[فاطمة يوسف عبد الرحيم]

دعوة للرقص
استلمت صديقتي دعوة لشخصين لحضور حفل زفاف "للناس اللي فوق" الذين بيدهم زمام الوطن وخيوط القضية وكانت ترغب في رفقتي إلى الحفل، الفضول دفعني للموافقة، وكان العرس في فندق سبع نجوم، فأردت إيقاف سيارتي" الكيا" المتوسطة العمر في موقف الفندق ولكني استصغرتها بين" رويز رايز والفراري" فأخرجتها إلى رصيف خارجي .
ضجت القاعة بالحضور وكلّ ما فيها مبهر، خاصة ملابس النساء التي من أحدث الموديلات، كلّ تتباهى بزينتها وتستعرض مفاتنها، وكأن العرس مسابقة للجمال والأناقة وعبارة "أنا الأجمل" تختلج فوق الشفاه وكأنّ النظرات الناقدة تجوب الأجواء والتنهيدات الحسود تزفر فوق الطاولات .
أطلّت إحدى المدعوات "أم المجد" بعودها الممشوق وطلتها البهية وأناقتها المميزة، شهقت" أم المنذر" لرؤيتها وأخذت تنظر إليها بحقد دفين وتحكي لجليستها ثرثرات غيبة ونميمة، لكنّ نظرتها الحاقدة لم تفارق" أم المجد" وأخذت كل منهما ترمي الأخرى بنظرات مشبعة بريح سموم، وتحوّل حديث العيون الحاقد إلى إشارات توحي بالغمز واللّمز ويبدو أنّ بركان الغضب انفجر، فأقبلت كلّ منهما باتجاه الأخرى وتكيل لها السباب وتبادل الاتهامات وإفشاء الأسرارالمعيبة مما يصم له الجبين
: من أين لزوجك كل هذا الجاه الذي كان مناضلا برتبة ملازم؟
: وأنت كنت تقطنين في غرفة واحدة، من أين تلك القصور ؟
: ماذا ومن بعتم حتى امتلأت جيوبكم؟
: من باع الأرض ومن اغتنى من صفقة السلاح المشبوهة ؟
:كم قبضتم عند توقيع مواثيق التنازل الظالمة ؟
ونشرتا الغسيل القذر،والكل يحاول إصلاح ذات البين وفشلت كل المحاولات وتبدّى العنف إلى تشابك بالأيدي و..... و ثمّ نجحت المحاولات في فك الاشتباك وإقرار التهدئة وخاصة أن موكب العروس قد وصل، وهذا فأل سيء للعروس التي تزوجت بعد طول انتظار، ولملمت كل واحدة ذاتها وأصلحت زينتها، وجلستا على بعد قطبين متنافرين كذئبتين ترسل كلّ منهما إلى الأخرى شواظ حقد القلوب الملتهبة بنيران الكره والغيرة .
استمرت فعاليات العرس والكلّ يتبارى في حلقة الرقص والمرح لتفريغ النفس من شوائب الزمن، والعروس تمنّي النفس بأحلام السعادة مع هذا الزوج الذي اختاره قلبها، وأضاءت آلات التصوير لتسجل الذكريات الحلوة في خضم اللحظات السعيدة .
في الختام أرادت إدارة الفندق إبهاج العرس، فبثت أغان من الفلكلورالشعبي لتثير الفرح، فنزل الجميع إلى خوض معترك الحلبة رقصا ودبكا إلى أن جلسوا متهالكين على المقاعد وفرغت الحلبة من الراقصات واستمرالغناء صادحا، وإذا ب"أم المجد" تأخذ موقعا على يمين الحلبة وتبدأ بالتقافز على نغمات "الأرغول" ، لحظات ونزلت "أم المنذر" إلى يسار الحلبة تؤدي رقصتها، كل واحدة منهما متجاهلة الأخرى، متجنبة النظر إليها وانفردت اللدودتان في الحلبة، لكن حميّة الدف والأرغول تتزايد مما جعل الأقدام تتقارب، واشتدت حميّة الدبكة ورنت الضحكات وإذا ب"أم المجد" تجلجل بصوتها الجهوري:- والله الدبكة لا تحلو إلا بتشابك الأيدي وتناظم وقع الأقدام،هاتي إيدك يا" أم المجد". وغرقت المدعوات في حالة من الذهول وألف علامة استفهام ترتسم على الشفاه، كيف جمعهما الرقص وكانتا منذ قليل في حالة شقاق ونزاع وكشف للمستور، وتفرقعت ضحكات الاستغراب هنا وهناك، وتأبط العريس يد عروسه إلى مستقبل حالم بالأماني وتأبطت اللدودتان وتشاورتا في السفر معا إلى باريس أو روما لأن هناك "كلكشن موديلات يجنن.... وعل الهوارة الهوارة ما أحلى الدبكة وما أعظم أسرارها " رمتني صديقتي بنظرة سخط : ما رأيك؟ أجبت: مريع ما رأيت !! خلت"البيست"يسبح في بركة من دماء أطفال فلسطين ودموع الأرامل وآهات المسنين،إنهم يتاجرون بالوطن ويرقصون على جراحنا ويحارون بصرف الثمن.

[نصيرة تختوخ]

قصة تتماهى مع واقع مظلم، الخبث غالبا ما يتماشى و النفاق و ما لا يجتمع على الخير يجتمع على لحظات استهلاك و بهرجة آيلة للزوال.
تقديري لك ولقلمك أخت فاطمة.
تحيتي

[نعيم الأسيوطي]

المبدعة الراقية / فاطمه
تحية حب وتقدير
دعوة للرقص .. هي دعوة لاختراق الوطن وسلب ممتلكاته وتغيير صورته الجميله ..
قصة صيغت بلون الدم لكشف ما وراء الستار كتبتها أنامل ذات ضمير مستيقظ وقلب يعشق الوطن .
مودتي وتقديري

[فاطمة يوسف عبد الرحيم]

الأستاذ الراقي نعيم الأسيوطي
كم سرتني هذه القراءة الواعية لمضمون النص من أديب متميز ودعوتي ليست للرقص بقدر ماهي دعوة للرفض والثورة على كلّ صور الظلم .
ودمتم أخي نعيم
فاطمة

[عبد الحافظ بخيت متولى]

المبدعة الجميلة
ربما يكون السرد المباشر فى القصة مقصودا لذاته لأنه يقرب الدلالة ويضى شفرة النص أو الرسالة المحملة فيها,وهذا ما حدث فى القصة الجملية التى تعرى الواقع وتكشف عن الوهن الذى أصابه وغياب القيمة الحقيقية وحلول المظهر محل الجوهر وتفاهة الفكر وتسطيح المعانى ,وعلى المستوى الفنى بدأت القصة باستهلال جميل واتخذت نموج السرد الحر وتوظيف الضمائر بشكل جيد وكانت نهايتها قائمة على المفارقة الجميلةالتى تجعت فيها كل خيوط الحدث
أحييك أيتها المبدعة الكريمة على هذه القصة الجيدة

[ياسين عرعار]

قصة رائعة ... تناولت أفكارا كثيرة تماوجت بين الطرح السياسي
و الاقتصادي و الاجتماعي .......و غيرها من القضايا الهامة في
حياة البشر .... فالقصة تصور لنا واقعا مريرا خبيثا أوله الطبقية
و الصراعات المادية و انتهاك حقوق الآخرين الضعفاء .....

قصة ممتازة و الأجمل فيها.. أنها تناولت الطبقية و السياسة ...
و كأن الكاتبة كانت تحمل كاميرا خفية لتصور لنا مشهدا سينمائيا
يفضح نظاما سياسيا اجتماعيا متعفنا .....


-----
بالتوفيق و النجاح

[منى هلال]

استمتعت بقراءة هذه القصة
اسلوب سلس لا يمل قارئه من بدايته إلى نهايته
هدف واضح لا إبهام فيه

أسجل إعجابي

[فاطمة يوسف عبد الرحيم]

اخي وأستاذي الكريم عبد الحافظ بخيت متولي
كم سرّني تواجدك الكريم في صفحتي بعد غياب طويل فأهلا بعودتك ، ودائما أنا بانتظار إيقاعات نقدك البناء لما أكتب ، فالمباشرة نمط من أنماط الكتابة ولكنه كما ذكرت أسلوب قد يخدم النص ، المهم إيصال الفكرة بأسلوب يترك بصمة في ذهن المتلقي أو إيصال رسالة .
شكرا أخي لجمال التعليق والاهتمام
فاطمة

[فاطمة يوسف عبد الرحيم]

الأستاذ ياسين عرعار
تحية وبعد
أشكر لك هذا التقدير والتقييم المميز لهذا النص ، ورأيي أن الكاتب يجب أن يكون صوت الأمة في أوضاع أخذت تتعفن وما الثورات الشعبية القائمة حاليا إلا ردة فعل لما يحدث في الخفاء فالكل يجب أن يدلو بدلوه ليكون التكاتف من أجل حياة حرة كريمة
ودمتم
فاطمة

[فاطمة يوسف عبد الرحيم]

الأديبة منى هلال
تحية حب وتقدير
أشكر لك هذه الكلمات المعبرة والمترجمة عن صدق المشاعر ، فالترجمة يا أختي ليست بالضرورة أن تكون من لغة إلى أخرى بل من إحساس لآخر ومن فكر لآخر سررت جدا بتواجدك ،وأسجل احترامي لشخصك
ودمت
فاطمة