ـ بلغ تعدادهم ما بين أحد عشر واثني عشر مليوناً، فهم خمسة ملايين على أرض فلسطين، وستة أو سبعة ملايين، فيما يسمونه الشتات. في غزة (مليوناً ونصف المليون) وفي الضفة (مليونان وربع المليون) وفي مناطق سكن عرب فلسطين 1948 (مليوناً وربع المليون) أو أكثر، وهذا العدد في مجموعه يكاد يوازي عدد اليهود أنفسهم في فلسطين، يضاف إلى ذلك أن نسبة المواليد بين العرب تفوق كثيراً نسبتهم لدى الكيان الصهيوني الأمر الذي يزيدهم أرقاً على أرق. هذه النسبة 1 إلى 2 يهود و5 إلى 6 عرب.
فهي إذن ترتعد فرائصها فَرَقاً مما هو قائم على الأرض راهناً، فكيف بها إذا ما تصورت أن ستة ملايين أو سبعة يقفون على أقدامهم استعداداً للعودة في أية لحظة تتاح لهم ظروفها. ولنقل أن نصفهم أو ثلثيهم، على الأقل، هم الذين سيعودون، فأي كارثة ستحل بالكيان إذا ما حدث ذلك..؟
هذه هي حسابات الكيان العدو.
من أجل ذلك عملت إسرائيل على تجاهل القرارات الدولية العائدة لهذا الحق، وعلى رأسها القرار رقم 194 الصادر عن هيئة الأمم المتحدة عام 1948. وقد ساعدها الغرب كله على التنكر لهذا القرار فأصبح نسياً منسياً، وكأنه لم يصدر في الأصل. بل إنها تنكرت للقرار الذي هو الأصل في وجودها وهو قرار التقسيم الظالم رقم 184 الذي داسته إسرائيل بأقدامها واستباحت الأرض الفلسطينية بكاملها فيما بعد.
يرى كتَّاب من الكيان العنصري نفسه بأن السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل لن يتحقق ما دام الفلسطينيون يصرون على أن يوضع هذا الحق موضع التنفيذ ولا يتنازلون عنه أبداً، وما دام الإسرائيليون، في الجهة المقابلة يرفضون هذا بالمطلق. فهي بالنسبة إليهم مشكلة وجودية.
هل سوف يأتي يوم يسلِّم فيه الفلسطينيون للغاصب بشرعية ما اغتصب، بعد كل ما عانوا من قتل وتشريد وعذاب ومعاناة على مدى زهاء سبعة عقود..؟
أم هل سوف يأتي يوم يسلِّم فيه العدو للفلسطينيين بحقهم في وطنهم والعودة إليه أفواجاً أفواجاً تغْمرهم كالطوفان..؟
لن يحدث هذا ولا ذاك فهم يريدونها دولة يهودية (نظيفة). أجل، نظيفة من أهلها الحقيقيين وأصحابها الشرعيين. كيف تتفق (نظافة) مع السرقة للأرض التي تقوم عليها الدولة الغاصبة (النظيفة)..!؟
وهذا يذكرنا بلفظ يردده أحد قادة إسرائيل (شيمون بيريز) فكلما تحدث الرجل جاءت على لسانه لفظة (الأخلاق) كقوله جيشنا (أخلاقي)..! أخلاقنا لا تسمح بأن نرى أطفالاً يقتلون..!!
إذن فالسلام مجرد أكذوبة كبيرة.. أُلهية يتسلى بها الجميع. ألم يقل زعماؤهم، وعلى رأسهم (إسحاق شامير)(عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]) يوم كان رئيساً للوزراء ـ بأنه سوف (يتسلى) بمفاوضة العرب على السلام عشرات السنين دون أن يصل بهم، أو معهم إلى شيء..! قال (شامير) ما قال إبان انعقاد مؤتمر مدريد عام 1993، ومازال خلفاؤها وحلفاؤه على الموقف نفسه. ماذا يخشون من الجانب العربي الذي أعلن بعض قادته في أكثر من مناسبة أن (لا حروب بعد اليوم) وأن السلام (هدف استراتيجي)؟ ولماذا عليهم أن يغيِّروا توجهاتهم العدوانية وممارساتهم الإجرامية ما دام الغرب كله، يغض الطرف عن كل ما يقترفون من جرائم، بل تتبارى وتتسابق دوله وأجهزته وإداراته في السعي إلى مرضاتهم، ما دام حليفهم الاستراتيجي الأمريكي، لا يحجم عن الانصياع التام لتلبية رغباتهم، والتماهي مع سياساتهم. ألم تدمر أمريكا ــ بوش الابن وقبله بوش الأب ــ العراق أرضاً وشعباً إكراماً لعيون إسرائيل بحصار طويل مديد ظالم ـ لم يسبق له مثيل في تاريخ البشرية ـ قتل وحده ما ينوف على المليون ونصف المليون من العراقيين، ثلثهم من الأطفال، ثم أعقبها بحرب ضروس لم تبق ولم تذر للعراق كياناً، فقضى من أهله نحواً من ذلك العدد قتلاً بالأسلحة الفتاكة، التي يصنفونها بين (محرمة) و(غير محرمة)، وكأن القتل له درجات وتصنيفات كالفنادق ذات النجوم..!! فالموت بالرصاصة والصاروخ وقنبلة الدبابة تنفجر في صدر طفلة غيره عن الموت بأشعة اليورانيوم أو الفوسفور ذي الألوان المتعددة (الجميلة) كأزياء العارضات وملكات الجمال..!
حتى التاريخ لم يسلم من عدوانهم وسرقاتهم. وما حدث في المتاحف وللأوابد هناك يجب أن يندى له جبين المتحضرين..! حتى إن هيئة اليونيسكو ذاتها لم تبد حراكاً أو قولاً فيما حدث من عدوان على واحدة من أهم إنجازات البشر الحضارية في التاريخ القديم.
وعلى غرار ما حدث في العراق يحدث الآن في غزة، وربما غداً في الضفة، وربما بعد ذلك في أماكن أخرى فلسطينية الطابع أو عربيته إذا ما تمكنت إسرائيل من تحقيق أهدافها في غزة أو في الجنوب اللبناني. ولكن المقاومة وحدها هي الكفيلة بالحيلولة دون ذلك وإفشال خططها وإحباط مساعيها.




([1]) أكدت ذلك جهات مطلعة نشرتها صحف إسرائيلية وغربية.

([2]) اليهود ينكرون السيد المسيح وأمه السيدة مريم العذراء. المسيح لم يأت بعد فيما يعتقدون.

([3]) صرح إسحاق رابين رئيس الوزراء الأسبق مرة بأنه يتمنى لو يصحو ذات يوم ليجد غزة قد ابتلعها البحر.

([4]) وقعت مذبحة دير ياسين في يوم الجمعة التاسع من نيسان عام 1948.

([5]) تتشكل عناصرها من مرتزقة يرتكبون من الجرائم ما يشاؤون، وغالباً حسب أمزجتهم الشخصية، ولا يخضعون لأي محاسبة.

([6]) مقومات الدولة الأساسية: أرض ـ شعب ـ سيادة.

([7]) دراسات كثيرة صدرت من الغرب تؤكد أنه حادث مفتعل مدبر بين إدارة بوش وأجهزته كالسي أي إي CIA وإسرائيل ـ الموساد.

([8]) كامب ديفيد ووادي عربة وأوسلو.

([9]) منذ بدايات عصر النهضة Renaicence في أوروبا في القرنين الخامس عشر والسادس عشر.

([10]) بابا الفاتيكان لم يحجم عن إطلاق هذا الوصف عليهم، إذ قال إن قطاع غزة أشبه بالمعتقل النازي، وقامت قيامتهم عليه بطبيعة الحال.

([11]) الإمبراطور محمد رضا بهلوي. توفي بعد مغادرة إيران ودفن في مصر في عهد الرئيس السادات.

([12]) القيتا على المدينتين في السابع والتاسع من آب عام 1945 مع نهاية الحرب العالمية الثانية.

([13]) يقول إدوارد سعيد أن هنتغنتون (عالم تدبير الأزمات والصراع).

([14]) كانت بريطانيا العظمى في ذلك الحين الإمبراطورية الاستعمارية الأولى والأقوى في العالم التي لا تغيب عن مستعمراتها الشمس.

([15]) هو قاتل الكونت برنادوت في القدس عام 1948 وسيط الأمم المتحدة. ومضى الحادث وكأن شيئاً لم يحدث وأفلت شامير من العقاب أو حتى مجرد المساءلة عن جريمته الإرهابية.


[/align]
</H1>
طلعت سقيرق غير متصل  
قديم 27 / 12 / 2009, 15 : 02 PM   رقم المشاركة : [5]
طلعت سقيرق
المدير العام وعميد نور الأدب- شاعر أديب وقاص وناقد وصحفي


 الصورة الرمزية طلعت سقيرق
 





طلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: مدينة حيفا - فلسطين

رد: محرقة غزة ونهاية الأسطورة .. كتاب من تأليف د. يوسف جاد الحق

[align=justify] <H1 dir=rtl style="MARGIN: 5pt 0cm">المحرقة في غزة

وحرب إسرائيل على ثلاث جبهات



نائب وزير دفاع العدو نفسه هو الذي أسماها (محرقة Holocaust) إقراراً واعترافاً بهولها ووحشيتها.
هي محرقة دونها ما زعموا عن (هولوكست) هتلر. هي الجحيم عينه انصَّب على أهلنا في غزة وما حولها من قرى ومخيمات تشكل ما اصطلح على تسميته (قطاع غزة) منذ النكبة، لكأنه يوم القيامة ذلك الذي شهدته غزة.
لن أذهب إلى التفصيل في وصف ما جرى على أرض غزة وشعبها على مدى ثلاثة وعشرين يوماً متَّصلْ ليلها بنهارها ما بين 27/12/2008 إلى 18/1/2009، دون أن يستثنوا أعياداً للعرب، مسيحيين ومسلمين. بل هم كانوا يعمدون دوماً إلى إقامة مذابحهم واعتداءاتهم في أيام الأعياد تحديداً، وفي الشهور والمناسبات الدينية لدى العرب. ففي كل رمضان، وفي كل عيد إسلامي أو مسيحي ينبرون إلى ممارساتهم العدوانية لكي يسلبوا الفلسطينيين حتى أفراحهم القليلة، فما أقل أفراح الفلسطينيين منذ ابتلوا بأولئك الأشرار. حتى الأعراس والمآتم والجنازات لم تسلم يوماً من اعتداءاتهم الصارخة. وما أكثر ما كانوا يطلقون الرصاص على مشيِّعي القتلى في الجنازات.
لقد كتب الكثير فيما جرى، والكتابة أيَّاً كان شأنها لن تفي ما جرى حقه. ليس هناك من كلمات في قواميس اللغة كلها يسعها أن تعبِّر تماماً عما حدث. يكفي ما أبصرته شعوب الأرض قاطبة على الشاشات الفضائية شاهداً على أبشع جرائم العصر. هي المحرقة بحق، مهما حاول السفهاء الجبناء التعتيم عليها، وإلباسها لبوساً يخفي حقيقتها، وما اقترفته أياديهم في حق شعب تسببوا في مأساته منذ ما يناهز قرنٍ من الزمن، ذاق فيها أباء وأبناء وأحفاد الويلات، التي قلما عرفت البشرية مثيلاً لها على مدى بهذا الطول من الزمان. لا نعرف ـــ نحن أو غيرنا ـــ شعباً عانت أجيال متعاقبة من أبنائه لنحو مائة عام متَّصلة بغير انقطاع، دونما توقف أو مهادنة دون الوصول إلى مبتغاها. كأن مجرمي العصابات الصهيونية لم يكفهم اغتصاب بلاد بقضها وقضيضها، أرضها وسمائها، بحارها وأنهارها، زرعها وحقولها، مبانيها ومصانعها، مرابعها وبساتينها، ثم تعمد بعد ذلك كله إلى مطاردته في المنافي وملاحقته حيثما حلّ، سواء خارج أرضه أو فيما تبقى له منها من ركن ضيِّق ضئيل على ترابها، تلغ في دمائه، وتعمل فيه قتلاً وترويعاً، وحصاراً وإفقاراً، وتأليباً للعالم كله عليه. تصفه حيناً بالمخرب، وحيناً بالإرهابي، وصفات أخرى ليست فيه، وإنما هي صفاتهم هم يخلعونها على الشعب الضحية إمعاناً في الكيد والتضليل.
مأساة الشعب الفلسطيني لا تشبهها تراجيديات خطّتها يراعات عمالقة الإبداع في عالم الناس القديم والحديث، من إغريق ورومان وبريطان وفرنسيين...
خطَّط العدو جيداً ومنذ زمن لعملية (المحرقة) عن سابق تصور وتصميم، بعقل بارد يرسم مخطط الإبادة الجماعية للشعب المنكوب منذ ستين سنة ونيف كما أسلفنا. وقد خطط لعملياته على جبهات ثلاث: قتالية، وسياسية، وأعلامية.
* ـ على جبهة القتال

قدَّر خبراء وعسكريون أن ما ألقي على غزة وشعبها من القنابل والمتفجرات والصواريخ لا يقل عن أربعة ملايين كيلو غرام، أي أكثر مما ألقي على (ستالينغراد) ـ الاتحاد السوفياتي، وبرلين ـ الرايخ الثالث في الحرب العالمية الثانية. وأما أنواع السلاح الذي استخدم فقد تضمنت كل ما تفتقت عنه (عبقرية) مجرمي صناعة السلاح في أمريكا من قبل، مضافاً إليه أسلحة جديدة لم تستخدم ولم تعرف فيما سبق. لقد جعلوا من غزة حقل تجارب لأسلحة جديدة فتاكة، فهذه قنابل فسفورية ذات ألوان (ويا لبهجة الألوان في عمليات القتل..!)، حمم تحرق البشر حرقاً فتحيلهم إلى شواء، درجات الحرارة المنبعثة منها تفوق الثلاثمائة درجة مئوية. وهذه قنابل تمزق الإنسان إرباً بحيث لا يتعرف على شخصيته وهويته أحد، يصبح عجيناً أو قطعاً ذائبة مشوهة. وهذه عنقودية وما أدراك ما العنقودية؟ جربوها في لبنان فبترت من الأعضاء ما بترت، وأزهقت من الأرواح ما أزهقت، وهذه قنابل أعماق تغوص عميقاً في الأرض، تزن واحدتها طناً أو أكثر. وقنابل من مشتقات اليورانيوم أو اليورانيوم ذاته، منضباً وغير منضب، مشعَّاً في سائر الأحوال، يمزق الجلد واللحم ويذيب العظام. طائرات تقصف، ومدافع تهدر، وبوارج وحاملات طائرات تطلق الصواريخ الموجهة. تقترف إسرائيل جريمتها الكبرى مطمئنة إلى أن أهل غزة التعساء لا يملكون أسلحة للرد على عدوانهم، بل لا يملكون ما يقيهم حمم البراكين الهابطة عليهم مطراً ينهمر من فوقهم ومن تحتهم وعن جوانبهم.
لم يُعفِ الجناة من فظائعهم حتى المساجد والكنائس والمشافي والمدارس والأسواق وسيارات الإسعاف، ورياض الأطفال. لابد أن يطال الجحيم الجميع. أسر بكاملها أبيدت عن بكرة أبيها، وأخرى معظم أفرادها، منها ما ذهب بالأبناء خمسة أو سبعة والزوجة وبقي الزوج وحده لأنه كان، وبالمصادفة وحدها، خارج المكان بحثاً عن أرغفة خبز أو جرة ماء. وطفلة عند عمتها، لم تجد عند عودتها منزلاً ولا أهلاً.. كان المنزل هنا.. أين هو المنزل؟.. أكوام من الإسمنت مختلطة بأشلاء الأحبة.. كيف تعيش بعد الآن وأين..؟ من لها في قابل أيامها التعيسة؟ وأطفال ماتت أمهاتهم وبقوا إلى جانبها وحولها يرمقونها في حزن وألم وأسى يرتجفون كالطير الذبيح وقد ألجم الرعب ألسنتهم لأيام ثلاثة رفيقهم فيها الجوع والعطش والبرد والحزن والخوف.. أين يذهبون..؟ وما المصير..؟
وأطفال قتل أهلهم من إخوة وأخوات وأم وأب أمام أعينهم برصاص المجرمين العطاش للدماء الفلسطينية البريئة المظلومة. تاهوا بين الأنقاض وأكوام الجثث... ماذا حدث لهم بعد ذلك .. من يدري أين هم الآن وكيف هم؟
أطفال تشوهت وجوههم وفقئت أعينهم، ونساء احترقت وتشوهت أجسادهن بحرائق الفسفور، فساحت جلودهن كما لو كانت ألواحاً من الزبد على مقلاة فوق نار حامية.
يا أيها المتحضرون ماذا صنع لكم هؤلاء..؟
يا أيها النازيون. ماذا صنع لكم أطفال رضع وأجنة في الأرحام لم يبصروا نور الشمس ولا ضوء القمر؟
الكلام.. كل الكلام أعجز من أن يحيط بما جرى.. وكما خرست الألسنة عن الإفصاح عجزت الأقلام عن البيان.
لقد تفنن العدو في إجرامه في بربرية فاقت ما فعل التتار والمغول قديماً والنازية حديثاً. لم يدع جريمة منكرة إلا وارتكبها، مستمتعاً بما يفعل، وبسادية مريضة عجيبة تستمرئ عذاب البشر. سعيداً بأن لاحسيب عليه ولا رقيب.
إنها تعاليم التلمود، رضعوها مع اللبن. وحاخاماتهم يحضونهم على التزامها. قال أحد حاخاماتهم في نشرة معممة على الجنود والجمهور وفي الصحف: ((لا تأخذكم رأفة في أطفال العرب وإلا فإنكم تخونون إسرائيل...)) ومن قبله حاخام آخر يدعى عوفا ديا يوسف يوصيهم (هؤلاء العرب حشرات وصراصير دوسوهم بأقدامكم دون خشية..!).
ترى هل كان الموت هو الأسوأ والأدهى فيما حدث..؟
أما من استشهد فقد انتقل إلى رحاب ربه في أعلى عليين عند مليك مقتدر.. منتقم لا يهمل بل يمهل. أما الذين خلَّفهم الشهداء وراءهم فهم المأساة مجسدة تمشي على الأرض أو تبيت فوق كومة أنقاض المباني المدمرة.
أطفال حلَّ بهم اليتم مبكراً وقبل الأوان، قبل أن يشبوا عن الطوق، وقبل أن يهرم الأب أو تشيخ الأم. فقدوا المعيل.. وغاب الأحبة.. حرموا الحب والحنان.. لمسة الأب الحانية وحضن الأم الرؤوم، وقبلة الصباح والمساء، وعند العودة من المدرسة أو التوجه إليها. وفتاة فقدت أمها وهي تعد ثياب عرسها الوشيك بعد أيام، هي نفسها أيام حصاد الموت. وفتى وعده الأب بما وعد عند نجاحه هذا العام.. ذهب الذي وعد أو ذهب الموعود وربما كلاهما. استشهدت العروس قبل أن تفرح بثوب زفافها، وأحلام الإنجاب، والأسرة التي ستنشأ... وربما استشهد العريس وترملت العروس.. ونسي شاب الاحتفال بعرسه متهادياً بين رفاقه الشباب، كما يفعل سائر خلق الله في سائر أرضه وسماه.. لماذا هو..؟ لماذا هي..؟ لماذا هن..؟ لماذا هم..؟
أطفال تيتموا.. وأمهات ثكلن، ونساء ترملن. الحزن الأليم الممض لن يفارقهم منذ اليوم أبداً.. لسوف يلازمهم مدى حياتهم... لن ينسوا ما حلَّ بهم مدى الدهر. وما أطوله من دهر..
ما يعقب الأحداث الساخنة سوف يكون، عند ابترادها أشد قسوة، وأعظم فداحة مما انصب عليهم من حمم وقذائف. تلك هي أحزان الحياة القادمة الطويلة التي تنتظرهم منذ الآن.
* ـ على الجبهة السياسية

لكي يضمن العدو التغطية السياسية اللازمة لأعماله الإجرامية التي كان يعرف أنه مقدم عليها عمد إلى إجراء اتصالات مكثفة سريعة قوامها ووسيلتها الغش والتضليل لجهات معينة والكذب الفاجر على جهات أخرى.
قام أولمرت بزيارة لتركيا، وأجرى اتصالات هناك قبيل العدوان بأيام، تحت ذريعة مواصلة المباحثات مع الوسيط التركي، لمباحثات غير مباشرة بين سوريا وإسرائيل. ولم يشر بكلمة واحدة إلى ما كان مقدماً عليه من عدوان على غزة. وقد رأينا ما أسفرت عنه عملية الغش هذه من أثر على الجانب التركي إبان الأزمة، ثم ما حدث في ملتقى (دريغوس) بسويسرا بين الرجل الشهم (رجب أردوغان) ورئيس كيان العدو (شيمون بيريز) كبير عصابة القتلة، المختص بصناعة الكذب والتزوير في المنتديات وبخاصة منتدى الاشتراكية الدولية.
قام العديد من الساسة والسفراء والمبعوثين الإسرائيليين بتحركات سريعة الطابع إلى بلدان غربية وأخرى عربية، إضافة إلى رحلات لأمريكا بطبيعة الحال، فهي (الشريك الكامل) لهم. ولقد صارحت الحلفاء والشركاء بما تنوي القيام به، وأخفت نواياها عمن آثرت الكتمان عنهم، فعمدت إلى الكذب كعادتها، زاعمة أنها ما تزال راغبة في السلام مع الفلسطينيين والعرب، ساعية إليه. بل إنها ادعت أنها مهتمة الآن بما يسمى (المبادرة العربية)(عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]) ولكن بشروط سوف تفصح عنها فيما بعد. وهي تخادع هنا أيضاً إذ هي لا تريد سلاماً فالسلام يبعدها عن أهدافها بعيدة المدى التي تأمل تحقيقها في المستقبل.
حدث هذا قبل العدوان ثم تابعته إبانه وواصلته بعده، فلكل مرحلة منطقها وذرائعها ومسّوغاتها التي تناسبها.
لم تكلفهم الجبهة السياسية كثيراً من الجهد. ذلك أن الجهات التي كان عليها التوجه إليها إما ضالعة ومتواطئة معهم، أو هي مقرة لهم على ما أقدموا وسيقدمون عليه، ومنها ما هو شريك فعلي كأمريكا. وجهات غير هذه وتلك سوف تقف صامتة متفرجة لا أكثر، كهيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن وهيئات (حقوق الإنسان) وما إليها.
وقد نجحت في حملاتها واتصالاتها على الصعيد السياسي والدبلوماسي فأقنعت الكثيرين بأن (أمنها) معرض للخطر مالم تقم بإسكات مصادر الصواريخ التي تنطلق على مستوطناتها من غزة. نجحت إلى حد أن هؤلاء صدقوا بأن تلك الصواريخ ذات خطر بالفعل وأنها ـ إسرائيل ـ (مضطرة) للرد للقضاء عليها في مرابضها (دفاعاً عن النفس..!) أولاً، ثم هي لصالح حلفاء إسرائيل وأصدقائها، ما دامت حرباً على (الإرهاب الإسلامي) عدوهم المشترك جميعاً، ثانياً...!!
ولأنها إسرائيل فليس في وسع أحد إلا أن يصغي إليها، وأن يؤمِّن على مزاعمها وأكاذيبها وكأنها حقائق غير مفتراة. ذلك أنهم يعرفون، كما تعرف هي، أن هذا ما هو إلا الكذب الصريح، والزعم الباطل من أساسه. ولكن هؤلاء بدافع من عدائهم التقليدي لأمتنا على مر العصور، لم يروا فيما هي مقدمة عليه ما يحملهم على تفنيد ادعاءاتها، بله محاولة ثنيها عما تزمع القيام به. بعض هؤلاء إذن (مشارك)، وبعض (مبارك) فما الذي يضيرهم أن تقتل إسرائيل أعداداً أخرى من الفلسطينيين مجددا.ً أو أن تواصل تدمير بناهم التحتية؟ ألم تعوِّدهم إسرائيل على هذا كله منذ عقود طويلة بحيث أصبح أمراً طبيعياً مألوفاً، وحالة من (التطبيع) عودتهم إياه ـ على مر الأيام ـ ومع هؤلاء فريق من العرب (المطبعين) بطبيعة الحال...؟
ولماذا يكون بمعنى (التعويد) التطبيع قاصراً على المعاملات التجارية وما إليها فلا يشمل القتل والتنكيل أيضاً..؟
حتى المحافل الدولية استطاعوا ـ والفضل لأمريكا بوش وتشيني ورايس واللوبي ـ ليس تحييدها بل تجنيدها للتغطية على عدوانهم وإظهاره كما لو كان بالفعل (دفاعاً عن النفس) أمام إرهاب الفلسطينيين، وفي وجه صواريخ حماس (الجبارة). وقد نسوا وصفهم إياها قبل وقت ليس ببعيد بالهشاشة والضعف واللاجدوى وغير ذات الأثر..!
ولكن الغريب العجيب المدهش أن بعض العرب أنفسهم إما أنهم صدقوا إسرائيل في دعاواها، أو أنهم لم يصدقوها ولكنهم برغم ذلك لم يعارضوها. أو حتى أنهم أقدموا على تشجيعها فيما هي مقدمة عليه لأسباب خاصة بكل منهم، فأسهموا في الحصار وسكتوا عن القتل والدمار إزاء عملية (الرصاص المصبوب) لأسباب لا يعلمها إلا الله والراسخون في العلم..! ألا يعلم الساكتون أن السكوت على الظلم ظلم أشد.!؟
فئة من أمتنا تقدم لإسرائيل كل شيء ولا تقدم لأبنائها في أحلك اللحظات أي شيء.
الجبهة السياسية كانت مفتوحة على مصاريعها أمام إسرائيل دون أن تجد من يقف في مواجهتها من العرب ـ باستثناء دول عربية ممانعة، هي في الأصل على جبهة المقاومة والممانعة. من هنا استطاعت (إسرائيل) في البداية أن تسِّوق سياسياً ما شاءت من أكاذيب، معتمدة على الدعم الأمريكي، والرباعية الأوروبية، ومجلس الأمن الخاضع لأمريكا، وإسرائيل. حتى أننا سمعنا (بان كيمون) الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة نفسها، يتصرف وكأنه الناطق باسم إسرائيل، وكأنه لم ير في كل ما يجري على أرض غزة سوى صواريخ القسام (المنهالة) على إسرائيل مهددة لأمنها، وأن هذه الإسرائيل (المسكينة) محقة في (الدفاع عن نفسها) أمام هذا العدوان (الإرهاب) الفلسطيني..!! بلى لقد استنكر الرجل ضربهم لمبنى الأمم المتحدة في غزة..!!.
الصمت العربي من جهة، والتواطؤ من الجهات الضالعة، من جهة، مكنت إسرائيل من الاستفراد بالساحة السياسية (يعززها إعلام إسرائيلي ـ غربي فاجر)، وحمل هذه الجهات على الأخذ بوجهة نظرها وتبني مواقفها. عزز هذا التوجه المغرض موقف جهة فلسطينية تدعي أنها (سلطة الشعب) الفلسطيني التزامها الصمت والوقوف مما يجري على غزة موقف المحايد المتفرج، وكأن هذا الشعب الغزِّي ليس منها وليست هي منه. بدا موقفها العجيب هذا وكأنه إقرار ضمني بأحقية وصدقية المزاعم الإسرائيلية، وشرعية ما تباشره من نشاط على الجبهة السياسية الهادفة إلى التغطية على الفعل الإجرامي الممارس على الأرض.
ومن الطبيعي أن المقاومة نفسها ما كانت لتستطيع مواجهة حملة هائلة كهذه، إذ إنها لا تملك ما تملكه إسرائيل من مقومات وإمكانات وأحلاف.
وحده الدم الذي تدفق أنهاراً هو الذي تكلم، ووحده الدمار العام الشامل هو الذي تكلم. وحده الذي خاطب العالم بلسان أفصح وأبلغ من ألسنة التلفيق والتمويه..
لسان الصدق بغير تلفيق أو تزويق لأنه الحقيقة الناصعة، أفشل إسرائيل في معركتها على الجبهة السياسية، فقد حشد خلف المقاومة جماهير غفيرة على مدى الساحات العالمية بأسرها. فضلاً عن الجماهير العربية والإسلامية في سائر أقطارها وأمصارها. وكان الفضل في ذلك لعديد من الفضائيات التي غامر مراسلوها باقتحام ساحة المواجهة ونقل الكثير من حقائق ما كان يجري هناك.
من مظاهر النفاق الغربي المألوفة في مسايرة السياسة الإسرائيلية، أياً كانت جناياتها، ما كان يصدر من أقوال وتصريحات على ألسنة أساطين السياسة الغربية (الديمقراطية)، (حامية حقوق الإنسان). المتأثرون حتى اليوم بما وقع على اليهود في ألمانيا النازية وهم يشهدون، بأم أعينهم ما يقع على الفلسطينيين من جرائم دون أن يحرك ذلك فيهم ساكناً.
من أقوالهم المشبعة بالنفاق والممالأة والمداهنة على سبيل المثال لا الحصر:
ـ السيد (خافير سولانا) الأمين العام لمنظمة الاتحاد الأوروبي يعرب عن (أسفه). ولم ينسى الرجل أن يصف (أسفه) بأنه كان (بالغاً)...!
ـ أما السيد الجديد للبيت الأبيض (باراك حسين أوباما) فقد أعلنها صريحة مدوية (سنكون دائماً إلى جانب إسرائيل في كل الظروف..!)
ـ السيد (سيركوزي) رئيس جمهورية فرنسا يعلن أنه يشعر (بالقلق). ولم يفت الرجل أن يؤكد بأن (قلقه) كان (شديداً..!)
ـ السيد (بان كيمون) الأمين العام للأمم المتحدة طمأننا بأنه كان (منزعجاً).. و.. (جداً). لاحظوا أنه ليس انزعاجاً (عادياً) مثلاً لما شاهده هناك..بل (جدّاً). من يدري فلربما كان الفلسطينيون مدينون بالاعتذار لهؤلاء السادة (العظام) عما سببوه لهم من إزعاج وقلق..!
هذا السيد الأمين على مصالح الشعوب وأمنها قبل أي شيء آخر، وهو ما أنشئت منظمته من أجله، قبل اختطافها أمريكياً وإسرائيلياً، وهو بالمناسبة كان يعمل موظفاً في شركة أمريكية في كوريا الجنوبية إلى أن جاءت به أمريكا لترسيه في كرسيه على قمة العالم. هذا الرجل ـ ربما إرضاء لضميره، اللهم إذا كان لديه شيء من هذا ـ أقرَّ إسرائيل على ممارساتها الرهيبة بـ (الصدمة والترويع) (والرصاص المصبوب) والفسفور المحرق. من أجل الدفاع عن نفسها أيضاً، الأمر الذي سبق أن أشرنا إليه في مكان آخر.
لا ندري، وما نحسب أحداً يدري في أي سوق للعملات يمكن أن تصرف هذه المقولات (البليغة). إنها شيكات بلا رصيد، فالأرصدة وأصحابها مفلسون في هذه الأيام، حتى تلك الصادرة عن الدولة الأكبر في عالم اليوم..
مع هذا كله، وبرغمه بادر زعماؤنا الأشاوس من العرب ـ عقب فشلهم في عقد قمة عربية طارئة ـ بالتوجه إلى مجلس الأمن إياه، حاملين إليه شكاواهم على ظلم إسرائيل وعسفها في غزة (لإخوتهم) هناك، في الوقت الذي لا يملكون هم سوى الشكوى والتظلم، إذ هم لا يملكون جيوشاً يمكنها مواجهة (الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر..!)، لاسيما وأنهم أمسوا دعاة سلام ومسالمة، وأي سلام؟ (سلام الشجعان) بطبيعة الحال..! فالحقيقة أن من لا يزال يدعو إلى سلام مع العدو الإسرائيلي حسب الشروط الإسرائيلية لابد أن يكون (شجاعاً) حقاً..!
هذا هو كل ما فتح الله به عليهم. وكانت النتيجة قراراً (همايونياً) يعرفون هم، تماماً كما يعرف مصدروه وموقعوه ومقرروه بأنه لا يساوي ثمن الحبر والورق الذي حمله. كان القرار العتيد (1860) (غير الملزم) بوقف إطلاق النار. ولم يتوقف إطلاق النار، بطبيعة الحال تبعاً لهذا القرار، وإنما نتيجة لصمود المقاومة وشعبها على الأرض الفلسطينية، ومن جانب واحد هو الجانب الإسرائيلي.
أما بريطانيا (العظمى) التي كانت وما برحت، السبب الأساسي والمباشر في نكبتنا الهائلة ومأساتنا الفريدة كلها. بل كانت بريطانيا صانعة نكبتنا بامتياز واقتدار.
تجلت المؤامرة البريطانية ـ الصهيونية منذ أكثر من قرن ونصف. ولكن المراحل الأقرب والأوضح والأفعل جاءت مع وعد بلفور (2 نوفمبر 1917) ومعاهدة سايكس ـ بيكو التي جزَّأت الوطن العربي، وما تلا ذلك من إجراءات مهدت وعملت على قيام كيان يهودي في فلسطين، هو إسرائيل الآن(عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]).
وليس هذا مقام الخوض في هذه المراحل التاريخية. ولكن بريطانيا ما برحت على عهدها في مناصرة الصهيونية وزعمائها على حساب العرب، الذين تكن لهم عداوة عميقة تحاول إخفاءها بادعاء صداقة لا وجود لها. لكن الأحداث والوقائع تكشف الغطاء عن ذلك العداء البريطاني التاريخي للعرب. فقد حدث في زيارة (ايهود أولمرت) لبريطانيا في 19/ 11/ 2008 أن أنعمت ملكة بريطانيا، (إليزابيث الثانية) على (أولمرت) بلقب (فارس). بحق السماء يا ملكة بريطانيا أين هي فروسية هذا الجبان، قاتل الرجال والأطفال والنساء بالآلاف المؤلفة، صانع المآسي والأحزان للفلسطينيين ضحايا دولتك سيدة الاستعمار في القرنين الماضيين..؟
وعندما فعلت ذلك، هذه الملكة المتغطرسة الضالعة مع حليفها الصهيوني، قامت فتاة يهودية ـ بريطانية من بين الحضور لتقول للملكة:
(أنت تنعمين باللقب على رئيس حكومة تقوم على التمييز العنصري، أيتها الملكة، في أسوأ صوره...!)
وبهذه المناسبة، وتأكيداً على عدائية بريطانيا التاريخية لأمتنا لابد أن السيد (توني بلير) رئيس وزراء بريطانيا السابق، شريك الرئيس (جورج بوش) في الحرب على أفغانستان والعراق، لم يساوره الندم على ما اقترفت يداه من الجرائم في البلدين بناء على أكاذيب متفق عليها بين الرجلين. فالأول اعتمد أكذوبة ما أسموه (أسلحة الدمار الشامل) يمتلكها العراق وتشكل خطراً شديداً ومباشراً على الغرب، وأن العراق تعاقد واستورد اليورانيوم من (نيجيريا)، إلى آخر ما هنالك من أكاذيب ثبت بطلانها، بل واعترف (بوش) نفسه في أواخر أيامه، بأن معلوماته بشأنها كانت (خاطئة). والمخطئ هنا أجهزته نفسها الـ (CIA) وما إليها. ولا بأس عنده أن عمل على قتل وجرح وتشريد وإفقار الملايين من العراقيين.. عن طريق الخطأ..!!
أجل.. بهذه البساطة يمر مقتل مئات الآلاف (ما يفوق المليون في العراق، ولا يدري أحد كم منهم في أفغانستان) وكأنهم مجرد قطيع من الخراف، ما داموا عرباً ومسلمين.
أما الثاني (السيد بلير) فقد أعلن يومئذ أكذوبة أكبر وأخطر وأكثر استهانة بالعقول، هي أن العراق يستطيع أن (يقصف) المدن البريطانية خلال (خمس وأربعين دقيقة فقط!)، ولا ندري كيف انطلت على عامة الناس في إنكلترا وأوروبا أكذوبة مكشوفة بهذا الحجم هي أقرب إلى الطرفة، إن لم نقل إلى النكتة وهم الذين يدَّعون بأنهم أساطين العلم والتكنولوجيا والمعرفة..! وتحري الدقة..!
السيد (بلير) هذا الذي وصفته صحف بلاده نفسها (بكلب جورج بوش الوفي) هاهم يرسلونه إلينا ليقيم بين ظهرانينا في القدس ورام الله مندوباً عن الرباعية، تبييضاً لوجهه الأسود وبراتب خيالي، مكافأة له على تعاونه الإجرامي في الحرب العدوانية. ولكن لماذا يرسلونه إلينا؟ ولماذا وافق العرب على ذلك وهم يعرفون من هو؟ وماذا كان دوره الإجرامي؟ وما هو الدور المناط به الآن..؟
لا لشيء أرسلوه سوى إكمال المهام التي لم تنته بعد، إلى جانب (الجنرال دايتون) الأمريكي. على رأس تلك المهام مواصلته سياسة (فرق تسد) لتعميق الشرخ، وتوسيع شقة الخلاف التي اصطنعوها بين أبناء الشعب الواحد. هذا إلى جانب مهام التدريب والتسليح لقوى عسكرية وأمنية لدى السلطة الفلسطينية المشاركة لهم، والمؤتمرة بأوامرهم، لكي يقف في وجه المقاومة الشريفة في غزة والقطاع. فهي الآن العدو الحقيقي ـ في نظرهم ـ الذي يجب العمل للقضاء عليه تحقيقاً لرغبات إسرائيل ومن والاها.
منذ ستين سنة قالها شاعرنا الكبير علي محمود طه.
أخي جاوز الظالمون المدى



فحق الجهاد وحق الفدا


فماذا نقول الآن بعد أن تجاوز الظلم، وتجاوزت الخيانات والمؤامرات الأمداء كلها...؟ ومن بني جلدتنا وأبناء شعبنا المنكوب ذاته وهو الأشد (من وقع الحسام المهند..!)
ولكن ماذا كانت نتيجة حرب إسرائيل على الجبهة السياسية؟
*في كلمات:
لقد خسرت إسرائيل ـ برغم ما بذلت من جهود مستميتة ـ خسراناً مبيناً على هذه الجبهة. وكان الثمن الذي ترتب على ذلك باهظاً. فقد خسرت الكثير من سمعتها المزيفة التي كانت تصورها على أنها دولة (ديمقراطية) (متحضرة). بل على أنها (الديمقراطية الوحيدة) في المنطقة. لقد عرفها الآن، من لم يكن يعرف بعد، على حقيقتها الإجرامية العدوانية التلمودية، الوالغة في دماء الأبرياء، وعلى بربريتها التي فاقت ما ألحقه الغرب بسمعة ألمانيا الهتلرية والنازية بعد نهاية الحرب العالمية ومحاكمات نورمبرغ.
تلاميذ هتلر العنصريون جعلوا من قطاع غزة "أوشفتيز" جديدة ولكن أكبر بكثير، ليكون مسرحاً لكل جرائم الحرب ضد الإنسانية. يقول أحد جنرالاتهم: (عدد القتلى الفلسطينيين هو مقياس نجاحنا وانتصارنا، فالفلسطيني مخلوق لا يستحق الحياة). أليس من مهازل القدر أن يجد الخلق بينهم قذارة تدعى (جنرالاً) من هذا النوع ليقرر هو، القميء البذيء، بأن الفلسطيني لا يستحق الحياة؟ والفلسطيني ابن أمة علمت الدنيا فيما مضى معنى الحرية ومعنى الإنسان؟
ثم.. أليس ما يقوله هذا وأمثاله من تلاميذ التلمود دليلاً قاطعاً على أن المستهدف هو الشعب الفلسطيني كله، وليس حماس أو فتح أو الشعبية أو أي مقاومة؟ وطائراتهم عندما تقصف، ومدافعهم حينما تعصف لا تستثني أحداً، ولا تفرق بين أحد منهم، أو من أبناء الشعب الفلسطيني وإنما تعاملهم سواسية كأسنان المشط..!!
على الجبهة الإعلامية

هنالك قول مؤداه:
إذا كانت الأسلحة المتطورة تكسب (المعركة) فإن الإعلام كفيل بكسب (الحرب) على صعيد الرأي العام. ذلك أن الإعلام أحد أسلحتها الفاعلة الماضية.
هنا نلاحظ أن إسرائيل لم تكسب المعركة، كما إنها لم تكسب الحرب باعتبار أن المعركة الواحدة جزء من الحرب الشاملة متعددة المعارك. خسرت إسرائيل حربين، في لبنان وفي غزة، برغم فوارق القوة واختلال التوازن في السلاح، اللهم إلا إذا اعتبرت هي وأنصارها بأن القتل الجماعي للمدنيين، غير المقاتلين بوحشية وبربرية غير مسبوقة إلا من قبلها، إضافة إلى تدمير البنى الفوقية والتحتية بالكامل لجزء صغير محاصر من شعب فلسطين، هو انتصار لها.
على أن هذا في حقيقته، وبأي حساب، أبعد ما يكون عن الانتصار. بل إنه من علامات الهزيمة الفادحة، ومن دلائل العجز والخذلان والإخفاق. فحينما يعجز جيش عن تحقيق الأهداف السياسية التي أشعلت الحرب من أجل الوصول إليها هو الهزيمة عينها لهؤلاء، وهو بالمقابل انتصار الجانب الآخر الذي حال بينها وبين تحقيق أهدافها.
إسرائيل تحاول الآن، برغم خسارتها المشهودة للمعركة كسب الحرب عن طريق الإعلام. فهي قد عمدت إلى إخفاء الحقائق على الأرض لكي لا يطلع أحد ـ بما في ذلك شعبها نفسه ـ إلا على ما يفيدها في هذا الجانب. وهي ما انفكت بعد ذلك عن ترويج الأكاذيب، وإشاعة الأضاليل، مدعية تحقيق انتصار مزعوم على المقاومة الفلسطينية. كانت تعلن، من يوم لآخر، عن تقدم على الجبهة، ثم لا يلبث أن يتبين أنها ما برحت حيث هي، غير قادرة على التقدم لمواجهة مباشرة مع مقاتلي المقاومة، لأن جنودها لم يعتادوا القتال وجهاً لوجه في سائر المعارك السابقة. ولأن هؤلاء الجنود ترتعد فرائصهم لمجرد ذكر المقاومة، ناهيك عن الإقدام على مواجهة مع عناصرها. لقد رآهم العالم كله يقبعون في دباباتهم لا يجرؤون على مغادرتها، محتمين بجدرانها الفولاذية السميكة ]لا يقاتلونكم جميعاً إلا في حصون مشيَّدة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى..[ ثم تدعي بأنها دخلت بدباباتها المجمعات السكنية في جباليا أو رفح أو بيت لاهيا، ولا تعرض على الملأ صورة واحدة تؤكد صدق ادعاءاتها. على العكس من ذلك إذ لا تلبث الفضائيات الأخرى أن تكشف بالصورة أن أرتال الدبابات تقف بعيداً، في العراء، عن المناطق الآهلة بالسكان، حتى بعد قصفها وتدمير الكثير من مبانيها وقتل الكثير من أهلها. وهذه ظاهرة بدت للعيان قلما شوهدت في الحروب، فالسكان هنا أمسوا لحمة واحدة مع المقاتلين، لا تثنيهم عن الثبات والصبر والتصدي، ولو بالحجارة للعدو الشرس، الذي لم تزدهم وحشيته إلا مواصلة صموده وثباته، إلا رغبة في الانتقام من عدو حاقد لم يرع فيهم إلاًّ ولا ذمة على مدى السنين الطوال الماضية.
الإعلام الإسرائيلي لا يتورع عن تزييف الوقائع إلى حد الوقاحة والفجور، استهتاراً بالعقول، حيث يعمد إلى قلب الحقائق وتصوير الهزيمة المنكرة على أنها نصر مؤزَّر. لا تذكر شيئاً عن أعداد قتلاها وجرحاها، والفارين من جنودها من المعركة، ولا تشير إلى أسراها، وكأنها تستكثر على الجانب الآخر الفلسطيني أن يكون له من القدرة والشجاعة ما يمكنه من إيقاع الأذى في صفوف جيشها، الذي ما انفكت تصرُّ (إعلامياً) على أنه (لا يقهر)، حتى بعد انكشاف أمره وأمرها.
من هذا القبيل ادعاؤها ـ عندما قتل عدد غفير من جندها في عملية لم تستطع إخفاء آثارها والتعتيم على خسارتها في الأفراد ـ عندما حدث ذلك ادعت بأنهم قتلوا (بنيران صديقة) خطأ..! وقد فاتها أن تبريراً من هذا القبيل إنما يكشف حقيقة أكثر سوءاً، وهي أن قواتها ترتكب خطأ قتل أفرادها لرفاقهم، لا يدل إلا على أن الارتباك والهلع بلغا من جنودها حدّاً أفقدهم القدرة على التمييز بين نيران المقاومة ونيران الزملاء (الصديقة..!)، وأن هذا ما كان ليحدث لولا ضراوة المعركة وجرأة مقاتلي الطرف المقابل.
ويأتي الإعلام الغربي بقضه وقضيضه لضلوعه ومشاركته العدو الإسرائيلي كراهيته التاريخية لشعبنا وأمتنا ــ فيبادر إلى تبني أكاذيبه ومسوغاته، يروج لها على أنها حقائق. ناهيك عن تبنيه لما تطلقه من أوصاف (كالإرهاب) مثلاً على المقاومة، وما تبث من معلومات عن خسائر مزعومة أوقعتها في صفوفها. بيد أن الإعلام الغربي نفسه يعرف ــ قبل غيره ــ أنه هو أيضاً يتعمد تضليل شعوبه نفسها، خدمة للصديق الحليف، فضلاً عن تضليله شعوباً أخرى، ورأياً عاماً عالمياً، انجراراً وراء الإعلام الصهيوني تحقيقاً لأهدافه بعيدة المدى التي لم تنجز بعد.
ولكن لابد لنا من القول، من باب الاعتراف بحقيقة راهنة، بأنهم غالباً ما يحققون النجاح الذي يبتغون بنهجهم الإعلامي هذا. ولكن لماذا؟ وكيف؟ الإجابة غير خافية عنا جميعاً، منذ زمن بعيد، وهي أن العدو يملك آلة إعلامية (media) هائلة إما امتلاكاً فعلياً لأدواتها ووسائلها، وإما نفوذاً عن طريق شبكاتهم الأخطبوطية المنتشرة والخبيثة في معظم أرجاء العالم، عن طريق شركات إعلامية، وجمعيات ومؤسسات وتنظيمات سرية وعلنية فاعلة، تحمل أسماء عديدة كالماسونية والليونز واللوثري والبناى بريث واللوبي والوكالة اليهودية وغيرها. وما أكثرها.
ما ينفق على الإعلام التابع للصهاينة والإعلام المشايع لهم، من المال كثير، ترصد له ميزانيات ضخمة بل فلكية، في حين أن إعلامنا ما زال يحبو قاصراً عن اللحاق به، يقبع في مكانه لا يريم منذ عقود طويلة. وهو دائم الشكوى عن عجزه أمام إعلام العدو بغير مسوِّغ حقيقي. ذلك أن دولنا العربية لا تنقصها الإمكانات، ولا تفتقر إلى الأموال والكفاءات والمهارات البشرية التي تمكنها من مواجهة الإعلام المعادي، وأن تكشف ألاعيبه التي أوشكت أن تستقر في الأذهان كحقائق لدى قطاعات واسعة من الرأي العام. من ذلك مزاعمهم بأن ساستهم (دعاة سلام) يستحقون عليها جوائز نوبل. حتى أن زعماء عصاباتهم حصلوا على تلك الجائزة العالمية المغرضة، الضالع عديد من سدنتها مع العدو، لأسباب لم تعد خافية على أحد. حصل على هذه الجائزة (بطل) مجزرة (دير ياسين) الإرهابي بحق (مناحيم بيجن)(عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]) (مناصفة مع الرئيس ـ المؤمن ـ أنور السادات)..!
كما حظي (بشرف) هذه الجائزة العتيدة الإرهابي الآخر (الجنرال) السفاح (موشي ديان)(عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]) ولم يفت أصحاب الجائزة أن يمنحوها أيضاً لصاحب (مأثرة) نظرية تكسير عظام أطفال الحجارة. الذي يراه بعض زعماء العرب (داعية سلام) هو الجنرال (اسحاق رابين). بل إن بعضهم بكاه بحرقة يوم مقتله على يد صهيوني يدعى (عامير). ولا يفوتنا ذكر واحد من كبار سفاحيهم وماكريهم ذلك الكريه صاحب مجزرة قانا في لبنان ومجازر غزة الأخيرة، الكذاب الأشر، الفاجر الأكبر (شيمون بيريز) الذي كان لرئيس وزراء تركيا السيد (رجب أردوغان) شرف الرد عليه وتحقيره مؤخراً في ملتقى (دافوس بسويسرا) كما أسلفنا.
تقصير إعلامنا ــ إن لم نقل عجزه ــ عن مواجهة الإعلام المعادي عائد إلى أن قيادات الأمة العربية في وادٍ آخر، فهي من ثم لا تأخذ مسألة الإعلام في حساباتها لمواجهة العدو على محمل الجد والاقتناع بأنه ما من سبيل للتأثير على الرأي العام العالمي وتحويله إلى جانب الحق العربي، إلا عن طريق الإعلام الهادف إلى دعم المقاومة والتعريف بها على أنها مقاومة مشروعة للاحتلال، وليست إرهاباً. كما أن القادة العرب، وهذا هو الأهم والأخطر، لا تتوفر لديهم الإرادة لصنع إعلام فاعل يحمي مصالحهم، هم أيضاً ويخدمها، تماماً كما يخدم مصلحة القضية الفلسطينية بوصفها قضيتهم المركزية.
ينبغي أن يعمل العرب ــ أياً كانت خلافاتهم على قضايا ثانوية ــ على وحدة الهدف الأسمى الذي هو مناهضة الصهيونية لتلافي خطرها عليهم، وبيان بطلان ادعاءاتها التي تمكنت من إقناع الآخرين بأنها على حق في الاستيلاء على فلسطين، وأنها إنما (تدافع عن نفسها) بارتكابها جرائمها المشهودة، فهي لم تغتصب لنا أرضاً، ولا هي ضيَّعت لنا حقوقاً، ولا هي الصانع الفعلي لمأساة شعب بأسره يبلغ تعداده اليوم نحو اثني عشر مليوناً بين مشرد ومحاصر ومطارد، ولا هي أزهقت أرواحاً بلا حصر، ثم استطاعت قلب ذلك كله إلى عكسه، بحيث أمسى العرب والفلسطينيون قتلة وإرهابيين ومتخلفين، إسلامهم عدو للغرب متربص به الدوائر.
أليست هذه هي الصورة الآن لدى الغرب عن الأمة الإسلامية والشعوب العربية بفعل الإعلام الإسرائيلي؟
نذكر أن اجتماعاً لوزراء الخارجية العرب منذ أعوام ثلاثة أصدر قراراً ينص على تخصيص (ثلاثين مليون) دولار لمواجهة الإعلام الصهيوني، ويا له من مبلغ (ضخم) ـ أمام مليارات ينفقها الإعلام المعادي ــ للقيام بحملات إعلامية تدافع عن المصالح العربية.
ومع ذلك، وبرغم ضآلة، بل (تفاهة) المبلغ المشار إليه لم يقدِّم أي من عربنا حصته المطلوبة، وبقي القرار ـ شأنه شأن الكثير من قرارات الجامعة العربية العتيدة ـ حبراً على ورق، أو لنقل قراراً يأكله الغبار على الرفوف الخشبية في مخازن أو أبهاء الجامعة، قد يصلح للديكور ذات يوم قادم..! أو يصلح شاهداً على التقصير والعجز عن الفعل، إما عن غفلة وإما مسايرة لتوجهات وتوجيهات الأصدقاء لدى الطرف الآخر (أمريكا والغرب).
انطلق إعلام العدو ليعمل على أكثر من جبهة. على الجبهة العسكرية إبان الحرب القائمة على غزة. لجأ إلى التعتيم على تحركات جيشه، كما على مجريات الحرب العدوانية فلم يسمح إلا لمصورين وصحفيين من عنده، لهم مهمات محددة، وتعليمات أكثر تحديداً، فهم لا يصورون من المشاهد ولا يبثون من الأنباء سوى ما تريده القيادات العسكرية والسياسية الإسرائيلية. من قبيل ذلك تعمد التقليل من خسائرها وتضخيم خسائر المقاومة. أما الصواريخ المنهالة عليها ــ الأمر الذي لم تتوقعه على هذا النحو في البداية وعند بدء هجومها والإعداد له ــ فهي تهون من شأنها عند الحاجة إلى التهوين، وتضخمها عند الحاجة إلى التضخيم.
أما على الصعيد الخارجي فقد شنت حملة إعلامية شعواء في الشرق والغرب، تزعم أن (أمنها) يتعرض لخطر إرهابي، يستهدفها كما يستهدف الغرب بأسره. أي أنها دفعت بالغرب إلى مشاركتها الإحساس والتوقع لخطر (إرهابي) يتعرض له مثلها. كما لجأت إلى محاولة إخفاء جرائمها المروعة في استخدام كافة الأسلحة المزودة بها من ترسانة (البنتاغون) بمختلف أسمائها ومسمياتها عندهم، من تقليدية إلى غير تقليدية (مشروعة) (وغير مشروعة) وكأن القتل أياً كانت وسيلته، يعتبر مشروعاً عندهم فالغاية تبرر الوسيلة حسب (مكيافيلي) وهم تلاميذه النجباء..! حتى إن رئيس كيانهم نفسه لم يتورع عن إطلاق تصريحات كاذبة، وهو يعلم أن ما كشفته أجهزة إعلام أخرى من وقائع إجرامية، غاية في الخسة والدناءة، تقع على شعب أعزل، كل ذنبه أنه فلسطيني، وذنبه أيضاً أنه لا يملك سلاحاً مكافئاً لسلاح الكيان الجبان، راح الرجل البائس (بيريز) في أواخر عمره الذي قضاه كله ــ وقد بلغ أرذله ــ في تصنيع الجريمة والدفاع عنها، راح يلقي بأقاويل مضللة ـ سبق أن أشرنا إلى بعضها ـ من قبيل:
ـ (إن الجيش الإسرائيلي لم يقتل أطفالاً...!
ـ وأنه (لا يحب أن يرى أحداً يقتل...!
ـ وأن (إسرائيل وجيشها تتمتع (بأخلاقيات) عالية.. وإنسانية..!
ألم تكشف هذا الكذب الفاضح الصور التي تسربت بطريقة ما إلى العالم..؟
أما (تسيفي ليفني) ـ المسماة وزيرة للخارجية عندهم ـ فقد كانت، والحق يقال، أكثر جرأة على الكذب، أو هي لم تكن أقل من رئيسها وسائر أعضاء عصابتها كذباً وتضليلاً. لنقل أنها كانت أكثر استهتاراً بعقول البشر، وأقل اكتراثاً بذكائهم، إذ راحت تدعي بأنها (حزينة) من أجل من يقتلون من أطفال الفلسطينيين، ولكن ماذا بيدها أن تفعل ما دام (الإرهابيون) يقيمون بين هؤلاء الأطفال. هذا وحده يبرر ــ كما ترى هي ــ قتلهم ومحوهم عن ظهر الأرض ــ بكل أسف تقول ــ تقتلهم وهي حزينة مع ذلك من أجلهم..!! أليس هذا من قبيل أن تقتل القتيل وتمشي في جنازته..!؟
لا يدع الصهاينة شاردة ولا واردة تفوتهم، من قريب أو بعيد، تنفعهم أو تضرهم، إلا ويتابعونها إعلامياً، بحرص ودأب ووعي، مما أسهم أيضاً في وصولهم إلى تحقيق حلمهم منذ (تيودور هرتسل)(عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]) حتى اليوم. لم يغفلوا دور الإعلام أبداً لإظهارهم في صورة الضحية وإظهارنا في صورة المعتدي.
وليس من قبيل المغالاة القول بأن الإعلام قام بخدمة الصهيونية والصهاينة إلى حد الإسهام الفاعل بقيام الكيان نفسه. ثم دوره بعد ذلك، وعلى مدى السنين منذ ذلك الحين في استمراره وتعزيز وجوده، بصرف الأنظار عن جرائمه من جهة، وبحشد قوى عديدة من جهة ثانية لدعمه ومعاضدته، بل وإلى حد حمل تلك القوى على مساعدته والوقوف معه في معاركه وحروبه، وسائر ظروفه مادياً ومعنوياً وأدبياً، مما أوصله إلى ما وصل إليه وأوصلنا نحن كذلك إلى ما نحن عليه. ثم فوق هذا وذاك قدراته التي استطاعت التعتيم على ما يجري على أرضنا كل هذا الوقت، منذ عام النكبة بل وقبله أيضاً وحتى يومنا هذا.
لقد عمد ذلك الإعلام إلى تجهيل العالم بالحقائق الجارية على الأرض، بما في ذلك جرائم إسرائيل التي لم تتوقف عن اقترافها في يوم من الأيام. وبرغم انتشار وسائل الاتصال الحديثة الهائلة، وذلك الفيض الذي أنتجه العلم، ما زالت قادرة على اللعب بسلاح الإعلام وتسخيره في خدمة أهدافها الشريرة. لقد استطاعوا تصوير العربي في الغرب عامة، وفي أمريكا خاصة، بصورة البدوي، راكب الجمل في الصحراء، أما المدينة العربية التي تضاهي مدن الغرب، أما المدارس والجامعات والأندية، أما الإنسان العربي الحضاري، المتعلم والمثقف والأديب وأستاذ الجامعة والمهندس والطبيب والتقني، فلا وجود لذلك كله. حتى أننا إذا ما استخدمنا وسائل الإعلام المتاحة للتعريف بقضايانا فإنما نحن نتحدث إلى أنفسنا، وكأننا في غرفة مغلقة ذات جدران أربعة صمَّاء، وليس إلى أولئك الذين يهمنا أن نقدم لهم الصورة التي نحن عليها لتحل محل تلك المشوهة التي يصدرونها عنا، زوراً وبهتاناً فهي ليست فينا. بل إن إعلامهم تغلغل بيننا نحن أيضاً فأمسينا نستخدم المصطلحات ذاتها التي يبتكرها العدو ويبرع في اختلاقها، حتى إنه استطاع أن يحملنا على هزيمة أنفسنا بأنفسنا في الحروب السابقة قبل أن تهزمنا قوات جيشه، حين أوهمنا بأنه (لا يقهر). صدَّقنا الأكذوبة، وعزَّزتها سلبيات لا يجهلها أحد في أوساط قيادات سياسية عربية، وفئات في الجمهور العربي نفسه. حتى أوشكت أن تعم (ثقافة الهزيمة) وتغدو من المسلمات السائدة.
ألم يفلحوا في إيهام الغرب ــ منذ الحرب العالمية الثانية ــ بأنه مذنب في حقهم إذ أسهم بالصمت عن إبادة (ستة ملايين) من اليهود في غرف الإعدام بالغاز في ألمانيا الهتلرية، وخلقوا من ثم لديه ما يسمى (بعقدة الذنب) التي ينبغي عليه أن يكفِّر عنها بتقديم العون، وبالسعي الحثيث لإقامة كيان لهم في فلسطين (الأرض التي بلا شعب)، ثم غض الطرف عما يصنعون بسكان البلاد هناك؟ لم لا؟ أليس أولئك من طينة أخرى؟ أليسوا عرباً ومسلمين..؟ حياتهم بخسة ودماؤهم رخيصة..؟.
وإذا ما حدث أن تصدى لهم من يشكك، مجرد تشكيك، في الرقم المعلن، وليس في المسألة من أساسها حورب حرباً شعواء لا تنتهي إلا بتجريده من حقوقه السياسية والمدنية والأدبية، ولربما دمَّرت حياته الراهنة، فضلاً عن مستقبله كله. حدث هذا مع كثيرين نذكر منهم:
الفيلسوف الفرنسي (روجيه جارودي)(عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]) والكاتب الأمريكي اليهودي (نورمان فلنكشتاين)(عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]) والكاتب البريطاني (براونبخ)(عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]).
وجديد من هذا القبيل:
نشرت وكالات الأنباء أن الأسقف البريطاني (ريتشارد ويليامسون) صرح بأن ضحايا (الهولوكست) لا يزيدون على (ثلاثمائة ألف) فقط. أضاف داحضاً رواياتهم عن أفران الغاز، وأن هذه لم تكن سوى عملية تضخيم مقصودة، مبالغ فيها. وكما هي العادة، قامت قيامتهم إلى حد أنهم خلقوا بلبلة في الفاتيكان نفسه. حتى أن البابا وعد بأن يسحب الأسقف كلامه ويعتذر عنه (أي اعتذار الصادق عن صدقه..!) بل إن البابا ذهب بعيداً في استرضائهم فأعلن أن (من ينكر الهولوكست كمن ينكر وجود الخالق..!). أإلى هذا الحد بلغت سطوتهم حتى على هذا المستوى الفائق العلو والمكانة..!؟
ولكن هل اكتفوا باعتذار رأس الكنيسة الكاثوليكية احتراماً لمكانته وموقعه؟ هل انتهى الأمر عند هذا الحد؟ وماذا كان الرد؟
أوعزوا لأدواتهم بالتحرك في أكثر من مكان، وعلى أكثر من صعيد. كان أخطرها ما عرضته القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي. وهذه قناة (دولة رسمية) تعرض تمثيلية هزلية تسخر من سيدنا المسيح عيسى بن مريم عليه السلام، وأمه السيدة مريم العذراء عليها السلام، على نحو مثير للاستهجان والاشمئزاز لما حوته من إهانات وبذاءات، فضلاً عما بثته من أقوال وافتراءات تنكر نبوتها، بل تصورها في أبشع صورة لأدنى المخلوقات البشرية (معاذ الله). صاحب هذا العمل الرديء يهودي يدعى (لينور باشلان) يقول (ما داموا يصفوننا بالنازيين فهذا هو ردنا..!
وأعجب ما في الأمر أن هذه التجاوزات المسيئة لم تثر في دول الغرب حمية الرد دفاعاً عن أقدس مقدساتها ــ التي هي مقدساتنا نحن المسلمين أيضاً ــ فهل بلغ الإرهاب الفكري اليهودي للغرب هذا المبلغ؟ وكيف يرضى مفكرو الغرب ومثقفوه وعلمانيوه مواصلة الرضوخ لهذا النوع من الابتزاز على صعيد المال، والتخلف الفكري البدائي بالمزاعم الخرافية الإسرائيلية التي هي أسوأ أنواع التمييز العنصري بدعاوى (النقاء) اليهودي و(التميز) اليهودي و(سامية) اليهودي و(تفوقه) على سائر البشر.. شعب الله المختار(عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]) ومن وراء ذلك حكاية (الهولوكست) والملايين الستة المزعومة، وهو رقم يفوق عددهم في أوروبا كلها آنذاك(عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]) . أليس الغرب عنصريّاً حين يقرُهم على عنصريتهم بدعوى التفوق والتفرد العنصري والديني..؟
تلك إذن هي صورة إعلامهم، مضافاً إليه، وضالعاً معه إعلام مناصريهم. يقابله واقع إعلام عربي مشتت وهزيل وارتجالي، أبعد ما يكون عن التخطيط السليم والبرمجة المجدية لخدمة القضايا العربية والإسلامية، ناهيك عن عجزه المطلق عن التصدي لكشف أكاذيب الطرف الآخر وأباطيله. الإعلام العربي لا يصدر متفقاً على موقف واحد من قضية ما. بل إن لكل قطر إعلامه المختلف عن إعلام كل قطر عربي آخر على حدة، وجملة الأقطار العربية مجتمعة. بل إن من هذا الإعلام ــ بدعوى الحيادية والمهنية والحرفية ــ ما يعرض الأحداث والمواقف والرؤى وكأن الذين يتحدث عنهم وينطق باسمهم ليسوا أمته، ولا هم قومه، فغدونا نستمع إلى حديث عن (طرفين) و(فريقين) و(جهتين). والثنائية هنا إسرائيل (طرف) والفلسطينيون والعرب (طرف)، بمعنى أن الإسرائيليين وعربه هو فريقان يقف منهما على مسافة واحدة، ويضعهما في سلة واحدة. والحجة غالباً ما تكون تلك المفردة التي استهلكت تماماً لكثرة، أو لسوء استخدامها هي (الموضوعية) فأمست كالأسطوانة المشروخة سواء بسواء.
كما غدونا نشهد إعلاماً عربياً يهاجم إعلاماً عربياً في شكل حملات شعواء من قبل فضائية على فضائية، أو جماعة على جماعة أخرى. ونشاهد على سائر الفضائيات من أصبحوا يدعون بال (محلل السياسي) وال (مختص بشؤون كذا..) وال (باحث في استراتيجية كذا...) من أجل إضفاء جدية مغرضة، وأهمية موهومة على ما تتفتق عنه عبقريات هؤلاء، ثم نجد في النهاية أن معظم هذا الإعلام ـ يدري أو لا يدري ـ يصب في مصلحة العدو وكأنه يحارب في صفه.
وبعد فهل لنا بعد كل الذي جرى على شعبنا وأهلنا في غزة أن نطمح إلى نشوء إعلام نظيف، فاعل، مقتدر، يستهدف خدمة قضايا أمته، مدركاً أن مصيره من مصيرها ـ شاء ذلك أم أبى ـ من مهام هذا الإعلام الأولية:
ـ إعادة تشكيل الوعي العربي العام ليصبح التضامن العربي ووحدة العرب تجاه الخصوم أهم أهدافه.
ـ الكف عن استخدام مصطلحات غريبة دخيلة يسربها الأعداء محددة الأهداف والغايات والأبعاد.
ـ التوجه بالخطاب إلى الغرب لتعريفه بحقيقة العدو وموقفه منا، ومن سائر البشر دون استثناء. والتركيز على الربط بين معتقده المسيحي ومعتقدنا الإسلامي، وما بينهما من صلة وثيقة، بحيث إن المسلم لا يكون مسلماً إذا ما أنكر أو تنكر لسيدنا المسيح عليه السلام، وكونه من روح الله، وكونه ارتفع إلى السماء حين سعوا إلى صلبه، في حين أن هؤلاء ينكرون مجيئه أصلاً حتى الآن وأن مسيحهم هم قادم وهو المسيح الحقيقي..!، ويقولون على السيدة مريم العذراء
)إفكاً وبهتاناً عظيماً()ألا ساء ما يحكمون(

وفي القرآن الكريم تقرأ:
)لتجدن أقرب الناس مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى... (
)لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا.. (
القرآن الكريم هو الدين السماوي الذي جاء بعد السيد المسيح بخمسة قرون ونيف ليعلن على الدنيا كلها نبأ السيد المسيح وأمه السيدة العذراء. خبر جاء من السماء على حقيقة وجودهما في حين ينكر اليهود ذلك حتى يوم الناس هذا. وهذا النبأ السماوي جاء لصالح السيد المسيح والمسيحية بواسطة نبي وإلا لعمل اليهود على تصنيفه ضمن الأساطير المعروفة. نبأ السماء هذا على المسيحيين أنفسهم أن يحرصوا عليه وأن يتبنوه لأنه حقيقة سماوية جاء بها كتاب سماوي.
ـ التوجه إلى سائر بلدان العالم الإسلامي التي (تعد ملياراً ونصف المليار) لحشدهم وراء قضايانا التي يشاركوننا إياها من الناحية العقائدية، فالقدس ثالث الحرمين، وهي القبلة الأولى، وهي المكان الذي أسري برسول الله إليه، ومنها عرج إلى السماء من موضع قبة الصخرة، وعند حائط البراق. علينا إشعارهم بأن القدس مسؤوليتهم أيضاً كما هي مسؤوليتنا.
ولنا في إيران الجمهورية الإسلامية الإيرانية، كما لنا في تركيا، وفي ماليزيا، خير الأمثلة على ذلك.
يقيناً أن هؤلاء سوف ينضمون إلينا في مطالبنا المحقة. وإنه لمكسب عظيم لو أحسنا التوجه إليهم بالخطاب، بعد أن أهملناهم طويلاً كمصدر قوة لنا، وكان حرياً بنا ألا نتجاهله وألا نهمله.
وأحداث غزة الأخيرة بينت لنا أن هؤلاء معنا بالفعل، فالجماهير الغاضبة الحاشدة في سائر مدن وأمصار البلاد الإسلامية خرجت عن بكرة أبيها تندد بالعدوان وتحرق الأعلام الإسرائيلية والأمريكية، وتناصر شعبنا ومقاومتنا في الديار المقدسة.
لكي يتحقق لنا إعلام فاعل ينبغي السعي إلى تبني فكرته من قبل جهات عربية مخلصة وقادرة على إنشاء مؤسسة إعلامية عربية مستقلة ــ بمعنى أنها غير تابعة لأي جهة تفرض عليها رؤاها وسياساتها الخاصة ــ تسهم في تمويلها حكومات الأقطار العربية بسخاء، وتسهم فيها الشعوب حسب إمكاناتها التطوعية للأفراد والجماعات، كالنقابات والتنظيمات والجمعيات وما إليها.
هذا لكي نخرج من حالة العجز، ومواصلة الادعاء تبريراً لهذا العجز، بالقول بأن العدو يملك (آلة إعلامية جبارة لا قبل لنا بها). لماذا؟ ما الذي ينقصنا أيها الأخوة..؟
ألا يكفي العرب ستون عاماً ونيّف لبثوا فيها غائبين عن الساحة مخلين إياها ـ طواعية وإهمالاً ـ للعدو يلعب فيها ويعبث كما يشاء لكي يصل إلى حيث وصل ولكي نصل نحن أيضاً إلى وضعنا الراهن الذي يسر العدو ويحزن الصديق؟
هل ينكر أحد أن الوضع على الجانبين على ما هو عليه أسهم الإعلام ــ إيجابياً عندهم سلبياً عندنا ــ في صنعه؟. ولمزيد من الإيضاح يجدر بنا التنويه إلى أن هذا الإعلام المرتجى، (الناجح المقتدر) لا يخدم قطراً بعينه أو قضية بعينها دون غيرها؟ بل هو مكرَّسٌ لخدمة القضايا العربية عامة والقضية المركزية خاصة ــ التي هي قضية الجميع وانعكاساتها تقع عليهم ــ فهو مسؤولية الكل دونما استثناء.


([1]) قيل أن الصحفي اليهودي الأمريكي (ثوماس فريدمان) هو واضعها ولكنها نسبت إلى الأمير عبد الله السعودي، في حينه، لكي يقبلها العرب قبولاً حسناً. ونحن نرى أن هذه المبادرة هي الوجه الآخر لمشروع (الشرق الأوسط الجديد).. والله أعلم.

([2]) عيَّنت (بريطانيا ـ الانتداب) أول مندوب سام لها على فلسطين يهودياً هو (هربرت صموئيل) لكي يبدأ بتنفيذ مضمون وعد بلفور ومقتضياته على الأرض. والذي من أبرز نصوصه (وضع البلاد في ظروف تهيئ لإنشاء الوطن القومي اليهودي في فلسطين) وهو ما صنع الرجل، وبرع في تنفيذه.

([3]) رئيس وزراء أسبق تلميذ الإرهابي جابوتنسكي يقول في مذكراته (أنا أقتل فأنا موجود) سارقاً لمقولة الفيلسوف الفرنسي ديكارت (أنا أفكر فأنا موجود). ومع ذلك يحصل على جائزة نوبل مناصفة مع الرئيس السادات..! وبيجن هذا هو من قام بنسف فندق الملك داوود في القدس إبان الانتداب البريطاني وقتل فيه ما يزيد على مائة شخص معظمهم من البريطانيين.

([4]) كان شعاره بأن حدود إسرائيل هي حيث تصل جزمة الجندي الإسرائيلي من هذه الأرض ثم أشار إلى حيث كان لليهود وجود في خيبر وقريظة في المدينة المنورة). كان ديان أحد عناصر الفيلق اليهودي الذي عمل مع الجيش البريطاني إبان الحرب العالمية الثانية، استعداداً لما كان اليهود يعتزمون القيام به من اغتصاب بلادنا.

([5]) على ذكر هرتسل هذا نذكر قوله: أتمنى لو أني أعيش لخمسين سنة قادمة لأشهد قيام دولة لليهود في فلسطين تدعى (إسرائيل). قال ذلك عام (1897)..! وهو صاحب كتاب (الدولة اليهودية) الذي كان الأساس في التوجه نحو فلسطين لإقامة الكيان الصهيوني على أرضها.

([6]) كتابه (أساطير إسرائيلية) يكذب فيه حكاية الحق التاريخي لهم في فلسطين. حكم عليه بالسجن وبغرامة مالية باهظة في بلده فرنسا.

([7]) كتابه (صناعة الهولوكست) يتهم اللوبي اليهودي وإسرائيل باستخدام (الهلوكوست) وسيلة للابتزاز وكأنها صناعة تدر الأموال وأن اليهود المعاصرين وإسرائيل ليسوا ورثة من تعرضوا للموت في ألمانيا ولا حق لهم في ابتزاز تعويضات مالية ومواقف سياسية باسمهم. أقيمت عليه دعاوى ـ برغم يهوديته ـ وشنت عليه حملات شعواء.

([8]) حوكم هذا الكاتب أيضاً في بلاده ـ وهو البريطاني ـ لصالح الصهاينة.

([9]) من المعلوم أن ضحايا الحرب العالمية الثانية فاقت أعدادها الخمسين مليوناً من البشر جلهم مسيحيون، فلماذا هم الوحيدون (اليهود) الذين اختصوا بهذه العناية الفائقة البالغة حدّ التقديس؟

([10] ) كان عدد يهود العالم كله يومئذ لا يزيد على أحد عشر مليوناً.


[/align]
</H1>
طلعت سقيرق غير متصل  
قديم 27 / 12 / 2009, 20 : 02 PM   رقم المشاركة : [6]
طلعت سقيرق
المدير العام وعميد نور الأدب- شاعر أديب وقاص وناقد وصحفي


 الصورة الرمزية طلعت سقيرق
 





طلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: مدينة حيفا - فلسطين

رد: محرقة غزة ونهاية الأسطورة .. كتاب من تأليف د. يوسف جاد الحق

[align=justify] <H1 dir=rtl style="MARGIN: 5pt 0cm">النتائج المترتبة على ما حدث



ما هي النتائج التي تحققت على الجانبين إثر ذلك العدوان السافر الغاشم؟
ـ الدولة اليهودية (النقية):

بصمود غزة، مقاومة وشعباً خابت آمال العدو في تحقيق هذا الهدف، ولعلها ولّدت لديه القناعة بأنه لن يتحقق أبداً. فالفلسطينيون، كما بدا واضحاً، ودونما لبس، متشبثون بأرضهم، على الرغم من بؤس أحوالهم المعاشية المفروضة عليهم ظلماً وعدواناً. لم يفتَّ في عضدهم كل الذي حدث. لن يرحلوا عن ديارهم أياً كانت الضغوط والتآمرات التي تنصب عليهم بلا هوادة ولا رحمة.
ولن يستطيع العدو إفناءهم في سائر الأحوال، اللهم إلا أن يعمد (إلى محرقة ذَرِّية) هذه المرة، أو هيدروجينية مثلاً. وهذا أمر مستبعد إذ من شأن ذلك إلحاق الدمار الشامل بالعالم كله، بمن فيه أنصارهم وأحباؤهم سواء هنا بين ظهرانينا أوهناك في الغرب، أي أولئك اللاهثون وراءه ابتغاء مرضاتهم، دونما تدبر أو تفكر في عواقب ذلك.
فها هم يغضون الطرف عن كل ما يقترفون من موبقات وجرائم في حق الفلسطينيين والعرب. وما انفك أمرهم كذلك على مدى قرن كامل من الزمان، وقد رأوا ما آلت إليه أحوال المنطقة، إن لم نقل العالم، جراء هذه التفضيلية في التعامل مع اليهود، و(تدليلهم) على نحو غير مألوف في حسابات الدول والأمم. واليوم رأيناهم يهرعون إلى الكيان الصهيوني، عقب وقف إطلاق النار ليطمئنوا عليه، وليطمئنوه أيضاً إلى أنهم يقفون إلى جانبه بغير ما تحفظ أو قيد أو شرط، يشدون من أزره حين يعتدي، ويواسونه ويضمدون جراحه إذا ما حاقت به هزيمة أو أصابته خدوش على جلد إسرائيل الرقيق ووجهها الصفيق..!
لقد أقاموا احتفالات باهرة (راقية) سادتها الضحكات والقبلات والاحتضانات وكأنهم في عرس بهيج، ولكن فوق دماء أطفالنا ونسائنا وسائر أبنائنا في البلد المكلوم، الصابر الصامد في مواجهته، ليس في وجه إسرائيل وحدها وإنما في وجه المظالم الصادرة عن هؤلاء جميعاً معها.
هذه المقاومة لم تدافع عن غزة وحدها، وإنما دافعت عن حق الإنسان، في كل مكان، في الدفاع عن نفسه ووطنه. وهي بهذا واجهت أعداء البشرية دفاعاً ــ ضمنياً ــ عن هذه البشرية،إزاء عدو دولي يكاد أن يكون كلِّي القدرة.. إسرائيل وأمريكا والغرب.. أليست هذه معجزة بكل المقاييس..؟
أوَ ليس حريّاً بنا تعريف العالم بهذه الحقيقة؟ تحذيراً له مما يحتمل أن يواجهه من أخطار سوف تطاله هو أيضاً ذات يوم ـ إن لم يكن عاجلاً فآجلاً ـ ذلك أن إسرائيل تقودها مجموعة من المجرمين المتطرفين، تلمودياً وتوراتياً، وهاهي الانتخابات الأخيرة تؤكد ذلك، وهم فوق هذا، مجموعة من الأشرار لا يفكرون في أية نتائج قد تترتب على سلوكياتهم، ما داموا يعتقدون أنهم فوق البشر وسائر القوانين الأرضية والسماوية. أليسوا (شعب الله المختار) الذي يحق له ما لا يحق لغيره، وأن الأمم جميعاً لا تعني لهم شيئاً إلا بمقدار ما تحققه لهم من منافع أو تقدمه لهم من خدمات (مجانية أيضاً). ولا ينبغي لنا أن ننسى أن من بين أدبياتهم حكاية شمشون (عليّ وعلى أعدائي..) وحكاية (قلعة ماسادا) والانتحار الجماعي.. وحكايتهم مع (نبوخذ نصر) والسبي البابلي بأن لجأوا إلى قتل أبنائهم وزوجاتهم بأيديهم كيلا يقعوا في أسر الأعداء.
وهم لا يستثنون من نظرتهم الفوقية إلى (الآخرين) أحداً، حتى حين يكون له فضل عليهم كأمريكا اليوم، وبريطانيا الأمس، ودول غربية أخرى في سائر الأوقات. كما لا يستثنون، بطبيعة الحال العرب في تاريخهم المديد الذين عاشوا بينهم في سلام وأمان، وحفاظٍ على حقوقهم كمواطنين لهم سواء بسواء.
ويذكر التاريخ (وهم لا يذكرون) مأساتهم في أواخر عهد العرب بالأندلس بأنهم لم يجدوا ملجأ أميناً لهم إلا عند العرب.. لم يعمد العرب إلى اضطهادهم كما فعل غيرهم في أوروبا وأمريكا، حيث كانت تكتب على واجهات المطاعم والملاهي والمحلات العامة عبارة (ممنوع دخول اليهود والكلاب). وأما حكايتهم مع النازية فمعروفة لا يجهلها أحد. ولكن الغريب العجيب أنهم، ومعهم الغرب (لكي يكفر عن ذنبه كما يزعم) صدَّروا إلينا (ضحاياهم) لكي ينتقموا منا نحن (كعرب) نيابة عن أوروبا. نحن الذين لم نكن طرفاً، بأي حال، فيما حدث لهم هناك. ربما كانت هذه هي (العدالة) كما يفهمها الغرب.. واليهود الصهاينة معاً.!!(عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ])
ـ* ــ سقوط مشروع الشرق الأوسط الجديد

هذا الهدف الإسرائيلي ـ الأمريكي أصبح الآن أبعد ما يكون عن التحقق نتيجة لصمود المقاومة في كل من لبنان وفلسطين، فضلاً عن وعي الجماهير العربية على هذه الحقيقة، والتفافها، من ثم، حول المقاومة مما أسفر عن إجهاض المشروع قبل ولادته. وكانت قد تولت كبره (السنيورة..) كوندا رايس..!
كانت أمريكا ــ بوش تعتمد على قوة إسرائيل لتحقيق مشروعها هذا، ذي الأهداف البعيدة التي لسنا هنا في صدد الخوض فيها.
حرّضت أمريكا إسرائيل في المرتين (لبنان 2006 وغزة الآن) على القيام بحربها العدوانية من منطلق قدرتها ـ بفضل السلاح والتكنولوجيا الأمريكية ـ على الحسم العسكري السريع على جيوش الدول العربية مجتمعة، إذا اقتضى الأمر فما بالنا ـ بموجب حساباتهم ـ ببلدين صغيرين كهذين، أحدهما محتل أصلاً..؟
لقد تصوروا معاً، في أمريكا وإسرائيل، بأن هذا في متناول أيديهم، وأن تحقيقه مؤكد في غضون أيام معدودات، فيما يتعلق بلبنان، وربما في ساعات فقط، فيما يختص بفلسطين، آخذين في الاعتبار الحجم والمساحة والتضاريس، وعوامل سوسيولوجية تسهم في تسهيل المهمة وإنجازها على أكمل وجه. عندئذ تنتهي المقاومة وتصبح عبرة لمن يعتبر، ودرساً لكل من يفكر في مقاومة (الجبَّاريْن) في المستقبل. وهذه النتيجة المرتجاة عندما تتحقق ـ هكذا فكروا ـ ليست إلا وسيلة لتحقيق الهدف الأبعد. أما هذا الهدف فكان نصب أعينهم منذ أن وضعه على الورق كمخطط لمستقبل المنطقة الصهيوني العريق (ريتشارد بيرل)، أحد كبار المحافظين الجدد قبل أن يأتي هؤلاء واللوبي معهم بجورج بوش رئيساً للولايات المتحدة، متعهداً لهم قبل فوزه بالرئاسة التي وصلته أيضاً نتيجة للتلاعب بالأصوات في قصة مشهورة معروفة للقاصي والداني. وكيف استطاع هؤلاء إيصاله إلى الرئاسة التي كانت وشيكة للفوز بها لنائب الرئيس كلينتون آنذاك (آل جور). أما مخطط (بيرل) فقد نص على ضرورة الوصول إلى الهيمنة المطلقة على المنطقة عن طريق تحقق المشروع إياه، ومؤاده ـ بعد القضاء على كل مقاومة في المنطقة ـ الذهاب إلى حرب تشن على سوريا (بعد أن يستولوا على العراق) ثم إيران، ثم السعودية، ثم (الجائزة الكبرى) مصر. وهذه التسمية ـ الجائزة الكبرى ـ هي تسميته (بيرل) نفسه كما وردت في توصياته.
وسنلحظ هنا كيف أن هؤلاء ـ يهوداً وأمريكان ـ لا يعرف لهم صديق أو حليف إلا بمقدار خدمته لهم، وما دام قادراً على تأدية الوظيفة الموكلة إليه. وإذا ما أدركوا عجزه أو ضعفه أو فقدان نفوذه وسلطانه على شعبه، فما أسرع ما يتنكرون له ثم يتخلصون منه تماماً كمادة فقدت مدة صلاحيتها. والأمثلة على ذلك كثيرة لسنا بصدد تعدادها.
هدفهم هذا أيضاً من وراء عدوانهم الأخير على غزة هل تحقق..؟ نحسب أنه أصبح في خبر كان. والفضل كل الفضل لانتصار المقاومة والشعب في غزة، وقبل ذلك في لبنان والمقاومة بقيادة حزب الله في لبنان عام 2006 وقبل ذلك في عام 2000 كما أسلفنا في الصفحات السابقة.
*ـــ استبدال العداء ليتحول إلى إيران مشروع فاشل

أما الهدف الثالث وهو استبدال العداء العربي لإسرائيل الذي كان قائماً منذ قيام الكيان الصهيوني بعداء موجه إلى إيران فما نحسبه قابلاً للتحقيق. ذلك أن العرب حتى أولئك الموالين لأمريكا، يخشون عواقبه وتبعاته على أقطارهم، وعلى أنظمتهم، لأسباب منها (أولاً): أن إيران هي الأقرب إليهم جغرافياً وتاريخياً ودينياً. فالمشترك بين العرب وإيران أكبر من أي مشترك مزعوم أو متوهم بينهم وبين الغرب كله. ذلك الغرب الذي لا يكنُّ للعرب احتراماً أو تقديراً، ولا يخشى منهم تأثيراً ضاراً على مصالحه النفطية والتجارية. هذه حقيقة أمسى العرب يدركونها وإن هم تجاهلوها فإلى حين. ومنها (ثانياً) أن إيران أصبحت دولة قوية في المنطقة يحسب لها الحساب، وهي توشك أن تصبح واحدة من الدول الكبرى. ومنها (ثالثاً) أن إيران دولة ذات (أيديولوجيا)، دولة وحكومة وشعباً كفيلة ــ في حال الاعتداء عليها ــ بالوقوف عن بكرة أبيها لصد ذلك العدوان والانتصار عليه. ولديها من الإمكانات ما يمكنها من ذلك لاسيما وأنها تقاتل فوق أرضها غازياً معتدياً قادماً من أعالي البحار. ومنها (رابعاً) أن أمريكا وإسرائيل لن تستطيعا حماية حلفائهما في المنطقة من عواقب انصياعهم لرغباتهما في معاداة إيران. فأمريكا اليوم، وكذلك إسرائيل بدت سوءاتهما، وهما في حالة تراجع مشهود. فإذا كانت المقاومة المظفرة في لبنان وفي غزة بإمكاناتهما المتواضعة ـ سلاحاً ومالاً ـ أمكنهما إحباط الأهداف الاستراتيجية الإسرائيلية وإيقاع الهزيمة بها، برغم الدعم الأمريكي المادي والتسليحي والمعنوي لدى المحافل الدولية. وكذلك الحال بالنسبة لأمريكا في حروبها الكارثية التي جلبتها على نفسها هي أيضاً ولكن بدفع إسرائيلي في أفغانستان والعراق وغيرهما.
ولا ننسى التغير الذي حدث في أمريكا على أكثر من صعيد، وما آلت إليه أمورها على يد (رئيسها ــ الكارثة) جورج دبليو بوش.
ولا ننسى أيضاً انكشاف إسرائيل على حقيقتها أمام العالم بأسره، دولة عدوانية إجرامية قاسية نازية. هذه الأوصاف أقل بكثير في الواقع مما هي عليه. أي أننا نوردها كصفات لها أمست معروفة لدى من كان يجهلها، وليس لمجرد التنفيس عن مشاعرنا نحوها.
ولن ننسى كذلك مآل عديد ممن سموا (بالمحافظين الجدد) من الصهاينة، وابتعادهم إلى حد كبير عن مركز القرار في الإدارة الأمريكية. لن تذهب بنا التمنيات أو الغفلة إلى حد التصور بأن هؤلاء قد فقدوا ــ ومعهم اللوبي الصهيوني ــ نفوذهم تماماً، ولكننا نقول أن بريقهم قد خبا، وأن قدراتهم تضاءلت ونفوذهم انحسر. وفوق ذلك فقد انكشفت أدوارهم وممارساتهم المدمرة للشعب الأمريكي نفسه، الذي عرف أن ولاء هؤلاء المطلق لإسرائيل كلّف أمريكا ثمناً باهظاً، سواء في المال والاقتصاد، أو في الرجال الذين قضوا في حروب عبثية نتيجة لأكاذيب اصطنعها هؤلاء واختلقها (بوش) و(تشيني) لتبرير تلك الحروب، أو حتى تأثيرهم على سمعة أمريكا التي تشوهت تماماً على اتساع العالم كله.
الجنود الذين عادوا في نعوش تحملها الطائرات إلى ذويهم ومواطنيهم كان لها ـ ولسوف يكون ـ أثر ذو بال على الشعب الأمريكي. عواقب ذلك وتبعاته قادمة(عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]).
إذن، فإن أمريكا ـ ومعها إسرائيل ـ لن تتمكنا من جرّ العرب إلى هذا الشرك الخطير. وهما أيضاً لن تستطيعا إكراههم على ذلك، فالعداء والمصادقة، والحب والكره، أمور تنبع من داخل الذات ومن الأنفس والقلوب، والمصالح أيضاً، ولا سبيل إلى إيجادها، أو فرضها عن طريق القوة الغاشمة التي غالباً ما تنقلب على أصحابها.
* ــ وهناك هدف خامس هو إجهاض حق العودة.

وحق العودة هو عودة الحق إلى أصحابه هذا الحق لا مساومة عليه ــ كما أشرنا سابقاً ــ لدى أي من الفلسطينيين، أفراداً وجماعات، أحزاباً وتنظيمات. هو حق مقدس لا سبيل إلى نكرانه أو نسيانه أو بطلانه أبداً. لا يلغيه التقادم أو التجاهل من قبل أي جهة كانت. هو حق شرعي تقرّه قوانين السماء قبل قوانين الأرض. وقد أقرّته هيئة الأمم المتحدة بقرارها الصادر عام 1948 تحت رقم (194) إلا أنها للأسف لم تعمل على إلزام إسرائيل بتنفيذه، والأسباب معروفة لا حاجة بنا هنا للعودة إليها. أهمها ما عهده العالم كله من استهتار إسرائيل بالقوانين والشرائع كافة، وضربها عرض الحائط بكل ما يصدر عن المحافل الدولية بحقها، تدعمها في ذلك الأوساط النافذة التأثير على تلك المحافل والتي أمست في أيامنا هذه ـ أكثر من أي وقت مضى ـ كأنها واحدة من مؤسسات الإدارة الأمريكية، تأتمر بأمرها وتسير في ركابها، كارهة أو راضية. وكأن المشرفين عليها والعاملين فيها ليسوا أكثر من موظفين لدى أمريكا.
هزيمة العدو في غزة أبعدته عن القدرة على إهدار هذا الحق، كما كان يرجو، عن طريق هزيمة المقاومة، وتسليم غزة بعد ذلك، للسلطة التي أقر رئيسها في عديد من تصريحاته بأن العودة للاجئين الفلسطينيين (عملياً) صعبة (للغاية)..!! (من خوَّل الرجل التحدث باسمي ملغياً حقي ـ وأبنائي ـ في العودة إلى الديار..!؟)(عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]).
تحدثوا حيناً عن التعويض وحيناً عن التوطين. إلا أن هذا كله أمسى الآن في خبر كان. ولن تستطيع قوة ــ أياً كانت ــ أن تحول بين الفلسطيني والعودة إلى وطنه عاجلاً أو آجلاً، فالوطن ليس عقاراً يباع ويشترى. والمواطنة حق لكل فلسطين،ي وهي فرض عين عليه لا يغني فيه أحد عن أحد، يورثه الآباء للأبناء والأحفاد.
أما حكاية التعويض فمضحكة. الوطن لا يعوّض بالمال ومتاع الدنيا. من ثم تدفع الشعوب أرواحها ودماءها ثمناً لوطن يستحق الفداء.
ماذا عن الأسباب المعلنة كذرائع؟

هل تحقق أيّ منها؟
*هل كفت الصواريخ عن الانهمار على أسدود ويبنا وعسقلان والمجدل وبئر لسبع حتى اليوم الأخير من الحرب العدوانية الثلاثة والعشرين؟ أم إنها سقطت بغزارة أكبر بُعيد إعلان إسرائيل عن توقف إطلاق النار من جانب واحد؟(عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ](.
*هل استطاعت القضاء على المقاومة في غزة؟ أم إنها عادت بخفي حنين؟ ألم تعلن عند بدء عدوانها الأثيم بأنها تستهدف القضاء على حماس تحديداً؟(عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]( ولكن ألا تبدو حماس الآن أقوى من أي وقت مضى بعد التفاف الجماهير العربية وغيرها حولها في سائر أرجاء العالم، ولتصديها للعدو برغم المخاطر الهائلة التي تعرضت لها وصمودها الأسطوري في وجهه وإعجازه عن تحقيق أهدافه، بل وانسحابه مذموماً مدحوراً، رغم أنفه عن غزة وما حولها.
*هل استعادت إسرائيل الأسير (الشهير) (جلعاد شاليط)؟
أم بقي شاليط حيث هو لا تعرف شيئاً عن مصيره؟ ثم إنها ـ فوق ذلك ـ خسرت أسرى آخرين وقعوا في أيدي المقاومة. ثم قتلوا بالنيران الإسرائيلية نفسها. فضلاً عن قتلاها الآخرين في المعارك.؟
أي فشل أكبر من هذا؟ أن تشن حرباً من ضمن أهدافها استخلاص أسير واحد فإذ بها تضيف إليه أسرى آخرين، ثم تقتلهم عمداً أيضاً، فلا هي خلصته من أسره ولا هي وفَّرت على نفسها قتلى بغير طائل.
*هل استطاعت فرض هدنة جديدة على حماس وهي إحدى الأهداف التي أعلنت عنها؟ فشلت هنا أيضاً فها هي حماس ترفض التمديد والتهدئة إلا بحسب شروطها هي لا شروط إسرائيل.
إذن من المنتصر..؟

وهناك أهداف إضافية للعدو لم ترد في المعلن أو الخفي منها.
من هذه الأهداف محاولة استعادة قوة الردع لجيشها، لاسيما وأن غزة حلقة ضعيفة في المعادلة بمساحتها الصغيرة وشعبها المحاصر، وتضاريسها السهلة المنبسطة المكشوفة أمامها. أرادت استعادة الهيبة التي أفقدتها إياها من قبل المقاومة اللبنانية أمام حلفائها وأنصارها، بل وأمام شعبها أيضاً.
فهل تحقق لها ذلك أم إنها أجهزت على ما تبقى منها؟ يبدو أنها لم تفد من تقرير (فنوجراد..!)
ومن الأهداف المسكوت عنها بسبب من حرج التصريح بها أمام أي أحد، لأن أطرافه متعددة، فخجل العدو عن الإفصاح عنها أمام شعبه نفسه، فضلاً عن الآخرين، نورد منها على سبيل المثال الانتخابات الأخيرة التي كان موعدها يقترب. لم يجد ساسة إسرائيل (الكبار) وسيلة تضمن لواحدهم الفوز بأكبر عدد من الأصوات سوى الصعود على جثث الفلسطينيين ودمائهم. من ثم راحوا يتسابقون على إبراز مواهبهم واستعراض عضلاتهم أمام أنفسهم أولاً، ومنافسيهم ثانياً، وشعبهم ثالثاً، أيُّهم الأقدر على إيقاع ضحايا أكثر بين الفلسطينيين العزل والمدنيين الأبرياء من رجال وأطفال ونساء. أيهم الأقدر على حمل صفة (الجزَّار) عن جدارة واستحقاق لكي يفوز في تلك الانتخابات..!؟
إذن خسرت (إسرائيل) رهاناتها كلها، وباءت بالفشل والخذلان في كل ما هدفت إليه من وراء عدوانها، وردَّ الله كيد المجرمين في نحورهم.
من الأدلة الواضحة على هذا الخسران المبين أن عميدة الإجرام، خليفة (غولدامائير) (تسيفي ليفني) هرعت إلى واشنطن لتلتقي صديقتها الحميمة المتواطئة علينا معها (كوندا ليزا رايس) لكي تسعفها باتفاق أمني جديد تتعهد فيه الإدارة الأمريكية باتخاذ إجراءات إضافية لحماية (أمن) إسرائيل. ولا ندري إذا كانت (رايس) يحق لها، وهي في آخر أيامها راحلة مع الإدارة الراحلة، أن تعقد مثل هذا الاتفاق. ولكن من قال أن بروتوكولاً أو قانوناً يحدد العلاقات الحميمة بين إسرائيل وأمريكا؟ أليست هي فوق سائر القوانين والأعراف والتقاليد؟
كان من نتائج ذلك الاتفاق:
(آ) أن هرع إلى إسرائيل أقطاب حكومات الاتحاد الأوروبي والأمريكي لحضور حفل عشاء على مائدة (هتلر الصغير) إيهود أولمرت في القدس المحتلة، ساده جو من المرح والبهجة والودّ بدا في الابتسامات والضحكات والاحتضانات بين الحضور احتفالاً بما أريق من دماء الفلسطينيين ــ الأعداء المشتركين ــ وما دُمِّر من ممتلكاتهم وبنيانهم.
ألم يحرك ضميراً لأحد منهم ــ إبان مرحه وفرحه وانشراحه بعرس أولمرت ـ ليفني ـ اشكنازي مشهد تلك الطفلة ـ مما يدمي القلب ويفتت الكبد ويؤسي الروح ـ يرتعش جسدها الصغير الضامر خوفاً، وترتجف شفتاها كأنما أصابهما مسٌّ كهربائي، تنظر بعينيها المرعوبتين في هلع مذهل لجنود أمامها بخوذهم ورشاشاتهم ووحشيتهم، ومن فوقها دويّ الطائرات يصمّ الآذان، ضائعة بين الأنقاض التي انسحق تحتها أخواتها وأخوتها الصغار وأمها.. لا تدري إلى أين تذهب ولمن تلجأ؟ من سيعتني بها؟ من سيطعمها؟ من سيقرؤها درسها ـ هكذا صاحت ضارعة مرتاعة؟
ألم ينغّص عليهم مرحهم وانشراحهم فيسد نفوسهم عن طعام (أولمرت) وشرابه وتبادل أنخابه مشهد أولئك الصبية، بنين وبنات إثر استخراجهم من بين الأنقاض قابعين إلى جوار أمهم الميتة جياعاً عطاشاً.. وقد استشهد بقية أهليهم في أبشع صورة للموت بالنار وحرائق الفسفور.
لم يحدث شيء من هذا بالقطع، فهؤلاء عرب فلسطينيون، دمهم رخيص لا يعني شيئاً لأحد ــ حتى لكثير من سلطتهم ــ وكثير من بني جلدتهم.. إذن فليكفوا عن التشدق بالحديث المنافق المراوغ عن الإنسان والإنسانية وجمعيات رعاية الطفل.. وما إليها من صور الكذب (الديكورية). ليمضوا في تناول طعامهم الفاخر، وشرابهم الباهر، بالشوكة والسكين وكؤوس الكريستال.. وليواظبوا على لمس ربطة العنق للاطمئنان على أنها في موضعها تماماً، وللتأكد من أناقتها وسلامة وضعها، وملاءمة لونها للقميص المنشّاة ياقته البيضاء، لكي يحظى بإعجاب ليفني ورفيقاتها في تلك الأمسية البهيجة...! ألا ليته منح الطفلة الشقية اليتيمة من كل ما في الحياة انتباهة توازي انتباهته لرباط عنقه..!! ألا حبذا لو أسمعتنا (بريجيت باردو) (عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]( صوتها، أم تراها لا وقت لديها فجلُّ وقتها تمنحه لجمعيات الرفق بالحيوان..! عقدة الذئب في اللاوعي الأوروبي تلجؤه، لتدليل القطط والكلاب تعويضاً عن مظالمه لشعوب بعينها من بني الإنسان.
لعل الهدف الذي ابتغوه هو التغطية على الخسائر والإخفاقات الإسرائيلية من جهة، والتأكيد، من جهة ثانية، على أنهم يقفون إلى جانب الشريكة إسرائيل في الملمات، يشدون من أزرها ويواسونها على إخفاقها في استنقاذ (شاليط)، ناسين بالطبع أن أسرى الفلسطينيين (أحد عشر ألفاً) أو يزيدون مقابل (الشاليط) الواحد أسيرها. ( وهو حيث هو لايناله أذى فيما يتعرض أسرانا لويلات العذاب الوحشي المميت في كثير من الحالات) إضافة لذلك كله، لكي يفهموا القاصي والداني بأن (إسرائيلهم) ليست وحيدة، ولن تكون كذلك في يوم من الأيام..
(ب)من نتائج ذلك الاتفاق الذي جاء أشبه ما يكون بالسرقة:
العمل على إقامة ذلك المؤتمر التآمري الخطير الذي عقد في (كوبنهاجن ــ بالدنمرك) في يومي الرابع والخامس من شهر شباط الماضي.
يضمّ المؤتمر ثماني دول أوروبية، إضافة إلى الولايات المتحدة وكندا، وإلى دول أخرى لم يعلن عن أسمائها، تفادياً لإحراجها أمام شعوبها وحسب رغبتها. وقيل أن أطرافاً عربية دعيت إليه، منها من استجاب للدعوة ومنها من اعتذر عنها. السلطة الفلسطينية من بين المدعوين. أما إسرائيل فهي على رأسهم بطبيعة الحال إذ أنه عقد من أجلها في الأساس.
ولكن ما الغاية من هذا المؤتمر العتيد؟.
لم يخفِ أولئك السادة الغاية الواضحة التي لا لبس فيها من وراء انعقاده وهي: (البحث في كيفية العمل على منع وصول أي سلاح إلى غزة..)..!
بهذا الوضوح الفج يعلنون ولاءهم ورعايتهم وانحيازهم لإسرائيل، وعداءهم لنا أصحاب القضية. نفاق وتواطؤ وتآمر (على المكشوف) مع العدو الذي لوثت كيانه كله دماء أطفال غزة ونسائها.
كتبت النائبة في الكنيست الإسرائيلي (شالون ألوني) في صحيفة معاريف في 3/3/ 2009 تقول:
(لماذا لا يوافق زعماء إسرائيل على إطلاق سراح أسرى ومعتقلين فلسطينيين بحجة أن هؤلاء ملوثة أيديهم بدماء إسرائيليين. ولكن دعونا نسأل بصراحة: كم من دماء الفلسطينيين لوثت أيادي جنود وزعماء إسرائيليين؟ من سفك دماء كل هؤلاء؟ أليس هذا نفاقاً وتمييزاً عنصرياً بامتياز..؟)
لماذا يمنعون السلاح عن غزة؟
ألكي تبقى محتلة وأهلها عزل تماماً أمام اعتداءات إسرائيل القادمة لتقتل من تشاء في الوقت الذي تشاء دون أن يجد الغزِّيون في أيديهم ما يدافعون به عن أنفسهم..؟ ألكي تأمن إسرائيل من أي ردٍّ مسلح على عدوانها الآتي..؟)
كيف يسمح لإسرائيل التزوّد بالسلاح، من كل مكان وكل نوع، فوق ما لديها؟ وهذا الذي لديها كفيل بخوض حرب جيوش عالمية، وفي الوقت نفسه تمنع عن الفلسطينيين الرصاصة والبندقية دفاعاً عن أنفسهم في وجه احتلال غاشم، استثنائي في تعسفه وجبروته ووحشيته.
ولعلّنا جميعاً نعرف أن الغرب حرص دائماً على تسليح إسرائيل بما يجعلها قادرة على مواجهة جيوش الدول العربية مجتمعة ــ وهزيمتها أيضاً. لطالما صرح زعماء غربيون ــ وعلى رأسهم أمريكيون ــ بهذا المبدأ دون مواربة ودونما اعتبار لمشاعر حلفائها من رؤساء وقادة تلك الجيوش المعنية. والغريب أن الدول العربية لم تبدِ في يوم من الأيام استهجانها، على الأقل، كيلا نقول اعتراضها عليه، برغم أنه يمسّها في الصميم كخطر داهم على أمنها الوطني والقومي، وكأن الأمر لا يعنيها في شيء.
كيف وبأي منطق..؟
* ــ لماذا حلف الأطلسي..؟

حلف الأطلسي هذا الذي أنشئ في الأصل لمواجهة (حلف وارسو) المؤلف من الاتحاد السوفياتي ـ أيام عزِّه ـ ومعه دول أوروبا الشرقية.
ما دخل هؤلاء جميعاً في مسألة مصيرنا الذي يخصُّنا نحن..؟ بأي حق نصَّبوا أنفسهم أوصياء على منطقتنا!؟.
ومن أعطاهم حق نزع سلاحنا والإبقاء، في الوقت عينه، على سلاح العدو للفتك بنا..؟
ولكن هل المقاومة إذن على هذا القدر من القوة بحيث تحشد لها قوى عظمى كهذه تفد إلى ديارنا من أقاصي الأرض، لتمكين إسرائيل منا، ومجرموها في منأى عن أي خطر؟
هل حلَّت غزة مكان الاتحاد السوفياتي الذي أعد حلف الـ(NATO) لمناجزته؟
إنهم يعدون العدة إذن، ويهيئون الأجواء والأرضية المناسبة لتمكين إسرائيل من القيام بمحرقة جديدة أشد هولاً من سابقتها، لكي تنام (السنيورة) ليفني لياليها قريرة العين، تحلم بلون دماء الفلسطينيين القانية وأشلائهم الدامية.وربما على أمل أن يتحقق لها مستقبلاً ما لم يتحقق لها في عدوانها الأخير.. وإذا ما هي أخفقت هذه المرة أيضاً، فهؤلاء كفلاء بتحقيق أهدافها بالسياسة والتآمر ما لم تستطعه هي بقوة السلاح.
مواقف الغرب المثيرة للتساؤل حول نواياه إزاءنا كثيرة قد لا نحتار في تفسيرها، من الأمثلة:
كيف لنا أن نفهم أن يستشيط هؤلاء غضباً على حرمان المرأة من حق ما في حياتها العادية ــ حسب مزاعمهم ــ كحريتها في طرح الحجاب عن رأسها، أو عن حقها في قيادة السيارة مثلاً، ثم لا يغضبون ولا يكترثون لحرمانها من حياتها نفسها، تحرمها إياها أسلحة إسرائيل الفتاكة فتحيلها إلى أشلاء ممزقة. بل هم سعوا ويسعون إلى تحديد نسلها كيلا تزعجها كثرة الأولاد، ثم لا يتورعون عن الإجهاز عليها قتلاً (هي وأولادها) في غزة (وأي مكان آخر من بلاد العرب والمسلمين).
ترى لو أن المرأة خيرت بين ما كنتم تطالبون به لها وبين موتها تحت جنازير دبابات (الميركافا) ماذا كانت ستختار، أيها السادة، المؤتمرون المتآمرون؟
تساؤلاتنا هذه على فرض أن المرأة عندنا في حالة كهذه التي يدَّعونها من الكبت والحجر على حريتها، وهي ليست كذلك على أرض الواقع.
ولكن، وبصرف النظر عن هذا الجانب من المسألة، أليس هذا التجمع الأوروبي المعادي، في حد ذاته، يعني بالضرورة أن إسرائيل هزمت بالفعل في معركتها الأخيرة في غزة..؟


([1]) من المعروف أن زعماء الوكالة اليهودية ــ ومنهم وايزمن وبيجن وجابوتنسكي وشامير ــ اتفقوا مع هتلر عام 1931 على مضايقة اليهود وترويعهم لكي يهاجروا إلى فلسطين لإقامة (الوطن القومي اليهودي). وعدهم هتلر بذلك ولم يكن قد انتخب رئيساً للرايخ الثالث بعد.

([2]) قتلى الأمريكان في العراق نحو خمسة آلاف وجرحاهم أكثر من ثلاثين ألف، عدا المرضى والمعاقين والمنتحرين.

([3] ) وهذا شأن كل فلسطيني في الشتات.

([4]) هذه هي المرة الثالثة التي ينسحب فيها جيشهم أمام المقاومة. الأولى كانت عام (2000) بانسحاب باراك بجيشه ليلاً وسراً. والثانية كانت انسحاب أولمرت بجيشه عام (2006) ( بقيادة الجنرال دان حالوتس رئيس أركان جيشه) تحت وطأة صواريخ حزب الله وبسالة مقاوميه. والثالثة كانت انسحاب أولمرت وجيشه (بقيادة رئيس أركانه الجنرال اشكنازي) عام 2009 عن غزة عجزاً عن التقدم والتوغل في المدينة بفضل = المقاومة الباسلة والتفاف الشعب من حولها. وخابت عملية (الرصاص المصبوب..!!).

([5]) لا بد لي من التنويه بأني لست منتمياً لأي تنظيم. انتمائي لفلسطين ومن أرى أنه يعمل من أجلها.

([6]) بريجيت باردو تأخذ على المسلمين ذبحهم للخراف في عيد الأضحى، بوصفها رئيسة لجمعية الرفق بالحيوان في فرنسا. كانت من شهيرات الممثلات في شبابها.


[/align]
</H1>
طلعت سقيرق غير متصل  
قديم 27 / 12 / 2009, 23 : 02 PM   رقم المشاركة : [7]
طلعت سقيرق
المدير العام وعميد نور الأدب- شاعر أديب وقاص وناقد وصحفي


 الصورة الرمزية طلعت سقيرق
 





طلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: مدينة حيفا - فلسطين

رد: محرقة غزة ونهاية الأسطورة .. كتاب من تأليف د. يوسف جاد الحق

[align=justify] <H1 dir=rtl style="MARGIN: 5pt 0cm">ماذا تحقق للمقاومة؟

ذلك الذي أسلفنا من نتائج العدوان يقع في دائرة (الجانب العدو). أما ما يتعلق (بالجانب الفلسطيني) المقاوم فقد كان كثيراً، وعلى جانب كبير من الأهمية مما ستكون له آثاره البعيدة في المستقبل القريب والبعيد. من ذلك:
*أوقعت المقاومة خسائر في جنود العدو بين قتيل وجريح، وفار من الجيش،وممتنع عن الخدمة. كما أفقدت العدو ما تبقى من وهم الهيبة وقوة الردع.
*كشفت للعالم كله حقيقة هذه الإسرائيل كدولة عدوانية بغيضة قائمة على الظلم وانتهاج الجريمة بأفظع صورها سبيلاً لاغتصاب حقوق الآخرين وممتلكاتهم، كأي مجموعة من القراصنة. وما زعماؤها ورؤساءها سوى قادة عصابات قتل وسرقة وقطّاع طرق.
*اكتسبت المقاومة وفلسطين أنصاراً جدداً كثراً من عرب ومسلمين، وجمهرة من الرأي العام في مختلف أقطار العالم. كان صمود المقاومة والشعب الفلسطيني مثار إعجاب وإكبار على مستوى العالم كله على نحو غير مسبوق.
*غيَّرت الكثير من المفاهيم التي كانت سائدة عن كل من العرب واليهود، تبعاً لما كانت تبثه فيهم الدعاية الصهيونية. هذا التغيّر في أوساط الرأي العام العالمي يصب في مصلحة العرب عموماً،لا الفلسطينيين وحدهم. وما كان لهذا أن يحدث لو لم تقم إسرائيل بعدوانها الأثيم. كان الوصول إلى مثل هذه النتيجة في الظروف العادية يقتضي حقباً من الزمان، وفيضاً من الأموال، ودفقاً من سيلٍ إعلامي كثيف واسع الانتشار لا يتوفر للعرب حتى الآن كما يجب.
*لفتت أحداث غزة الأنظار إلى أن من زعموا بأنهم ضحايا (هولوكست نازي) هم أنفسهم صناع (هولكستات) أسوأ من النازيين. ومن ثم فإن ابتزازهم للغرب، طوال السنين الماضية، منذ الحرب العالمية الثانية، كان زوراً وبهتاناً آن له أن يتوقف. (هولوكست) غزة قائم ومرئي الآن أمام العالم كله، فيما (هولوكستهم) لم يره أحد من المعاصرين. حكاية قديمة تبدو الإشارة إليها أو مواصلة الحديث عنها اليوم أسطوانة ممجوجة مشروخة.
*أظهرت المقاومة المقاتلة، ومعها شعبها الفلسطيني ما يملكون من إرادة الصمود والتصدي، إلى جانب ما لديهم من إيمان لا يتزعزع بصدق مواقفهم، وبأن النصر سيكون حليفهم في النهاية.
وصفت مصادر عالمية المقاومة الفلسطينية بأنها أنموذج خارق للشجاعة والبطولة. بل وصفها غربيون بأنها ملحمة بطولية يصنعها هذا الشعب الذي يفتقر إلى الكثير من وسائل الدفاع والصمود، وعلى الرغم من ظروفه اليائسة المحبطة إزاء هول المؤامرة التي يتعرّض لها.
*أسفرت الحرب العدوانية هذه عن فرز واضح بين فئة صامدة مناضلة مقاومة للعدوان. وفئة متماهية مع العدو. هذا الفرز يشمل العرب والمسلمين وليس الفلسطينيون وحدهم.
*ما جرى على أرض غزة عزَّز (ثقافة المقاومة) بعد أن سادت لفترة غير قصيرة من الزمن طروحات وأفكار حول السلام مع العدو، لم تكن في حقيقتها أكثر من أوهام خادعة، فالعدو لا يريد سلاماً بل استسلاماً في حقيقة الأمر. كما إنها عززت مقاومة التطبيع، وأحيت الدعوة لمقاطعة الاتصالات معه، ومقاطعة منتجاته، وهذا التوجه يشمل أمريكا بطبيعة الحال.
*حققت مكتسبات سياسية جمّة، فغيرت مواقف دول حوَّلتها إلى مناصرة القضية الفلسطينية والحق الفلسطيني، كتركيا وفنزويلا وبوليفيا ونيكارغوا، حكومات وشعوباً. ولابدّ أن حكومات أخرى وشعوباً سوف تنحو المنحى ذاته مستقبلاً.
*عرَّضت ساسة في الكيان الصهيوني، وضباطاً في جيشه للمحاكمة على جرائم في حق الإنسانية، كالإبادة الجماعية، والقتل العمد، والإعدام في الطرقات، وتعذيب معتقلين حجزت حرياتهم بغير سبب، واستخدام أسلحة محرّمة دولياً. جرائم لا يمكن أن تمرّ هكذا دون عقاب..
صحيح أن إسرائيل قادرة على الإفلات من عقوبات كهذه، بما لها من نفوذ هنا وهناك، وما لأنصارها وحلفائها من تأثير في المؤسسات والأوساط والمحافل الدولية، إلا أن المهم في المسألة هو تعريتها، وفضح ممارستها أمام العالم كله. وستكون من نتائج هذا المباشرة إضعاف التأثر بدعاوى (اللاسامية)، (والهولوكست) وما إليها من جهة، وعدم الاكتراث أو تصديق الاتهامات الكاذبة الموجهة للعرب من بعد، من جهة ثانية.
النتائج المتحصلة إذن كانت سلبية تماماً، وخطيرة جداً، في جانب العدو، وإيجابية تماماً، وهامة جداً، في جانب الشعب الفلسطيني. وهذا ما لم يتوقعه العدو عندما خطط لعدوانه، ثم قام بتنفيذه على النحو الذي جرى.
وكما أن الأحداث المروِّعة، التي تعرضت لها غزة وأهلها على أيدي الجناة دفعت الجماهير عربية وإسلامية، وأخرى غربية إلى الخروج في تظاهرات عارمة ضد المعتدين ومناصرة المقاومين، معلنة غضبها ونقمتها على أولئك، وتأييدها ودعمها لهؤلاء، فقد دفعت كذلك قيادات الأنظمة العربية إلى عقد الاجتماعات الطارئة من أجلها. هذا مع اختلاف الأسباب والدوافع لدى كل من الجماهير والأنظمة، فقد عقدت ثلاثة مؤتمرات على التتابع في غضون خمسة أيام.
ـ أولها مؤتمر قطر وقد دعت إليه القيادة السورية. وحضرته إحدى عشرة دولة عربية، وغابت عنه بقيتها. كما غابت عنه الجامعة العربية.
ـ ثانيها مؤتمر شرم الشيخ الذي دعت إليه مصر، وقد حضره بعض العرب وغاب عنه بعضهم.
ـ وثالثها مؤتمر الكويت وقد حضره ستة عشر دولة عربية. وقد تمت فيه المصالحة بين كل من السعودية ومصر من جهة وسوريا وقطر من جهة(عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]).
***
كان من النتائج البادية للعيان، والتي جاءت تصب في مصلحة المقاومة، ذلك الموقف النبيل لتركيا التي جاهرت برأيها وموقفها فيما يجري ـ إبان العدوان ـ فتصرفت دبلوماسياً وإعلامياً بما يدعم المقاومة، ويدين إسرائيل على عدوانها، مما أسفر عن تأزم في العلاقات بين تركيا والكيان الصهيوني الأمر الذي أرضى مشاعر الجماهير التركية، وأحيا العلاقة التاريخية والدينية والثقافية بين الشعب التركي المسلم وعرب فلسطين في غزة في محنتها.
ساسة الكيان الصهيوني وشعبه لا يرون العالم إلا من زاوية بدائية ضيقة تعلموها منذ نعومة أظفارهم. رضعوها مع اللبن على أنهم الشعب الوحيد الذي اختاره الله من بين سائر خلقه، مميزاً إياه عن سائر ذلك الخلق.
فهل بعد هذا يمكن لعاقل أن يصفهم بالتحضر والعلم والعلمانية، فضلاً عن أن يتمتع هؤلاء بأي قسط من الأخلاق وهم على هذا القدر من التخلف والتحجر..؟
وهل يعقل أن يكون هؤلاء، الذين لا يزيد تعدادهم اليوم في العالم كله عن خمسة عشر مليوناً، هم وحدهم المختارون من الله دون غيرهم، وأن المليارات الستة التي تعمر أرجاء الكرة ا لأرضية ليسوا غير حيوانات وعبيد خلقها الله من أجل خدمتهم..!؟
ألا إنه الجنون بعينه. سمة شوفينية، نرجسية، أنانية، غرور أحمق، سمه ما شئت إلا أن يكون عقلاً. هذا ما عرفه العالم اليوم عنهم بعد أن كان مغروراً بهمُ مخدوعاً.. تأكدت لديه هذه الحقيقة وهو يرى رأي العين مشاهد القتل الإجرامي الجماعي، الذي تعجز الكلمات عن وصف بشاعاته، ومعاناة ضحاياه الرهيبة عند موتهم. كما رأى العالم النزعة البدائية الراغبة في تدمير كل ما يقع في طريقها فيما هي تقتحم عليهم مساكنهم في مدنهم وقراهم غير آبهة لما يحل بهم مما لا يحتمله بشر. ذكر جنود إسرائيليون أنهم تلقوا أوامر بألا يبقوا على أحد من المدنيين الذين يقتحمون عليهم منازلهم في غزة، بل إعدامهم أفراداً أو أسراً بكاملها.(عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ])
لا ريب أن هذا سيكون له أثره عليهم في قادم الأيام. وإنه ليبدو لكل ذي بصيرة أن العد التنازلي لوجود هذا الكيان في أرضنا قد بدأ، وأن نهايته الوشيكة أمست حقيقة مؤكدة، ولم تعد بعد اليوم مجرد أحلام يقظة وأمنيات تراودنا من قبيل الإرهاص وحده.
وقد يجدر بنا أن نذكر ــ ما دمنا في هذا السياق ــ أن كتَّاباً ومفكرين، من يهود وغيرهم، قد حذَّروهم من مصير قاتم يتربص بهم، كياناً ووجوداً، نتيجة لسياساتهم وممارساتهم الخارجة على الأخلاق والقوانين السماوية والأرضية المعروفة.
نذكر من بين هؤلاء المفكر اليهودي الحاخام (ناحوم غولدمان) في كتابه (إسرائيل إلى أين؟)، والكاتب (ألفريد ليلنتال) في أكثر من كتاب، من بينها كتابه (علم إسرائيل ليس علمي)، ومنهم المؤرخ الإسرائيلي (إسرائيل شاحاك)، والكاتب اليهودي الأمريكي (نعوم تشومسكي)(عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ])، والكاتب الأمريكي (بول فندلي) في كتابه (من يجرؤ على الكلام) يتحدث عن نفوذهم وخطرهم على أمريكا ذاتها وعلى كيانهم نفسه.
يقول ناحوم غولدمان:
"إن الجانب الأكثر مأساوية للوضع الآن هو التطور الذي أدى إلى تفاقم عزل إسرائيل عن العالم. إن الكثيرين من مؤيديها ــ باستثناء الولايات المتحدة الأمريكية ــ هم من الفئات والأنظمة العسكرية والرجعية. إن دولة إسرائيلية معزولة في العالم ليس لها سوى صديق حقيقي واحد ـ من يعلم إلى متى ستدوم تلك الصداقة(عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ])؟ ـ هو الولايات المتحدة التي ستصبح في المدى البعيد بموقف غير ثابت. إن النقد الرئيسي الذي أوجهه لدولة إسرائيل اليوم إنما هو تعبير عن خوفي من رؤية هذه الإسرائيل الجديدة وقد تحطمت إذا ازداد الوضع خطورة حيال المبادئ التي هددت اليهود في الماضي"(عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]).
إذا كان هذا رأي (ناحوم جولدمان) أحد حاخاماتهم في السبعينات فماذا سيكون رأيه فيما هي عليه إسرائيل اليوم؟
كما ظهر الانقسام جلياً بين يهود إسرائيل ويهود آخرين كجماعة (ناتوري كارتا) اليهودية التي تتنكر للوجود اليهودي في فلسطين كدولة، وتتنبأ ــ حسب كتبهم ــ بأن هذا الوجود ما هو سوى مقدمة النهاية والدمار ليهود العالم، وأنه كان على الصهاينة ألا يقدموا على هذه المغامرة لتحقيق مصالح سياسية ومالية صرفة لأصحابها على حساب المصلحة اليهودية الحقيقية للمستقبل. وقد تتفق هذه النظرة مع ما لدى المسلمين في تراثهم القرآني والنبوي ــ سورة الإسراء ــ من نبوءة عن تلك النهاية التي تنتظرهم عند بيت المقدس وأكناف بيت المقدس، وكذلك الأحاديث النبوية الصحيحة في هذا الشأن.

([1]) لم تظهر حتى الآن نتائج هذه المصالحة.هل كانت شكليّة عمدت إليها السعودية بوصفها الدولة المضيفة أم تراها تسفر مستقبلاً عن نتائج إيجابية لمصالح العرب..؟

([2])الأندبندنت البريطانية عن هآرتس الإسرائيلية في 22/ 3/ 2009.

([3])يقول في أحد كتبه (إن الأمم البيضاء ـ أمريكا وأوروبا ـ يعملون على أكل الأمم السوداء والملونة).

([4]) هذا قوله أيضاً.

([5]) كتاب (إسرائيل إلى أين؟) ـ ناحوم غولدمان منشورات فلسطين المحتلة 1980 صفحات 124 ـ 125.


[/align]
</H1>
طلعت سقيرق غير متصل  
قديم 27 / 12 / 2009, 26 : 02 PM   رقم المشاركة : [8]
طلعت سقيرق
المدير العام وعميد نور الأدب- شاعر أديب وقاص وناقد وصحفي


 الصورة الرمزية طلعت سقيرق
 





طلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: مدينة حيفا - فلسطين

رد: محرقة غزة ونهاية الأسطورة .. كتاب من تأليف د. يوسف جاد الحق

[align=justify] <H1 dir=rtl style="MARGIN: 5pt 0cm">الشعب الذي لا يقهر

لم تكن مجزرة غزة أولى المجازر الإسرائيلية، ولن تكون آخرها إلى حين. فمنذ وعد بلفور في الثاني من نوفمبر 1917 لم يتوقف الشعب الفلسطيني عن بذل الأنفس والأرواح والأموال في ثورات متعاقبة لم تتوقف أبداً. من أهمها ثورة البراق عام 1929 وثورة 1936 ــ 1939 التي تميزت في بدايتها بالإضراب العام الشهير الذي امتد لستة شهور متواصلة هزَّت حكومة الانتداب البريطاني، ومن كان في فلسطين من يهود، على قلتهم النسبية. وقد أوشكت تلك الثورة أن تحقق أهدافها لولا تدخل ملوك العرب وزعمائهم الذي أدى إلى وقفها، بدعوى أن بريطانيا تدخل الآن حرباً مع ألمانيا وإيطاليا (المحور) وعلينا ـ نحن العرب ـ ألا نطعنها في الظهر وأنها مقابل ذلك سوف تحقق لهم الاستقلال فور انتهاء الحرب. لنتصور هذا المنطق: بريطانيا المستعمرة الممالئة لليهود، صاحبة وعد بلفور ــ النكبة الأولى الأهم علينا (ألا نطعنها في الظهر..!!).
معظم الشعب الفلسطيني لم يكن راضياً عن ذلك التدخل العربي، مما دفع المتنورين والمثقفين من أبنائه إلى التعبير عن مواقفهم كتابة، سياسية حيناً وشعرية حيناً.
(إيه ملوك العرب لا كنتم ملوكاً في الوجود. أبو سلمى عبد الكريم الكرمي).
وقصائد للشاعر إبراهيم طوقان قبل ذلك، منها قصيدة الفدائي، وقصيدة الثلاثاء الحمراء بمناسبة إعدام الأبطال الثلاثة: الزير وعطا وجمجوم لحيازتهم سلاحاً بدائياً، لمقاومة الانتداب واليهود الذين شرعت هجراتهم تتدفق إلى فلسطين سرّاً حيناً وعلانية حيناً آخر.
توالت أعمالهم الإجرامية، يدعمهم البريطانيون، إلى أن جاءت المؤامرة الأكبر في عام 1948 بالتقسيم وتداعياته. بعد أن حنث البريطانيون بوعودهم للعرب. هبَّ الشعب الفلسطيني عن بكرة أبيه رافضاً التقسيم، وأعلن إضراباً عاماً شمل البلاد كلها، واشتعلت ثورة عارمة عبَّر أحد زعمائها عنها هو الشهيد عبد الرحيم محمود في قصيدة له منها:
سأحمل روحي على راحتي



وألقي بها في مهاوي الردى


فإما حياة تسر الصديق



وإما ممات يغيظ العدا


شرع اليهود في إقامة مذابح مدبرة ومخطط لها منها: دير ياسين، والطنطورة، واللد والرملة، وقبية، ونحالين، وخانيونس فيما بعد)، وغيرها كثير مما لا يتسع المقام لعرضه.
كشف أحد الأطباء اليونان ــ من أصل لبناني ــ النقاب عن الجرائم التي شاهد آثارها في غزة، بعد أن استطاع الدخول إليها بشق الأنفس، من معبر رفح وعن أنواع الأسلحة (المحرمة) التي كان يستعملها الجيش الإسرائيلي. يقول بعد دراسة اطلع عليها أن عدد المجازر التي ارتكبتها الصهاينة منذ قيام كيانهم فقط 3262 مجزرة، وعدد البيوت التي هدموها نحو 62 ألف بيت.
بيد أن المذابح ـ كمبدأ في الاستراتيجية الصهيونية ـ لم تتوقف أبداً. كانت ولم تزل من أهم أهدافها إثارة الرعب لدى الفلسطينيين، خوفاً على أعراضهم قبل أي شيء آخر، وحملهم من ثم على الرحيل والهجرة، بهدف تفريغ الأرض من أهلها، والحيلولة دون عودتهم إليها في أي ظرف وبأية حال. وها هو العدو يقوم أخيراً، وليس آخراً بمحرقته الهائلة التي لم توفر البشر ولا الشجر ولا الحجر.
في التعليقات والتحليلات السياسية العربية التي كانت تصدر عن محللين ومراقبين في معرض وصف ما يجري في غزة عبارة (إجرام غير مسبوق) دون تدبر لما يحمله هذا الوصف ربما عن غير قصد من تهوين شأن الجرائم الإسرائيلية السابقة. فالانطباع الذي يحدثه مثل هذا الوصف لدى المشاهد والمتابع، هو أن إسرائيل كانت فيما مضى أقل عدوانية. وهذا ليس صحيحاً على الإطلاق. صحيح أن هذا الذي جرى في غزة فريد في نوعه من حيث وسائل الدمار والقتل التي صبَّت على شعبنا هناك صبّاً. ولكنها في النتيجة قتل وتدمير، والقتل هو القتل في سائر الأحوال، وأياً كانت وسائله. ألا نذكر صنيع إسرائيل في الانتفاضة الأولى في عهد رئيس وزراء العدو (اسحاق رابين)؟ ألم يأمر جيشه بتكسير عظام أطفال وفتية لمجرد إلقائهم الحجارة على آليات العدو في غزة والضفة؟ ألم يشهد العالم جنوده وهم يكسِّرون أطراف أولئك بالهراوات أو بالحجارة أو بكعوب البنادق في وحشية مروعة..؟
والأمثلة على ما وقع إبَّان تلك الانتفاضة على أهلنا هناك من فظائع اشتملت على القتل والتعذيب، والاعتقالات التعسفية، التي لم توفر أطفالاً ولا نساء حوامل ومرضعات. رأى العالم نساء يضعن أحمالهن في السجون، وأطفالاً يسجنون مع أمهاتهم، ورجالاً يعذبون حتى الموت. وغير ذلك كثير مما لا ينبغي علينا نسيانه.
وفي الانتفاضة الثانية التي اشتعلت إثر تدنيس كبير مجرميهم (أرييل شارون) للحرم القدسي الشريف في تحدٍّ مقصود. وكان رئيس وزراء العدو آنئذ مجرم كبير آخر هو (إيهود باراك). ألا نذكر مأساة محمد الدَّرة، الطفل اللائذ إلى حضن أبيه. ينظر في هلع إلى فوهات البنادق مصوبة نحوه، وكأنه لا يصدق أنها قد تنطلق صوبه. كان الطفل يرتجف هلعاً، ولكن أولئك القساة العتاة لم يحجموا عن تصويب رشاشاتهم إليه ليمزقوا جسده وعيناه ترنوان إليهم في رعب مميت، لم يحرك فيهم ضميراً أو ومضة إنسانية. ألا نذكر كذلك كيف أن (شارون)(عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]) بادر عام 2002 مع إعلان (المبادرة العربية) في مؤتمر القمة المنعقد آنذاك في بيروت إلى تحريك جيشه العرمرم إلى جنين وغيرها من بلدات ومخيمات الضفة في عملية حربية ضخمة، وكأنها تتقدم لمواجهة جيش دولة وليس أفراد مقاومة أقرب لأن يكونوا عزلاً من السلاح، وإلى مدنيين غير مقاتلين من أطفال ونساء وشيوخ.؟ وقاومت جنين الاجتياح بكل عنفوان وإباء، فأعجزت (الجيش الذي لا يقهر)، الذي أوغل في انتقامه من جنين وأهلها، فأوقع فيها من الدمار، ومن إزهاق الأرواح ما أثار عواصف استهجان واستنكار في حينه، في العالم كله. وعندما اضطرت هيئة الأمم المتحدة إلى إرسال ما يسمونه ـ ضحكاً على الذقون ـ (لجنة تقصي حقائق) ـ وكأن الحقائق خافية على أحد ــ لم يسمح السيد (شارون) لتلك اللجنة العتيدة بدخول جنين، اعتماداً على الدعم الأمريكي لمواقفه وتصرفاته، كائنة ما تكون، في ظل رئاسة صديقه الحميم (جورج بوش) ونائبه (ديك تشيني)، وعصبة (المحافظين الجدد) اليهود، المسيطرين على البيت الأبيض، والبنتاغون في شخص رئيسه مجرم أفغانستان والعراق وغوانتانامو وأبو غريب (دونالد رامسفيلد). هذا الآخر الذي كان يطلب إلى المارينز وشركات القتل (Black Water) وغيرها بالتفنُّن في تعذيب الأسرى والمعتقلين من العرب والمسلمين الذين يناصبهم العداء منذ القديم.
ولقد سمعه العالم كله في عهد الرئيس بوش الأب، حين كان وزيراً للدفاع في إدارته يعلن على الملأ بأن (العدو) لأمريكا والغرب بعد الاتحاد السوفيتي هو (الإسلام والمسلمون). كان الجنود الإسرائيليون في جنين يعدمون من شاءوا في شوارعها وأزقتها أمام أعين ذويهم.. هل ينبغي لأحد منا أن ينسى كل ذلك؟ وانصاعت المنظمة الدولية لرفض (شارون) فلم ترسل لجنة لتقصي الحقائق..!! وأسدل الستار على كل ما جرى وكأن شيئاً لم يكن..!! فلا من يحاسب ولا من يعاقب..!
ونذكر فيما نذكر من (مآثرهم) قصة (راشيل كوري) تلك الشابة الأمريكية اليهودية البيضاء أيضاً، التي عوقبت بإعدامها جهاراً وعمداً، بميتة بشعة قاسية. جريمتها (الكبرى) أنها وقفت إلى جانب المعتدى عليهم من الشعب الفلسطيني، لكي تبدي أن هناك أمريكيون ويهود غير راضين عن ممارسات إسرائيل في فلسطين، رافضين لسياسة حكومتهم المنحازة إلى الظلم والعدوان ومقترفي الجرائم. في رفح وقفت عند جدار منزل. جاءت جرافة مأمورة باقتحامه وهدمه فوق ساكنيه. هالها الأمر ولم تصدق، فوقفت هناك ظنّاً منها أن ما من كائن يحمل مواصفات الإنسان وشكله يمكنه أن يتابع مهمته تلك فيما هي هناك تقف في مواجهته كأمريكية، وكيهودية ذات حصانة بانتمائها إلى أولئك. ولكن البائسة ديست تحت جنازير الجرافة بغير رحمة فيما هي تحدق بعينها اللتين أوشكتا أن تخرجا من محجريهما،وسائق الجرافة (الأشم) ينظر في عينيها تماماً ضاحكاً منتشياً يهرس جسدها وروحها تحت جرافته، لتختلط أشلاؤها ودمها مع الحجارة والتراب والإسمنت، مشاركة العائلة العربية، بمن فيهم أطفال ونساء داخل منزلها مصيرها الرهيب. ماذا فعلت أمريكا (الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان!) لمن صنع هذا بابنتها الأمريكية؟ هل حوسب الجاني على جريمته؟ وماذا صنع المجتمع الدولي؟ وماذا صنع مجلس الأمن؟ أم تراهم خشوا اتهامهم (باللاسامية) هنا أيضاً ما دام الجاني إسرائيلي مغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر عند سادته؟
أم ننسى (هدى خوجه) مع ذويها على رمال شاطئ (النصيرات). جلسوا هناك في نزهة بريئة (على قد حالهم) يتأملون الموج، يحلمون ربما بالعودة، أو بحياة قادمة أفضل قليلاً. بغتة تنقض الصواعق الإسرائيلية عليهم لتزهق أرواحهم جميعاً في لحظات خاطفة. تفقد الفتاة صوابها.. لم يبق سواها.. كانوا هنا الآن الآن.. أهذه الأشلاء المتناثرة لحماً ودماً وعظاماً هي هم؟ أهي أمي؟ أهذه الأشلاء هم؟ أهؤلاء كانوا أمي وأبي وأخواني وإخوتي؟ ألم يسمع العالم صراخها المروع يملأ أرجاء الكون؟ تناشد الأرض والسماء.. ضارعة إلى الله في غمرة جنونها أن يعيدهم إليها...
أما الجناة.. فهناك يقبعون في زورقهم (الآمن) يرقبون الفتاة وما حولها من دماء وأشلاء في جذل، فرحين مرحين.. ألم يحققوا إنجازاً (ديمغرافياً..؟)
ماذا عن أمن هدى يا سادة..!؟ أم ترانا نسينا (إيمان الهمص) ابنة السنوات السبع، تعبر الطريق إلى مدرستها، تحمل بيمناها حقيبة دفاترها، وتمسد شعرها المتطاير مع نسمات الصباح الباكر بيسراها. بريئة تمر كالحلم، مسالمة ناعمة كالطيف ـ لا تعرف مصيرها وما ستؤول إليه بعد ثوان ـ لسبب بسيط ـ لكنه مصيري ـ هو مرورها قرب مجموعة من جنود (واحة الديمقراطية). يبادر أحد (أشاوسهم) هكذا ودونما سبب، سوى نزعة وحشية مجرمة تنطوي عليها نفسه الحاقدة إلى إطلاق رصاصهِ عليها.
لعله أراد أن (يتسلى) بعد أن ملَّ الوقوف هناك؟ تسقط الطفلة أرضاً مضرجة بدمائها.. تصرخ مرتاعة.. تنادي أمها.. يهرع ضابط المجموعة إليها. يحسب الجنود أنفسهم أنه يبغي إسعافها، لكنهم يفاجأون، هم أنفسهم أيضاً، عندما يرونه يخرج مسدسه ليفرغه في رأسها وسائر أنحاء جسدها.
مجلدات ومجلدات لا يسعها استيعاب ما اقترفت هذه الإسرائيل من جرائم في حق شعبنا المبتلى بها وبأمريكا وبريطانيا من قبل ومن بعد. ونسمع، فيما نسمع، عن جمعيات تحت مسميات مختلفة مثل (هيومان رايتس ووتش Human Rights Watch وأخواتها)..
على أن هذه المجازر، على هولها وفظاعتها لم يكن من شأنها غير اشتداد مقاومة شعبنا وترسيخ صموده في وجه العواصف الدهماء والأعاصير العاتية الهوجاء، تأتيه من كل مكان. لقد تألبت عليه أنظمة، وتداعت عليه الأمم من كل صوب، بما في ذلك أناس من بني قومه أنفسهم، الأمر الذي قلما شهد التاريخ له مثيلاً. لأي من شعوب الأرض. أوَ من قلة في تعداد العرب والمسلمين يحدث هذا..؟ بلى إنهم لكثير.. ولكن...
لم يفت في عضده كل ما حدث، وإنما زاده إيماناً بأن النضال والمقاومة في سبيل البقاء أولاً، ثم من أجل العودة واستعادة الحقوق. العودة والتحرير هما الحلم الذي يحيا من أجله شعب فلسطين.
رفض المهانة والخنوع والاستسلام الذي ما انفك الجبابرة عاملين على دفعه إليه.
كان في وسعه توفير ذلك كله على نفسه وذويه لو أنهقبل ـ مجرد قبول ـ بشروط العدو، والمتواطئين معه، بالعيش في المنافي والمخيمات وادعاً مسالماً لا يأتي بحراك حيال من اغتصبوا وطنه وأهدروا حقوقه وشردوه تحت كل كوكب.
كما أن الشعب الفلسطيني، برغم التشرد وشظف العيش والمعاناة في سائر صورها، لم يغفل جوانب حياته الإنسانية، فقد دأب على مواصلة تعليم أبنائه وتثقيفهم وإعدادهم لليوم الموعود.
فظهر فيهم الأدباء والأطباء والمهندسون، وسائر المهن الأخرى الضرورية لأي شعب يعيش ظروفاً عادية، غير ظروف الشعب الفلسطيني. حتى إن نسبة التعليم في صفوفه فاقت نسباً أخرى في أوساط أمته العربية. وهذا مما يزيد العدو حنقاً وغيظاً وعدوانية، فهو أمام شعب لا تقهره الظروف المثبطة المحبطة.ولا تخضعه قوى البطش والجبروت العاتية.
ففي مضمار الأدب والكتابة في شتى أجناسها وفروعها، ظهرت إبداعات كثيرة، من حيث الكم والقيمة الإبداعية المتفوقة، ا لتي بلغت روائعها آفاقاً عالمية. ولن نستطيع هنا أن نعرض لهذه الإبداعات، وأسماء أصحابها الكثر، فليس هذا هو موضوعنا. ولكن لا بأس من أن نأتي على ذكر نماذج من أولئك المبدعين، كمحمود درويش وسميح القاسم وتوفيق زياد ومعين بسيسو وطلعت سقيرق ومريد البرغوتي وخالد أبو خالد ويوسف الخطيب. في الشعر، وغسان كنفاني وإميل حبيبي وجبرا إبراهيم جبرا وحسن حميد وسميرة عزام ورشاد أبو شاور ويحيى يخلف وكاتب هذه السطور في مضمار القصة والرواية والنقد.
أما في مضمار الأبحاث والدراسات والنقد فأصحابها أكثر من أن يحيط بهم حصر أمثال: د. إحسان عباس ود. وليد الخالدي ود. هشام شرابي ويوسف اليوسف ود. فيصل دراج وغيرهم.
وكذلك الأمر في الفنون كالفن التشكيلي في الرسم (اسماعيل شموط، ومصطفى الحاج، والعدوي، وأبو راشد وغيرهم كثير. وفي التمثيل السينمائي والتلفزيزني والمسرحي و... الخ.
بل ها نحن نرى في غزة، والضفة أيضاً واحدة من الأعاجيب المدهشة والمثيرة التي تدعو المرء إلى أن يتساءل: كيف استطاع أهل غزة إنتاج أسلحة يمكنها مواجهة الأعداء برغم إمكاناتهم الهائلة وقواهم الجبارة؟ لاسيما أنهم في وضعهم البائس، محاصرون من كل جانب، لا تصلهم حبة الدواء أو رغيف الخبز و حليب الطفل الرضيع إلا بشق الأنفس. كيف تسنى لهؤلاء المحرومين من كل شيء أن يصنعوا.. (صواريخ)؟ وما أدراك ما تتطلبه صناعة كالصواريخ. العلم التخصصي قبل كل شيء. ثم المواد الخطرة والممنوعة، غير المتاحة عندهم بسبب الحصار أنى لهم العلم بكيفية صنعها، ناهيك عن قدرتها على الوصول إلى أهدافها المحددة. إن دولاً تملك إمكانات الدول المفتوحة على العالم، والقادرة على التمويل، في وسعها أن تغرف من المقومات والعناصر والأدوات ما تشاء، لم تصل ـ مع ذلك ـ إلى صنع الصاروخ أو حتى الرصاصة، أو القنبلة اليدوية.
بلى إنهم صانعو المستحيل.
فأي شعب هو هذا..!؟
وهو يعلم أن صواريخه ليست على مستوى (سكاي هوك وماك وباتريوت) الأمريكية، أو (جراد وسكود) الروسية. إلا أنها صواريخ على أية حال، أعدت في ظروف تشبه المستحيل. أرهبت العدو. وإذا ما قيست الإمكانات والظروف بين الجانبين لزمنا أن نقر بالعبقرية الفذة التي يملكها شعبنا.
هو إذن صمود الجبابرة، وصنيع العمالقة. هو صبر الصابرين، هو يقين المؤمنين. أمور لها قوة الحسم، والإقدام في المواجهات الضارية يفتقر العدو إليها. هي جنود الله التي لا يراها العدو ولا يدركها، والتي من شأنها أن تمكِّن فئة قليلة أن تغلب جيشاً صنِّف كأقوى جيش في المنطقة ولعله ثالث جيش عتاداً في العالم. والفضل لمن هم وراءه بطبيعة الحال.
كما إنها سر الظاهرة التي طالما حيّرت العدو وأربكته، دون أن يجد لها تعليلاً وتفسيراً ناهيك عن أن يستطيع فهمها واستكناه خفاياها.
(الشعب الفلسطيني الذي لا يقهر) مصطلح صادق وحقيقي أكدته الوقائع وأثبته تاريخ طويل من الكفاح والنضال والقتال. مصطلح نطلقه الآن يلغي مقولتهم الباطلة الزائفة عن (جيش إسرائيلي لا يقهر). كما أنه يلغي مقولات أخرى حاولوا ترسيخها في الأذهان، كقولهم المفترى بأن فلسطين (أرض بلا شعب)(عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]). وقولهم بأنه (لا وجود لشيء اسمه الشعب الفلسطيني)(عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]). وقولهم بأن (الكبار الذين غادروا فلسطين يموتون مع الزمن وأن الصغار لا يعرفون ولا يأبهون)(عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]) ومن ثم سوف تخلو لهم الأرض وما عليها، فلا من يطالب ولا من يحاسب بعد ذلك. أقنعوا أنفسهم بهذه الأوهام فجاءت الأيام لتبدد أوهامهم وتطيح بأحلامهم. لقي الكثير من الكبار وجه ربهم ولكن من جاءوا بعدهم لم يكونوا أقل منهم عناداً وتمسكاً بحقوقهم، بل لعلهم ـ فيما نرى اليوم ـ جاءوا أشد مراساً وأقوى شكيمة وأشد رغبة في العودة إلى ديار الآباء والأجداد.
انعكاسات المحرقة على الانتخابات الإسرائيلية

أسفرت محرقة غزة عن أوضاع لدى العدو اضطرته إلى الإسراع في إجراء انتخابات عامة يتحدد على ضوئها الكثير من استشرافات المستقبل وآفاقه. دفعته إلى المسارعة لإجرائها هذه الهزيمة التي حاقت به على مشارف غزة، إضافة إلى ما بين قادة الكيان الصهيوني من تنافس وتكالب على منصب رئاسة الوزارة والوزارات الأساسية(عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]) الأخرى.
فماذا كانت النتيجة؟
المزيد من التخبط والارتباك لدى الصهاينة حكومة وشعباً في غمار سعيهم إلى تحقيق أهداف بعينها منها:
ـ الحفاظ على الوجود في حد ذاته أمام تحديات المستقبل التي أصبحت بادية للعيان في ظل المتغيرات الدولية وتصاعد ظاهرة المقاومة واتساع أمدائها.
ـ تأمين الاستقرار وحماية الأمن.
ـ تحقيق مكاسب ومنافع على الأرض الفلسطينية أهمها إقامة المزيد من المستوطنات في الضفة الغربية وتسخير السلطة هناك لخدمة الأهداف الإسرائيلية على حساب شعبها وقضيتها الوطنية.
ـ محاولة القضاء على الوجود الفلسطيني في (دولة يهودية) عنصرية دينية متطرفة تلمودياً.
أهداف واضحة. ولكن التخبط وعمى الرؤية يكمن في السؤال القائم الذي لا يجدون له جواباً شافياً هو:
كيف السبيل إلى تحقيق ذلك والفلسطينيون يقفون لهم بالمرصاد، لا يكلون ولا يملون ولا يثنيهم عن مواقفهم ومبادئهم القتل و الحصار، ولا التآمر مع غرب وشرق، أو عرب أو عجم..؟ هم صامدون لا سبيل إلى زحرجتهم عن مواطئ أقدامهم. ناهيك عن مسألة وجودهم المتجذر في الأرض. أمور لم تؤخذ في الحسبان عندما سعوا إلى إقامة الكيان الصهيوني، وها هم يواجهونها أمامهم سدّاً منيعاً أقوى من جدرانهم العازلة، فتلك جدرٌ من إسمنت وحجارة وطين يطاح بها إذا ما هبت رياح عاتية، وعواصف هوجاء، في حين أن السد المنيع القائم لدى الفلسطينيين مقيم في دواخلهم، في قلوبهم وأرواحهم وضمائرهم إيماناً وطيداً، صارماً حازماً، لا سبيل إلى اجتثاثه. عند أولئك زبد سيذهب جفاء، ولدى هؤلاء ما سوف يمكث في الأرض.
جاءت نتائج انتخاباتهم لتضعهم في مزيد من التخبط الذي هم عليه، هم الآن في مأزق حقيقي، يدركون أن الأمور تتغير على كل صعيد، في تسارع رهيب لم يكن منتظراً أبداً، يشعرهم بالخوف،بل بالفزع على المصير. لقد تنافسوا على الحكم والمناصب، بعد أن وضعوا الدم الفلسطيني في صناديق الانتخاب، ولكن لا الجناة أنفسهم حققوا فوزاً حاسماً، كما لم يحقق من هم أكثر منهم تطرفاً وإجراماً ذلك الفوز. لقد أفقدتهم المقاومة وشعبها في غزة القدرة على الرؤية الواضحة والحكم السليم على الأمور.
قالت الانتخابات كلمتها، وهي ما سبق أن قلناه من أنهم جميعاً سواء، اليمين واليسار والوسط وما إليها من تسميات يبتكرونها، ويتفننون في تصانيفها، فيما هي واحدة في نهاية المطاف. هي اتفاقهم على أمر واحد هو ما سبق أن ذكرناه من قبل:يهم الأقدر على إيقاع الأذى الأكثر بالفلسطينيين). هذا تحديداً هو ما عزَّز حالة الانقسام المتفاقمة بينهم.
لكأن الوضع الفلسطيني هو الذي سيطر على تلك الانتخابات فشتتت الأصوات وبعثرها في شتى الاتجاهات، بحيث لا تجمع على شيء: )تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى..( وإلا فما معنى أن تأتي نتائجها على هذا النحو في الكنيست:
28 مقعداً حزب (كاديما) برئاسة عضو الموساد، مجرمة العصر (تسيفي ليفني).
27 مقعداً حزب (الليكود) يرئسه مجرم عريق هو (بنيامين نتنياهو)(عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]). هذا الذي سبق له أن هدد الرئيس (بيل كلينتون) بأن في استطاعته (حرق الأرض) تحت قدمي كلنتون فيما لو حاول فرض رأيه ورؤيته عليه. كان يومئذ رئيساً لوزراء (إسرائيل) عام 1996 وكان يومها في زيارة لكلينتون في عقر داره نيويورك.
16 مقعداً حزب (إسرائيل بيتنا) برئاسة (أفيغدور ليبرمان)(عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]).
14 مقعداً حزب (العمل) برئاسة (إيهود باراك)(عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]) وزير الدفاع في حكومة، (أولمرت) الحالية وهو (الجنرال) أحد ثلاثي العدوان الأخير على غزة.
أما الأحزاب الأخرى فلم تكن ذات شان كبير، عدا حزب (شاس) الديني الذي حصل على أحد عشر مقعداً، وهو من أكثرهم غلواء وتطرفاً في عدائه للفلسطينيين خاصة، والعرب والمسلمين عامة.
وها نحن نرى الآن كيف احتدم الصراع، فور ظهور نتائج الانتخابات عندهم، بين قادة تلك الأحزاب على المناصب في واقع الأمر. ولكن كلاً منهم يحاول تبرير حملته، أو لنقل معركته، بحرصه على المصلحة العامة، وبتمسكه بسياسة معينة سوف ينتهجها نحو الفلسطينيين والعرب وإيران، فضلاً عن رؤيته للطريقة الأفضل التي ينبغي العمل بها لتحقيق (الأمن) لإسرائيل (دولة) وللإسرائيلي (مواطناً ومستوطناً).
إلا أن الأمور وقد آلت إلى هذا الوضع المعقد أكثر من ذي قبل لا تبشر إلا بمزيد من السوء بالنسبة لنا.
ذلك أننا اعتدنا من هؤلاء ألا يتفقوا إلا على حسابنا. كما اعتدنا منهم اللجوء إلى تصدير مشاكلهم الداخلية إلى عدوهم الأزلي الفلسطيني، والعربي الآخر المقاوم، في أي مكان من الأرض العربية، ليس من المستبعد، والحالة هذه، أن يعمد هؤلاء في خضمِّ صراعهم إلى التفريج عن أزماتهم بالهروب منها باتجاه غزة تحديداً أو ـ إلى حد ما لكنه محتمل ـ حزب الله في الجنوب اللبناني. وربما الضفة أيضاً. وقد تأخذ المغامرة منحى واتجاهاً أبعد إلى حد الذهاب إلى شن حرب خاطفة على مواقع مفاعلات إيران الذرية. وإن كانت هذه الأخيرة لا تتم دون موافقة أمريكية. وأمريكا اليوم غيرها في عهد سيئ الذكر (جورج بوش) وزمرته ناهيك عن انشغال مسؤليها بأزمات داخلية خطيرة تحول بينهم وبين التفرغ لتحقيق رغبات إسرائيل واللوبي اليهودي، كما كان يحدث من قبل، لاسيما في عهد جورج بوش وديك تشيني.
لا يبقى أمامهم إذن سوى غزة كاحتمال أكبر. وهم عودونا كذلك أن يقدموا على مغامراتهم دون حساب للنتائج التي قد تترتب عليها في مدى أبعد من الراهن المقتضي الإقدام على مغامرة حربية هنا أو هناك، برغم احتمالات انطواء تلك المغامرة على هزيمة أخرى أسوأ من سابقاتها في نتائجها عليهم.





([1]) أعلن شارون يومئذ أنه سينهي المقاومة في مائة يوم...!

([2]) عن تيودور هرتسل.. ثم حاييم وايزمن، والممول للمشروع الصهيوني الملياردير روتشيلد..

([3]) عن جولدا مائير الرئيسة السابقة للكيان الصهيوني وفي عهدها وقعت حرب 1973 التي أوشكت على القضاء على الكيان الصهيوني لولا ما حدث على الجبهة المصرية من تحول في السياسة نحو العدو.

([4]) عن دافيد بن جوربون أول رئيس لوزراء الكيان.

([5])تعرف في المصطلح السياسي بال (وزارات سيادية).

([6])صاحب كتاب عنصري النزعة بعنوان (مكان في الشمس).

([7]) هذا القادم من (ليتوانيا) بالأمس فقط يزعم أن فلسطين (بيته) اليوم. فأي صفاقة لص يتمتع بها هذا الآفاق الزنيم. سبق له أن أعلن عن رغبته في ضرب السد العالي بالقنابل الذرية (برغم ما بين مصر والكيان من معاهدات). نخشى على الشقيقة مصر حقاً فيما لو صعد الرجل بحزبه إلى سدة الحكم هناك ذات يوم (بالمناسبة كان المذكور يعمل حارساً ليلياً في ملهى هناك قبل مجيئه إلى فلسطين لكي (يتمرجل) هنا بين مهاجري روسيا وشرق أوروبا الغازية لديارنا.

([8]) شغل منصب رئيس وزراء العدو في عهد الرئيس كلينتون. وهو قاتل الشهيد محمد يوسف النجار وزميليه الشهيدين كمال ناصر وكمال عدوان في فردان ببيروت عام 1972 فاعتبروه يومئذ (بطلاً)..! ثم أثبت (بطولته) بعد ذلك عند هروبه بجيشه تحت جنح الظلام عام 2000 من الجنوب اللبناني تحت وطأة ضربات المقاومة الباسلة لحزب الله.


[/align]
</H1>
طلعت سقيرق غير متصل  
قديم 27 / 12 / 2009, 29 : 02 PM   رقم المشاركة : [9]
طلعت سقيرق
المدير العام وعميد نور الأدب- شاعر أديب وقاص وناقد وصحفي


 الصورة الرمزية طلعت سقيرق
 





طلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: مدينة حيفا - فلسطين

رد: محرقة غزة ونهاية الأسطورة .. كتاب من تأليف د. يوسف جاد الحق

[align=justify] <H1 dir=rtl style="MARGIN: 5pt 0cm">الثأر والانتقام والعقاب

حمقى إسرائيل ومجرموها ينسون أن هناك شيئاً اسمه الثأر والانتقام، وأن هناك عدلاً إلهياً يوقع العقاب في الدنيا قبل الآخرة ـ التي لا يؤمنون بها ـ وأن الله ينصر الحق على الباطل فيدحضه ويزهقه عاجلاً أو آجلاً)إن الباطل كان زهوقا(.
ما حدث للفلسطينيين على مدى السنين ليس له أن ينسى أبداً على مدى الأيام. الطفل الفلسطيني الذي يعيش الأحداث على هولها، يشهد ما يجري أمام عينه. تقتل أمه وأبوه وأشقاؤه وجيرانه ورفاقه في المدرسة.. يراهم أجساداً ممزقة مشوهة. كانت عما قليل حلوة جميلة تمور بالحياة من حوله. يتلفت حوله فلا يجد منهم أحداً. قلبه ينفطر حزناً وألماً وإحساساً بالقطيعة والغربة والوحدة. ألن يكون الطفل هذا مشروع مقاوم شرس..؟ وذاك الذي يرى برك الدماء، وتلال الأجساد، وجبال الأنقاض لمباني كانت قائمة.. السقف يسقط فوق رؤوس ذويه فينسحقون أدناه وكذلك الجدران، ويسلم هو.. كيف؟ لا يدري.. لكنه لا يسلم من جروح وكسور ويمنع عنه الجناة حتى سيارة الإسعاف من هلال أحمر وصليب أحمر. يقتلون من فيها ــ يواصل النزف إلى أن يشرف على الموت.. يعيش أخيراً.. ولكن لشقاء أبدي، وحزن سرمدي، ووحدة قاتلة تلازمه مدى الحياة. لن يعرف الفرح من بعدهم.. فهل له أن ينسى؟ ألن يغدو مقاوماً جباراً في قابل الأيام، تبعاً للأحوال النفسية التي يعيشها..!؟ ألن يكون هذا مشروع مقاوم شرس..؟ إسرائيل تتفنن ــ دون أن تدري ــ في صنع أعدائها. ما تجنيه أيدي قادتها وجنودها لن يكون إلا وبالاً عليها. إنها تؤسس لنسف كيانها الهش من أساساته وقواعده.
ذاكرة الطفولة لا تنسى. وهذه ذاكرة تكتنفها صور الموت والفزع والدماء.. ذكريات الأحبة.. نداءات الأم في الصباحات المشمسة وعودة الأب في الأمسيات الممطرة..
فقد الحب والحنان.. لمسة اليد الحانية ودفء حضن الأم الرؤوم، ودعابة الشقيقة، ومشاكسة الشقيق.. حقيبة المدرسة.. جرس الانصراف..
ماذا سيصنع هؤلاء بمن سيجايلونهم من أبنائكم غداً أيها الأغبياء..؟ من يضمن لكم ألا يفعلوا بهم ما فعل أباؤهم بأهليهم وذويهم، عندما تحين ساعة الخلاص.. وهي آتية..؟
أليست الشريعة التي جاء بها نبي الله موسى عليه السلام نفسه (أن العين بالعين والسن بالسن والجروح قصاص..) والبادئ أظلم..؟
هل في مقدور ناشئنا غداً أن يغفروا للجناة إجرامهم، وإعفاءهم مما اقترفت أيديهم..؟
سنة الله في خلقه ألاَّ يفلت المجرم من العقاب...
)ولن تجد لسنة الله تبديلاً ولا تحويلا...(

لقد ورد على ألسنة منظريهم وسياسييهم، في أكثر من مناسبة أنهم يثأرون اليوم لأحداث وقعت في تاريخ مغرق في القدم من أناس يعيشون اليوم لأن هؤلاء من نسل أولئك، من مثيل ما أعلن عن أنهم عملوا على دفع أمريكا لتدمير العراق، شعباً ودولة، انتقاماً من (نبوخذنصر). وحكاية السبي البابلي. وأنهم ينتقمون كذلك من مسلمي اليوم لما حلَّ بهم ــ حسب زعمهم ــ في عهد الرسول محمد (r).
فهل يتصورون أن من يعيشون اليوم هذه الأحداث الرهيبة بأنفسهم، يشهدونها بكل جوارحهم، لن يذهبوا إلى الانتقام ممن سوف يعايشونهم مستقبلاً عندما تتهيأ الظروف لمثل ذلك؟؟

في كتابه تعالى:
]وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب. إن ربك لسريع العقاب[.
وبما أن يوم القيامة لم يأت بعد..!! فمن المؤكد أنهم سوف يُنتقم منهم على أيدي أبناء الشهداء وضحايا العدوان اليهودي الآثم الجاري في أيامنا هذه.



[/align]
</H1>
طلعت سقيرق غير متصل  
قديم 27 / 12 / 2009, 32 : 02 PM   رقم المشاركة : [10]
طلعت سقيرق
المدير العام وعميد نور الأدب- شاعر أديب وقاص وناقد وصحفي


 الصورة الرمزية طلعت سقيرق
 





طلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: مدينة حيفا - فلسطين

رد: محرقة غزة ونهاية الأسطورة .. كتاب من تأليف د. يوسف جاد الحق

[align=justify] <H1 dir=rtl style="MARGIN: 5pt 0cm">جبهة عمل سياسية وإعلامية

لكي تكون هناك جدوى لما بذل شعبنا الفلسطيني من تضحيات على مدى ثمانية عقود أوتزيد، آخرها ما جرى في غزة بالأمس، ولكي يواصل صموده أمام أعتى وأشرس مجموعة عصبة عدوانية ـ إسرائيل ومن معها ـ إلى أن تتهيأ له الظروف في المستقبل لتحرير أرضه والعودة إليها، بفعل متغيرات إقليمية وعالمية، لابد قادمة، ونحن نشهد مقدماتها في أيامنا هذه، لأجل هذا كله ينبغي العمل على قيام جبهة عمل سياسية وإعلامية تحشد لها كفاءات بشرية ومالية، فلسطينياً وعربياً، تتولى الإشراف والتوجيه لإعلام نشطٍ فاعل يكشف الحقائق أمام العالم كله، ويحشد الأنصار لقضية الشعب الفلسطيني العادلة. كما يتوجب عليها العمل على تصحيح المسار السياسي الراهن، بتوحيد الرؤية السياسية، ليكون منطلقها العودة إلى المطالبة بالحق الفلسطيني الأساس، وهو تحرير الأرض كاملة، وإلغاء كل ما سبق أن قدمه العرب، والفلسطينيون من تنازلات حتى الآن، بداعي تحقيق سلام مع عدو لا يريد سلاماً ولا وئاماً أبداً كما أثبتت وقائع العقود الماضية منذ عام 1977 وحتى اليوم. دعوى السلام الكاذب المخادع لم تكن سوى حيلة بارعة ماكرة أخرى صنعها أمريكي مخلص ليهوديته وصهيونيته هو (هنري كيسنجر) (عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]) إثر حرب عام 1973 التي استطاع إجهاض نتائجها، وتحويلها من نصر عسكري عربي، حققته سوريا ومصر، إلى هزيمة منكرة على صعيد السياسة في مصر. ثم مضت تداعياتها على المنطقة، بعد خروج مصر على الإجماع العربي بمعاهدة كامب ديفيد، سيئة الذكر، المدمرة لوحدة الرأي والموقف والصف والنهج العربي، وتشتيته ودفعه نحو قطرية بغيضه، بحيث أصبح كل قطر ينادي بقطره (أولاً) وهو ما لا يستقيم مع حقيقة وحدة المصير العربي، فما يحدث لأي قطر منها يصيب سائر الأقطار، على نحو أو آخر، سلباً أو إيجاباً، بحسب الحالات والأحوال المختلفة. كما إن المذكور تمكن من سحب البساط من تحت أقدام القضية الأساس إذ استطاع تحويل المطالب العربية من مبدأ التحرير (الشامل الكامل) للأرض الفلسطينية كلها بمساحتها البالغة (27000كم2) وهو ما كانت تحمله القيادات العربية منذ عام 1948 إلى ما أسماه (السلام الشامل العادل).. والعادل الأخيرة هذه للتمويه ليس إلا. و(السلام مقابل الأرض)، وما إلى ذلك من مصطلحات ومقولات تصرف الفكر والعمل عن الأصل. حدث هذا بعد أن كانت القاعدة هي (التحرير الكامل) وقد أقرته وثبتته (لاءات) الخرطوم الثلاثة: لا صلح، لا سلام، لا مفاوضات مع العدو.
جاء (كيسنجر) اليهودي الأمريكي، الألماني الأصل، فغيَّر هذا كله إثر حرب عام 1973 فعزل القضية الفلسطينية عن الإجماع العربي بدعوى كانت من قبيل (الحق الذي يراد به باطل) بإطلاق شعار (استقلالية القرار الفلسطيني). وقد كانت آثار هذا الشعار فيما بعد بمثابة الكارثة على القضية الفلسطينية إذ حمَّلت مسؤوليتها الفلسطينيبن وحدهم. وبديهي أن الفلسطينيين وحدهم أضعف ـ مقارنة بقوى الأعداء ـ من أن يستطيعوا تحرير أرضهم. هذا أولاً، وثانياً لأنها ليست قضيتهم وحدهم فعلاً، وإنما هي قضية العرب أجمعين والمسلمين أيضاً.
ولم يعد خافياً أن هذه المقولة تلقفها بعض العرب كطوق نجاة إذ خلصتهم من عبء ينغص عليهم أفراحهم، وقد يقض مضاجعهم أحياناً أمام شعوبهم. وما إن أطلق (كسينجر) دعوى (السلام) الزائفة حتى أصبحت شعاراً تتمسك به الأنظمة، وكأن السلام هو القضية وليست الأرض. وكأن سائر التضحيات السابقة على هذه الدعوى لا قيمة لها، وقد ذهبت أدراج الرياح. وليس أدل على زيف هذه الدعوى ـ وكونها مجرد حيلة كيسنجرية ـ حولت مسار القضية عن غاياته الحقيقية الأصلية، ليس أدل على ذلك سوى ما وصلنا إليه حتى الآن. (أين هو السلام؟) اللهم إلا إذا كان ما يجري منذ ذلك الحين من تشابكات وتعقيدات ومناورات وألاعيب ومسلسل يومي للموت متصل لا ينقطع، واتصالات وانقطاعات، وحروب واعتداءات هو هذا (السلام) المعني عند كيسنجر وحلفائه وأبناء جلدته في إسرائيل وأمريكا.
تحققت لإسرائيل أمور كثيرة في ظل دعوة السلام (الشامل العادل(عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ])) التمويهية، مقابل ما تحقق من كوارث على الصعيد الفلسطيني والعربي. ففيما يتعلق بالفلسطيني أقام العدو المستوطنات فعمت سائر ما تبقى من الأرض الفلسطينية، وانتشرت كالفطر في الضفة خاصة، وحول غزة والقطاع. جيء بأوسلو (1993) وما أدراك ما جلبت أوسلو من ويلات على الفلسطينيين.
قتل من الفلسطينيين عشرات من الآلاف، واعتقلت أعداد هائلة من الرجال والنساء والأطفال. أقيمت الحواجز والجدران العازلة وتمزق شمل الأسر، والأرض تشظت وأصبحت جزراً معزولة لتجمعات أكثر عزلة. ودمرت المباني في المدن والقرى، وتحولت إلى ركام، حتى الشجر لم يسلم من الاجتثاث والإبادة وتحولت الأرض الخضراء إلى صحراء قاحلة نتيجة لحجب المياه عنها تسرقها إسرائيل لمزارعها ومسابحها ومنتجعاتها، فإصبح الفلسطيني بالكاد يحصل على ماء الشرب.
وعلى الصعيد العربي أقر العرب واعترفوا بقراري 242/ 338 اللذين كان من شأنهما تكريس التوجه الكيسنجري الذي حصر المطالبة (مجرد مطالبة لا تحقق شيئاً) بما احتلته إسرائيل عام 1967 و(سامحناكم يا جماعة) بما استوليتم عليه قبل ذلك التاريخ، مع أن ذلك الذي استولوا عليه كان هو محور الصراع منذ عام 1948 حتى عام1967. ولم تقم حرب 67 نفسها إلا من أجل تحرير ما احتُلَّ قبل ذلك.
كان مبدأ تحرير كامل الأرض الفلسطينية التي اغتصبت هو الأصل، وبذلك تمكن (كيسنجر) من صرف الأنظار عن قرار حق العودة الصادر عن الأمم المتحدة برقم (194) وأصبحت المطالبة بتنفيذه، من قبل أي جهة فلسطينية، بمثابة المغالاة والتطرف واللاموضوعية واللاواقعية، وما إلى ذلك من أوصاف وصفات.. بل إن من يطالب به ربما اتهم (بالجنون) نظراً لاستحالة تطبيقه بعد كل ما جرى على أرض الواقع. وسياسة إسرائيل قامت دائماً على فرض الأمر الواقع على الجميع دولاً وشعوباً ومحافل دولية ثم التذرع باستحالة تغيير الواقع الذي أصبح حقيقة قائمة.
سادت هذه المصطلحات التي اختلقها، في ظل هذه الظروف العدو، ومروجو التطبيع، والدعوة إلى الاستسلام قبولاً بشروطه. كما سادت نغمة (ما هو البديل)؟ وكأن هؤلاء المتسائلين يستنكرون فكرة النضال من أساسها، ومبدأ تحرير الأرض وعودة أصحابها إليها. كما حوَّل بعضهم مبدأ (الصراع) إلى مجرد (نزاع) بيننا وبين العدو.!
ومما تحقق للعدو تبعاً (للمؤامرة الكيسنجرية) فضلاً عن إخراج مصر من الصراع العربي الإسرائيلي، إقرار معظم الأنظمة لما هو قائم كأمر واقع. بل إن من الأنظمة ما بلغ به الأمر حد التعاون مع العدو والتنسيق معه (أمنياً والتنسيق (اقتصادياً) لصالح العدو وضد مصالح بلده وشعبه وو.. الكثير مما يضيق المقام عن التوسع في تفاصيله وعرض خفاياه.
وها نحن نرى كيف تمكن العدو من تمزيق مدينة القدس إلى أشلاء، وهدم أحياء بكاملها فيها، كحي المغاربة على سبيل المثال. وإزالة الطابع التاريخي العربي عنها، وتقويض أسس المسجد الأقصى بالحفريات والأنفاق التي شقها من تحته ومن حوله، واستيلاء المستوطنين على المنازل العربية سرقة، قوة واقتداراً، وطرد أهلها منها ليقيموا في العراء، تؤيد تلك الإجراءات وتقرها محاكم صورية، تقيمها إسرائيل، وتضع لها القوانين، وتملي عليها القرارات الجائرة بحجة مخالفة القوانين التي وضعتها هي في الأصل لهذه الغايات.
ومما تحقق للعدو كذلك، وبفضل المؤامرة الكيسنجرية، التي حولت مجرى التاريخ في المنطقة، أنه أصبح يمارس عدوانه على أي قطر عربي يشاء دون أن تهب الأقطار العربية الأخرى إلى الوقوف في وجهه، كما كان يحدث فيما مضى، فاجتاح لبنان مرات عديدة، وصل في إحداها إلى العاصمة بيروت ذاتها، وشرَّد المقاومة الفلسطينية من أكثر من مكان، وقذف بها وبمنظمة التحرير الفلسطينية بعيداً إلى أقصى الأرض في تونس. ولمصلحة إسرائيل جرى كل الذي رأينا في العراق، وحتى في أفغانستان، وأمام ذلك يقف العرب الآخرون يتفرجون، وكأن شعار كل نظام (اللهم نفسي)، وقطري (أولاً...) هو السائد المعتمد. وأصبح الصمت التام هو سيد الأحكام.
بل إن هذا الوضع المزري من جانب، والخطير إلى درجة الانتحار من جانب، وصل إلى الفلسطينيين فتحقق للعدو ما سعى إليه طويلاً من شق الصف الفلسطيني تطبيقاً للمبدأ السياسي البريطاني "فرق تسد"، وهو ما نراه ونعيشه اليوم واقعاً ملموساً، فرأينا من بين هؤلاء دعاة للتطبيع مع العدو، وسعاة لقبول وجهات نظره، والإقرار بحقه فيما استولى عليه اغتصاباً وعدواناً. أصبح هؤلاء دعاة للرضوخ لمطالبه وتقديم مزيد من التنازلات (من أجل سراب السلام..!) ابتغاء مرضاته والتزلف إليه. ولو كان ذلك حتى آخر طفل فلسطيني وامرأة ورجل. بلى يجب أن ندفع له الثمن وجودنا ذاته.!
فعندما نغيب عن هذا الوجود يتحقق له ولهم السلام (الهادئ الشامل) بالفعل..!
إزاء هذا كله، وبعد الذي جرى في غزة، ومن قبله في لبنان، يتبين لكل ذي عقل وعينين، وأهم من ذلك كل ذي ضمير وطني وقومي، أن المقاومة هي السبيل الأوحد لعودة الحق إلى أصحابه ونصابه. فالمقاومة هي القوة التي من دونها لا يسترد ما سبق أن أخذ بالقوة.
من هنا وجبت الدعوة إلى العمل على قيام جبهة شعارها (العودة إلى الأصل في معركة الصراع مع العدو) أي المطالبة، والعمل على مبدأ تحرير (كامل التراب الفلسطيني) فالتقسيم كان ظلماً وافتئاتاً على الحق أصلاً، وهذا العدو مازال ماضياً في سياساته، مقيماً على ممارساته التي اعتمدها طوال العقود الماضية، سواء ما قبل 1967 أو ما بعدها في ظل دعاوى السلام، والمفاوضات، والمباحثات وما إليها من تسميات عديدة لعناوين بلا مضامين حقيقية على الإطلاق.
هذا النهج السقيم أثبت عدم جدواه، بل إنه لم يثبت سوى خطره الماحق على الحاضر والمستقبل للفلسطينيين وللعرب. هذا النهج لم يعد صالحاً لمزيد من العبث بالقضية المقدسة تلهياً بالقشور، وقتلاً للوقت وإضاعة للفرص.
المقاومة هي السبيل الوحيد الناجع لتحقيق النصر في النهاية، طال الزمن أو قصر. والزمن لن يطول كثيراً، فعنجهية العدو تكسَّرت أو كادت. وأمريكا الداعمة له، بغير حدود، لن تظل القوة الأكبر المهيمنة في عالم الغد، كما إنها لن تظل خاضعة ليهود متآمرين عليها هي نفسها. لقد زج هؤلاء بأمريكا في حروب دموية في أماكن كثيرة من العالم. من أكبرها وأشدها فداحة وأخطرها عليها حربي أفغانستان والعراق. كما أشركوها، على نحو أو آخر، في تشابكات وحروب أخرى معقدة في مناطق يسمونها هم بالشرق الأوسط، هادفين إلى إلغاء صفتها العربية. وقد أسفر هذا عن تدمير الاقتصاد الأمريكي، وإيجاد أزمة مالية على نحو لم يحدث له مثيل من قبل، حتى أزمة 1929 كانت أخف وطأة مما تعانيه أمريكا اليوم والعالم معها وبجريرتها. ثم انعكست آثار هذه الأزمة ونتائجها على معظم دول العالم، إن لم نقل سائرها.
هذا التراجع الأمريكي على أصعدة (القوة)، و(السياسة)، (والاقتصاد والمال) مرجعه التأثير اليهودي على الإدارة الأمريكية لحقبة طويلة من الزمن كان آخرها وأخطرها عهد الرئيس (جورج دبليو بوش) وعصابة (المحافظين الجدد) إياها.
وقد ترافق هذا التراجع مع بروز قوى عالمية جديدة، في روسيا والصين، وأوربا (كمجموعة)، وغيرها لم يتبلور دورها بعد.
إن شيئاً قائماً في العالم اليوم لن يبقى على ما هو عليه إلى ما لا نهاية. ونهاية الزمن اليهودي وشيكة بعد انكشاف حقيقتهم ومؤامراتهم وألاعيبهم في عالم (القرية الصغيرة). بل لعلها أضحت قاب قوسين أو أدنى، وأقرب مما يتصور الكثيرون. رحم الله نزاراً إذ قال:
إن هذا العصر اليهودي وهمّ




سوف ينهار لو بلغنا اليقينا


هذا اليقين عند المقاومة والشعوب العربية، والإسلامية (كتركيا وإيران) أمسى عقيدة راسخة لا تتزعزع، الأمر الذي سيفضي في نهاية المطاف إلى نصر مؤزر على العدو الذي يؤذن مشروعه باقتراب نهايته بالفعل، ليرحل هذا العدو عندئذ عن ديارنا مذموماً مدحوراً. نهاية توقعها العالم آنشتاين بقوله: (إني أخاف على إسرائيل أن تهزم نفسها بحماقات قادتها)(عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ])

* * *
من المهام التي ينبغي للجبهة المرجوة التي ندعو إليها، هي نفسها التي ينبغي أن تلقى على عاتق المثقف، والإعلامي، والسياسي، الفلسطيني والعربي حيثما كان، منها ما سنشير إليه في إيجاز بما يلي بداية:
*السعي والعمل لإعادة اللحمة إلى الشعب الفلسطيني، مقاوميه ومسؤوليه أمام عدو لا يفرق بين أحد منهم.
*دعوة الأنظمة التي تقيم علاقات واتفاقات مع العدو إلى وقف تعاملها معه، وإلغاء الاتفاقيات، سرية كانت أو علنية، الموقعة معه. لاسيما بعد أن ثبت لها ما انطوت عليه تلك الاتفاقيات من أضرار على بلادها وشعوبها.
*توعية سائر قطاعات الشعب العربي بالحقائق القديمة، والجديدة، والمستجدة في شأن الصراع مع العدو، وتعبئته للمقاومة، والاستعداد لمواجهة الأخطار القادمة والتي ستظل قائمة وقادمة مادام له وجود على أرضنا.
*مخاطبة الشعب الأمريكي، والشعوب الأوروبية باللغة التي تفهمها، لتعريفها وتوعيتها على الحقائق في هذا الصراع، بعد أن شاهدت الممارسات العدوانية الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة.
*العمل على الإفادة من المتغيرات الدولية، وبخاصة على صعيد الإدارة الأمريكية بعد التراجع الأمريكي عالمياً. لقد فقدت أمريكا الكثير من عناصر القوة التي أهَّلتها لفرض هيمنتها الظالمة المتجبرة على العالم حتى وقت قريب.
*العمل على خلق (عقدة الذنب) لدى شعوب الغرب لما قدَّم سياسيوهم للصهيونية من دعم وعون، على سائر الصعد، المادية والاقتصادية والتسليحية والسياسية، وفي المحافل الدولية، مما مكَّنها من إيقاع ظلم فادح على الفلسطينيين الذين لم يكن لهم (ناقة ولا جمل) فيما وقع في أوروبا في الحرب العالمية الثانية.
وليكن قوام ذلك سؤال كبير ينبغي إعلانه بأعلى صوت وأوضح صورة هو:
ـ هل من العدل في شيء تعويض يهود كانوا عندكم عن مظالم وقعت عليهم منكم بإيقاع ظلم على أبرياء لا يدلهم فيما حدث..؟ وهل يريح ضمائركم الحساسة نحو (الهولوكست) أن تحمِّلوا غيركم وزر ما صنعتم، هرباً من المسؤولية التي تقع على عواتقكم، إذا كان ذلك صحيحاً..؟ وأنتم من يعرف مدى صحته من عدمها..
*العمل على كشف أدوات الإعلام المغرض ـ أجنبياً وعربياً ـ والتنبيه لمحاذيره بمواجهته بإعلام قوي يعرض الحقائق ويدحض الأباطيل، ويتصدى للمفتريات والأضاليل.
*تعريف الساسة العرب ـ وما نخالهم إلاَّ يعرفون ـ بأن مستقبلهم مع شعوبهم وأمتهم، وأن مصالحهم ـ حتى الشخصية منها ـ على المدى القريب والبعيد، مع انتصار القضية الأم، وليس التواطؤ مع الخصوم، مسايرة أو تحسباً لعواقب محتملة، أو طمعاً في تحقيق مكاسب منتظرة، فالأعداء هم الأعداء لنا جميعاً، أياً كانت مواقفنا وانتماءاتنا. وليتذكروا كم خذل الغربيون من ساسة قدموا لهم خدمات جلّى على حساب أوطانهم، ولكنهم سرعان ما تخلى (السادة) عنهم عندما فقدوا أدوارهم كالبضاعة فاقدة الصلاحية. وليحذر كل منهم أن يأتي يوم يضطره إلى القول: (إنما أكلت يوم أكل الثور الأبيض..!)
* اتهام الغرب ــ من أجل حفزه على إعادة النظر في مواقفه، لعل وعسى ــ بمعاداة السامية متمثلة في العرب، هذه المرة، فالعرب ساميون. فهل من مسوِّغ للتمييز العنصري بين (سامي عربي) و(سامي يهودي) على فرض صحة دعوى هذا الأخير؟ جريمة العصر، بل سائر العصور التي حلت بالفلسطينيين على يد الغرب لا نظير لها على الإطلاق.
* التوجه إلى العالم الإسلامي لتنوير جمهرة المسلمين بأن القدس كعبتهم، وان مناصرة أهل فلسطين من أجل بيت المقدس وأكنافه واجب ديني، وفرض يقتضيهم إياه دينهم، ولا خيار لهم في ذلك.
ـ لماذا العالم الإسلامي:

ذلك العالم الإسلامي يمتد على رقعة شاسعة جداً من العالم في قارتي آسيا وأفريقيا كغالبية عظمى، ثم انتشار الإسلام في القارات الأخرى، أوروبا والأمريكيتين وأستراليا بأعداد كبيرة، لاسيما في الحقبة الأخيرة من الزمن. أي أنه يكاد يشغل جلَّ أرجاء الكرة الأرضية.. والكثيرون ـ في كل مكان ـ يدخلون في الإسلام وجلُّهم من المتنورين والمثقفين، بمعنى أنهم يدخلونه عن قناعة و وعي، وليس نتيجة لدعاية مقتدرة أو تأثراً بإعلام قوي. ربما لأن مزاياه التي اكتشفوها عن طريق الدراسة والإطلاع والبحث، مقارنة بما اكتشفوا أيضاً من ضعف النظريات والأيديولوجيات التي كانت سائدة حتى وقت قريب، كالشيوعية والرأسمالية وما إليها من نظريات مادية صرف، لم تجلب على العالم سوى المآسي والويلات، سواء على الصعيد الأخلاقي أو الاقتصادي أو الإنساني. وليس لنا أن نغفل عن أن دول العالم الإسلامي تزخر بالثروات الطبيعية ــ فضلاً عن الطاقات البشرية ــ التي لا غنى لأحد عنها في عالم اليوم، بدءاً من النفط حتى اليورانيوم، مروراً بسائر المواد والعناصر الضرورية للحياة الإنسانية المعاصرة. ما من أحد، إذاً، في مكنته تجاهل دور المسلمين بوزنهم وإمكاناتهم غير المحدودة في عالم اليوم على الإطلاق.
من ثم كان حرياً بنا أن نتوجه إلى عامة المسلمين في أرجاء العالم كافة، سعياً إلى استقطابهم لتبني قضيتنا، وإشعارهم بأنها قضيتهم هم أيضاً من الناحية العقائدية، وبالتالي اتخاذهم المواقف السياسية التي تتفق مع معتقدهم الديني. فالإسراء ورد في القرآن الكريم الذي هو كتابهم أيضاً، مؤكداً على أن الرسول u أسري به من المسجد الحرام في مكة المكرمة إلى المسجد الأقصى في القدس، وأنه من هناك عرج إلى السماء من جوار حائط البراق القائم حتى اليوم في مكانه في القدس الشريف.
يقول تعالى في كتابه الكريم:
]سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير[ [الإسراء،الآية 1 ].
لمزيد من التوضيح، نضرب مثلاً مما يفعل اليهود لاستقطاب من يستطيعون من يهود العالم حول قضيتهم الباطلة، ولو كان ذلك من أجل إضافة إلى العدد وحسب لصالح المسألة الديمغرافية التي تؤرقهم. يحدث هذا في الوقت الذي نُغفل نحن الإفادة من مليار ونصف المليار من المسلمين لجمعهم حول قضيتنا المحقة والشرعية والطاهرة.
لقد جاءوا بيهود (الفلاشا) من أثيوبيا ـ سبعة عشر ألفاً ـ الذين لا يكنون لهم احتراماً، ولا يضمرون لهم ودّاً، ولا يخفون استعلاءهم عليهم. ناهيك عمن جاءوا بهم من روسيا، ومن دول شرق أوربا، ودول شرق آسيا. وهم يستدعون هؤلاء باسم الديانة اليهودية... وحكاياها الخرافية.. أرض الميعاد.. وشعب الله المختار.. والتلمود.. والتوراة المكتوبة بأيدي أحبارهم ودجاليهم، في حين يخشى كثير منا استنفار المسلمين باسم الإسلام، خشية اتهامهم بالتخلف والتعصب والتشدد.. الخ هم يستنفرون أولئك بالباطل لإعانتهم على الظلم والعدوان والاغتصاب والسرقة والزيف، ونحن لا نستنفر إخوتنا في المعتقد على الحق والعدل والصدق.
وهكذا نرى العدو لا يكف عن جلب المهاجرين من كل مكان. فالعنصر البشري الذي يفتقر إليه هو هاجس الإسرائيليين الكبير. من ثم فهم يسعون إلى تلافي هذا النقص باستخدام شتى الأساليب ــ أياً كان نصيبها من الحقارة واللا أخلاق ــ ما دامت الوسيلة عندهم تبررها الغاية الميكيافيلية ــ إذ يلجأون إلى عوامل الإغراء حيناً ــ على أنهم سيجدون المن والسلوى في فلسطين. وإلى الترهيب حيناً كبث الشائعات عن أخطار تحيق باليهودي حينما كان، وأنه لا مكان آمن له سوى (إسرائيل) القادرة القوية ذات (الجيش الذي لا يقهر)...!
جدير بنا هنا التنويه بأن هذا التوجه لا شأن له بالمذاهب المختلفة أو بالممارسات المختلفة للشعائر الدينية بين بلد إسلامي وآخر، أو في قناعاتهم ورؤاهم. أي أنها ليست دعوة دينية إلى فئة أو مذهب أو جماعة، إنما هي دعوة خالصة، أساسها الانتماء إلى المشترك بيننا وبينهم. هي استدعاء للتراث والتاريخ لنصرتنا سياسياً على أساس من العقيدة المشتركة، حول القدس والأرض المباركة المقدسة.
لقد رأينا موقف إيران من القضية، وما كان لوقوفها كدولة ذات عقيدة إسلامية، ونظام إسلامي، من أثر بالغ وعظيم في صمود المقاومة وانتصارها في كل من فلسطين ولبنان. ولقد تحملت في سبيل موقفها المبدئي المخلص هذا لعقيدتها ما تحملت منذ قيام الثورة الإسلامية فيها عام 1979، ولم يثنها عن ذلك ترهيب ولا ترغيب. وما برحت تدفع الثمن وتتعرض لضغوط هائلة من قبل أنصار اليهودية العالمية، أعداء الإسلام والمسلمين منذ فجر تاريخهم، بلغت ـ فضلاً عن الحصار الاقتصادي القديم ـ حدّ التهديد بحرب ذرية، وما أدراك ما الحرب الذرية..!
ولعل المثل الإيراني هذا يبين لنا أن الثبات على المبدأ هو السلاح الأشد مضاء في هذا العصر الشقي من حياة البشر.
ولقد رأينا أيضاً ما كان لموقف تركيا من أحداث غزة، فلقد غيرت تركيا ــ نسبياً ــ مواقفها السابقة الممالئة للعدو بسبب من حكامها العسكريين، من وراء الستار. ونأمل منذ الآن في تغيير على نطاق أوسع وأشمل.
ورأينا كذلك التظاهرات الجماهيرية العارمة في شتى أرجاء العالم الإسلامي، من أندونيسيا وماليزيا إلى الباكستان وغيرها في كل مكان في الأرض.
إذن هذا الجانب ــ مصدر دعم هام وهائل لقضايانا ــ الذي أغفلناه طويلاً، والبالغ تعداده ــ كما ذكرنا من قبل ــ ملياراً ونصف المليار من البشر، الذين هم أنصار لنا بالطبيعة لو أننا أحسنا التوجه إليهم إعلامياً، والتعامل معهم، سياسياً واقتصادياً وثقافياً، لأصبنا الكثير من الغنم والجدوى والفائدة على أكثر من صعيد وأكثر من وجه.


وماذا عن أمريكا اللاتينية وأحرار العالم؟

هنالك كذلك، مواقف دول في أمريكا اللاتينية، كفنزويلا وكوبا وبوليفيا ونيكاراغوا، وشعوب تلك الدول، إضافة إلى شعوب أخرى في البرازيل وتشيلي، كلها كانت إلى جانب الفلسطينيين، شعباً ومقاومة، إبَّان العدوان الأخير على غزة. وعلى الذين مازالوا يخشون الجبروت الأمريكي ـ برغم تراجعه وتضعضعه ـ أن ينظروا إلى تحديات قادة دول في أمريكا اللاتينية لأمريكا نفسها، دول كانوا يطلقون عليها تسمية (حديقة أمريكا الخلفية) ليروا كيف يقف هؤلاء القادة تشافيز، وموراليس، وكاسترو، من قبل. فماذا استطاعت أمريكا أن تفعل إزاء تحديات هؤلاء، وبلادهم على (مرمى حجر) من أمريكا (قطب العصر) أو هكذا كانت..!؟
كما أن شعوب معظم الدول الأوروبية والآسيوية قامت بمظاهرات حاشدة تندد بالكيان الإسرائيلي، وبأمريكا المشاركة له في عدوانه، وبقادة دولهم الضالعين في المؤامرة، كبريطانيا وفرنسا.
أليس حريَّاً بنا ــ فلسطيين وعرباً ــ أن نتوجه إلى هؤلاء بحملات إعلامية متصلة، لا تتوقف مع انتهاء الأحداث الطارئة.. لأن العدو يعيد الكرة دائماً تلو الكرة، ولا يتوقف من جانبه عن عدوانه أبداً. أي أننا لا ينبغي لنا أن نبتهج لهذه الظواهر العاطفية، في حينها، ثم نتركها عقب انتهاء الحدث لتذهب نتائجها أدراج الرياح، وهو ما بدأنا نلحظه الآن عقب توقف إطلاق النار هناك. هذا، إذن، هو الوقت الملائم لتحرك فاعل في هذا الاتجاه، وهذه فرصة سانحة، ينبغي عدم إضاعتها لتذهب في غياهب الإهمال والنسيان. يمكننا الآن ــ إذا ما توفرت الرغبة والإرادة والإيمان ــ مخاطبة العالم بالصوت والصورة والفكر، لعرض قضيتنا عليه، لاسيما بعد أن عرف ــ المحايد منه والمنحاز ــ بالرؤية العيانية والمشاهدة الحسية حقيقة أولئك الصهاينة كعنصريين دمويين، معادين للإنسانية لكي يرى ويقرر، عن قناعة ويقين، ما إذا كان هؤلاء حقاً ضحايا (هولوكست) قديم أكل الدهر عليه، أم أنهم (إرهابيون) بامتياز صانعو (هولوكست) حقيقي نعيشه اليوم وفي هذه الساعة، صارخاً ملموساً لا وهماً وخيالاً، ومجرد ــ ذكريات ــ تملأ الآفاق رائحة دماء ضحاياه، ودخان حريق أجسادهم وديارهم، بأسلحة لم يتعرض لمثلها (ضحاياهم) أولئك. هم صانعو (هولوكست) واقع على الفلسطينيين منذ ما ينوف على سبعة عقود، والعالم إبان ذلك إما جاهل غافل عما يصنعون ــ نتيجة تعتيم شامل مدروس ــ أو هو صامت، نتيجة تواطؤ وضلوع ومشاركة عند فريق، أو هو غير مكترث، فالمسألة لا تمسُّه من قريب أو بعيد، عند فريق.
من عجائب الأمور ـ كأنموذج صارخ على تقصيرنا ـ أن أعداءنا عملوا دائماً، وما انفكوا يعملون على تصويرنا على غير ما نحن عليه، ملصقين بنا صفات هي أبعد ما تكون عن حقيقتنا التي نحن عليها، معتمدين الكذب والافتراء والزيف، فيما نحن نتهاون، بل نغفل العمل على التعريف بهم، وبما هم عليه من إجرام وتخلف إنساني وانحطاط أخلاقي، وهذا الذي نقوله فيهم ما هو إلا الحقيقة الدامغة عينها.
صمتنا الذي امتد طويلاً ــ كعرب وليس كفلسطين فقط ــ أسهم في الكثير مما أصابنا وما حلَّ بنا، وهو الغني عن كل بيان. وعلى الرغم من إدراكنا لهذه الحقيقة الصارخة نستمر فيما نحن فيه وعليه، لا نسعى إلى تغييره، وكأنه قدرنا الذي لا فكاك لنا منه. ثم نعتب على الآخرين، فكأننا ننتظر من الآخرين هؤلاء اللجوء إلى التنجيم لاكتشاف الحقيقة عنا وعن عدونا الأزلي.


حكومتهم الجديدة ـ القديمة ومعطيات الراهن.

الآن...
هاهي حكومتهم الجديدة تشكيلاً من حيث الزمن، القديمة في عدد من عناصرها ـ باراك ونتنياهو ـ وفي توجهاتها العدوانية المعهودة، وتسابق أعضائها في إطلاق التهديد والوعيد، والنظريات والتنظيرات العنصرية الإرهابية، التي تكشف مدى تخبطهم وارتباكهم وعجزهم عن دفع الشعب الفلسطيني للرضوخ إلى مشيئتهم، وبالتالي تحقيق أهدافهم وأحلامهم. وها هو ذا أحد أقطابها يعلن عن مبدأ (السلام مقابل السلام)..! ما شاء الله... أي الزموا الصمت والهدوء واقبلوا بالوضع القائم، ومزيد منه في المستقبل، أيها الفلسطينيون ـ ومعكم عربكم ـ اقبلوا التسليم والاستسلام لكل ما يمكن أن نمليه عليكم مقابل: (سلام) نمنحكم إياه بتخفيف الحصار عنكم مثلاً، وبالإقلال من عمليات القتل والاغتيال الجارية عليكم. سوف نتصدق عليكم بهذا (السلام) الذي يُبقي عليكم أحياء على الأكثر. سنعمل على (عدم الإفراط) في استخدام القوة تبعاً للنصائح التي تقدم إلينا عادة من الأصدقاء والمحافل الدولية...! ونصائحهم إليكم بـ (التحلي بضبط النفس..!).
وهكذا ينتهي كل شيء فلا عودة للاجئين، ولا أرض عائدة، ولا قدس باقية، ولا أقصى يظل قائماً. هذه مقولة (نتنياهو) رئيس وزرائهم الجديد والأسبق. ولم ينس الرجل أن يؤكد، بالمناسبة، بأنه ليس هناك أي احتمال لقيام دولة، أو حتى شبه دولة فلسطينية.. ولا ما يحزنون.
أما ذلك (المحترم) القادم من ليتوانيا.. الزاعم، عقب لجوئه إلى ديارنا بأنها (بيته) فقد أعلن، مستنسراً كالبغاث، عن عدم اعترافه بأي اتفاق سبق، فلا اعتراف بما أسموه (أنا بوليس) أو (بلاي ووتر) أو (خريطة الطريق) أو أي من أخواتها ـ برغم أنه لم يكن فيها شيء لصالح الفلسطينيين قط ـ ومن لا يعجبه ذلك من هؤلاء فلنلق به في البحر الميت...! هذه هي الأقوال الحرفية لحارس المقهى الليلي في بلدة (مندوفيا بليتوانيا) المدعو (افيغدور ليبرمان)((عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]..أليس من نكد الدنيا أن يرى الفلسطينيون أمثال هذا الأفّاق يتحدث في مصيرهم كشعب وعن بلادهم كوطن..؟
أما (الجنرال) ـ الفيلدمارشال ـ باراك، فهو منذ الآن يشمّر عن ساعديه استعداداً للذهاب بجحافل جيشه (المهزوم) إلى غزة من جديد، لتخليص تلك الحشرة الفريدة (في عظمتها وأهميتها) المدعو (جلعاد شاليط) من الأسر..! ولكن ألم يحاول (باراك) ذلك بالأمس وكان حليفه الفشل الذريع؟.
ولم ينسوا ــ في غمار الهستيريا المهيمنة اليوم على تفكيرهم ــ تهديد المقاومة اللبنانية. كما إنهم لم يغفلوا الإعلان ــ للعالم كله ــ بأن إيران تمثل (الخطر الحقيقي) على ذلك العالم وأمنه وسلامته. يسعون من وراء ذلك إلى حشد القوى الغربية الضالعة معهم دوماً، وراء نوايا عدوانية ما زالوا، وسيظلون يبيتونها نحو إيران، بسبب دعمها للمقاومة العربية والإسلامية، في أي مكان وجدت. إزاء هذا كلّه هل سيكف المنادون ــ كذباً ونفاقاً أو حفاظاً على المكاسب والمنافع ــ عن التشدّق بما أسموه طويلاً بـ(السلام)..؟
ولكن من جهة ثانية ــ وعلى ضوء ما هو قائم واحتمالات ما هو قادم ــ ومع بوادر التراجع الإعلامي، وتخافت الحماس الجماهيري العاطفي، التي أخذت تلوح في الأفق في ظل الهدوء النسبي الخادع راهناً، هل ترانا سوف نعتمد نهجاً مغايراً لما كان يجري من مراوغات ومفاوضات ومداولات وطروحات، بدعاوى كاذبة خادعة حول (سلام) و(تسوية) و(هدنة) وما إليها، وليس لها جميعاً من هدف سوى إضاعة الوقت في جانبنا وكسبهم إياه لجانبهم، للمضي في مخططاتهم وممارساتهم لتثبيت كيانهم بخلق الظروف التي تمكنهم من تحقيق أهدافهم؟ نقول هل ترانا سنعمد إلى الانقلاب على كل ما كان سائداً استعداداً لمعركة التحرير القادمة، اعتماداً على المقاومة، والمقاومة دون غيرها أم تُرانا عائدون إلى طبيعتنا المعهودة، فنستنيم مطمئنين إلى النتائج الأولية لانتصار المقاومة في غزة، لندع الأمور تسيِّرها المقادير والظروف التي يخلقها العدو، ليكون هو المقرر والمبادر لفرض الوقائع وتسيير الأحداث، فارضاً علينا رد الفعل ـ المرتجل غالباً ـ حيال كل حدث على حدة، لتصدق علينا نظرية ابن خلدون في مقدمته القائلة (بأن من صفات العرب النفسية ــ السيكولوجية ــ أن لهم في كل أمر من حياتهم هجمة، ثم تراهم مع الزمن يتراخون ويملُّون ثم ينسون..)..!
إنا لنربأ بشعبنا ومقاومتنا أن يكونوا كذلك، هم ومن معهم من العرب الممانعين والمتصدين للعدو، ومن مسلمين مدافعين مخلصين للقضية المقدسة، ومن أحرار العالم في كل مكان. كما إن لنا الأمل الوطيد في مواصلة المسيرة على طريق النضال في سبيل إحقاق الحق وانتصار الحقيقة، فالحق لابد منتصر في نهاية المطاف.

([1]) هنري كيسنجر يهودي ألماني الأصل. وزير الخارجية الأمريكية في هد الرئيس ليندون جونسون.

([2])كيف يكون السلام (عادلاً) و(شاملاً) إذا لم تعد فلسطين بكاملها لأهلها وحقهم في العودة إليها. ولكن المنادين بهذا الشعار لا يعنون هذا بالطبع. هم يعنون ما حدث بعد عام 1967 فقط وهو ما وصفوه تحت شعار (إزالة آثار العدوان) وكأن ما سبق هذا العام كالتقسيم وما أعقبه من ضياع معظم الأرض الفلسطينية واحتلالها من قبل العدو لم يكن عدواناً.

([3])ألبرت أينشتاين عالم يهودي وهو مكتشف نظرية النسبية التي غيرت الكثير من نظريات الفيزياء والفلك وصولاً إلى اكتشافات الذرة وطاقاتها الرهيبة في الحرب والسلم على السواء.

([4])ذكرت الصحف الإسرائيلية أن المذكور (ليبرمان) يخضع للتحقيق في مئات من قضايا الفساد والسرقة. أما نصيبه مما سرق من بلادنا فلن يحاكمه عليه أحد بطبيعة الحال.


[/align]
</H1>
طلعت سقيرق غير متصل  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
قصة قصيرة ’’ البركان ‘‘ تأليف فاطمة يوسف عبد الرحيم فاطمة يوسف عبد الرحيم الـقصـة القصيرة وق.ق.ج. 7 11 / 02 / 2014 19 : 01 AM
بــرغـــي - قصة - يوسف جاد الحق د.يوسف جاد الحق الـقصـة القصيرة وق.ق.ج. 2 15 / 04 / 2011 33 : 02 PM
"محرقة كاتب" قصة قصيرة /تأليف فاطمة يوسف عبد الرحيم فاطمة يوسف عبد الرحيم الـقصـة القصيرة وق.ق.ج. 6 09 / 09 / 2010 35 : 01 PM
الأصدقاء ـــ قصة: يوسف جاد الحق د.يوسف جاد الحق الـقصـة القصيرة وق.ق.ج. 1 08 / 06 / 2010 48 : 03 AM
لمَ سفكت دمي؟ تأليف فاطمة يوسف عبد الرحيم فاطمة يوسف عبد الرحيم الـقصـة القصيرة وق.ق.ج. 6 08 / 05 / 2010 55 : 08 PM


الساعة الآن 45 : 07 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى

|