نحو شمس الوطن - الكتاب الفلسطيني - طلعت سقيرق
[align=center][table1="width:100%;background-image:url('http://www.nooreladab.com/vb/mwaextraedit4/backgrounds/92.gif');border:4px ridge green;"][cell="filter:;"][align=justify]
تشعلني وتأخذني لفتة شجرة من هناك ، شجرة مزنرة بالشوق والحنين والحب والتطلع إلى ملامح وجهي في حين أكون مزروعا تماما في معانقتها والذوبان فيها حتى آخر رمق .. وتشعلني مثل قصيدة مشغولة بكلّ الضوء شبابيك الديار الواقفة انتظارا وتلويح يد تدعو العاشق إلى العودة حيث الدار التي داستها آلام الفراق ما زالت في حال تطلع لا يبرح نحو شمس الوطن المرتبطة بخطوات العائدين وهم يزرعون الأرض لقاء تضيء له الدنيا بفرح لا يشبهه أي فرح ..
هو الحبّ ، والعشق ، والهيام ، ولأن الحبّ في حالة الوجد هذه لا يجزأ ولا يقبل القسمة على أي رقم ، فقد كان الإصرار بل التأكيد المطلق على أنّ أرض فلسطين واحدة لا يمكن أن تجزأ أو تقسّم بأي شكل من الأشكال ، كون القسمة تعني تنازلا وتفريطا بالكل لا الجزء .. إذ كيف لصاحب الأرض والبلاد والدار والوطن أن يعطي قطعة من القلب للغرباء الذين أتوا غاصبين سارقين من آخر الدنيا .. أيّ تنازل أو تفريط يعني الخيانة كونه يشكل اختلالا في المفهوم لكلمة الحق .. فكيف وبأيّ شكل نجعل الحق قابلا للقسمة والتنازل ؟؟.. وماذا نسمـّي ، إن كانت التسميات ممكنة ، جعل فلسطين جريحة ذبيحة مغتصبة بشكل دائم من خلال إعطاء الصهيوني الغاصب حقا أو ملكية لأرض ليست له !!..هل نسمي ذلك واقعية كون الواقع لا يتيح لنا أكثر من ذلك ؟؟..
مشكلتنا ليست في السير مع الواقع وهو واقع مزيف ، لكن في القبول بأن نكون تابعين للغاصب بشكل ما من جهة ، ومتنازلين ببساطة لا معنى لها عن وطننا ، ومؤمنين بأن الاحتلال سيتحول بين ليلة وضحاها إلى حقيقة واقعة لا مجال حتى للتفكير بالخلاص منها !!..
لا نريد أن نتناقض مع الواقعية .. لكن أي واقعية ؟؟..لماذا لا تكون الواقعية واقعية مقبولة إلا من خلال ترك الأرض والوطن للآخرين وهم بكل الموازين غاصبون قتلة مجرمون لا صلة لهم بأي شكل من الأشكال بفلسطين من قريب أو بعيد !!.. هل نكسر خاطر الواقعية ونقسو على حضرتها إن نحن طالبنا بحقنا كاملا غير منقوص؟؟!!.. هل نغير من موازين الواقعية حين نقول إنّ من حق صاحب الأرض أن يأخذ أرضه ويعود إليها بعد طرد الاحتلال منها؟؟.. ألا تكون الواقعية مقبولة إلا بكسر رقبتها واللف والدوران حولها لتكون مجرد تفريط وتنازل ونسيان وإعطاء العدو شرعية الاحتلال بل والاعتراف لحضرته بهذا الاحتلال وكأننا نحن المخطئون وليس من قام بسرقة بلادنا وبيوتنا ونفينا من ديارنا دون وجه حق؟؟!!..
لا أحد يطلب الواقعية كما نطلبها ، لكن لتكن واقعية حقيقية لا واقعية آتية من رحم الوهم والتخيل والأفكار السوداء والأنفاس اللاهثة .. الواقعية تتحدد في أن يأخذ صاحب الحق حقه , أن يعود المشرد إلى بيته ودياره ووطنه ، أن يرحل الاحتلال عن أرض اغتصبها مدعيا أنها له دون أي دليل يمكن أن يقف على رجليه .. الواقعية منحازة إلى الحق ، ويجب أن تنحاز إلى الحق ، حتى لا تكون واقعية مبنية على الزيف والتدليس وقلب الأمور كلها دفعة واحدة..
هل نعي ماذا تعني سنوات التشرد والبعد عن الديار ؟؟.. هل نعي ونستوعب ما معنى أن يكون شهداء الشعب الفلسطيني على مدار السنوات بهذا العدد الذي يفوق التصور ؟؟.. هل نفهم ما معنى أن نتخلى عن أي شبر طاهر من فلسطين ؟؟.. هل ننسى كل ما حدث لنا من قتل وتخريب وتدمير قام به العدو بشكل لا مثيل له في التاريخ؟؟..أي واقعية تقول بتجاوز كل ذلك ؟؟.. لعن الله الواقعية قلبا وقالبا ، إن كانت تعني فقداننا لحقنا وملامحنا ووطننا .. لا نريد الواقعية إن كانت كذلك ، وسنبقى غير واقعيين حتى آخر لحظة ..
طلعت سقيرق
[/align][/cell][/table1][/align]
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|